التصوير المقطعي يكشف أسرار مومياء عمرها 3 آلاف سنة

3 دقيقة

ملخص: توجد في متحف فيلد بمدينة شيكاغو مومياء مصرية قديمة حيّرت العلماء طويلاً. تعود هذه المومياء للسيدة شينيت-آ، وهي مغلّفة بقالب من مادة تشبه الورق المعجن، لكن لم يكن واضحاً بالنسبة للباحثين كيف غلّف المحنّطون شينيت-آ بهذا القالب؛ إذ إنه لا يحتوي على الفواصل في طبقات الورق. لكن الآن، استخدم فريق من المتحف نفسه جهاز تصوير مقطعي متنقّل لتصوير هذه المومياء واكتشف وجود فاصل يمتد على طول ظهرها، كما اكتشف بعض المعلومات عن صحتها في وقت وفاتها، وسيعمل على كشف المزيد من أسرار هذه المومياء وغيرها خلال السنة المقبلة.

يحتوي متحف فيلد في مدينة شيكاغو الأميركية على أكثر من 10 مومياوات مصرية قديمة، ولكن حيرت واحدة منها الباحثين بصورة خاصة على مدى سنوات. يبدو أن الباحثين توصّلوا إلى حل للغز عملية دفن السيدة شينيت-آ (Chenet-aa) باستخدام التصوير المقطعي.

حل لغز طريقة لفّ مومياء عمرها 3 آلاف سنة

عاشت السيدة شينيت-آ قبل نحو 3 آلاف سنة في فترة حكم الأسرة الملكية الثانية والعشرين خلال الفترة المصرية الانتقالية الثالثة. بعد وفاتها بفترة وجيزة، حضّرها خبراء الجنائز للحياة الآخرة من خلال صنع قالب ورقي يحمل اسم "الكرتوناج" (cartonnage، أي الكرتون بالفرنسية) مصنوع من مادة تشبه الورق المعجن تغلّف جسد المتوفى. لكن قالب شينيت-آ لا يحتوي على أي فواصل مرئية على الإطلاق في طبقات الورق، ما دفع علماء المصريات للتساؤل على مدى سنوات حول الطريقة التي اتبعها المحنطون لتغليفها به. وفقاً لإعلان أصدره متحف فيلد بتاريخ 24 أكتوبر/تشرين الأول 2024، استخدم الباحثون جهاز تصوير مقطعي متنقل لتفسير الطريقة التي اتبعها الخبراء المصريون لصنع قالب "مومياء شينيت-آ المحبوسة" الورقي، وتوفير بعض المعلومات المتعلقة بجسم هذه المومياء في وقت وفاتها.

استخدام الباحثون جهاز تصوير مقطعي متنقّل لدراسة 26 مومياء في متحف فيلد. المصدر: متحف فيلد/مورغان كلارك

تنشئ تكنولوجيا التصوير المقطعي المحوسب رسماً تمثيلياً ثلاثي الأبعاد لجسم ما من خلال تكديس الآلاف من مسوح الأشعة السينية رقمياً فوق بعضها. نقل الباحثون مؤخراً 26 مومياء (منها مومياء شينيت-آ) إلى آلة متنقلة في جوار متحف فيلد، واستغرقت هذه العملية 4 أيام. أتاحت الصور للخبراء تحليل القالب الورقي ومحتوياته بمستوى غير مسبوق من التفصيل، ما مكّنهم من اكتشاف الطريقة التي اتبعها القائمون على جنازة شينيت-آ لتغليف هذه الأخيرة بقالب كان يبدو خالياً من الفواصل تماماً.

اقرأ أيضاً: مومياء المرأة الصارخة قد تحل لغزاً عمره 3,500 سنة عن التحنيط عند الفراعنة

التصوير المقطعي المحوسب يحل اللغز

 قال كبير مسؤولي الحفظ الأنثروبولوجي في متحف فيلد، جيه بي براون، في بيان صحفي: "تمكنا من رؤية فاصل يمتد على طول ظهر المومياء وبعض الأربطة".

استنتج الباحثون أن التلف في أسنان شينيت-آ ناجم عن وجود حصى الرمل في غذائها على الأرجح. المصدر: متحف فيلد/مورغان كلارك

كشف التصوير المقطعي أيضاً عن تفاصيل جديدة حول صحة شينيت-آ خلال أيامها الأخيرة. وفقاً للباحثين، فإن هذه السيدة الأرستقراطية توفيت في أواخر الثلاثينيات أو الأربعينيات من عمرها، لكنهم لم يتمكنوا من تحديد سبب الوفاة. عانت أسنان هذه المومياء من التلف؛ إذ كان العديد منها مفقوداً وقت الوفاة بينما كانت الأسنان المتبقية "متآكلة للغاية"، وفقاً لإعلان المتحف. يُرجع الخبراء ذلك إلى اتباع نظام غذائي تضمن في الكثير من الأحيان "حبيبات الرمل المتناثرة"، التي تسببت بالضرر لطبقة الميناء في الأسنان.

يخطط الباحثون لقضاء السنة المقبلة في تحليل صور الأشعة المقطعية لكشف المزيد من المعلومات عن المومياوات. المصدر: متحف فيلد/مورغان كلارك

بيّنت صور جمجمة المومياء وجود جسمين لامعين في محجري العينين، على الرغم من أن عيني المومياء غير موجودتين بوضوح. هذان الجسمان هما عينان اصطناعيتان مصنوعتان من مادة غير معروفة أضافها خبراء الدفن حتى تتمكن شينيت-آ من الرؤية في الحياة الآخرة، وفق معتقدات المصريين القدماء.

اقرأ أيضاً: دراسة للمومياء تكشف تفاصيل دفن صبي من مصر القديمة

قال براون: "تشبه نظرة المصريين القدماء للحياة الآخرة أفكارنا حول مدخرات التقاعد؛ إذ إنهم كانوا يحضّرون أنفسهم لها ويوفّرون المال لينفقوه فيها طيلة حياتهم، كما إنهم كانوا يأملون أن يمتلكوا ما يكفي من المال ليتمكنوا من الاستمتاع بوقتهم فيها. الإضافات حرفية للغاية؛ إذ إنه على سبيل المثال، كان من الضروري إضافة عيون مادية للموتى الذين يحتاجون إليها، أو مواد شبيهة بالعيون على الأقل".

الرؤى التي كشفها باحثو متحف فيلد ليست سوى رؤى أولية من بين رؤى محتملة عديدة يمكن كشفها بدراسة البقايا الأقدم والأكثر حساسية في المتحف. ويأمل الباحثون أن يكملوا فحص الآلاف من صور التصوير المقطعي خلال السنة المقبلة لكشف المزيد من الدلائل حول الموت والحياة في مصر القديمة.

المحتوى محمي