بمجرد مغادرة المنزل، تبدأ بشرتك بالتعرُّق بسبب حرارة الصيف القوية. وبالنسبة لأولئك الذين يعانون من تعرُّق الوجه المفرط، يمكنهم الشعور بقطرات صغيرة من العرق في الصيف، تتشكل على الأنف والذقن والجبهة، وتكبر ببطء حتى تتدحرج أخيراً على العينين أو الخدين أو الشفتين.
لا يقتصر الأمر على عدم وجود فرصة لوضع مساحيق التجميل، بل يمكن للوجه المتعرق إفساد مزاجنا حتى في أسعد لحظات حياتنا. فلماذا يُصاب البعض بفرط التعرُّق في الوجه وكيف يمكن علاجه؟
لماذا نتعرق؟
بادئ ذي بدء، التعرُّق ليس سيئاً، إنه ما يحدث بعد الجري وراء أطفالك، أو خلال يوم صيفي حار، أو أثناء الاستعداد لمقابلة عمل. هو ردّ فعل الجسم الطبيعي لارتفاع درجة حرارته.
يحتوي الجسم على ملايين الغدد العرقية في طبقة الأدمة العميقة من الجلد، موزعة على مناطق مختلفة من الجسم، بما في ذلك الإبطين والجبهة وراحتي الكفين. عندما ترتفع درجة حرارة الجسم لأي سبب، يرسل الجهاز العصبي السمبثاوي رسائل إلى الغدد العرقية لتفرز سائلاً مكوّناً في معظمه من الماء والأملاح، يدعى العرق. يمتصُّ العرق الحرارة ويتبخر، ما يخفّض من درجة حرارة الجسم.
اقرأ أيضاً: مَا فوائد التعرق الصحية؟ وكيف يمكن التخلص من فرط التعرق المحرج في الصيف؟
فرط التعرُّق
ثمة أشخاص يعانون من حالة فرط تعرُّق في بعض مناطق الجسم، وبدءاً من مرحلة الطفولة والمراهقة، وهو ما يسبب آثاراً جسدية ونفسية.
يحدث فرط التعرُّق نتيجة إرسال الدماغ رسائل إلى الغدد العرقية لتبريد الجسم عندما لا تكون هناك حاجة. وبشكلٍ عام لفرط التعرُّق نوعان رئيسيان:
- فرط التعرُّق البؤري الأولي: وهو النوع الأكثر انتشاراً، ويؤثّر في الأشخاص مدى الحياة. ليس له سببٌ واضح، ولا ينتج عن حالة طبية أو ارتفاع حرارة الطقس أو النشاط البدني.
- النوع الثانوي: ويحدث كعرضٍ جانبي لتناول بعض الأدوية، أو لحالة طبية معينة.
تعرُّق الوجه وأسبابه
يُطلق على فرط التعرُّق في الرأس أو الوجه أو اليدين اسم التعرُّق القحفي الوجهي، ويتسبب هذا النوع من فرط التعرُّق في إفراز فروة الرأس والأنف والذقن والخدين للعرق أكثر مما ينبغي عادةً. ويتأثر بمجموعة من العوامل، منها:
- التعرُّق البؤري الأولي: وهذا يعني أن الحالة ليس لها سببٌ واضح، لكنه يسبب فرط نشاط الغدد العرقية، ويمتدُ تأثيره مدى الحياة.
- عوامل وراثية: تشير دراسة نُشرت في مجلة الجمعية الطبية الكندية (CMAJ)، إلى أن نحو 30-50% من الأفراد المصابين بفرط التعرُّق، لديهم تاريخ عائلي لمثل هذه المعاناة، ما يشير إلى احتمال حدوث طفرة جينية.
- العدد الكبير من الغدد العرقية: يحتوي الوجه والرأس على أكبر عددٍ من الغدد العرقية مقارنة بباقي أجزاء الجسم الأخرى، لذا يكون فرط التعرُّق أوضح في الوجه والرأس.
- الطقس: يحفّز الجو الرطب والحار فرط التعرُّق.
- المشاعر القوية: تؤثّر عدة مشاعر مثل الغضب والخوف والتوتر والقلق في تعرُّق الوجه المفرط وتحفّزه.
- فرط التعرُّق الثانوي: وله أسبابٌ واضحة، يمكن بتشخيصها تحديد العلاج المناسب لتعرُّق الوجه، وتشمل:
- الحالات الطبية: قد يُصاب البعض بفرط التعرُّق كعرضٍ جانبي لبعض الحالات الصحية، مثل الأورام وأمراض القلب والسكري وإصابات الحبل الشوكي، وسن اليأس.
- الأدوية: قد يسبب بعض الأدوية حالة فرط تعرُّق، مثل مسكنات الألم والمضادات الحيوية، والأدوية المضادة للاكتئاب.
- المشروبات التي تحتوي على الكافيين: أشارت الدراسة المنشورة في دورية فرونتيرز إن نيوتريشن (Frontiers in Nutrition)، إلى أنه يمكن للقهوة أن تعزز درجة حرارة الجسم والبشرة، وبالتالي تزيد من استجابة التعرُّق.
اقرأ أيضاً: ما المُركّبات التي تسبب الروائح الكريهة في الجسم وكيف يمكن التخلص منها؟
علاج التعرُّق القحفي الوجهي
لحسن الحظ، تتوفر علاجات قد تساعد على إدارة الأعراض، وحتى حل مشكلة فرط تعرُّق الوجه، ومن الخيارات المتاحة:
- مضادات الكولين: من الأدوية الفموية التي تقلل التعرُّق في كامل الجسم، من خلال منع تنشيط الغدد العرقية. ومن أهم أنواعها المستخدمة لعلاج التعرُّق القحفي الوجهي أوكسي بوتينيين هيدروكلوريد. إلّا أنه قد يكون لهذه الفئة من الأدوية بعض الآثار الجانبية مثل الإمساك واحتباس البول والدوار وجفاف الفم.
- استئصال الودي: هو عمل جراحي يقطع فيه الطبيب الجرّاح بعض الأعصاب التي تحفّز الغدد العرقية في منطقة الرأس والوجه، ما يقلل من وصول الإشارات المحفّزة على إفراز العرق. ويعد خياراً علاجياً ملائماً للمرضى الذين يبدون رد فعل سلبياً لأدوية الكولين.
- مضادات التعرُّق: وبشكلٍ خاص الأنواع التي تحتوي على كلوريد الأمونيوم أو هيكساهيدرات كلوريد الألمنيوم، لقدرته على سد المسام ومنع التعرُّق. ومع ذلك، قد يكون بعضها مزعجاً للبشرة الحساسة.
- حقن البوتوكس: هي حقن تحتوي على سم البوتولينوم الذي تنتجه بكتيريا كلوستريديوم بوتولينوم (Clostridium botulinum)، وتساعد على تقليل نشاط الأعصاب التي تؤثّر في الغدد العرقية. يستمر تأثيرها إلى فترة تصل حتى 12 شهراً، وقد أشارت دراسة منشورة في مجلة علم الأعصاب (Journal of Neurology)، إلى أن حقن البوتوكس كانت فعّالة في علاج التعرُّق القحفي الوجهي لفترة أطول من العلاجات الموضعية.
اقرأ أيضاً: الآثار الجانبية والمضاعفات الناجمة عن حقن البوتوكس أو الفيلر
- بعض المواد المضادة للاكتئاب: تساعد الأدوية المضادة للاكتئاب عن طريق علاج القلق والحزن، إلّا أن بعض الأنواع قد يسبب زيادة التعرق.
- بعض الأدوية الفموية: مثل حاصرات بيتا والبنزوديازيبيناتن والتي تمنع العلامات الجسدية للقلق، مثل التعرُّق.
- الرحلان الشاردي: علاج يتضمن تطبيق تيار كهربائي منخفض عبر الجسم، بحيث يكون المصاب إمّا مغموراً بالماء كلياً أو مستلقياً على وسادة مبللة. إلّا أنه ليس شائعاً للوجه.
- إزالة الغدد العرقية: إمّا بالجراحة أو باستخدام الإشعاع الكهرومغناطيسي لتدمير الغدد العرقية.
اقرأ أيضاً: ما المركبات التي تسبب الروائح الكريهة في الجسم وكيف يمكن التخلص منها؟
تذكّر جيداً، قبل اختيار أحد خيارات علاج فرط تعرُّق الوجه، عليك باستشارة الطبيب المتخصص ليحدد سبب الإصابة، ويوضّح الطريقة الأنسب لعلاجها.