وفقاً لمنظمة الصحة العالمية، يعاني أكثر من 1.2 مليار شخص حول العالم ارتفاع ضغط الدم، وهو ما يُعرف بالقاتل الصامت، لأنه أحد أسباب الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية والمخ والكلى. وما يزيد من خطره هو أن معظم المصابين به لا يدركون إصابتهم ما لم يقوموا بقياسه بشكل يومي. فإذا كنت ترغب بشراء جهاز قياس ضغط الدم لا بُدّ أن تتعرف على الاختلافات في طريقة عمله واستخداماته وفقاً لأنواعه. فكيف يعمل جهاز قياس ضغط الدم؟
ما هو ضغط الدم؟
ضغط الدم هو القوة التي يمارسها القلب على جدران الشرايين في كل مرة ينبض فيها. فمع كل نبضة، يضخ القلب الدم من وإلى أعضاء الجسم وأنسجته عبر الأوعية في الدورة الدموية. خلال حركة الدم مع انقباض وانبساط القلب، يضغط الدم على جدران الأوعية مسبباً قيمتين للضغط، وهما:
- ضغط الدم الانقباضي: هو الضغط الذي يتولد نتيجة تقلص عضلة القلب، وضخ الدم الغني بالأوكسجين إلى الأعضاء.
- ضغط الدم الانبساطي: هو الضغط الذي يتولد مع ارتخاء عضلة القلب، وعودة الدم عبر الأوعية إلى القلب.
يقاس ضغط الدم بالملليمتر من الزئبق، بواسطة جهاز يدعى مقياس ضغط الدم، وتؤخذ القراءات في أزواج دائماً، بحيث تشير القراءة الأعلى قيمة لضغط الدم الانقباضي، بينما تشير القيمة الدنيا لضغط الدم الانبساطي.
أنواع جهاز قياس ضغط الدم
اخترع صموئيل سيغفريد كارل ريتر فون باش (Samuel Siegfried Karl Ritter von Basch) جهاز قياس ضغط الدم عام 1881، ثم أضاف إليه الطبيب الإيطالي سكيبيون ريفا روتشي (Scipione Riva-Rocci) عام 1896 باختراعه السماعة الطبية. لاحقاً، مهّدت التطورات الحديثة في التكنولوجيا الطبية الطريق لاستخدام الشاشات الرقمية. واليوم تتوافر ثلاثة أنواع رئيسية من أجهزة قياس ضغط الدم وهي:
- مقياس ضغط الدم التقليدي: هو النوع غير السائل، ويعتمد على السماعة الطبية لتحديد ضغط الدم، إلا أنه يحتاج لإعادة معايرة بعد كل استخدام.
- مقياس ضغط الدم الزئبقي: أو كما يُعرف بالمعيار الذهبي، وهو النوع الأكثر شيوعاً، ويتميز بعدم وجود حاجة لمعايرته بعد كل استخدام، إلا أنه قد يكون خطراً بسبب محتواه من الزئبق السام.
- مقياس ضغط الدم الرقمي التلقائي: الشكل الأكثر تقدماً من أجهزة قياس ضغط الدم.
اقرأ أيضاً: كيف يعمل جهاز تنظيم ضربات القلب؟
جهاز قياس ضغط الدم التقليدي
تعتمد الطريقة التقليدية في قياس ضغط الدم على تقنية السماعة الطبية، ويتكون من الأجزاء التالية:
- السماعة الطبية.
- رباط مطاطي قابل للنفخ.
- مقياس ضغط الهواء: يشبه في شكله الساعة، يتصل بالرباط بأنبوب مطاطي، ويزود بداخله مجموعة تروس لتحويل الحركة الخطية للغشاء المطاطي إلى قراءات بالملليمتر الزئبقي.
- بصيلة النفخ لضخ الهواء في الرباط المطاطي.
- صمام يسمح للهواء بالمرور إلى الرباط المطاطي ويمنع الهواء من العودة إلى بصيلة النفخ.
طريقة عمل الجهاز
لاستخدام الجهاز، يُلف الرباط حول الجزء العلوي من الذراع، بحيث تكون الحافة السفلية منه أعلى بنحو 2.5 سنتيمتر فوق الحفرة المرفقية، ومع تثبيت السماعة تحت الرباط وفوق الشريان العضدي.
بنفخ الهواء في الرباط يتم الضغط على الشريان العضدي، ما يؤدي لقطع حركة الدم فيه، ولدى تحرير الضغط تدريجياً يعود تدفق الدم عبر الشريان. ويتم أخذ القراءتين كما يلي:
- ضغط الدم الانقباضي: تنتج عن ضغط الشريان بالرباط ضوضاء نابضة تُعرف باسم أصوات كورتكوف (Korotkoff)، بمجرد حدوثها يتم أخذ قياس القيمة الأولى لمقياس ضغط الهواء، وهي ضغط الدم الانقباضي. لسماعها تُستخدم السماعة الطبية على الشريان العضدي.
- ضغط الدم الانبساطي: لدى تحرير الضغط وعودة تدفق الدم، تنخفض أصوات كورتكوف تدريجياً، وعندما تختفي تتوافق قراءة مقياس ضغط الهواء مع ضغط الدم الانبساطي.
اقرأ أيضاً: ما هو الإندوموتور وكيف يعمل؟
مقياس ضغط الدم الزئبقي
يعمل مقياس ضغط الدم الزئبقي بشكل مشابه لمقياس الضغط التقليدي، حيث يتكون من:
- رباط مطاطي قابل للنفخ.
- سماعة طبية.
- عمود الزئبق لقياس الضغط.
- بصيلة نفخ الهواء.
- صمامان أحاديا الاتجاه.
طريقة عمل مقياس ضغط الدم الزئبقي
يتم لف الرباط المطاطي حول ذراع المريض، بحيث تكون الذراع في مستوى القلب، وجرس السماعة الطبية فوق الشريان العضدي. يتم نفخ الرباط بواسطة بصيلة النفخ، حيث يسمح الصمام الأول بدخول الهواء، ويعوق الصمام الثاني عودته.
يتم تحديد الضغط الانقباضي على مقياس الزئبق عند النقطة التي تسمع فيها أصوات كورتكوف لأول مرة. ومع تحرير الهواء وانخفاض ضغط الرباط على الشريان العضدي، يعود تدفق الدم تدريجياً حتى تختفي الأصوات، وهي النقطة التي يتم فيها تحديد ضغط الدم الانبساطي على مقياس الزئبق.
اقرأ أيضاً: كيف يعمل ميزان الحرارة؟
مقياس ضغط الدم الرقمي التلقائي
يعمل مقياس ضغط الدم الرقمي بنفس مبدأ مقياس الضغط اليدوي، لكنه يقدم القراءات في شاشة رقمية. يستخدم كلا المقياسين رباطاً قابلاً للنفخ للضغط على الشريان العضدي لتحديد قيم الضغط، لكن المقياس الإلكتروني يقيس الضغط بالاعتماد على إحدى التقنيات التالية:
السمع: الإنصات لأصوات كورتكوف
بالاعتماد على ميكروفون صغير داخل الرباط لاكتشاف الأصوات، وتحويلها إلى قراءة رقمية. قد تكون هذه التقنية الأقل دقة لأنها عرضة للتشويش بأصوات الخلفية.
قياس التذبذبات
وفيها يتم قياس تغيرات ضغط الهواء بواسطة محول صغير في الشاشة الرقمية متصلاً بالرباط بأنابيب. حيث تبلغ ذروة التذبذبات عند متوسط الضغط الشرياني (MAP) وتتم معالجتها بواسطة خوارزميات خاصة، ما ينتج عنه الضغط الانقباضي والانبساطي.
اقرأ أيضاً: كيف يعمل المولد الكهربائي؟
طريقة المستشعر التفاضلي
تعتمد التقنية على مستشعر ثنائي الجوانب، فأثناء تفريغ الهواء، يقيس المستشعر على الوجه المقابل للشريان، كل من إشارات كورتكورف وتغيرات الضغط والإشارات العرضية (الجانبية)، بينما يقيس على الجانب الآخر المقابل للرباط تغيرات الضغط والإشارات العرضية فقط. يقوم المقياس الإلكتروني بطرح قيم الإشارات إلكترونياً، فتبقى إشارات كوروتكوف، حيث يربط المقياس الإشارات بالضغوط المقاسة لتحديد الضغط الانبساطي والانقباضي.
إذاً، سواء كنت تجري فحص ضغط الدم بالطريقة اليدوية أو الرقمية، فإن الفحص الدوري لضغط الدم يساعد في الكشف المبكر عن الأمراض مثل ارتفاع ضغط الدم وأمراض القلب والأعضاء الأخرى كالعينين والكليتين ومنع تطورها.