لماذا لا يمكننا شرب ماء البحر؟

لماذا لا يمكننا شرب ماء البحر؟
حقوق الصورة: shutterstock.com/ Leon Rafael

قد يسأل طفلٌ فضولي عن سبب عدم قدرتنا على شرب مياه البحر، فمن غير المنطقي أن تكون البشرية مهددة بفقدان المياه الصالحة للشرب في حين يشكل الماء نحو 71% من مساحة سطح الأرض التي نعيش عليها! 

معظم هذه المياه موجود في البحار والمحيطات المالحة لكن يمكننا تحليتها، ووفقاً لبحث الأستاذ المساعد في كلية الحاسبات وتقنية المعلومات في جامعة الملك عبد العزيز  بجدة الدكتور نايف الجهنيي (Naif Aljohani)، المنشور في دورية أوبن كميستري (Open chemistry)، يوجد 17 محطة تحلية مياه في السعودية تستخدم أنواعاً متقدمة من التكنولوجيا لجعل مياه البحر قابلة للشرب، فشرب مياه البحر عملية ليست مستحيلة بل ممكنة وقائمة، لكن بعد تحليتها. إليك سبب الحاجة لتحلية مياه البحر وأبسط طريقة لفعل ذلك.

لماذا لا يمكننا شرب مياه البحر؟

يمكن تلخيص سبب عدم قدرتنا على شرب مياه البحر بكلمة واحدة وهي التجفاف. نعم، قد يبدو الأمر غريباً بأن يموت الشخص من شرب مياه البحر نتيجة التجفاف فمياه البحر تعد مصدراً للرطوبة، لكن نسبة ملح كلوريد الصوديوم المرتفعة بها تزيد من طرح الماء من الجسم، ويحدث التجفاف الذي يعد حالة خطيرة تستوجب الإسعاف الفوري وتعويض السوائل للمريض.

عندما نشرب سوائل مالحة مثل الحساء أو مرق اللحم لا تواجه كلانا مشكلة في تصفية الملح ومعالجته، لأننا نشرب لاحقاً مياهاً عذبة تقلل تركيز هذا الملح، لكن محتوى الملح في مياه البحر أعلى بكثير مما يمكن معالجته بواسطة جسم الإنسان، فيؤدي شرب الماء المالح فقط دون العذب إلى تراكم الأملاح في سوائل الجسم، فتدخل الكليتان في حالة من الصدمة عند محاولتهما لإحلال توازن الضغط الحلولي في سوائل الجسم، فتستخدمان السوائل الموجودة في الجسم لتشكيل البول الذي يطرح الأملاح الفائضة. 

يتبول الشخص في هذه الحالة معظم المياه التي يشربها فيخسر سوائل جسمه تدريجياً، ويموت من التجفاف نظراً لأن الماء ضروري لتأدية الجسم لوظائفه الحيوية، مثل نقل المغذيات وطرح الفضلات وتشكيل وسط التفاعلات الفيزيولوجية الضرورية لبقاء الجسم.

اقرأ أيضاً: لماذا تستطيع بعض الكائنات شرب المياه المالحة ولا نستطيع نحن البشر؟

كيف يمكننا تحلية المياه بشكل مبسط؟

بدايةً، لا تعد عملية تحلية مياه البحر إضافة للمواد المُحلّية مثل السكر أو غيرها وإن كان اسم التقنية يبدو كذلك، بل هي تعني بكل بساطة جعل الماء أقل ملوحة لحد يمكّننا من شربه. ويمكن تحقيق ذلك عن طريق تقليد دورة المياه الطبيعية في البيئة، حيث تتبخر مياه البحار بسبب حرارة الشمس وتُشكل الغيوم التي تتكون من المياه التي لا تحتوي على الأملاح، ثم تمطر الغيوم مياهاً عذبة.

ويمكنك بسهولة صناعة مقطر للمياه باتباع الخطوات التالية:

  1. اصنع حفرة في الرمال وضع وعاءً من مياه البحر تحتها.
  2. ضع في وسط الوعاء المملوء من مياه البحر كأساً فارغاً.
  3. مد كيساً من النايلون فوق الحفرة والوعاء.
  4. ضع حصاة صغيرة فوق الكيس، ما سيجعل كل المياه المتكثفة العذبة تسقط نحو الوسط في الكأس الفارغ تحت كيس النايلون.
  5. يمكنك شرب المياه الموجودة داخل الكأس فهي خالية من الشوائب والأملاح.
حقوق الصورة: shutterstock.com/ Digi.Pixel
حقوق الصورة: shutterstock.com/ Digi.Pixel. تعديل: بوبيولار ساينس العربية.

تعد هذه الطريقة بدائية في تحلية المياه، لكن هناك عدة طرق أخرى متقدمة مثل التناضح العكسي أو الترشيح الفائق، وهي تقنية تعتمد على عكس اتجاه التوازن الحلولي لينتقل بها الماء (المذيب) من الوسط مرتفع التركيز بالأملاح إلى الوسط منخفض التركيز بالأملاح عبر غشاء شبه نافذ باستخدام الضغط، وتعد السعودية رائدة في هذا المجال ويعتقد العديد من الرائدين في الشركات العالمية مثل الرئيس التنفيذي لتويتر وسبيس إكس (SpaceX) إيلون ماسك بأن تحلية المياه منخفضة التكلفة لدرجة يمكن بها إنتاج ما يكغفي من المياه التي  تغطي حاجة البشرية لتحقيق الأمن المائي العالمي، وهذا ما ذكره بشكل واضح في المقابلة مع الصحفي بيل ماهر بالأول من شهر مايو/ أيار 2023.

اقرأ أيضاً: ماذا سيحدث لمستوى المياه إذا نزل كل البشر إلى المحيط دفعةً واحدة؟

ختاماً، يمكن الاعتماد على أسئلة الأطفال الفضولية لتخطي الحواجز العلمية التي وضعناها لأنفسنا، فمياه البحر التي كنا نظن سابقاً بأنها مصدر مياه غير صالحة للشرب أو الري، قد تشكل المصدر المستقبلي الأساسي لمياه الشرب على سطح الكوكب من خلال تطوير عمليات تحلية المياه، ويقول المهندس عبد العزيز السحيباني المختص بالتنمية العامة والتخطيط الاستراتيجي في السعودية بتغريدة عبر تويتر بأن أشعة الشمس وماء البحر التي تتحول إلى مطر بمثابة ذهب يجب علينا استثماره لتحقيق الأمن الغذائي، وهذا ممكن بالفعل لكنه بحاجة إلى وعي واستثمار والمزيد من الوقت ليصبح حقيقة.

المحتوى محمي