الخجل يفيد القريدس عندما يكون جائعاً

3 دقائق
قد يكون لقيدس الأحواض الصخرية -كهذا الذي يظهر في الصورة- شخصيات مختلفة.

عندما يتعلق الأمر بالبقاء على قيد الحياة، قد تعتقد أن المخلوقات التي تبحث بجرأة عن موارد جديدة ومواطن جديدة تحظى بفرصة أفضل. بالنسبة لبعض الحيوانات، هذا صحيح. لكن بالنسبة للحيوانات الأخرى، فإن المكوث يعطي نتائج أفضل. وتظهر ذلك دراسة جديدة من جامعة إكستر عن الخجل عند قريدس الأحواض الصخرية. وتظهر الدراسة التي نشرت في مجلة "سلوك الحيوان" اكتشافاً يبدو غريباً، فالأكثر جرأة ليس هو الأفضل دائماً.

درس الباحثون قريدس الأحواض الصخرية الذي تم صيده من أحد الشواطئ الإنجليزية، مما أوجد بيئة شبيهة بالأحواض الصخرية الصناعية في المختبر لمحاكاة منطقة المد والجزر التي يشغلها القريدس عادة. وقاموا بوضع علامات على كل قريدس وتعقبه خلال مدة التجربة ليعرفوا كيف يرتبط سلوكه بزيادة وزنه والنجاح الكلي في الحصول على الطعام في وقت التغذية. ووجد الباحثون أن بعض القريدس كان خجولاً، مما يعني أنه قضى وقتاً أقل في استكشاف الطعام، وبقي بالقرب من مصادر الطعام الموجودة لفترة أطول، بينما كان الآخرون جريئين في بحثهم عن وجبتهم التالية. يقول دانيال ماسكري، المؤلف الرئيسي للدراسة إن هذه السمات ظهرت مراراً وتكراراً في ملاحظاتهم، مع بعض النتائج غير المتوقعة. وقد أصبح القريدس الخجول أكثر وزناً من القريدس الجريء، لأنه قضى وقتاً أطول في تناول الطعام الموجود، بدلاً من البحث على طعام جديد.

وكلمة "الخجول" هنا لا تعني "الجبان". كان القريدس المحب للبقاء في بيته، والذي اكتسب وزنًا أكبر، أقوى المقاتلين، وأفضل من رفاقه الأكثر ميلاً إلى المغامرة، وهي حقيقة يجدها العديد من الأشخاص غير منطقية.
يقول ماسكري المنتسب حالياً إلى جامعة ليفربول: "بالحدس، قد تعتقد أن الأفراد الذين يجازفون أكثر، ربما يكونون أكثر جرأة في الطريقة التي يعيشون بها، وأنّ لهم الأفضلية عندما يتنافسون مع الآخرين للحصول على الموارد ". لكن توقف وفكر لثانية واحدة، وستبدو نتائج الدراسة منطقية. لا يستطيع القريدس الضعيف البقاء بالقرب من بيته من أجل البحث عن موارد الغذاء، حيث أنه يتعرض للضرب من قبل القريدس الأقوى. لذلك عليه أن يذهب أبعد من ذلك وأن يجازف أكثر.

أنت تسأل الآن، لماذا تؤثر شخصية القريدس؟ إن قريدس الأحواض الصخرية، الذي يتم صيده تجارياً في إنجلترا وأماكن أخرى، يحظى بفرصة أفضل للبقاء كنوع، لأن الأفراد داخل النوع لها أساليب تكتيك مختلفة. يكون القريدس الذي يعيش بالقرب من الغذاء قادراً على التكاثر بسهولة في الظروف الطبيعية، ولكن عندما تتغير الظروف - مثلاً، عندما يتحرك قسم من الشاطئ بسبب العاصفة - يحصل القريدس الأكثر ميلاً إلى المغامرة على فرصة للتألق وإيجاد موارد جديدة والبقاء على قيد الحياة، حتى مع هلاك رفاقه الأكثر خجلاً.

ويرى ماسكري أن هذا مهم بشكل خاص في الأنواع التي يتم صيدها تجارياً، "لأننا بالفعل نضعها أصلاً تحت ضغط كبير بسبب صيدها وأكلها في المقام الأول". ويضيف، ناهيك عن التأثير المزدوج للأنشطة البشرية على بيئتها مثل تغير المناخ والتعديات على مساكنها. كل هذه الضغوط تضعها تحت الضغط، مما يعطي الباحثين مثل ماسكري مجموعة من الأسباب ليفهموا حياة وسلوك القريدس. وكلما فهموا سلوك القريدس بدقة أكبر، كانت اقتراحاتهم للحفاظ عليه أفضل. لكن هذه النتائج لها وعود أكبر، حيث يقول ماسكري إن ديناميكة القريدس 0الخجول/الجريء) هذه قد تكون صحيحة في العديد من الأنواع التي تعيش في الأحواض المدية. ويمكن أن تكون أهم ما يحفز الكثير من السلوك في الأحواض المدية، ويشكل النظم البيئية للأحواض المدية. وستكون هناك حاجة إلى مزيد من الدراسة لتحديد ما إذا كانت الأنواع الأخرى تفعل الشيء ذاته.

وهناك أدلة على أن هذا الأمر لا يقتصر على القريدس. وقد شارك مارك بريفا من جامعة بليموث في تأليف دراسة أجريت عام 2014 حول سلوكيات العدوان عند السرطان الناسك، وكانت لها نتائج مشابهة. وتُظهر هذه الدراسة الجديدة على قريدس الأحواض الصخرية أن "كون الحيوانات الأكثر خجلاً أفضل قتالاً يمكن أن يكون أكثر عموماً في مجموعة من أنواع الحيوانات" كما جاء في مقابلة مع بريفا عبر البريد الإلكتروني مع مجلة بوبيولار ساينس-العلوم للعموم.

يقول ماسكري إن هذا صحيح بشكل خاص في بيئات مثل الأحواض المدية، حيث الثابت الوحيد هو التغيير. وهذه النتائج عن الخجل هي جزء من شيء بدأت دراسته للتو، ويمكن أن يكون هناك العديد من الأنواع الأخرى في هذه البيئات التي تملك نفس الارتباط بين الخجل والنجاح.

ويحذر ماسكري من أن هذا بالطبع لا يعني أننا يجب أن نفترض أن الأحواض المدية تشبه فيلم "البحث عن نيمو". إن "شخصيات" هذا القريدس حقيقية جداً، لكنها ليست محددة جيداً مثل شخصية القريدس جاك في الفيلم أو مبدعيه البشريين. يقول ماسكري: "لا يشبه الأمر عملية معرفية". وبعبارة أخرى، فإن القريدس والسرطان الناسك لا يفكران فعلياً في التصرف الذي يجب اتخاذه بنفس الطريقة التي يفكر بها البشر. يقول ماسكري: "كل ما في الأمر أن الأفراد المختلفين يتصرفون بشكل مختلف".

المحتوى محمي