يعتقد أن أماكن تحلل الجثث غير المدفونة هي مصدر خطير لانتشار الأمراض والتلوث البيئي، وأن هذه الجثث تسبب انتشار البكتيريا والفيروسات التي قد تؤدي إلى انتشار الأمراض المعدية، لذلك من المهم اتخاذ إجراءات سليمة للتعامل مع هذه الجثث بطرق صحية وآمنة.
هل تنتشر الأمراض في أماكن تحلل الجثث غير المدفونة؟
يُعتقد أن الأمراض المعدية تنتشر في أماكن وجود الجثث غير المدفونة، لكن وبحسب منظمة الصحة العالمية فإن هذا الاعتقاد خاطئ، إذ لا يوجد دليل على أن الجثث غير المدفونة تشكل خطر الإصابة بالأمراض، وذلك لأن معظم العوامل الممرضة لا تبقى حيّة لمدة طويلة في جسم الإنسان بعد الموت، حيث يموت معظم البكتيريا والعوامل الممرضة في غضون 24 ساعة تقريباً بعد الوفاة. ولا تشكل هذه الفيروسات والبكتيريا خطراً على أي شخص يمشي بالقرب منها، كما أنها لا تسبب تلوثاً بيئياً كبيراً.
أين تكمن خطورة الجثث غير المدفونة؟
من جهة أخرى، يكمن الخطر في حالات خاصة وقليلة، مثل حالات الوفاة الجماعية التي تنتج عن انتشار الأوبئة مثل الكوليرا أو الحمى النزفية. ويجب أن يكون العمال الذين هم على تماس مباشر مع الجثث الأكثر حذراً، فقد يتعرضون لخطر الإصابة بأمراض مثل السل، والفيروسات المنقولة بالدم (مثل التهاب الكبد B والتهاب الكبد C وفيروس نقص المناعة البشرية) والتهابات الجهاز الهضمي (مثل الكوليرا، والإشريكية القولونية، والتهاب الكبد A، والإسهال الناتج عن فيروس الروتا، وداء السالمونيلات، وداء الشيغيلات، والحمى التيفية والحمى نظيرة التيفية).
تنتج الإصابة بالسل من استنشاق البكتيريا الموجودة في الهواء المتبقي في الرئتين أو من تدفق السوائل من الرئتين عبر الأنف أو الفم أثناء التعامل مع الجثة. أما العدوى بالفيروسات المنقولة بالدم تحدث عن طريق الاتصال المباشر بالجلد أو الأغشية المخاطية غير السليمة من خلال تناثر الدم أو سوائل الجسم أو من الإصابة بشظايا العظام والإبر. يحافظ فيروس نقص المناعة البشرية على نشاطه في الجثث المحفوظة عند درجتين مئويتين لمدة تتراوح بين 6-15 يوماً، وبذلك يعد هذا الفيروس الأكثر خطورة في هذه الحالة.
يمكن أيضاً أن تنتقل عدوى الجهاز الهضمي بسهولة من البراز المتسرب من الجثث. ويحدث الانتقال عن طريق البراز والفم من خلال الاتصال المباشر بالجسم أو الملابس المتسخة أو المركبات أو المعدات الملوثة. يمكن أيضاً أن تنتشر عدوى الجهاز الهضمي نتيجة لتلوث مصادر المياه بالجثث. ومع ذلك، هناك القليل من الأدلة على التلوث الميكروبيولوجي للمياه الجوفية من الدفن، والذي يسبب في هذه الحالة التهاب المعدة والأمعاء.
لذلك، إذا تم اتخاذ تدابير النظافة والأمن البيولوجي الأساسية اللازمة، فلن تنقل الجثث الأمراض، حتى لو كان سبب الوفاة مرتبطاً بالأمراض المعدية.
اقرأ أيضاً: كيف يؤثر التغير المناخي على انتشار الأمراض المعدية؟
كيف يمكن منع انتشار الأمراض من الجثث غير المدفونة؟
لعلاج هذه الحالة يجب الاهتمام بطريقة التعامل مع الجثث نفسها، وحماية العمال الذين هم على تماس معها.
التعامل مع الجثث
- وضع الجثث ضمن الأكياس المخصصة، خاصة الجثث التي تتسرب منها الإفرازات أو الدم.
- نقل الجثث إلى البرادات لتقليل معدل التحلل وتسهيل التعرف عليها.
- تجنب الدفن الجماعي أو حرق الجثث قدر الإمكان.
- إبعاد الجثث عن الأماكن العامة.
- إبعاد الرفات عن الحيوانات المفترسة.
- دفن الجثث مؤقتاً للسماح بإجراء تحقيقات الطب الشرعي لاحقاً.
- التقاط الصور الفوتوغرافية وتسجيل المعلومات الوصفية لكل جثة.
- محاولة التعرف على كل جثة.
- دفن الجثث على بعد 30 متراً على الأقل من مصادر المياه الجوفية المستخدمة لمياه الشرب.
- يجب أن تعلو أرضيات القبور فوق منسوب المياه الجوفية بمقدار 1.5 متر على الأقل.
- عدم تمرير المياه السطحية من منطقة المقابر إلى المناطق المأهولة بالسكان.
- تجنب نقل الجثث إلى المستشفيات التي لا تتوفر فيها أماكن كافية لحفظها.
- وضع إجراءات واضحة لإخراج الضحايا من المنازل ودور المسنين وغيرها من الأماكن.
توصيات خاصة بالعاملين
يمكن التقليل من مخاطر العدوى الناتجة عن ملامسة الجثث عن طريق استخدام إجراءات مكافحة العدوى المناسبة مثل:
- استخدام معدات الحماية الشخصية مثل الأحذية المطاطية والقفازات والعناية بتدابير النظافة الأساسية (مثل غسل اليدين) لتقليل خطر الإصابة بالأمراض.
- حماية الوجه من سوائل الجسم باستخدام قناع أو نظارات واقية أو درع للوجه.
- التعامل مع جميع سوائل الجسم على أنها معدية.
- تقديم الرعاية السريعة لأي جروح تحدث أثناء العمل مع الجثث بما في ذلك التطهير الفوري بالصابون والماء النظيف.
- أخذ جرعة معززة من لقاح الكزاز عند التعرض للجروح.
- تلقي اللقاحات اللازمة مثل لقاحات التهاب الكبد B.
- حمل الجثث بطرق مناسبة تساعد في حماية العمال مثل استخدام المصاعد الميكانيكية أو الأجهزة الأخرى عند توفرها.
اقرأ أيضاً: كيف تُفرّق بين الإنتان الجرثومي والفيروسي والفطري؟ وكيف تُعالج كلاً منها؟