يحدث تنافر الزمر الدموية بين الأم والجنين بمعدل 3-80 حالة بين كل 100 ألف حمل. وعلى الرغم من أن هذا الرقم يعتبر منخفضاً إلى حد ما، فإن تنافر الزمر الدموية حالة يمكن تجنبها بشكلٍ كامل، إذ إن الوقاية والدراية الجيدة يمكن أن تحولا هذا الرقم إلى الصفر، فلمَ يحدث تنافر الزمر الدموية وكيف يمكن الوقاية منه؟
لمَ يحدث تنافر الزمر الدموية؟
يتم التمييز بين الزمر الدموية على أساس المستضدات السطحية والأضداد الموجودة في البلازما والتي تُحدد نمط الزمرة الدموية، وذلك إضافة إلى عامل الريزوس الذي يُحدد وجود مستضداته على سطح كرية الدم من عدمه إيجابية أو سلبية الزمرة الدموية؛ أي نقول إن الدم إيجابي الريزوس أو سلبي الريزوس اعتماداً على وجود أو غياب المستضدات. ويكون عامل الريزوس العامل الحاسم في موضوع تنافر الدم بين الأم والجنين، والذي يحدث عندما تكون الأم سلبية عامل الريزوس والجنين إيجابي عامل الريزوس.
بشكلٍ عام، لا تختلط كريات الدم الحمراء لكل من الأم والجنين أثناء الحمل، ولكن عند حدوث الولادة أو في حال الإجهاض يختلط الدم عبر الجروح والشقوق ما يؤدي إلى دخول كريات الدم الحمراء للجنين إيجابي الريزوس إلى مجرى دم الأم سلبي الريزوس. ونظراً لامتلاك دم الجنين مستضدات سطحية نوعية لا يألفها الجهاز المناعي للأم، ينشط الجهاز المناعي ويُشكّل أضداداً لإزالة كريات الدم إيجابية الريزوس من الدم إذ يتعامل معها على أنها جسم غريب، لتبقى هذه الأضداد المُصنّعة في مجرى دم الأم وفي ذاكرة جهازها المناعي.
اقرأ أيضاً: ما أنواع فقر الدم وكيف يُعالج كل منها؟
يمر الحمل الأول بسلام، إلا أن الحمل الثاني يكون في خطر في حال حملت الأم بجنين إيجابي الريزوس، والتفسير يعود إلى أن الأضداد التي شكّلها الجهاز المناعي للدم قادرة على عبور الحاجز المشيمي، الأمر الذي يعتبر خطيراً حيث يعني ذلك أن الأضداد سترتبط مع كريات الدم الحمراء للجنين وتكسرها، ما يؤدي إلى حدوث انحلال الدم.
ما خطورة تنافر الزمر الدموية على صحة الرضيع والأم؟
انحلال كريات الدم الحمراء الجنينية وتكسرها يتظاهر على شكل مجموعة من الأعراض، والتي إما تكون خفيفة في حالات الانحلال العرضية التي يتم تدبيرها فوراً، أو مميتة عندما يُهمل علاجها بسرعة. وبشكل عام يعتبر تنافر الزمر الدموية بين الأم والجنين حالة صحية خطيرة تُهدد صحة الجنين، حيث يعاني الرضع عند حدوث تنافر الزمر ما يلي:
- اليرقان واصفرار الجلد والصلبة.
- ضعف الحركة والخمول.
- ضعف العضلات.
- تلف الدماغ نتيجة المستويات العالية من البيليروبين وما ينجم عنها من اضطرابات عصبية تشمل خللا في القدرة على النطق والسمع، وقد يتطور الأمر لحدوث النوب الاختلاجية.
- الاستسقاء السلوي أي تراكم كميات كبيرة من السائل في الجوف السلوي.
اقرأ أيضاً: ما هي أفضل الأوقات للتبرع بالدم قبل وقوع الكارثة؟
وعادةً ما يقتصر علاج الرضّع الذين يعانون من عدم توافق الزمر الدموية على العلاج الضوئي، كما يمكن إعطاء الغلوبولينات المناعية، وفي الحالات المتقدمة يكون الرضّع بحاجة إلى نقل الدم وذلك لتقليل مستويات البيليروبين في الدم.
هل يمكن توقع حدوث تنافر الزمر الدموية؟
هناك مجموعة من المعادلات البسيطة التي تساعد على تقدير الحالات التي من المحتمل أن يحدث فيها تنافر الزمر الدموية وذلك اعتماداً على قوانين الوراثة، حيث تورث الجينات المسؤولة عن عامل الريزوس الإيجابي بصورة سائدة ويكون توريث عامل الريزوس السلبي متنحياً، لهذا يمكن اعتماد المعادلات البسيطة التالية التي تحدد الخطر اعتماداً على زمرة دم الأب والأم:
- أم إيجابية الريزوس وأب إيجابي الريزوس: لا يوجد خطر، فالزمر الدموية متوافقة.
- أم إيجابية الريزوس وأب سلبي الريزوس: لا يوجد خطر، فحسب قوانين الوراثة قد تكون الزمر الدموية للأجنة إيجابية الريزوس والذي يعتبر متوافقاً مع زمرة دم الأم، أو قد تكون سلبية وعندئذ لا يوجد خطر حيث لا توجد مستضدات سطحية على سطح كريات دم الجنين، وبذلك لن تجد الأضداد مستضدات سطحية لترتبط بها وليحدث انحلال دم.
- أم سلبية الريزوس وأب سلبي الريزوس: لا يوجد خطر، نظراً لتوافق الزمر الدموية.
- أم سلبية الريزوس وأب إيجابي الريزوس: يوجد خطر في حال كانت زمرة دم الجنين إيجابية.
الوقاية من حدوث تنافر الزمر الدموية بين الأم والجنين
لحسن الحظ، يمكن الوقاية من عدم توافق الزمر الدموية بشكلٍ تام وذلك عند متابعة الأمهات بشكلٍ حثيث من قبل مقدم الرعاية الصحية، وذلك بعد تحديد الزمرة الدموية لكل من الأب والأم ودراسة الاحتمالات المستقبلية بشكل جيد.
اقرأ أيضاً: ما هي فصائل الدم؟
وبشكلٍ عام، ينبغي الوقاية من تنافر الزمر الدموية في الحالات التي تشتمل على الخطورة فقط، أي عندما تكون الأم سلبية الريزوس ويوجد احتمال بأن يكون الجنين إيجابي الريزوس. وتتجلى الوقاية بإعطاء جرعة من الغلوبولين المناعي (Anti-RH) وذلك خلال الثُلث الثاني للحمل، وتُدعم بجرعة أخرى في غضون الأيام الثلاثة التالية للولادة. إضافةً إلى ذلك، على الحوامل الحصول على هذه الحقنة في الحالات التالية:
- في كل حمل.
- بعد كل إجهاض.
- بعد الاختبارات والفحوص الغازية التي تتطلب استخدام أدوات جراحية مثل بزل السلى وخزعة الزغابات المشيمية.
- عند رضوض البطن.