أبلغت السلطات الصحية الصينية في الخامس من شهر يوليو/ تموز عام 2023 عن وجود أربع إصابات مؤكدة بمرض جدري القرود في مدينتي تشانغشا وتيانجين، ومن المتوقع أن يصل هذا العدد إلى أرقام أعلى؛ إذ تُبلغ السلطات يومياً عن وجود شك بوجود إصابات أخرى. فهل سنشهد بداية جائحة لجدري القرود في الصين؟
ما كان مضمون تقارير حصيلة جدري القرود في الصين؟
في مايو/ أيار عام 2022 تفشى جدري القرود بشكلٍ مفاجئ وسريع في جميع أنحاء أوروبا والأميركيتين، لينتقل بعد ذلك إلى أقاليم منظمة الصحة العالمية الستة، حيث أبلغت أكثر من 110 دول عن أكثر من 87 ألف إصابة وما يُعادل 112 وفاة. تراجعت هذه الأعداد بحلول ربيع عام 2023 ليتم الإعلان عن نهاية التفشي، بشكلٍ متناقض مع زيادة في الحالات المبلغ عنها لا سيّما في منطقة آسيا والمحيط الهادئ.
فحسب السلطات الصحية المحلية في الصين، تم تحديد 3 إصابات بفيروس جدري القرود في مدينة تشانغشا وسط الصين لثلاثة ذكور، وكانت أعمارهم 24 و28 و38 عاماً. تابعت السلطات الصحية وأكدت أنها بدأت تحقيقاً وبائياً حول كيفية إصابتهم، موضحة أن الذكور الثلاثة يتلقّون العلاج في مستشفيات مخصصة لحالات وبائية مثل الجدري وهم حالياً في حالة صحية مستقرة.
كما تم تأكيد إصابة أخرى بجدرى القرود في تيانجين الواقعة شمال الصين، والمريض يتلقّى أيضاً العلاج المناسب له في مستشفى متخصص وحالته الصحية مستقرة.
اقرأ أيضاً: بعد ظهور الكوليرا في بعض الدول العربية: كيف تحمي نفسك من هذا المرض الخطير؟
ما هو جدري القرود؟
جدري القرود هو أحد الأمراض المعدية التي تنجم عن فيروس جدري القرود (MonkeyPox). يتظاهر جدري القرود بطفحٍ جلدي مؤلم ذي حويصلات مليئة بسائل مصلي رائق وتضخم في العقد الليمفاوية وارتفاع في درجة الحرارة في المراحل الأولى للإصابة.
وعلى الرغم من أن معظم المصابين يتعافون بشكلٍ تام عند تقديم العلاج المناسب، فإن عدة حالات تنتهي بحدوث الوفاة، لأن شدة الإصابة والأعراض تعتمد على الحالة الصحية العامة للمريض وعلى مناعته.
ولا شك أن الإبلاغ المستمر عن وجود حالات جديدة من جدري القرود قد أثار قلق الجميع، متسائلين إن كان يعني هذا انتشار الجدري على نطاقٍ واسع. إلّا أن الخبراء دعوا إلى الهدوء موضحين أنه من غير المرجح أن ينتشر المرض بشكلٍ غير قابل للسيطرة عليه. وأضافوا أن جدري القرود يبقى في النهاية مرضاً سهل الكشف نسبياً وسهل التحكم في خطر انتقاله. وعلاوة على ذلك، أكد الخبراء أن إجراءات العزل الفعّالة جاهزة وسيتم استخدامها وقت الحاجة.
اقرأ أيضاً: كيف تحدث الإصابة بالحمى المالطية أو ما يُعرف بـ «داء البروسيلات»؟
كيف ينتقل جدري القرود؟
ينتقل الجدري عن طريق اللمس بصورة رئيسية، إلّا أن التفشي العالمي الأخير لجدري القرود يُعزى في المقام الأول إلى الانتقال عن طريق الاتصال الجنسي. ووفقاً لمنظمة الصحة العالمية، فإن النسبة العظمى من المصابين بجدري القرود تعود لذكور مثليي الجنس، ما يدعم إثبات الدور الذي يؤديه كلٌّ من الجنس غير المحمي والأنماط غير السوية من الجنس وتعدد الشركاء الجنسيين في الإصابة.
اقرأ أيضاً: لا زلنا غير متأكدين مما كان يحتويه أول لقاح جدري في العالم
وقال شيلي تشوانغ، الطبيب العام الحاصل على شهادة ماجستير في طب الأدوية من جامعة هوكايدو الصينية تشوانغ بهذا الخصوص: "إن ممارسة الجنس المتكرر وغير المحمي كانت السبب الرئيسي لعدوى جدري القرود خلال العام الماضي، كما أدّى هذا السلوك عالي الخطورة إلى ارتفاع معدل الإصابة بأمراض أخرى تنتقل عن طريق الاتصال الجنسي والذي بدوره زاد من خطر الإصابة بجدري القرود"، في حين أشار تشوانغ إلى أن خطر الإصابة بين السكان الصحيين ممن لا يعانون من أي أمراض مزمنة وممن لا يمارسون الجنس العشوائي منخفض.
ما قواعد الوقاية العامة إذا كنت مصاباً بجدري القرود؟
لا يوجد علاج نوعي لمرض الجدري؛ فهو في الآلية الإمراضية يشابه الإصابة بالزكام، إذ إن كليهما ناجم عن عدوى فيروسية وذلك عند الأفراد الأصحاء، بينما يتطلب المضعفون مناعياً والمصابون بالأمراض المزمنة أو من يعانون من طفح الجدري على الأعضاء التناسلية والمستقيم علاجاً تحت إشراف أخصائي. وبالوقت نفسه، تكون اللقاحات التي تم تطويرها لعلاج الجدري والوقاية منه الخطوة الأفضل والأكثر فاعلية التي يمكننا اللجوء إليها.
ويتلخص التدبير بعلاج ارتفاع درجة الحرارة بخافضات الحرارة عند الحاجة والحرص على عدم خدش حويصلات الطفح الجلدي، لأن هذا سيؤدي بدوره إلى زيادة الألم، ولذلك يُنصح بتناول الأدوية المسكنة للألم. كما أن خروج السائل يزيد من فرص نقل العدوى من المصاب إلى إنسان آخر عن طريق اللمس، وبشكلٍ عام يتعافى معظم المصابين بالجدري بشكلٍ تام خلال 2-4 أسابيع دون الحاجة إلى علاج طبي.
اقرأ أيضاً: كيف أثّرت طريقة حقن لقاح جدري القرود في توافره؟
ومن أهم الإجراءات الوقائية التي يُقلل اتباعها من نقل العدوى نذكر:
- استخدام الشاش أو الضمادات لتغطية الطفح الجلدي.
- تجنب خدش حويصلات الطفح الجلدي فهذا لا يسرّع من الشفاء على عكس ما هو شائع، وإنما يتسبب ذلك بنشر الفيروس إلى أجزاء أخرى من الجسم، كما يزيد من نقل العدوى للآخرين ويحمل خطر حدوث إنتان بكتيري للآفات الجلدية المتقرحة.
- الحفاظ على الطفح الجلدي نظيفاً وجافاً بعد الغسيل والاستحمام.
- غسل اليدين بالماء والصابون واستخدام مطهر كحولي لليدين بعد ملامسة الطفح.
- عدم تشارك الأغراض الشخصية مع الآخرين، وخاصة إن كان الطفح الجلدي يتركز على اليدين.
- ممارسة الجنس المحمي وتجنب تعدد الشركاء الجنسيين.
- دعم صحة الجسم العامة عن طريق تناول طعام صحي والحصول على قسط وافر من الراحة للسماح للجسم بالشفاء والتعافي.