ما زالت تطرح متلازمة موت الرضيع المفاجئ الكثير من التساؤلات حول الأسباب الكامنة وراءها. وبعد تسخير الجهود للإجابة عن ذلك، توَصّل الأطباء إلى اكتشاف مهم في فهم متلازمة موت الرضع المفاجئ ونُشرت الدراسة في مجلة علم الأعصاب، بينت بعض الأسباب المتهمة في حدوث هذه الظاهرة المحيرة، وقد ترأستها لورا غولد، وهي باحثة في العلوم العصبية بجامعة نيويورك الأميركية.
ما هي متلازمة موت الرضيع المفاجئ؟
تُعرف هذه المتلازمة بأنها الوفاة المفاجئة لرضيع يقل عمره عن عام واحد، ولا تُفسَّر بأي حالة صحية، إذ يُجرى تحقيق شامل يتضمن تشريح الجثة والتحقيق في مسرح الوفاة ومراجعة التاريخ السريري، كما يُطلق على هذه المتلازمة أيضاً اسم "الموت في المهد"، لأنها غالباً ما ترتبط بالوفاة في أثناء نوم الطفل في سريره.
اقرأ أيضاً: أكثر من التعبير عن الصفات الذكورية: ما الذي كشفت عنه سلسلة الصبغي واي البشري؟
ما الأسباب التي اتُهِمت سابقاً بأنها عامل مساهم في حدوث متلازمة موت الرضيع المفاجئ؟
تعتبر متلازمة موت الرضيع المفاجئ السبب الأكثر شيوعاً لموت الأطفال دون العام، و90% من الحالات تحدث في الأشهر الستة الأولى وعلى وجه الخصوص بين الشهر والأربعة أشهر، وعادةً ما يكون الرضيع بصحة جيدة قبل حدوث الوفاة. ولأن الأمر يبدو مخيفاً ولا يمكن التنبؤ به، أوردنا أكثر عوامل الخطر شيوعاً التي يُمكن أن تزيد من احتمال حدوث هذه المتلازمة:
- وضع الطفل في السرير لينام على جنبه أو بطنه، وليس على ظهره.
- انخفاض وزن الطفل عند الولادة.
- الأطفال ممن يعتمدون الرضاعة بالزجاجة وليست الرضاعة الطبيعية.
- إصابة الطفل بارتفاع درجة الحرارة سواء نتيجة الحمى المرضية أو نتيجة ارتفاع درجة حرارة الغرفة.
- النوم في السرير إلى جانب بطانيات فضفاضة ووسادات واقية.
- وجود تاريخ عائلي لأخ توفي بسبب هذه المتلازمة.
- تاريخ عائلي لفشل النمو.
- أطفال لأمهات مدخنات أو أمهات ولدن قبل الـ 20 عاماً أو أمهات لم تتلقين رعاية ما بعد الولادة.
اقرأ أيضاً: طبيب عربي يتألق بإنجاز عمليات إطالة الأطراف وزيادة الطول في مستشفى كاليفورنيا
هل تعرض أيٌّ من ضحايا متلازمة موت الرضيع المفاجئ لنوب اختلاجية أو نوب قلبية؟
تضمنت الدراسة التي نُشرت نتائج مراقبة 301 طفل في أثناء نومهم بكاميرات خاصة، وذلك بعد إخضاعهم لفحص طبي شامل جسدياً وبعد البحث في عدم وجود أي تاريخ عائلي للإصابة. توفي 7 منهم من بينهم 4 ذكور و3 إناث بشكلٍ مفاجئ ودون أي سبب صحي، كما تراوحت أعمارهم بين 13 و27 شهراً.
كان من اللافت للنظر أن تسجيلات نوم هؤلاء الأطفال جميعها أظهرتهم في حالة من التشنج الذي استمر مدة 8 إلى 50 ثانية قبل الوفاة، وكأنهم كانوا يتعرضون لنوبة اختلاجية قبل وفاتهم. وهذه النتائج تتحدى بقوة المفاهيم السابقة للوفاة التي كان يُعتقد أنها ناجمة عن اضطراب في عمل العضلة القلبية وعدم انتظام ضربات القلب الأولية، حيث لم يشكُ أطفال الدراسة من أي أمراض قلبية سابقاً.
فرضية سابقة تبحث سبب متلازمة موت الرضيع المفاجئ
طرح الباحثون أيضاً فرضية أخرى، وهي أن متلازمة موت الرضيع المفاجئ ترتبط بمشكلات في قدرة الطفل على الاستيقاظ من النوم عند حدوث نقص في الأكسجة؛ إذ عادةً ما تكون تراكيز غاز ثنائي أوكسيد الكربون مرتفعة وقد يُعزى ذلك للنوم على البطن وتنفس غاز ثنائي أوكسيد الكربون المطروح من جديد.
في الحالة الطبيعية، يُنشّط ارتفاع مستوى هذا الغاز بعض الخلايا العصبية في الدماغ وتتحفز مراكز التنفس والاستثارة في الدماغ لإيقاظنا والحصول على المزيد من الأوكسجين. وبعد تشريح جثث بعض الأطفال ممن توفوا نتيجة هذه المتلازمة، تبين وجود تشوه في جذع الدماغ، ما يدعم فرضية أن لمتلازمة موت الرضيع المفاجئ أساساً بيولوجياً ملموساً.
كما أظهر الباحثون وجود مستويات أقل من السيروتونين الكيميائي العصبي ومستقبلاته وحمض غاما أمينو بيوتيريك الكيميائي العصبي، ما يعزز الاعتقاد بأن هذه التشوهات وهذا الخلل العصبي هو ما يمنع أدمغة الرضع من التحكم بشكلٍ فعّال في الوظائف الحيوية التي تبقيهم على قيد الحياة.
اقرأ أيضاً: إنجاز طبي سعودي الأول من نوعه في الشرق الأوسط: زرع شريحة في دماغ طفل لمعالجة الصرع
تعتبر هذه الدراسة محورية لأنها تُسلّط الضوء على الآليات المحتملة للوفيات المفاجئة غير المبررة لدى الأطفال. ومع ذلك، تبقى الدعوة قائمة والجهود موجَّهة لإجراء مزيدٍ من التحقيق بخصوص متلازمة موت الرضيع المفاجئ للتوصل إلى استراتيجيات جديد تعزز الوقاية ومنع هذه الحوادث المفجعة، حيث تمثّل هذه الرؤية الجديدة لهذه المتلازمة خطوة كبيرة إلى الأمام في مجال صحة الرضع والأطفال وسلامتهم، وفي مجال الوقاية من خسارة أرواح الرضع لسبب غير معروف بشكلٍ تام ولأن مرحلة اليافعين والشباب حق مشروع لهم في ظل غياب أي حالات صحية مثبتة.