إلى أي مدى يمكن للصاروخ أن يذهب بك؟ يأمل إيلون ماسك مؤسس شركة "سبيس إكس" أن تتمكن سفينته الجديدة من إنجاز رحلات مهما كانت طويلة بين الكواكب، ومهما كانت قصيرة عبر أرجاء العالم.
يبدو أن شركة "سبيس إكس" في أوج تألقها حالياَ، حيث عكفت خلال الأشهر الأخيرة على تنفيذ سلسلة من عمليات الهبوط الناجحة بصواريخها المعززة وصلت إلى 16 مرة على التوالي باستخدام الطراز "فالكون 9"، ولا يزال هواة الفضاء ينتظرون بفارغ الصبر إطلاق صاروخ أكبر حجماً بكثير المسمى "فالكون هيفي". كما نجحت كبسولتها المسماة "دراجون" بتسليم حمولة إلى محطة الفضاء، ومن المقرر لها أن تحمل البشر على متنها في مطلع العام القادم.
ولكن بالرغم من سلسلة النجاحات هذه، عاد ماسك إلى المرحلة الأولى من فكرته الأخيرة، التي أعلن عنها يوم الجمعة في 29 سبتمبر الماضي، في المؤتمر الدولي للملاحة الفضائية الذي أقيم في أستراليا.
تعليقاً على خططه طويلة الأمد للوصول إلى المريخ في أسرع وقت ممكن، أعلن ماسك أنه بينما ستواصل "سبيس إكس" عملها على الطرازين "فالكون" و"دراجون" لمدة تكفي لزيادة مخزونها من هذه النماذج، فإن شركته ستحول تركيزها بعيداً عن المركبات تماماً في نهاية المطاف، ليتم استبدالها بصاروخ كبير جبار.
رغم أن هذا الصاروخ أصغر قليلاً من الإصدارات السابقة للفكرة نفسها، إلا أنه لا يزال ضخماً. سيبلغ طوله حوالي 106 أمتار وعرضه حوالي 9 أمتار، وسيحلق بمساعدة 31 صاروخاً من نوع "رابتور" تعمل بوقود الميثان. هذا الصاروخ كبير بما يكفي لإرسال البشر والبضائع خارج النظام الأرضي-القمري، ولكن الغاية من تصميمه لا تقتصر على ذلك.
فبدلاً من تصميم صاروخ يمكنه القيام بمهمة محددة واحدة، يتطلع ماسك إلى تصنيع أفضل نظام يمكن استخدامه بالملاحة الجوية. يريد ماسك تصميم نظام يمكنه التكيف بشكل ملائم مع أي مهمة مطلوبة، ولكنه يبقى متيناً في الوقت نفسه بما يكفي للاستخدامات المتكررة.
يتضمن النظام الكامل وجود صاروخ مُعزّز لدفع السفينة خارج الغلاف الجوي للأرض، إلى جانب مركبة فضائية قادرة على حمل البشر أو البضائع، والغرض من هذين الجزأين هو أن يكونا صالحين للاستخدام المتكرر.
يمكن تصميم المركبة الفضائية لرحلات المسافات الطويلة بتوفير 40 مقصورة، ما يتيح للمسافرين بعض المساحة الخاصة وهم في طريقهم نحو وجهات بعيد مثل المريخ. كما يمكن للصاروخ الجبار أيضاً أن يكون مجهزاً لحمل البضائع، أو حتى لحمل المزيد من المسافرين على متنه لرحلات المسافات القصيرة.
نحن نتحدث عن رحلات قصيرة المدى حقاً؛ ففي نهاية إعلانه، أعلن ماسك أن هذه الصواريخ قد تصبح جزءاً من أنظمة النقل الأرضي لدينا. قام ماسك بتقديم رؤية عن رحلات في أي مكان حول العالم خلال أقل من ساعة، وغالباً ما تكون أقل من ذلك حتى. وقد زعم ماسك أنه يمكن للمرء أن ينطلق كالصاروخ من لندن إلى نيويورك في غضون 30 دقيقة فقط.
في منشور له على موقع إنستاجرام، وعد ماسك بأن تكلفة الرحلة ستكون قريبة من ثمن التذكرة على متن الطائرة التجارية. لا توجد معلومات حتى الآن بشأن الآثار البيئية التي ستنجم عن استخدام صاروخ كهذا، أو عن الأسلوب الذي سيتبعه منظمو الرحلات ليس في تعاملهم مع عمليات إطلاق الصواريخ فحسب، بل أيضاً مع عمليات الهبوط لكل من المركبة الفضائية المليئة بالركاب، والمعزّزات الصاروخية الصالحة للاستخدام المتكرر التي رفعتهم إلى السماء.
يبدو الأمر جيداً بلا شك: إن تطلب منك الأمر ساعة واحدة من الطيران فقط لكي تصل إلى الجانب الآخر من الكرة الأرضية، فقد يتحول السفر عندئذ إلى مسألة تهتم بشكل فعلي بالوجهات المقصودة بدلاً من الوقت الذي تستغرقه الرحلة. ولكن الناس يحلمون بهذا النوع من مفهوم السفر منذ عقود، وماسك بدوره لديه الكثير من العوائق لإزالتها قبل أن يتمكن من جعل الفكرة المستقبلية المشوقة ذات الأصول التاريخية للسفر بالصواريخ عبر المحيطات حقيقة واقعة.