استُخدِم البخور في العديد من الثقافات والأديان حول العالم لما يُشاع عنه من خصائص مهدئة ومطهرة، وارتباطه بالصفاء والسكينة. ومع ذلك، تتزايد التحذيرات بشأن أمان العديد من المواد التي نتعرض إليه يومياً في الدخان والأبخرة والتي قد تكون مسرطنة، فهل البخور أحدها؟
ما هو البخور؟
البخور هو خليط من مواد نباتية، تصدر رائحة عطِرة لدى حرقها. في الواقع كلمة بخور (Incense) مشتقة من اللاتينية وتعني "للحرق".
للبخور تاريخ استخدام طويل في الطقوس الدينية، منذ حضارات مصر وبابل واليونان. وحتى يومنا هذا، لا يزال البخور جزءاً من الشعائر الدينية والطقوس الروحية.
يتكوّن البخور من أجزاء نباتية تحتوي على مواد عطرية مثل اللحاء والجذور والزهور والبذور، ويجمع بينها مادة ربط قابلة للاشتعال. ومن الأنواع النباتية المستخدمة، القرفة والمسك وخشب الصندل والعود والمرة.
يأتي البخور على شكل لفائف أو مخاريط أو عصي أو مسحوق، بحيث لا تحتاج لإشعاله إلّا إلى شعلة بسيطة مثل عود ثقاب، وبمجرد اشتعال البخور يُنفخ عليه لإطفاء اللهب، بحيث يبقى متوهجاً لإنتاج الدخان المعطر على مدى 50-90 دقيقة، ثم ينطفئ من تلقاء نفسه.
اقرأ أيضاً: ما هو اللبان والمُرّ؟
ممَّ يتكون البخور؟
في مراجعة نُشِرت في مجلة أبحاث الالتهابات (Journal of Inflammation Research)، توصل الباحثون إلى أنه تنتج عن احتراق البخور مكونات ضارة يمكن تصنيفها إلى:
- منتجات غازية غير عضوية: وتضم ثلاثة غازات غير عضوية رئيسية هي أول أوكسيد الكربون (CO)، وأكاسيد النيتروجين (NOx)، وثاني أوكسيد الكبريت (SO2).
- مُركّبات عضوية: يحتوي دخان البخور على مُركّبات عضوية سامة، بما في ذلك الهيدروكربونات العطرية المتعددة الحلقات (PAHs)، وثاني أوكسيد الكربون، وأول أوكسيد الكربون، وثاني أوكسيد الكبريت، والفورمالدهيد، وثاني أوكسيد النيتروجين، و12 نوعاً من المُركّبات العضوية المتطايرة (VOCs)، مثل البنزن والتولوين والزيلين، التي وُجِدت بتركيزات تفوق المستويات الموصى بها من قِبل منظمة الصحة العالمية، وهي 0.05 مليغرام لكل متر مكعب.
- الطور الجزيئي (الجسيمات الدقيقة): هي جزيئات الغبار والدخان والضباب العالقة في الجو، حيث وجد الباحثون أن حرق البخور في الأماكن الداخلية يولّد في المتوسط أكثر من 45 مليغراماً من الجسيمات الدقيقة لكل غرام من البخور المحروق، مقابل نحو 10 مليغرامات لكل غرام للسجائر. أفادت وكالة السرطان المتخصصة التابعة لمنظمة الصحة العالمية (WHO)، وهي الوكالة الدولية لأبحاث السرطان (IARC)، أن التعرّض للجسيمات الدقيقة يسبب سرطان الرئة، لذا صنّفتها بأنها مادة مسرطنة للإنسان منذ عام 2013.
اقرأ أيضاً: هذا ما يحدث إذا تعرضت للبنزين وأبخرته بشكلٍ مباشر
هل البخور مادة مسرطنة؟
نظراً لما يحتويه دخان البخور من مكونات، فقد عانى الباحثون صعوبة تحديد المخاطر الصحية المرتبطة بالبخور على الصحة.
ذكرت المراجعة السابقة، أن دخان البخور أثبت قدرته على إحداث الطفرات في الحمض النووي، ما قد يكون سبباً في تحول الخلايا السليمة إلى سرطانية، كما قال أستاذ وعالم أبحاث المسرطنات الطبيب فهد الخضيري: "يزيد البخور من خطر الإصابة بالسرطان"، حيث كشف أن صور الأشعة بيّنت وجود طبقة كثيفة من الدخان المبطنة للرئة لدى بعض المرضى ممن لا يدخنون السجائر، لكنهم يستنشقون دخان البخور عدة مرات في اليوم، وهي مرحلة أولية من مراحل التحول إلى ورم سرطاني.
وفي دراسة قديمة أكثر شمولاً نُشِرت في دورية "السرطان" (Cancer)، حلل الباحثون بيانات 61 ألف مشترك على مدى 12 عاماً، وتوصلوا إلى أن التعرّض الطويل الأمد لدخان البخور يزيد من خطر الإصابة ببعض أنواع سرطان الرئة، وسرطانات الجهاز التنفسي العلوي، مثل سرطان الحلق والفم.
بينما كشفت دراسة تجريبية أجرتها جامعة نيويورك أبوظبي في الإمارات العربية المتحدة، ونُشِرت في دورية التقارير العلمية (Scientific Reports) أن المشاركين الإماراتيين الذين تعرّضوا لدخان البخور بانتظام، لديهم تركيبة مختلفة في البكتيريا الموجودة في أفواههم، والضرورية لمحاربة العدوى والأمراض، مقارنة بأولئك الذين لا يفعلون ذلك، مثل المكورات العقدية (Streptococci).
اقرأ أيضاً: 10 مسببات للسرطان موجودة في بيئتنا ونظام حياتنا
المخاطر الصحية لدخان البخور
أفادت الدراسات بآثار سلبية في الصحة لدخان البخور، بالإضافة إلى دوره في التسبب بالسرطان، مثل:
- الربو: ذكرت دراسة حديثة نُشِرت في دورية "بي إم سي الطب الرئوي" (BMC Pulmonary Medicine) أن استخدام البخور أكثر من مرتين في الأسبوع أدّى إلى زيادة حدة أعراض الربو مقارنة بعدم استخدام البخور.
- ردود الفعل التحسسية: يحتوي دخان البخور على العديد من المكونات التي قد تُثير ردود فعل تحسسية في عدة أجزاء من الجسم، مثل العين والأنف والحنجرة أو الجلد.
- أمراض القلب والأوعية الدموية: أفادت مراجعة نُشِرت في مجلة أبحاث الالتهاب، بوجود علاقة بين تعرض الفئران الطويل الأمد لدخان البخور وزيادة مستويات الدهون الثلاثية والبروتين الدهني العالي الكثافة، كما أظهرت ارتفاع خطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية بنسبة 12% لدى مَن يتعرضون لدخان البخور فترات طويلة، مقارنة بأولئك الذين لا يستخدمون البخور على نحو دائم.
- الوظيفة الإدراكية: بيّنت دراسة نُشِرت في دورية التقارير العلمية، أن حرق البخور المنتظم في الأماكن المغلقة يرتبط بتراجع الأداء المعرفي لدى كبار السن.