لماذا تهتز أجسامنا قبل مرحلة النوم العميق؟

3 دقيقة
دراسة جديدة: الرجال مختلفون عن النساء في النوم والساعة البيولوجية ومعدل الأيض
حقوق الصورة: بوبيولار ساينس العربية. تصميم: مهدي أفشكو.

هذا الشعور هو واحد من أغرب الأحاسيس التي تنتابك بينما تحاول الخلود إلى النوم؛ إذ إنك تشعر فجأة أنك في حالة سقوط حر في اللحظة التي تظن فيها أنك تغفو. تبدأ معدتك بالتقلب ويتشنج جسمك لا إرادياً في أثناء استلقائك على السرير، بينما قد ترتعش أطرافك، أو حتى الجزء العلوي من جسمك بالكامل، أو تهتز في الوقت نفسه. لا يوجد أي سبب منطقي يفسر شعورك بأنك دخلت في وضع الكر والفر فترة وجيزة، وفقدانك أي هدوء وصلت إليه في لحظة. قد تشعرك هذه التجربة بالارتباك أو الانزعاج أو عدم الارتياح ببساطة، وما يزيد الأمر سوءاً هو أن هذه ليست المرة الأولى التي تخوضها فيها على الأرجح.

اقرأ أيضاً: هل تتعرق في أثناء النوم؟ إليك الأسباب والعلاج

الهزات في مقتبل النوم

لكن لا تقلق، فأنت لست الوحيد؛ إذ إن التقديرات تشير إلى أن 70% من الأشخاص سيختبرون الهزات النوميّة مرة واحدة على الأقل في حياتهم. قد تحدث هذه الحالة لنحو 10% من الأشخاص على نحو منتظم، وهي تحمل أيضاً اسم "الهزات في مقتبل النوم" نسبة إلى مرحلة ما قبل النوم الانتقالية في عملية الغفو. على الرغم من انتشار هذه الحالة الغريبة التي تحمل أيضاً اسم "بداية النوم" وحقيقة أن العلماء رصدوها على مدى عقود، لم يتوصل الباحثون إلى إجماع حول أسبابها ومحفزاتها.

قال الباحثون في ملخّص دراسة نشرتها مجلة التقارير الحالية في طب النوم (Current Sleep Medicine Reports) عام 2018: "الهزات النومية هي ظاهرة مذهلة متعلقة بالنوم، ومع ذلك، هناك حاجة إلى إجراء المزيد من الدراسات لكشف منشئها وتفسير الظواهر الفيزيولوجية الكامنة وراءها". بعد أكثر من 6 سنوات، ما يزال الخبراء في هذا المجال يعتقدون ذلك.

يقول الأستاذ المشارك في الطب النفسي ومدير قسم طب النوم في قسم الطب النفسي والسلوك البشري في المركز الطبي في جامعة مسيسيبي، ألين ريتشرت: "وفقاً لمعلوماتي، ليس هنالك أي تفسير مقنع لهذه الظاهرة. تنطوي هذه الهزات على حركة منظّمة للعضلات، ما يعني أنها تتطلب تنسيقاً بين أجزاء الجهاز العصبي المركزي. مع ذلك، فالأجزاء التي تحفّز هذه الحركة وأسباب تحفيزها غير معروفة وفقاً لمعلوماتي".

أسباب محتملة للهزات النومية

هناك بعض الحقائق المعروفة حول الهزات النومية. وفقاً للخبراء، هذه الحركات هي أمثلة نموذجية على الرَّمع العضلي، وهي حالة تتسم بتشنجات عضلية لا إرادية شبيهة بالفواق ونوبات الصرع. مع ذلك، هذا لا يعني أن الذين يختبرون الهزات النومية يجب عليهم إجراء فحص التصوير بالرنين المغناطيسي.

يقول ريتشرت: "لا ننظر إلى الهزات النومية على أنها حالة مرضية، بل إنها ظاهرة طبيعية. لا تمثل هذه الظاهرة علامة على نوع ما من اضطرابات النوم التي يجب علاجها، وهي ليست علامة على أي مشكلة صحية كامنة مثل النوبات أو اضطرابات الحركة".

اقرأ أيضاً: ما هو انقطاع النفس النومي؟ وما هي أساليب التعايش معه؟

يقدم خبراء الأكاديمية الأميركية لطب النوم عدداً من التفسيرات المحتملة التي قد تؤدي إلى أنواع محددة من الهزات في مقتبل النوم. لكن لسوء الحظ، فإن طيف التفسيرات واسع جداً لدرجة أنه لا يساعد على تضييق نطاق الأسباب على الإطلاق. على الرغم من أن الهزات النومية قد تنتج عن "التوتر المفرط" و"تناول كميات كبيرة من الكافيين أو المنبهات الأخرى"، فإنها قد تنتج أيضاً عن عوامل مثل "العمل البدني المكثف أو ممارسة التمرينات الرياضية" ونقص النوم. قد تنتج الهزات في مقتبل النوم عن التوتر الشديد، فضلاً عن أنها قد تحدث بسبب الإجهاد.

يقول ريتشرت: "هذا ما يجعل هذه الظاهرة مثيرة للاهتمام؛ فمن المرجح أن يشهد المرء بعض [العواقب الجسدية] إذا عانى نقص النوم على مدى فترة زمنية ما، ولكن وفقاً لمعلوماتي، لا توجد أدلة تشير إلى أن كثرة النوم تزيل هذه العواقب، أو حتى أدلة تبين أن نقص النوم يؤدي إلى تفاقمها".

مع ذلك، طرح العديد من الباحثين في النوم تفسيراتهم المعقولة الخاصة للهزات النومية. تفترض إحدى المجموعات البحثية أن هذا الإحساس يحدث بعد انخفاض ضغط الدم واسترخاء الأنسجة العضلية، ما يتسبب بخلل في عمل الدماغ يُدخله في حالة ذعر وجيزة. بينما لم يتوصل الباحثون إلى أي دليل رصين يدعم هذه الفرضية حتى الآن، يزعم خبراء آخرون أن الشعور ينشأ عندما يعتقد الدماغ غريزياً أن الجسم معرض للسقوط من شجرة، كما حدث لبعض أسلافنا من الرئيسيات على الأرجح.

يقول ريتشرت إنه لا يعلم بوجود أي أدوية أو إجراءات سلوكية ثبت أنها تزيد الهزات النومية أو تخففها. توصي الأكاديمية الأميركية لطب النوم ببعض النصائح المعتادة التي يجب تطبيقها قبل النوم، مثل تجنّب تناول الكافيين أو المنبهات الأخرى في الساعات القليلة قبل الخلود إلى النوم، واتخاذ إجراءات لخفض التوتر، والحصول على قدر كاف من النوم عموماً.

يقول ريتشرت وغيره من الخبراء إنه ما دامت الهزات النومية (أو المخاوف بشأنها) لا تؤثر سلباً في حياتك، فلا حاجة إلى استشارة طبيب بشأنها. لا تزال الهزات في مقتبل النوم ظاهرة تطورية غامضة، ولكنها ليست مشكلة تستحق القلق بشأنها بالتأكيد.

المحتوى محمي