ما هو التورين الذي بينت الدراسات أنه يطيل العمر وأين يوجد؟

هل يمكن أن يساعد التورين على إطالة العمر؟
حقوق الصورة: shutterstock.com/ Danijela Maksimovic
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

قد يساعد التورين، وهو مركّب معزّز للطاقة يوجد في بعض المشروبات التي تحتوي على الكافيين، على العيش لفترة أطول، على الأقل بالنسبة لبعض أنواع الحيوانات. تُبيّن دراسة حيوانية جديدة نُشرت بتاريخ 8 يونيو/ حزيران 2023 في مجلة ساينس (Science)، أن مكمّلات التورين أطالت عمر الديدان والفئران والرئيسيات. على الرغم من الآثار المضادة للشيخوخة للتورين لم تُدرس مباشرة في البشر، تُبيّن نتائج الدراسة الجديدة أن هذا الموضوع يستحق البحث.

التورين يؤثر في العلامات الرئيسية للشيخوخة

يقول الأستاذ المساعد في علم الوراثة الذي يبحث في علم أحياء الشيخوخة في جامعة كولومبيا، وكبير مؤلفي الدراسة الجديدة، فيجاي ياداف: "جعل التورين الحيوانات تعيش حياة أطول بصحة أفضل من خلال التأثير في جميع العلامات الرئيسية للشيخوخة". اكتشف الباحثون أن التورين يوقف عملية الشيخوخة على المستوى الخلوي في العديد من الأنواع التي دُرست. منع هذا المركّب القُسيْمات الطرفيّة، وهي سلاسل من الحمض النووي توجد في نهاية الصبغيّات، من أن تغدو أقصر، ما تسبب في إيقاف العملية الحيوية التي تحفّز الشيخوخة. قلّلت مكملات التورين تلف الحمض النووي في الحيوانات المتقدّمة في العمر، وزادت قدرة الخلايا التي تتقدم في العمر على تحسس المغذّيات والحفاظ على وظيفة تركيب البروتين ومنع الاضطرابات في المتقدّرات.

مع ذلك، هذا لا يعني أنه يجب عليك تناول مشروبات الطاقة بإفراط لزيادة نسب التورين في جسمك. يحذّر ياداف من أنه لا يستطيع هو أو غيره من مؤلفي الدراسة أن يتأكدوا من أن التورين يمكن أن يطيل عمر البشر دون إجراء تجارب سريرية عليهم. تحتوي مشروبات الطاقة والمنتجات المماثلة أيضاً على كميات كبيرة من الكافيين والمركّبات الأخرى. ولا ينصح ياداف بتناول هذه المشروبات لزيادة نسب التورين في الجسم.

مادة كيميائية واحدة بوظائف متعددة

أثار التورين اهتمامَ المجتمع العلمي منذ اكتشافه قبل 200 عام في العصارة الصفراوية للثيران. يؤدي هذا المركّب دوراً في العديد من الوظائف الضرورية للبقاء، مثل تعزيز صحة القلب والاستقلاب وتعزيز نمو الخلايا الدماغية الجديدة. بيّنت الأبحاث السابقة أن نقص التورين يرتبط بتراجع البصر وزيادة نسب الالتهابات في الدماغ والمشكلات في الهيكل العظمي، وهي حالات صحية ترتبط بالاضطرابات المتعلقة بالعمر. بالإضافة إلى ذلك، يوجد التورين، الذي له تأثيرات عصبية واقية من السميّة، بكميات منخفضة في أجسام الأشخاص الذين يعانون من حالات التنكّس العصبي.

تنخفض نسب التورين بشكلٍ طبيعي مع تقدُّم البشر في العمر. نظرت الدراسة الجديدة في ما إذا كان التورين يسهم بصورةٍ فعّالة في عملية الشيخوخة أمْ أن نسبه تتعلق بالتقدُّم في العمر فقط. وجد الباحثون عندما منحوا مكملات التورين للفئران في منتصف عمرها التي تتمتع بنسب منخفضة من هذا المركّب أن الفئران جميعها عاشت مدة أطول بنسبة 10-12% مقارنة بالفئران التي لم تتناول هذا المركّب. كان تأثير مكملات التورين في طول العمر أكبر لدى إناث الفئران مقارنة بالذكور، ما يشير إلى احتمالية وجود مسارات تتعلق بالجنس.

اقرأ أيضاً: هل توجد صلة بين فقدان حدة البصر والإصابة بالخرف؟

أظهرت الفئران التي تناولت التورين علامات على تحسن الصحة مقارنة بمجموعة الضبط، ما قد يُفسّر ازدياد فترة حياتها. كانت الفئران التي استهلكت التورين بمعدل 500 و1000 مليغرام لكل كيلوغرام من وزن الجسم مرة واحدة يومياً لمدة 10-12 شهراً أكثر رشاقة وحيوية. لاحظ المؤلفون أن انخفاض الوزن قد يعود إلى أن الفئران التي تناولت التورين تستهلك كمية أكبر من الطاقة والأوكسجين، ما يُحفّز عملية حرق الدهون الاستقلابية. بالإضافة إلى ذلك، ازدادت كثافة العظام لدى هذه الفئران، كما ازدادت عضلاتها قوة وتعززت ذاكرتها وأجهزتها المناعية، وانخفضت شدّة كلٍّ من أعراض الاكتئاب والسلوك القلق ومقاومة الإنسولين لديها.

يقول أستاذ التكنولوجيا الحيوية في جامعة فوكوي الإقليمية في اليابان الذي يبحث في مادة التورين، شيغيرو موراكامي: "بيّن هذا البحث الوظائف الحيوية للتورين وفوائده من خلال دراسة تفصيلية". لم يشارك موراكامي في الدراسة الجديدة، ولكنه يصفها بأنها "رائدة"، ويُضيف قائلاً: "النتيجة المتمثلة في أن التورين يُطيل عمر العديد من الأنواع مثيرةٌ للاهتمام بصورةٍ خاصة، [ما يجعل] التورين مركّباً واعداً في الحفاظ على الصحة مع التقدُّم في العمر".

لدراسة مدى اتساق نطاق تأثير التورين، وسّع الباحثون نطاق بحثهم ليشمل الديدان، التي تنخفض أيضاً مستويات التورين لديها مع التقدُّم في العمر. أدّى تناول التورين إلى إطالة عمر الديدان بنسبة 10-23%، وذلك مقارنة بالديدان التي لم تتناول هذا المركّب.

تأثير التورين في الرئيسيات

انتقل المؤلفون بعد ذلك إلى أحد أقرب الأقارب الحية للإنسان، وهي القردة الريسوسيّة، لنمذجة كيفية تأثير التورين في الشيخوخة لدى البشر. انخفض الوزن الذي اكتسبته القردة البالغة من العمر 15 عاماً (أي ما يعادل سن 45-50 عاماً لدى البشر)، وازدادت كثافة عظامها في العمود الفقري والساقين بعد تناول التورين مرة واحدة يومياً لمدة 6 أشهر. قلل التورين أيضاً تلف الكبد، وزاد نسب سكر الدم، وعزز الأجهزة المناعية لدى القردة.

يقول ياداف: "تُبيّن هذه الدراسات على العديد من الأنواع أن وفرة التورين تنخفض مع التقدُّم في العمر، وأن زيادة نسب هذا المركّب تجعل الحيوانات تعيش حياة أطول بصحةٍ أفضل. وفي نهاية المطاف، يُفترض أن تنطبق النتائج على البشر أيضاً".

قال عالما الأحياء في كلية الطب في جامعة بنسلفانيا، جوزيف ماكغون وجوزيف باور، في مقال مصاحب للدراسة نُشر في مجلة ساينس أيضاً، إنه من الضروري إجراء تجارب سريرية لتحديد ما إذا كانت مكملات التورين تُحسّن صحة الإنسان وما إذا كان تناولها آمناً. قال ماكغون وباور إن الجرعات المُستخدمة في الدراسات الحيوانية عالية جداً وغير آمنة بالنسبة للبشر.

اقرأ أيضاً: لنوم هانئ: كيف تستخدم مكملات الميلاتونين بأمان؟

مع ذلك، قال مؤلفو الدراسة في مؤتمر صحفي عُقد بتاريخ 6 يونيو/ حزيران 2023، إن جرعة الاختبار المكافئة لدى البشر ستبلغ نحو 3-6 غرامات يومياً. أشار أستاذ علم أحياء التمرين في الجامعة التقنية في ميونيخ والمؤلف المشارك في الدراسة الجديدة، هينينغ فاكرهاغيه، إلى أن التقارير الواردة من هيئة سلامة الأغذية الأوروبية تُبيّن أن بعض الأطفال يتناولون ما يصل إلى 6 غرامات من التورين من مشروبات الطاقة يومياً دون أيّ مخاطر صحية. يقول فاكرهاغيه: "يشير ذلك إلى أنه يمكننا منح الجرعة الفعّالة للبشر، وهي نقطة انطلاق جيدة للتدخلات البشرية [المستقبلية]".

على الرغم من أن المؤلفين لم يجروا تجربة سريرية على مكملات التورين، فإنهم درسوا العلاقة بين مستويات مُستَقلَب التورين في دم 11,966 شخصاً مع تقييم الصحة العامة لهم. ارتبط انخفاض مستويات التورين بالسمنة ومرض السكري والالتهابات. وفي الوقت نفسه، ارتبط ارتفاع مستويات التورين بانخفاض كلٍّ من البدانة في البطن وخطر الإصابة بمرض السكري من النمط الثاني.

قد يضطر البشر إلى الحصول على التورين من مصادر أخرى غنية بهذا المركّب لأن مستوياته تنخفض مع التقدُّم في العمر. وفقاً لمؤلفي الدراسة، فإن ممارسة التمارين الرياضية هي طريقة جيدة لزيادة نسب التورين، كما يمكن الحصول على المركّب من النظام الغذائي. الأطعمة الحيوانية مثل الأسماك واللحوم غنية بالتورين. قد تؤثّر مستويات اللياقة أيضاً في نسب التورين. طلب مؤلفو الدراسة الجديدة في دراسة أخرى من الرياضيين والأشخاص الخاملين ركوب الدراجات لدرجة الإنهاك، وبيّنت عينات الدم المأخوذة بعد التدريبات زيادة قدرها 1.36 ضعفاً في مستويات التورين لدى جميع المشاركين، كما بيّنت أن نسبة التورين كانت أعلى قليلاً في أجسام الرياضيين. تُبيّن هذه النتائج أن الزيادة الناجمة عن التمارين الرياضية في إنتاج التورين يمكن أن تكون من الأسباب التي تجعل التمارين الرياضية مضادة للشيخوخة.