شعبية الحدائق المنزلية المغطاة بالعشب آخذة في التراجع بينما يبحث أصحاب المنازل عن بدائل للمساحات الخضراء ذات الشكل المتجانس. يعود هذا التحول جزئياً إلى رغبة أصحاب المنازل في إنشاء حدائق لا تتطلب الكثير من الصيانة وتوفّر أيضاً ملاذاً للأحياء البرية والملقِّحات. في الواقع، لا تأوي الحدائق المنزلية التقليدية إلّا الحد الأدنى من الأحياء. إذا لم تكن حديقة منزلك في أفضل حالاتها، فإن إحدى الطرق السهلة لجعلها صديقة للبيئة وتعزيز التنوع البيولوجي فيها هي زراعة الأبصال.
اقرأ أيضاً: الحدائق جميلة لكنها غير آمنة: 10 نباتات يمكن أن تؤذيك
فوائد زراعة الأبصال
عندما تفكر بالنباتات البصيلية، سيخطر على بالك النباتات مثل النرجس والتوليب على الأرجح. وعلى الرغم من أن هذه النباتات رائجة للغاية وتغني الحدائق المنزلية بالألوان وتعزز جمالها في الربيع، هناك الكثير من الأنواع الأخرى التي يمكن زراعتها. تُزهر الأبصال مثل الزعفران وزهور الثلج في أواخر الشتاء، ما يعني أن زرعها سيعزز جمال الحديقة عبر مواسم مختلفة. بالإضافة إلى ذلك، تعزز الأبصال التي تزهر في الصيف، مثل الأضاليا والسوسن والزنبق والدلبوث، التنوع اللوني للحديقة وتوفر الغذاء للملقّحات حتى أوائل الخريف في الكثير من الأحيان.
لعل الفائدة الأكبر للأبصال هي قدرتها على الإزهار على نحو متكرر في الفترات التي لا يزهر فيها إلّا القليل من النباتات الأخرى. تقول عالمة البستنة في مؤسسة فلاور بَلب. إي يو (Flowerbulb.eu)، بيغي آن مونتغمري: "تمثّل حدائق الأبصال المنزلية مصدراً أساسياً لحبوب اللقاح والرحيق للملقحات في بداية الموسم". قد يؤدي اتباع الممارسات المستدامة في زراعة الأبصال التي تزهر باكراً إلى إحداث تغيير كبير في الحديقة المنزلية بفاعلية ودون عناء. تقول مونتغمري: "لا يزهر سوى القليل من النباتات في ذلك الوقت من العام، وتحتاج الحشرات التي تستيقظ من سباتها في هذه الفترة إلى البحث عن الطعام بسرعة، كما أنها لا تستطيع الانتقال مسافات كبيرة". بالإضافة إلى ذلك، يمكن أن تعزز حدائق الأبصال المنزلية جمال فناء المنزل؛ إذ إنها تغنيه بالألوان في مواسم مختلفة وتعزز تنوعه كما أنها لا تتطلب سوى الحد الأدنى من العناية مقارنة بالحدائق التي تحتوي على النباتات التقليدية.
اقرأ أيضاً: هل زراعة البرسيم في حديقة المنزل فكرة جيدة؟
انتقاء الأبصال المناسبة
أهم ما يُميّز أغلبية الأبصال هو أنها لا تتطلب سوى الحد الأدنى من العناية بمجرد زراعتها. الوصول إلى الرحيق في الأصناف التي تحتوي على زهرة واحدة لكل بصلة أسهل بالنسبة للحشرات، وهذا عامل يجب أن تأخذه في الاعتبار إذا أردت زراعة الأبصال في حديقة المنزل بهدف إفادة الملقحات. بالإضافة إلى ذلك، عليك اختيار الأبصال ذات القدرة العالية على التحمل والتي تتطلب القليل من العناية وتنمو جيداً في الحدائق المنزلية، لأن ذلك يضمن الحفاظ على بيئة مستدامة للملقحات مع مرور الوقت. توصي مونتغمري بتوطين الأبصال مثل النرجس الصغير والحلحل والزنابق النباتية (التوطين هو تكاثر النبات من تلقاء نفسه في بيئة جديدة). تجذب هذه الأنواع الملقحات مثل النحل وتزدهر في أغلبية المناخات. تقول مونتغمري: "إعداد مواطن للملقحات في الحدائق المنزلية مفيد لهذه الكائنات وللأحياء البرية عموماً"،
وتُضيف قائلة إن الأبصال التالية جميعها تجذب الملقحات:
- الشقار الناعم
- الشرفث
- الزعفران
- الخرباق الشتوي
- زهور اللبن
- اللغب المتجانس
- السوسن الشبكي
- النرجس الصغير
- الحلحل
- التوليب
عملية الزراعة
تطبيق تقنيات الزراعة السليمة بالغ الأهمية لنجاح مشروع حديقة الأبصال المنزلية. يجب زراعة الأبصال التي تزهر في الربيع خلال فصل الخريف، بينما يجب زراعة تلك التي تزهر في الصيف خلال فصل الربيع. تتطلب أغلبية الأبصال التعرض الكامل للشمس؛ أي التعرض المباشر مدة 6 ساعات يومياً في أحسن الأحوال. مع ذلك، يمكنك التحقق من متطلبات التعرض للضوء الخاصة بكل نوع في تعليمات الزرع قبل اختيار موقع الزرع في الحديقة.
تفضّل أنواع الأبصال جميعها التربة ذات التصريف الجيد. ابدأ بتحضير التربة من خلال خفض كثافتها على عمق يتراوح بين 15 سنتيمتراً و25 سنتيمتراً، علماً أن العمق يعتمد على حجم البصلة. تنصح مونتغمري باستخدام مثقاب لتشكيل الحفر وزرع الأبصال على عمق يبلغ 3 أضعاف من ارتفاعها. يمكنك إضافة السماد أو تعديل التربة بإضافة الحُث الطحلبي لتحسين جودتها عند زرع الأبصال. ضع الأبصال في الحفر مع توجيه طرفها المدبب للأعلى، ثم احرص على تغطيتها بالتربة. احرص على سقاية الأبصال بكمية وافرة من الماء بعد الزرع لتعزيز استقرار التربة المحيطة بالجذور وإزالة جيوب الهواء. أضف طبقة من الفرش (الأوراق المتحللة أو قطع اللحاء أو السماد العضوي) للحفاظ على الرطوبة وعزل الأبصال خلال فصل الشتاء (الأبصال الربيعية) وللحفاظ على برودة التربة في الصيف.
التسميد
تختلف كمية السماد التي يجب استخدامها بين الأبصال الربيعية والصيفية. يجب عليك إضافة السماد إلى الأبصال التي تزهر في الربيع مثل التوليب والنرجس مرتين سنوياً؛ مرة في الخريف عند زرعها ومرة أخرى في أوائل الربيع مع ظهور الأوراق. أمّا بالنسبة للأبصال التي تزهر في الصيف، احرص على إضافة السماد عندما يبدأ النبات بالنمو خلال الربيع، وإضافته على نحو منتظم خلال موسم النمو. استخدم سماداً متوازناً ومركّباً خصيصاً للأبصال. تذكّر، استخدام كمية أكبر من السماد ليس مفيداً دائماً. احرص دائماً على تلبية الاحتياجات الخاصة لكل صنف من الأبصال لتعزيز الإزهار الصحي والنمو السليم للجذور.
السقاية
يعتمد الجدول الزمني لسقاية الأبصال على إن كانت تزهر في الربيع أو الصيف. ابدأ بسقاية الأبصال التي تزهر في الربيع بمجرد ظهور البراعم، وذلك إذا كانت التربة جافة. احرص على إضافة لترين من الماء أسبوعياً خلال فترة الإزهار. يمكنك سقاية الأبصال التي تزهر في الصيف عند ظهور البراعم، وعليك الاستمرار بالسقاية على نحو منتظم خلال موسم النمو. الهدف هو إضافة كمية كافية من الماء دون الإفراط في السقاية؛ إذ تتعفن جذور الأبصال في التربة المفرطة الرطوبة أو ذات التصريف الرديء. يمكنك الحصول على أفضل النتائج بمراقبة معدلات هطول الأمطار وتغيير كمية الماء حسب الحاجة.
نصائح العناية بالأبصال
العناية بحدائق الأبصال المنزلية عملية بسيطة. مصدر القلق الأساسي هو القوارض، وخصوصاً السناجب، التي تجذبها الأبصال المزروعة حديثاً عادة بسبب رائحتها وتقليب التربة المتطلب لزرعها. تقترح مونتغمري استخدام المواد الطاردة الطبيعية المتوفرة في مراكز مستلزمات الحدائق، التي تقي من الثدييات الصغيرة بفعالية. تقول مونتغمري: "تتمتّع هذه المنتجات عادة بروائح كريهة بالنسبة للقوارض، ما يردعها عن الحفر. ابحث عن المنتجات التجارية واتبع التعليمات الواردة في ملصقاتها".
اقرأ أيضاً: نصائح الخبراء لإزالة أوراق الأشجار من فناء المنزل
لا تتطلب هذه الأبصال الكثير من الرعاية بمجرد زرعها. ولكن تُحذّر مونتغمري قائلة: "ستضطر إلى جز حديقة الأبصال المنزلية في وقتٍ متأخر من الربيع مقارنة بالوقت الاعتيادي؛ إذ يجب أن تموت الأوراق لتوفير الغذاء الذي تحتاج إليه الأبصال في السنة التالية". إذا لم يكن وجود العشب الطويل في الربيع ملائماً بالنسبة لك أو لجيرانك، تقترح مونتغمري زراعة الأبصال على طول حواف الحديقة، مع ترك حدود عشبية تجعل العشب الطويل يبدو مرتباً وطويلاً على نحو مقصود، وجزّ هذه الحدود بانتظام. تقول مونتغمري: "أنا أستخدم آلة التشذيب بالخيط لقص العشب قبل عملية الجز الأولى، ثم أمشّط المنطقة سريعاً وأجزّ العشب وفق إعداد أكبر طول للعشب في جزازة العشب. احرص على جز العشب كالمعتاد بعد أسبوع. إذا بدا العشب مصفرّاً قليلاً، احرص على إضافة السماد العضوي وكمية كبيرة من الماء".