ملخص: لا يمكن تقليل الدهون في مناطق معينة من خلال التمرين وحده، فهذا المفهوم، الذي يسمى "تقليل الدهون الموضعية"، ما هو إلا خرافة شائعة في مجال اللياقة البدنية. وفي حين أن التمارين يمكن أن تقوي عضلات معينة عند استهداف منطقة محددة من الجسم، فإن فقدان الدهون يتم من خلال مزيج من النشاط البدني العام ونظام غذائي متوازن، وذلك لأن الجسم يخزن الدهون ضمن الخلايا الدهنية في أنحائه كافة، ويسحب الجسم من هذه الاحتياطيات عندما تكون هناك حاجة للطاقة، بغض النظر عن منطقة الهدف من التمرين. كما تتحكم عدة عوامل في الطريقة التي يكتسب فيها الجسم الدهون ويفقدها، منها الوراثة والجنس والعمر وتركيز الدهون أو مكان تخزينها. عموماً، لفقدان الدهون على نحو فعال، يجب الجمع بين تمارين الكارديو والتدريب المتقطع عالي الكثافة (HIIT) وتمارين المقاومة. تستهدف هذه التمارين مجموعات عضلية متعددة، وتحرق المزيد من السعرات الحرارية وتؤدي إلى تقليل الدهون.
إذا كنت تبحث عن التمرين الذي يزيل تلك الغرامات الزائدة في محيط خصرك، أو ترهلات الفخذين والأرادف، فإنك لن تجده لا هنا ولا في مكان آخر، لأن الجواب عن سؤالك: هل يمكن استخدام الرياضة لتقليل الدهون في منطقة محددة من الجسم دون غيرها؟ هو لا.
إن فكرة تقليل الدهون في منطقة معينة من خلال ممارسة التمارين الرياضية المستهدِفة هي خرافة شائعة في مجال اللياقة البدنية، وقد تم الترويج لها تحت مسمى "تقليل الدهون الموضعية" (Spot Reduction).
فبينما يمكنك تقوية عضلات معينة من خلال ممارسة التمارين المستهدفة، فإن فقدان الدهون يأتي من مزيج من النشاط البدني العام والنظام الغذائي المتوازن.
لماذا لا يمكن تقليل الدهون في منطقة محددة من الجسم باستخدام الرياضة؟
عندما يستهلك الفرد سعرات حرارية أكثر مما يحتاج للحصول على الطاقة، فإن الجسم يحوّل الفائض إلى دهون، ويخزنها في الخلايا الدهنية الموزعة في أنحاء الجسم، بما فيها دهون تحت الجلد كما في الفخذين والوركين والأرداف، ودهون حشوية حول الأعضاء الداخلية في البطن.
يمكن أن تأتي هذه الدهون من الغذاء مباشرة؛ مثل الزيوت والزبدة والمكسرات والبذور والمنتجات الحيوانية، أو تنتج عن الكربوهيدرات الزائدة التي يحولها الجسم إلى دهون من خلال عملية تسمى تكوين الدهون.
يخزن الجسم هذه الدهون على شكل دهون ثلاثية، وهي جزيئات كبيرة تتكون من ثلاثة أحماض دهنية وجزيء غليسرين واحد، أو ما يُعرف بـ "الغليسيريد"، وتُستخدم باعتبارها احتياطياً للطاقة.
اقرأ أيضاً: هل تناول المزيد من الدهون يضر صحتنا؟
عند الحاجة، كما في ممارسة التمارين الرياضية أو أي نشاط يتطلب جهداً بدنياً أو في الصيام، تتحلل جزيئات الغليسريد إلى أحماض دهنية حرة وغليسرين، ثم تدخل مجرى الدم لاستخدامها بواسطة أنسجة أخرى للحصول على الطاقة.
بعبارة أخرى، يمكن أن تأتي هذه الجزئيات الدهنية من أي خلية دهنية في الجسم، وليس فقط من المنطقة المستهدَفة بممارسة الرياضة.
في مراجعة شاملة لنحو 13 دراسة، نُشرت في دورية حركة الإنسان (Human Movement) عام 2022، وشملت أكثر من 1100 مشارك، وجد الباحثون أن تدريب العضلات الموضعي لم يكن له تأثير على رواسب الدهون الموضعية. أي إن ممارسة الرياضة التي تستهدف جزءاً محدداً من الجسم لم تقلل دهون ذلك الجزء من الجسم.
علاوة على ذلك، أفادت دراسة نشرتها دورية مراجعات البدانة (Obesity Reviews) بأن التمارين الرياضية التي تستهدف مجموعة عضلية محددة، أو عدداً محدوداً من العضلات، تحرق عدداً أقل من السعرات الحرارية مقارنة بالتمارين التي تستهدف مجموعات عضلية أكثر أو كامل عضلات الجسم، لذا تقل احتمالية فقدان الوزن في المنطقة المستهدفة أو غيرها من مناطق الجسم عامة.
اقرأ أيضاً: كيف يحرق الصيام المتقطع الدهون؟
ما الذي يحدد مكان تخزين الدهون والمكان الذي نفقدها منه أولاً؟
إن المكان الذي يخزن الجسم فيه الدهون، والأولوية في حرقها، يختلفان من شخص لآخر باختلاف عدة عوامل، من أهمها:
- المورثات: وفقاً لدراسة نشرتها دورية داء السكري (Diabetologia) فإن نحو 60% من توزيع الدهون في الجسم تتحكم به الجينات.
- الجنس: تخزن الإناث الدهون بكميات أكبر من الذكور، بسبب طبيعة أجسامهن التي تحتاج إلى مخازن احتياطية لفترات مثل الحمل والرضاعة. كما تميل النساء إلى فقدان الوزن من الوجه والساقين والذراعين، لأنها الأقل تأثيراً على الإنجاب، بينما يتمسك الجسم بدهون الفخذين والوركين والأرداف.
- العمر: يختلف محتوى الجسم من العضلات والدهون مع التقدم بالعمر بسبب اختلاف التمثيل الغذائي ومستويات الهرمونات؛ إذ بعد انقطاع الطمث للإناث ومرحلة منتصف العمر للرجال، تميل الأجسام إلى تخزين الدهون الحشوية حول منطقة الخصر، وتتحول إلى دهون معنّدة يصعب التخلص منها.
- تركيز الدهون: وفقاً للدراسة المنشورة في دورية المغذيات (Nutrition)، يميل الجسم إلى فقدان الدهون من المناطق التي تتركز فيها بأكبر كمية، أي في الجذع ثم الساقين فالذراعين.
اقرأ أيضاً: كيف أخسر الدهون وأحافظ على العضلات في الوقت نفسه؟
الاختلاف بين تقليل الدهون والشد الموضعي
ما سبّب انتشار الاعتقاد بالقدرة على "تقليل الدهون الموضعية" (Spot Reduction)، هو حقيقة أنه يمكن شد مناطق معينة من الجسم أو ما يُعرف بالشد الموضعي (Spot Toning). يستخدم البعض المصطلحين بالتبادل، لكنهما في الواقع مختلفان تماماً.
يشير مصطلح الشد الموضعي إلى تطوير كتلة العضلات الهزيلة في تلك المنطقة، وبناء عضلات منطقة محددة وتشكيلها بما يناسب رغبة الفرد. تُعرف هذه العملية بتضخيم العضلات.
عندما تمارس الرياضة، وخاصة تمارين المقاومة، فإنك تتسبب في حدوث تمزقات صغيرة في ألياف العضلات، ولإصلاح هذه التمزقات، يدمج الجسم المزيد من ألياف العضلات معاً، ما يزيد كتلة العضلات وحجمها.
على سبيل المثال، إذا كنت تريد بناء عضلات الذراع، يمكنك دمج تمارين مثل ثني العضلة ذات الرأسين وتمارين خفض العضلة ثلاثية الرؤوس، أما إذا أردت تقوية عضلاتك الأساسية، فيمكنك ممارسة تمارين البلانك والسكوات.
يمكن القول إن التمارين المستهدِفة تقوي عضلات معينة، لكنها لن تقلل الدهون بشكل انتقائي في تلك المناطق.
اقرأ أيضاً: دليل المبتدئين لزيادة الكتلة العضلية
التمارين الرياضية لتقليل الدهون في كامل الجسم
يمكن حرق الدهون من مخازنها في الجسم كله من خلال ممارسة تمارين رياضية شاملة، مثل:
- تمارين الكارديو: هي التمارين الهوائية التي تستخدم مجموعات عضلية عديدة في الجسم، مثل الجري وركوب الدراجات. في الحقيقة، تُعرف التمارين الهوائية، مثل ركوب الدراجات أو الجري حيث نشغّل نسبة 50-70% من أقصى قدرتنا على ممارسة الرياضة، باسم "فات ماكس" (fatmax)، وهي الحد الأقصى لكمية الدهون التي يمكن للرياضي حرقها في الساعة، أي إنها الأفضل لحرق الدهون.
- التدريب المتقطع عالي الكثافة (HIIT): هي تمارين تتضمن تناوب فترات قصيرة من النشاط العالي الكثافة، ثم فترات راحة.
- تمارين الجسم بالكامل: كلما زاد عدد العضلات التي تستهدفها التمارين زاد عدد السعرات الحرارية التي يحرقها الجسم، وزاد فقدانه للدهون. ومن الأمثلة على التمارين التي تستهدف الجسم كامله تمارين بيربي (Burpee).
- الجمع بين تمارين مختلفة: أثبتت الدراسة المنشورة في دورية بي إم سي العلوم الرياضية والطب وإعادة التأهيل (BMC Sports Science, Medicine and Rehabilitation)، أن الجمع بين تدريبات المقاومة وتمارين الكارديو أكثر فعالية في التخلص من الدهون الزائدة، مقارنة بالتركيز على نوع واحد من التمارين فقط.
عموماً، إن اتباع نهج اللياقة البدنية الشامل الذي يتضمن نظاماً غذائياً متوازناً وتمارين متنوعة وشاملة هو الطريقة الأكثر فعالية لفقدان الدهون والوصول إلى جسم أكثر صحة وتناسقاً.