الدليل الشامل للتعرف على كل ما يهمك عن الحساسية الجلدية

تحدث الحساسية الجلدية كرد فعل مناعي تجاه مادة عادةً ما تكون غير ضارة مثل الصوف أو حبوب اللقاح أو الصابون، حيث يتفاعل جهاز المناعة مع هذه العوامل المحرضة ويُسخر العوامل الالتهابية وكريات الدم البيضاء لمهاجمة مكان التعرض، الأمر الذي يُفسر ظهور طفح جلدي تحسسي يميل إلى أن يكون أحمر اللون ومثيراً للحكة. تشمل الحساسية الجلدية عدداً من الحالات التي تختلف باختلاف الآلية المرضية، مثل التهاب الجلد التحسسي والتهاب الجلد التعرّضي والشري.

ما هي أنواع الحساسية الجلدية؟ وما هي أعراض كل منها؟

العرض الأساسي الذي يشير لوجود حالة من التحسس هو ظهور الطفح الجلدي. يتصف الطفح الآخد بالظهور بكونه مثيراً للحكة وينمو كاندفاع بارز متوذم أحمر اللون، قد يستقر في النهاية على شكل تقشر في الجلد.

من الجدير ذكره أن هذه الأعراض قد تتغير مع مرور الوقت، فقد تتوقع ظهور أعراض مشابهة إذا لامست المحفز مرة أخرى، إلّا أن رد الفعل المناعي يختلف في كل مرة، إذ يخف في كل مرة يتم فيها التعرض للمادة المحرضة حتّى يزول في بعض الحالات، حيث لا تبقَ هذه المادة غريبة بالنسبة للخلايا الذاكرة للدفاعات المناعية.

التهاب الجلد التحسسي

يبدأ غالباً في أول عامين من العمر، ولكن يمكن أن يظهر لأول مرة في الأعمار الأكبر عند المراهقين والبالغين. يحدث الطفح الجلدي في التهاب الجلد التحسسي بشكل شائع في مناطق الانحناء مثل الحفرة المأبضية خلف الركبتين والحفرة المرفقية أمام المرفق. كما يحدث حول الحاجبين وعلى اليدين والرقبة والوجه. يتصف بكونه مثيراً للحكة بشدة، كما تتسبب المبالغة في حكه بحدوث تصبغ غير طبيعي يسمى "التحزز"، حيث يصبح الجلد أسمك ويصطبغ باللون الأرجواني.

التهاب الجلد التعرّضي

نوع متأخر من تفاعلات فرط الحساسية الذي تسببه الخلايا اللمفاوية التائية. يحدث هذا التفاعل نتيجة التعرض لمادة مُهيجة للجلد، والتي تسبب بملامستها للجلد طفحاً مشابهاً لالتهاب الجلد التحسسي إلّا أنه يختلف عنه بأماكن ظهور الطفح. فغالباً ما نجد طفح التهاب الجلد التعرضي في المناطق المكشوفة كاليدين والوجه والأجفان والقدمين.

تعتبر ملامسة النباتات السامة السبب الأكثر شيوعاً لحدوث التهاب الجلد التعرضي. كما يُحدث النيكل ومستحضرات التجميل والصادات الحيوية والمواد الكيميائية وخاصة مواد التنظيف عند السيدات هذه الحساسية.

الشرى أو حساسية الجلد المفاجئة

يختلف هذا النوع من الحساسية عن الأنماط السابقة بأن تحريضه يتم عن طريق عوامل داخلية وليس خارجية. الشرى هو طفح جلدي حاد قد يتحول إلى حالة خطيرة مهددة للحياة إن لم يُعالج. طفحه الجلدي مميز، إذ تظهر اندفاعات وردية أو حمراء اللون ذات مركز شاحب وذات أحجام وأشكال مختلفة بشكل مفاجئ على كامل الجلد دون استثناء.

تعتبر الحساسية الغذائية الناجمة عن الفول السوداني والبيض والمكسرات والمحار أشيع المحرضات، كما قد يتسبب اللاتكس وبعض الصادات الحيوية مثل البنسلين ومركبات السلفا والأسبرين والإيبوبروفين إطلاق لحساسية الجلد المفاجئة هذه.

قد يكون الشرى علامة تحذيرية لوجود رد فعل تحسسي خطير قد يؤدي إلى إطلاق صدمة تحسسية، وهي حالة طبية طارئة تتطلب الحقن الإسعافي بالأدرينالين لكبت الاستجابة المناعية المفرطة. إحدى أهم خواص الصدمة التحسسية أنها تُسبب "وذمة وعائية"، وهي تورم واخز في الشفتين والعينين واليدين والقدمين وحتّى أنسجة الحنجرة، والتي تؤدي لحدوث مشكلات تنفسية قد تنتهي بالاختناق.

ما هي المواد المُسببة للحساسية الجلدية؟

في الوقت الذي يتم فيه تحديد محرضات واضحة لدى بعض الأشخاص، يواجه آخرون صعوبة في تحديد مصدر المشكلة، الأمر الذي يدفعهم للخضوع لإجراء اختبارات تحسسية لتحديد العامل المحرض. بشكل عام، لا يزال السبب الكامن وراء حساسية الجلد قيد التحقيق، إلّا أن بعض أشكال الحساسية الجلدية قد تكون ناتجة عن خلل في وظيفة حاجز الجلد في مرحلة الطفولة.

تشير مراجعة نُشرت عام 2017 في دورية "سبرينغر" إلى أن العوامل الوراثية والبيئية يمكن أن تساهم في تلف الطبقة الخارجية من الجلد، والتي تُسمى الطبقة المتقرنة، الأمر الذي يُمهد الطريق لتطوير الأكزيما وبعض أنواع الحساسية الجلدية الأخرى في وقت لاحق من الحياة.

من أشيع المثيرات التي تطلق الاندفاعات الجلدية التحسسية:

اللاتكس.
وبر الحيوانات.
بعض النباتات: مثل اللبلاب والبلوط.
درجات الحرارة شديدة البرودة أو شديدة السخونة.
مواد التنظيف والمواد الكيميائية.
الصابون.
معدن النيكل.
لدغات الحشرات.
حبوب الطلع.
ضوء الشمس.

أشيع المواد "المشكوك" بدورها المُثير للحساسية

أُثبت التأثير المحرض للحساسية للعديد من المواد والأطعمة، لكن بقيت بعضها ضمن دائرة الشك والتساؤل، نذكر منها:

الموز: دور فاكهة الفراولة واضح في إطلاق التحسس، إلّا أن حساسية الموز تقتصر فقط على 0.1-1.2% من المجموع السكاني للكرة الأرضية، وقد تظهر الحساسية في بعض الأحيان بمجرد لمس الفاكهة أو قشرها.
جرثومة الملتوية البوابية: تم ربط هذه الجرثومة، المسؤولة عن التهابات وسرطان المعدة، بمجموعة متنوعة من الحالات التي يمكن أن تؤثر على الجلد على رأسها التهاب الجلد التحسسي.
القهوة: يمكن أن تسبب حساسية القهوة أعراضاً ومضاعفات خطيرة للجسم. تشمل الأعراض ظهور بقع حمراء اللون على الجلد.
التبغ: يمكن أن يتهيج الجلد ويتحسس بمجرد لمس منتجات التبغ مسبباً حالة من التهاب الجلد التماسي.
الليزر الضوئي المُستخدم في العيادات الجلدية والتجميلية: تم توثيق حدوث طفوح جلدية تحسسية بعد علاجات إزالة الشعر باستخدام الليزر.

أكثر الطفوح الجلدية التحسسية شيوعاً عند الأطفال

عادةً ما يكون لدى الأطفال بشرة حساسة تتفاعل بسهولة مع العديد من العوامل، على رأسها التجفاف والجراثيم وبعض الأقمشة كالصوف. فيما يلي أشيع 5 أمراض جلدية عند الرضع والأطفال:

الأكزيما التحسسية: أكثر الأمراض الجلدية شيوعاً عند الرضع، تبدأ عادةً في سن الرضاعة أي ما يُعادل 3 أشهر وتستمر حتى مرحلة البلوغ لتتحسن بعد ذلك مع التقدم بالعمر. يتصف الطفح الجلدي بكونه حالك ومزمن وناكس.
طفح الحفاض: وهو طفح أحمر ذو قشور، يتوضع في المناطق التي يغطيها الحفاض.
الشرى الطفلي: هو حالة تظهر فيها مناطق حمراء متوذمة ومثيرة للحكة على الجلد. عادةً ما تكون العدوى الفيروسية مثل نزلات البرد السبب الأكثر شيوعاً لحدوث الشرى الطفلي.
التهاب الجلد التماسي: والذي يظهر عند ملامسة مهيجات الجلد الكيميائية كالصابون والمنظفات أو المعادن حتّى.
الطفح الحراري: هو طفح جلدي يظهر في الطقس الحار والرطوبة الشديدة نتيجةً للتعرق وانسداد الغدد العرقية. يكون الطفح على شكل بثور حمراء صغيرة تظهر على الرقبة والإبطين وأعلى الظهر والصدر واليدين.

ماذا عن الطفوح الجلدية التي تظهر أثناء الحمل؟

التبدلات الجلدية شائعة أثناء الحمل، إذ هنالك العديد من الطفوح الجلدية السليمة وغير المؤذية للجنين التي تظهر خلال الحمل وتختفي بعد الولادة مثل طفح الحرارة والطفح التأتبي والطفح الناجم عن الركود الكبدي المُحدث خلال الحمل. وبالمقابل، وفي حالات نادرة، يمكن أن يكون الطفح الجلدي علامة على حالة أكثر خطورة قد تُهدد الحمل، من صفات الطفح الذي يحمل خطورة:

الظهور المفاجئ والانتشار السريع.
المترافق مع حكة وألم شديدين.
المترافق مع بحة في الصوت أو حدوث صعوبة في التنفس.
الطفح الإنتاني أحمر اللون والمترافق مع بثور قيحية.

علاج وتدبير الحساسية الجلدية

تُعالج أشكال الحساسية الجلدية كافةً عن طريق تجنب المواد المسببة للحساسية بالدرجة الأولى، وإدارة الأعراض في حال التعرض للمواد المُحسسة بالأدوية التحسسية، نذكر منها:

مضادات الهيستامين الفموية: مثل "لوراتادين"، تستخدم في الحالات الخفيفة غير الطارئة، تمنع هذه الأدوية من تحرر الهيستامين الذي يعتبر العامل الالتهابي المُتهم بإطلاق التفاعلات التحسسية.
المراهم الستيروئيدية: مثل "فلوراندرينوليد"، تمنع هذه المراهم من تحرر المواد الالتهابية في الجسم وتقلل بذلك من الأعراض الالتهابية من حكة واحمرار.
الستيروئيدات القشرية الفموية أو الوريدية: مثل "الكورتيزون" وذلك في الحالات التحسسية الخطيرة التي لا تستجيب للمراهم الموضعية.
الأدرينالين الوريدي: الخط العلاجي الأول في الحالات المهددة للحياة مثل الشرى.

من المهم أن نؤكد على ضرورة ترطيب الجلد بشكل دائم عند الأشخاص الذي يعانون من نوب حساسية متكررة، كما يفضل الاستحمام بالماء الدافئ وليس الساخن واستخدام صابون غير مُهيج.

هل صحيح ما يُقال عن تأثير زيت الزيتون "الساحر" في علاج الحساسية الجلدية؟

يعتبر زيت الزيتون خياراً رائعاً لعلاج الطفح الجلدي وتجديد الجلد، فهو ذو خصائص مضادة للالتهابات والجراثيم، مؤدياً بذلك ذات الدور الذي تؤديه الأدوية المُضادة للحساسية. يمكن استخدامه لوحده أو مع العسل، حيث يعتبر العسل أيضاً من أفضل المطريات الجلدية وأكثرها فائدة. يُنصح باستخدام زيت الزيتون في الحالات المزمنة من التهاب الجلد التحسسي والتعرّضي وليس الحادة مثل حساسية الجلد المُفاجئة.

ما هي الأطعمة التي يُنصح بها للأشخاص ذوي الحساسية الجلدية؟

يوجد رابط بين الأطعمة وعلاج الحساسية، إذ توجد مجموعات من الأطعمة المعروفة باسم "الأطعمة التفاعلية"، والتي تُحسن من ردود فعل الخطوط المناعية المضادة للمثيرات التحسسية وتقلل من حدتها. حيث تساعد تغييرات نمط الحياة أيضاً في تخفيف الأعراض التحسسية المترافقة مع التهابات الأنف التحسسية مثل سيلان الأنف والعطاس واحمرار العينين، والتقليل من شدة الالتهاب. من الأطعمة التي تساعد من التخفيف من الحساسية نذكر:

الزنجبيل.
العسل.
الكركم.
الطماطم والفلفل.
سمك السلمون.
البصل والثوم.
الملفوف نظراً لاحتوائه على بروبيوتيك يقلل من أعراض الأكزيما.

ما هي الأطعمة التي ينبغي أن يتجنبها المصابون بالحساسية الجلدية؟

وبالمقابل، يُنصح المرضى ذوي الحساسية الجلدية المتكررة بتجنب الأطعمة التالية المعروفة بدورها المُفاقم لحالات التحسس سوءاً:

الحمضيات والفراولة.
الألبان والمواد المُشتقة منها.
البيض.
القمح والشعير.
الصويا.
التوابل.
بعض أنواع المكسرات.
المواد التي تحتوي على نسبة عالية من النيكل مثل الفاصولياء والشوكولاتة والشاي الأسود والمحار.