هل تتذكر شاشات التوقف؟ إذا كنت مثل أغلبية الأشخاص، فمن المؤكد أنك لم تستخدم هذه الشاشات منذ أوائل العقد الأول من الألفية الثالثة، ولكن إذا تعمقت بما يكفي في إعدادات جهاز الكمبيوتر، فستعثر على إعداداتها.
أضافت شركة آبل مجموعة من شاشات التوقف الجديدة في الإصدارات الأخيرة من أجهزتها؛ إذ إنها وفرت مقاطع فيديو بدقة 4 كيه (4K) للمناظر الطبيعية والمدن. هذه المقاطع جميلة للغاية، ولكني أراهن أن أغلبية مستخدمي أجهزة ماك لا يعرفون بأنها موجودة حتى. من جانبها، لا تبذل شركة مايكروسوفت الكثير من الجهد في إطلاق شاشات التوقف الجديدة، فالشاشات المتوفرة في نظام التشغيل ويندوز 11 موجودة منذ إصدار نظام التشغيل فيزتا (Vista) عام 2007. لم تعد شاشات التوقف الثلاثية الأبعاد الشهيرة التي تحتوي على المتاهات والأنابيب موجودة، ولكن هناك شاشات أخرى لا تزال موجودة (منها تلك التي تحتوي على الفقاعات، والتي صدرت مع إطلاق نظام التشغيل فيزتا). بالإضافة إلى ذلك، تحتوي أغلبية إصدارات نظام التشغيل لينوكس (Linux) الرئيسية على مجموعة مختارة من شاشات التوقف.
من الغريب أن الميزة التي لم يستخدمها معظم الأشخاص بانتظام منذ عقدين من الزمن لا تزال موجودة على أجهزة الكمبيوتر؛ إذ إن هذه الأجهزة لا تحتوي على محركات الأقراص المرنة أو منافذ بي إس/2 (PS/2) أيضاً، فلا حاجة إلى وجودها. لماذا إذاً لا تزال شاشات التوقف موجودة؟ وأيضاً، لماذا طور الخبراء هذه الشاشات في المقام الأول؟
اقرأ أيضاً: كيف تُغيِّر شكل قائمة ابدأ في ويندوز ومحتواها بخطوات بسيطة
شاشات التوقف المستخدمة لحل مشكلات محددة
وفقاً لما بيّنه مؤخراً الكاتب في بوبيولار ساينس، أندرو بول، طور الخبراء شاشات التوقف بسبب تكنولوجيا عفا عليها الزمن الآن، وهي شاشة أنبوب الأشعة المهبطية (CRT). من المرجح أنك تتذكر هذه الشاشات إذا استخدمت جهاز كمبيوتر في تسعينيات القرن العشرين، وهي شاشات أكثر سماكة بكثير من شاشات إل سي دي (LCD) التي نستخدمها الآن. كانت هذه المساحة الإضافية خلف الشاشة ضرورية بسبب آلية عمل هذه الشاشات، التي تعتمد على "بندقية" إلكترونات تطلق هذه الجسيمات على شاشة فوسفورية لجعل البكسلات تتوهج. لكن المشكلة هي أن الشاشة إذا عرضت المشهد نفسه فترة طويلة، فسيؤدي ذلك إلى "ثبات" هذه البكسلات في حالتها، وهي ظاهرة تحمل اسم "الاحتراق".
هل تتذكر عندما كنت طفلاً كيف كان الكبار يخبرونك أنك إذا غيرت ملامح وجهك فترة طويلة عمداً فإنه سيظل على هذا الشكل؟ يحدث ذلك فعلاً في شاشات أنبوب الأشعة المهبطية، وهي حالة دائمة. يكون الاحتراق مزعجاً في الحالات الطفيفة حتى تقرر استبدال الشاشة، بينما في حالات أخرى قد يجعل الشاشة غير صالحة للاستخدام. لم يمثل الاحتراق مشكلة في أجهزة التلفاز القديمة التي كانت تعتمد أيضاً على تكنولوجيا أنابيب الأشعة المهبطية، وذلك لأنها لم تعرض الصورة نفسها فترة طويلة إلا نادراً. لكن هذا لا ينطبق على أجهزة الكمبيوتر، فإذا فتح المستخدم مستنداً أو صورة ما فترة طويلة، فسيظل المحتوى نفسه معروضاً على الشاشة.
هنا دخلت شاشات التوقف المعادلة؛ إذ صمم الخبراء هذه البرامج بطريقة تتيح لها تشغيل نفسها إذا ترك المستخدم الكمبيوتر دون استخدام فترة محددة من الزمن، مثل 10 دقائق. كانت هذه الشاشات تغطي الشاشة بأكملها وتضمن أن الأجزاء المختلفة منها لا تعرض المشهد نفسه فترة طويلة. صمم الخبراء شاشات التوقف بطريقة تجعلها دائمة الحركة، سواء كانت تتألف من الأنابيب الثلاثية الأبعاد أو أجهزة تحميص الخبز التي تتحرك عبر الشاشة أو الأنماط المجردة التي تتحرك فيها. كانت مراقبة هذه الشاشات مسلّية، ولكن الخبراء طوروها للوقاية من ظاهرة الاحتراق من خلال ضمان عرض لون جديد في كل جزء من الشاشة بانتظام.
اقرأ أيضاً: الخيارات المختلفة لإزالة الملفات والتطبيقات غير الضرورية من نظام ويندوز وترتيبه
الغرض من شاشات التوقف حالياً
شاشات أجهزة الكمبيوتر الحديثة ليست معرضة لمشكلة الاحتراق، ويعود ذلك لعدة أسباب؛ أولاً، شاشات إل سي دي المسطحة التي نستخدمها الآن ليست عرضة للاحتراق الدائم، فقد ترى شكلاً مبهماً في الشاشة أحياناً، لكنه يختفي عادة من تلقاء نفسه. السبب الرئيسي الآخر الذي يجعل شاشات التوقف غير مهمة الآن هو أن أجهزة الكمبيوتر الحديثة تفعّل وضع السكون بعد فترة زمنية معينة. هذا إجراء منطقي إذا فكرت فيه، فما الذي يدفع لاستهلاك الطاقة لعرض شاشة توقف إذا كان بالإمكان إيقاف تشغيل الشاشة بدلاً من ذلك؟
بالطبع، الجواب هو أن شاشات التوقف مسلّية. من الممتع أن تبتعد عن جهاز الكمبيوتر في المكتب وتعود لترى مجموعة من لقطات الطبيعة العالية الجودة أو الرموز البرمجية الخضراء من فيلم المصفوفة (The Matrix) أو مجموعة من الفقاعات. أعتقد أن هذا هو السبب الذي منع شركات التكنولوجيا العملاقة مثل مايكروسوفت وآبل من إزالة هذه الميزة من أنظمة التشغيل. لا شك في أن معظم المستخدمين لا يستخدمون شاشات التوقف، لكنها لا تشغل مساحة كبيرة وهناك أشخاص يحبونها حقاً.
بالإضافة إلى ذلك، هناك بعض الطرق المفيدة لاستخدام شاشات التوقف؛ إذ يمكنك مثلاً ضبط الجهاز لإظهار الساعة، ما يتيح لك رؤية الوقت من مختلف نقاط الغرفة. وأيضاً، إذا أردت أن تسهم ولو قليلاً في التقدم العلمي باستخدام الكمبيوتر، يمكنك الانخراط في مشروع الطي في المنزل (Folding at Home). يعتمد مشروع عِلم المواطنين هذا على وحدات المعالجة المركزية ومعالجة الرسومات في أجهزة الكمبيوتر الخاصة بالمستخدمين لمحاكاة البروتينات القابلة للطي لأغراض البحث الطبي، ويمكن تشغيله اختيارياً على شكل شاشة توقف، ما يعني أنه لن يستهلك موارد الكمبيوتر إلا في الحالات التي لا تستخدمها فيها.
مع ذلك، لا يستخدم معظم الأشخاص شاشات التوقف بهذه الطريقة، ولا ضير في ذلك. لم يعد من الضروري أن تكون شاشات التوقف عملية بعد الآن، بل يمكن أن تكون مجرد برنامج تتسلّى باستخدامه بين الحين والآخر.