تخيل أنك تحت أنقاض مبنى منهار بسبب حرب أو زلزال أو إعصار، إنه ليس سيناريو لفيلم أكشن، بل واقع قاتم واجهه الكثيرون في بلادنا العربية، وما زلنا نتابع أخباره وقصصه المروعة حتى اللحظة.
في غزة، أعلنت وزارة الصحة الفلسطينية وجود أكثر من 2300 مفقود تحت الأنقاض خلال الحرب المندلعة فيها، بينما تسبب زلزال تركيا وسوريا، في وقتٍ سابق من فبراير/ شباط عام 2023، في انهيار أكثر من 282 ألف مبنى في كلا البلدين، وفقدان الآلاف تحت الأنقاض. أمّا في ليبيا، فقد جرف إعصار دانيال معه نحو 30% من البنية التحتية، وبقي أكثر من 8500 شخص في عداد المفقودين.
لكن وعلى الرغم من هذه الظروف القاسية، أظهر الكثيرون ممن نجوا مرونة ملحوظة وإرادة للبقاء على قيد الحياة، وتمكنوا من تجاوز المحنة وعاشوا ليشاركوا الآخرين قصص كفاحهم. فكيف تحمل هؤلاء الأفراد كابوس البقاء تحت الأنقاض؟
سواء كنت تعيش في منطقة شديدة الخطورة أم لا، فإن تعلم كيفية النجاة من حادث انهيار مبنى يمكن أن ينقذ حياتك أو حياة أحبائك يوماً ما.
اقرأ أيضاً: ما الذي يمكنك فعله للاستعداد للزلزال؟
أنواع الحوادث الممكنة نتيجة الأبنية المنهارة
تشمل مخاطر الأبنية المنهارة، بغض النظر عن السبب، أربعة أنواع محددة من الحوادث المهددة للحياة، ويمكن تسميتها بـ "الأربعة القاتلون" وفقاً لمكتب الولايات المتحدة لإحصاء العمل (Bureau of Labor Statistics)، وهي:
- السقوط من المرتفعات.
- التعرض لضربة من جسم صلب أو معدات.
- الوقوع أو الضغط أو السحق بين جسمين أو أكثر.
- الصعق بالكهرباء.
اقرأ أيضاً: كيف تتصرف عند حدوث ماس كهربائي؟
كيف تنجو من حادث تحطم بناء؟
قدّمت مراجعة نُشرت في دورية المراجعة الطبية العسكرية في البلقان (Balkan Military Medical Review) عدة نصائح قد تساعد الأفراد المحاصرين تحت الكتل الخرسانية على النجاة. إليك أهمها:
1. سيطر على أفكارك
بينما تتناقص كمية الأوكسجين تدريجياً تحت الأنقاض، قد يواجه الفرد العالق تحت الركام تباطؤاً في القدرة على التفكير وإدراك الوقت، ما يجعل التفكير المنطقي أمراً صعباً، لكنه يعتبر العلامة الفارقة بين الناجين من المواقف غير العادية مثل حوادث الطائرات أو حوادث تسلق الجبال ومن لا يحالفه الحظ، والذين يقعون ضحية الأخطاء التي ارتكبوها، والاستسلام للذعر. بعد وقوع الكارثة، من المهم تحديد المشكلة بدقة والتركيز على استراتيجيات البقاء لك ولعائلتك لأطول فترة ممكنة حتى وصول المساعدة المتخصصة، هذا يشمل:
- التحكم في التنفس وتنظيمه عن طريق أخذ نفس عميق من الأنف (العد إلى اثنين) والزفير عبر الفم (العد إلى أربعة).
- الحفاظ على الطاقة.
- تجنب الصراخ أو الذعر.
2. ابقِ مجرى الهواء مفتوحاً
أولى المشكلات الصحية التي تواجه شخصاً عالقاً تحت الحطام هي نقص الأوكسجين وانسداد المجاري التنفسية، بتأثير الغبار والأوساخ العالقة في الجو. علاوة على ذلك، سوف يؤدي عدم القدرة على الحركة والإصابة بالكدمات إلى التنفس بشكلٍ متكرر، وفقدان الماء والطاقة في منطقة الإصابة، وتسرب السوائل إلى الأنسجة. حسناً لا تتحرك واتبع النصائح التالية:
- حاول إبقاء فمك مغلقاً لمنع دخول جزيئات الغبار، وتنفس من خلال أنفك فقط.
- غطِ أنفك بجزء من ملابسك إن أمكن، من الوجه الداخلي لها، أو منديل أو أي قطعة قماش متوفرة حولك أو في جيبك.
- أدِر رأسك إلى جانب واحد.
- إذا كنت تستطيع التحرك تحول إلى جانبك وابق جسمك في وضعية التعافي، بسبب زيادة خطر فقدان الوعي بمرور الوقت.
- حاول التحكم في نفسك، عبر أخذ شهيق وزفير بطيء وغير عميق.
اقرأ أيضاً: ماذا تفعل إذا تعرض شخص قربك للإغماء؟
3. عاين الإصابات
إذا كان يمكنك التحقق من أي إصابة في يديك وقدميك وجسدك ولكن بحذر:
- إذا وجدت نزيفاً في مكان بجسمك حاول إيقافه.
- حاول تحريك القدمين واليدين ببطء لدعم الدورة الدموية.
- إذا كنت تشعر بكسر أو خلع لا تحرك نفسك أبداً.
- إذا كنت تعرف التأمل حاول إبطاء نبضك بممارسته.
اقرأ أيضاً: مهارات أساسية في الإسعافات الأولية على الجميع تعلمها
4. تحقق من البيئة
إن كان بإمكانك الحركة، حاول البقاء تحت شيء يحميك من السحق في حال حدوث اهتزازات لاحقاً، ثم يمكنك الآن التفكير بتركيز في محيطك:
- في أي طابق أنت وكم عدد الطوابق الموجودة بعد طابقك؟
- مَن يستطيع الوصول إليك؟
- ما المنافذ المتاحة؟
- مَن قد يكون في المبنى غيرك وأين من المحتمل وجوده؟ أو مَن قد يكون على قيد الحياة؟ وهل يمكنك الوصول إليه؟
- ما المخاطر المحتملة حولك؟ هل هناك احتمالية لتسرب الماء والكهرباء والغاز؟
- هل يوجد ما يكفي من الأوكسجين في الغرفة؟ هل يوجد تيار للهواء وما مصدره؟
- هل هناك أي مصدر للمياه حولك؟
بتحديد الإجابة عن هذه الأسئلة يمكنك رسم خطة للبقاء على قيد الحياة قدر المستطاع ريثما تتمكن فرق الإنقاذ الوصول إليك.
5. اطلب المساعدة
ليس صحيحاً أن تهدر طاقتك في الصراخ، لكن إذا كنت تسمع صوتاً بالقرب منك، يمكنك محاولة إصدار صوت مثل النقر بانتظام على شيء قريب منك لإصدار أصوات إيقاعية بدلاً من استخدام صوتك. في أبجدية مورس، تعني ثلاث نقرات قصيرة وثلاث طويلة وثلاث نقرات قصيرة SOS، ومن يسمعها ويعرف معناها يفهم أنها إيقاع من صنع الإنسان.
إذا كان الصوت واضحاً ويسأل عن وجود أحياء بين الركام، حينها فقط عليك الإجابة بصوتك، ليتمكنوا من تحديد مكانك وهويتك إن أمكن. على وجه العموم، يجب أن يكون أسلوبك العام هو جعل صوتك مسموعاً.
تذكر أنه كل 10-15 دقيقة، يقوم رجال الإنقاذ بترتيب ما يُسمَّى بـ "دقائق الصمت"، والتي تهدف إلى الإنصات إلى صراخ الأشخاص المحاصرين تحت الأنقاض.
اقرأ أيضاً: كيف تتصرف فرق الإنقاذ لنجدة ضحايا الكوارث؟
وسيلة أخرى قد تكون عملية جداً ومساعِدة هي تفقد الهاتف المحمول، فإذا كان بإمكانك الوصول إلى الشبكة حاول الاتصال برقم وحدة الإنقاذ، أو شخص مقرب لتحديد موقعك، وحافظ على شحنه لأطول فترة ممكنة.
تذكر، الاستعداد المسبق لأي حادث محتمل قد يكون الوسيلة المساعدة للحفاظ على رباطة جأشك، وإخراج نفسك من تحت الأنقاض، سواء كان ذلك بتجهيز صندوق طوارئ مجهز بالمواد والمعدات التي قد تحتاج إليها، أو بالاطلاع المسبق على إرشادات البقاء على قيد الحياة تحت الأنقاض.