بعد الأمطار الغزيرة في دبي: تعرّف إلى طرق قياس كميات الأمطار المتساقطة

5 دقيقة
كيف تُقاس كمية الأمطار المتساقطة؟
حقوق الصورة: shutterstock.com/Vadym Zaitsev

بعد هطول الأمطار، وعندما تُنشر البيانات الجوية، تعرض لنا أرقاماً تشير إلى كمية الأمطار المتساقطة. ويُعدّ قياس كمية هذه الأمطار أمراً بالغ الأهمية، حيث يؤثّر هطول الأمطار في الأنشطة البشرية ومختلف القطاعات مثل الزراعة وإدارة الموارد المائية، ويساعد قياسها على وضع خطط للسيطرة على الفيضانات، ومراقبة الجفاف، ودراسة المناخ. 

تُستخدم تقنيات قياس متعددة لتحديد كمية هطول الأمطار وشدتها. تختلف هذه التقنيات في الدقة والتغطية المكانية والتكلفة، ويعتمد اختيار تقنية معينة على الغرض من التطبيق ومستوى الدقة المطلوب والموارد المتاحة. فيما يلي بعض التقنيات الشائعة الاستخدام.

اقرأ أيضاً: كيف أثّر تلوث الهواء في تواتر أحداث هطل الأمطار الغزيرة جداً؟

ما هي تقنيات قياس هطول الأمطار؟

  • مقاييس المطر التقليدية Traditional Rain Gauges: تتسم ببساطة تصميمها، وتعمل على جمع الأمطار المتساقطة مباشرة في حاوية. يُعدّ مقياس المطر الأسطواني النوع الأكثر شيوعاً، ويتكون من أسطوانة مدرجة أو قمع متصل بأنبوب قياس. تُقرأ كمية الأمطار التي جرى جمعها وتسجيلها يدوياً. لكن يعيب هذه الطريقة في القياس إمكانية تبخر بعض المياه المتجمعة، كما قد تؤثّر الرياح في دقة النتائج، بالإضافة للتغطية المكانية المحدودة.
  • أدوات قياس هطول الأمطار المتقدمة: مثل مقاييس المطر ذات الدلو القلاب Tipping bucket rain gauges، وهي أدوات تستخدم آلية تشبه التأرجح لقياس هطول الأمطار. وتتألف من قمع يجمع مياه الأمطار، ويعيد توجيهها إلى دلوين صغيرين متوازنين على محور. عندما تمتلئ الدلاء بكمية محددة مسبقاً من الأمطار، فإنها تنقلب وتُفرغ، ما يؤدي إلى تشغيل مفتاح لتسجيل قلبها. يعد عدد مرات تفريغها مقياساً لهطول الأمطار.
  • ميزان المطر Weighing Rain Gauges: يُستخدم لقياس كتلة الأمطار المجمعة. تسقط مياه الأمطار في حاوية تجميع موضوعة على ميزان، وتقاس الزيادة في الوزن بشكلٍ مستمر، ما يوفّر قياساً دقيقاً للأمطار المتساقطة.
  • مقاييس المطر الضوئية Optical Rain Gauges: تعتمد هذه المقاييس على أجهزة استشعار ضوئية لقياس هطول الأمطار، حيث تُستخدم أشعة ضوئية تتقطع أو تتناثر بسبب قطرات المطر. ومن خلال تحليل الانقطاعات أو أنماط التشتت، يُقدر الجهاز شدة هطول الأمطار ومدتها.
  • مقاييس المطر الصوتية Acoustic Rain Gauges: تستخدم هذه المقاييس الموجات الصوتية لقياس هطول الأمطار فوق المحيطات. تنبعث إشارات الموجات الفوق الصوتية، ويقاس الوقت الذي تستغرقه هذه الإشارات لترتد مرة أخرى بعد اصطدامها بقطرات المطر، وتستخدم هذه المعلومات لتقدير كثافة هطول الأمطار.
  • الديسدروميتر Disdrometer: يقيس حجم كل قطرة مطر وسرعتها. فهو يوفّر معلومات مفصلة حول توزيع حجم قطرات المطر والسرعة المتجهة للهطول، وهو أمر مفيد في دراسة خصائص هطول الأمطار، مثل كثافة الأمطار المتساقطة ونوعها. وتتميز هذه التقنية بزيادة دقة الرصد، وجمع البيانات في الوقت الحقيقي، والقدرة على قياس معلومات إضافية مثل توزيع حجم القطرة.
  • رادار الطقس Weather radar: يعتبر أداة قوية لتحليل الطقس وتوقعه، ويساعد على رصد الغيوم الماطرة وتحديد مسارها وكميتها. وتُستخدم هذه المعلومات في إصدار تحذيرات من الفيضانات والعواصف المطرية، وتوفير معلومات مهمة لتخطيط النقل وإدارة الموارد المائية والزراعة والطيران والعديد من القطاعات الأخرى.
  • تقدير هطول الأمطار باستخدام الأقمار الصناعية Satellite-Based Rainfall Estimation: تستخدم الأساليب المعتمدة على الأقمار الصناعية بيانات الاستشعار عن بُعد من الأقمار الصناعية الخاصة بالطقس لتقدير هطول الأمطار. تحلل هذه الطرق تفاعل الإشعاع الكهرومغناطيسي مع جزيئات المطر لاستخلاص تقديرات هطول الأمطار على مناطق جغرافية واسعة.

خرائط سقوط الأمطار

تُستخدم معظم الطرق السابقة مثل جهاز مقياس المطر وجهاز الديسدروميتر في قياس هطول الأمطار على مكان محدد وحسب، حيث إنها لا توفّر معلومات حول كمية الأمطار التي تسقط على المناطق المحيطة بها أو على مسافة تبعد 20 كيلومتراً عنها مثلاً، لذلك نحتاج إلى إعداد خرائط سقوط الأمطار، وهي خرائط توضّح كمية الأمطار التي تسقط على مناطق مختلفة خلال فترة زمنية محددة مثل 5 دقائق أو ساعة، لذلك يُستخدم رادار الطقس.

يساعد رادار الطقس في إنشاء خرائط ترصد سقوط الأمطار على مناطق واسعة ولمدة زمنية متغيرة، مثل 5 دقائق، أو ساعة، أو يوم. تُستخدم موجات الرادار لرصد الأمطار المتساقطة وتحديد مكانها وكميتها، ويعمل الرادار عن طريق إرسال نبضات من الأمواج الكهرومغناطيسية ثم استقبال الإشارات التي تعود بعد أن ترتطم بالقطرات المطرية. بناءً على الوقت الذي تستغرقه الإشارة للعودة، يمكن حساب المسافة بين الرادار ونقطة سقوط المطر، وبالتالي يُحدد موقع الهطول. ومن خلال تحليل قوة الإشارات المنعكسة وترددها، يمكن للرادارات تقدير كثافة هطول الأمطار وموقعها وحركتها.

تُجمع البيانات المتلقاة من الرادار في خريطة توضّح توزيع الأمطار على منطقة واسعة. تقسّم المنطقة إلى خلايا صغيرة، وتُعين قراءات الأمطار لكل خلية بناءً على البيانات المتلقاة. بذلك، يمكننا الحصول على خرائط دقيقة لكمية الأمطار التي تسقط في المناطق المختلفة خلال فترة زمنية محددة.

تعتمد قدرة جهاز الرادار في قياس مقدار الأمطار المتساقطة على نوع الرادار المستخدم. في بعض الأحيان، يمكن قياس مقدار الأمطار المتساقطة على بُعد يتجاوز 150-200 كيلومتر من موقع الرادار. هناك العديد من الدول المتقدمة التي تمتلك شبكة من محطات الرادار المنتشرة في أنحاء البلاد. من خلال دمج البيانات التي تُجمع من مختلف أجهزة الرادار، يمكننا الحصول على خرائط توضّح معدل سقوط الأمطار فوق بلد بأكمله. 

اقرأ أيضاً: كيف يتم التنبؤ بحالة الطقس؟ ولماذا تختلف دقة التنبؤات؟

ما الفائدة من بيانات هطول الأمطار؟

تُعدّ بيانات هطول الأمطار ضرورية من أجل وضع نماذج رياضية للأحداث الشديدة مثل الجفاف أو الفيضانات، وكذلك لتقييم موارد المياه السطحية وتحت السطحية وجودتها، فيما يلي بعض المعلومات حول أهم هذه التطبيقات.

  1. إدارة الموارد المائية: تسهم بيانات الأمطار المتساقطة في إدارة موارد المياه، بما في ذلك عمليات التخطيط والتخزين، وتحديد مواقع المياه، وتقدير مخزون المياه الجوفية. 
  2. أنظمة التنبؤ والإنذار بالفيضانات: لبيانات هطول الأمطار دور مهم في وضع نماذج التنبؤ بالفيضانات، بما في ذلك الرصد في الوقت الحقيقي، واستخدام نماذج تصريف مياه الأمطار، وتطوير أنظمة الإنذار المبكر للتخفيف من آثار الفيضانات. 
  3. التخطيط الزراعي والري: تساعد بيانات هطول الأمطار على تنظيم الممارسات الزراعية، بما في ذلك تخطيط المحاصيل وجدولة الري وإدارة الآفات، كما تُستخدم هذه البيانات في رصد الجفاف وتقييم الاحتياجات المائية للمحاصيل المختلفة.
  4. دراسات المناخ ونمذجة الطقس: توفّر بيانات الأمطار المتساقطة المسجلة على مدى طويل معلومات للدراسات المناخية، حيث تسهم في الكشف عن إشارات تغيّر المناخ والتحقق من صحة النماذج المناخية، والتنبؤ بالطقس، بما في ذلك نماذج التنبؤ العددي بالطقس.

كيفية قراءة بيانات هطول الأمطار 

حقوق الصورة: shutterstock.com/AgriTech

تشير بيانات قياس هطول الأمطار إلى إجمالي كمية الأمطار المتساقطة خلال فترة معينة، وتُعرف بأنها عمق المياه التي تغطي مساحة أفقية إذا لم يكن هناك جريان أو تسرب أو تبخر. يعبّر عن هذا العمق عموماً بالمليمتر. قد نرغب في معرفة عدد مليمترات الأمطار التي سقطت على مدار ساعة واحدة أو يوم واحد أو شهر واحد أو عام واحد. قد يكون من الصعب فهم هذه الأرقام، خاصة أنها تعبّر عن وحدات الطول وليست وحدات الكمية. على سبيل المثال، يمكن أن نقرأ أن كمية الأمطار التي سقطت بلغت 13 ملم.

فما العلاقة بين هذا الرقم الذي يعبّر عن الطول وكمية الأمطار؟

لفهم هذا الأمر، يمكنك قياس كمية الأمطار من منزلك. على سبيل المثال، لا تحتاج سوى إلى حوض بطول وقطر متر، ومسطرة لقياس الطول. 

ضع هذا الحوض بالخارج في أثناء هطول الأمطار.

حقوق الصورة: shutterstock.com/FotoHelin

عند انتهاء هطول الأمطار، استخدم المسطرة لقياس ارتفاع الماء في الحوض بوحدة المليمتر، وهي وحدة قياس للطول. إذا كان ارتفاع الماء يبلغ 6 مم، فإننا نقول إن كمية المطر التي سقطت تساوي 6 مم.

كيفية فهم النتيجة 

يعني ذلك أن كمية الماء التي سقطت على مساحة متر مربع تساوي 6 لترات، وبالتالي عندما تسمع في أي نشرة جوية أن كمية الأمطار بلغت 240 مم، فإن ذلك يعني بالضبط 240 لتراً لكل متر مربع، ويمكن أن تكون هذه الكمية قد سقطت خلال يوم واحد أو يومين أو فترة زمنية أخرى حسبما يُشار إليه.

يجب أن تكون مساحة فوهة أي إناء يُستخدم لقياس كمية المطر تساوي مساحة قعره، سواء كانت دائرية أو مربعة أو من أي شكل آخر. وكمية المطر المسجلة تعادل ارتفاع الماء في الإناء بوحدة المليمتر.

ما هي شدة المطر؟

يشار بها عادة إلى كمية الأمطار التي تسقط خلال ساعة واحدة، وقد تقسّم هذه الكمية إلى الفئات التالية:

- 2-4 مم/ساعة: يعتبر مطراً خفيفاً، ويمكنك الخروج والاستمتاع به دون مشكلات.

- 5-9 مم/ساعة: يعتبر مطراً متوسطاً، وقد تحتاج إلى مظلة عند الخروج للحماية من الرطوبة والبلل.

- 10-40 مم/ساعة: يعتبر مطراً شديداً، وقد يكون من المستحسن عدم الخروج فيه لأنه يمكن التعرض للبلل والانزلاق.

- أكثر من 40 مم/ساعة: يعتبر مطراً عنيفاً، وقد يسبب فيضانات ومشكلات خطيرة، ومن الأفضل البقاء في مكان آمن وتجنب التنقل في مثل هذه الأحوال الجوية السيئة.

اقرأ أيضاً: بكتيريا الغلاف الجوي قد تحفّز هطول الأمطار

تساعد هذه التصنيفات على تقدير شدة الأمطار وتأثيرها في النشاطات اليومية والسلامة، ويجب الحذر وتتبع توصيات السلطات الجوية والإرشادات الأمنية عندما تكون الأمطار شديدة أو عنيفة.

يتفاوت مقدار سقوط الأمطار بشكلٍ كبير على مر الزمن وفي مناطق مختلفة، ما يجعل عملية قياسها تحدياً. ولا يزال العلماء يعملون على تطوير طرق لقياس مقدار سقوط الأمطار بدقة في الوقت الفعلي وفي عدة مواقع في الوقت نفسه.