من الخيال العلمي إلى التنفيذ: 14 مشروعاً مذهلاً لوكالة ناسا

6 دقيقة
من الخيال العلمي إلى التنفيذ: 14 مشروعاً مذهلاً لوكالة ناسا
حقوق الصورة: shutterstock.com/ Blue Planet Studio

مركبة فضائية يمكنها الخروج من المجموعة الشمسية في أقل من عام، وطائرة تحلّق في سماء القمر تيتان الذي يدور حول زحل، وخطوط أنابيب لنقل الأوكسجين إلى المستعمرات البشرية على القمر، قد تبدو هذه الأفكار من فيلم خيال علمي، لكنها في الحقيقة بعض المشاريع المبتكرة التي اختارها برنامج المفاهيم المتقدمة المبتكرة التابع لوكالة الفضاء الأميركية ناسا لتتم دراساتها وتنفيذها في البعثات الفضائية المستقبلية.

يسعى برنامج المفاهيم المتقدمة المبتكرة (NIAC) إلى استكشاف وتطوير مفاهيم جديدة وثورية يمكن أن تدعم البعثات الفضائية في المستقبل. تم إطلاق البرنامج عام 1998 لإتاحة الفرصة للأفراد والمنظمات والمؤسسات من أجل تقديم أفكارهم المبتكرة.

يختار البرنامج في بداية كل سنة مجموعة من المشاريع الجديدة التي يُعتقد أنها ستحدث ثورة في مجال استكشاف الفضاء.

تم اختيار 14 مفهوماً في 2023، وسيحصل كل منها على دعم مالي يبلغ 175 ألف دولار أميركي، وفيما يلي لمحة مختصرة عن كل مشروع.

1. تلسكوب فلويديك (فلوت)

تلسكوب فلويديك (فلوت)
مصدر الصورة: ناسا.

مشروع مشترك بين معهد إسرائيل للتكنولوجيا (تخنيون) ووكالة ناسا، يهدف إلى تمكين تصنيع المكونات البصرية لتلسكوب كبير في الفضاء، بالاستفادة من ميكانيكا الموائع في ظروف الجاذبية الضعيفة.

سيؤدي التنفيذ الناجح للمشروع إلى إحداث ثورة في التصنيع بالفضاء، فمن المتوقع أن يجعلنا قادرين على صناعة تلسكوبات فضائية كبيرة يصل قطر فتحة عدساتها إلى 50 متراً. ستساعد مثل هذه التلسكوبات الكبيرة في الرصد الدقيق للكواكب خارج المجموعة الشمسية التي يحتمل أن تأوي حياة.

اقرأ أيضاً: تلسكوب جيمس ويب الفضائي ينجح في تحديد أول كوكب خارجي في مهمته

2. دفع ضوئي لاستكشاف طبقة الميزوسفير

يقترح هذا المشروع الذي طرحه إيغور بارجاتين من جامعة بنسلفانيا الأميركية استخدام آلية الدفع والرفع الضوئي لتطوير مركبات صغيرة الحجم يبلغ وزنها عدة غرامات، يمكن لهذه المركبات أن تصل إلى طبقة الميزوسفير في الغلاف الجوي للأرض التي تقع على ارتفاع بين 50 - 85 كم فوق مستوى سطح البحر.

الدفع الضوئي هو شكل من أشكال الدفع الذي يستخدم الضوء لتحريك الأشياء، وهو يعمل عن طريق استخدام قوة الضوء لدفع الجسم في اتجاه معين. هذا ممكن في طبقة الميزوسفير حيث يكون الهواء رقيقاً جداً ولا تستطيع الطائرات أو المناطيد (البالونات الحرارية) التحليق فيها، وفي نفس الوقت، لا تستطيع الأقمار الصناعية إجراء القياسات. لذلك، يمكن للأجهزة المقترحة أن تساعد في أخذ قياسات كافية.

3. الانشطار السريع لاختراق الطبقات الجليدية

العديد من الأجرام في مجموعتنا الشمسية مغطاة بالجليد بالكامل، مثل القمر يوروبا الذي يدور حول المشتري والقمر إنسيلادوس الذي يدور حول زحل، وقد رصد العلماء منذ عقود نشاطاً بركانياً على هذه الأقمار، ما يشير إلى وجود لب ساخن في المركز.

منطقياً، إذا كان السطح متجمداً واللب ساخناً، فإن هناك منطقة بين السطح واللب تكون الحرارة فيها معتدلة والمياه سائلة، لذلك، يفترض العلماء وجود محيط سائل تحت طبقات الجليد السميكة، ومن المحتمل أن يكون هذا المحيط موطناً لكائنات حية نشأت وتطورت منذ ملايين السنين.

للتأكد من ذلك، هناك حاجة إلى إرسال بعثة تحفر وتصل للمحيط أسفل الجليد، وهي مهمة صعبة للغاية، إذ تبلغ سماكة طبقات الجليد نحو 40 كم.

تقترح مقدمة المشروع تيريزا بينيو استخدام مفاعل انشطار سريع يولد حرارة تذيب الجليد تدريجياً وتسمح للمعدات بالوصول للأسفل. وعلى عكس المفاعلات النووية التقليدية، لا يحتاج مفاعل الانشطار السريع إلى وسيط لإبطاء النيوترونات، وبالتالي يكون حجمه أصغر، ما يجعله مناسباً للبعثات الفضائية.

اقرأ أيضاً: أفضل 5 أماكن للاستكشاف في النظام الشمسي

4. هياكل ذكية في الفضاء

يهدف هذا المشروع الذي اقترحه زاكاري كورديرو من معهد إم آي تي إلى إنشاء عاكسات أبعادها أكبر من 100 متر.

العاكسات هي عبارة عن هياكل تهدف إلى عكس أشعة الشمس، ويمكن استخدامها لأغراض الاتصالات وفي الأشرعة الشمسية وتوليد الطاقة.

لكن العاكسات الحالية التي تستخدمها البعثات الفضائية صغيرة الحجم، وذلك لأنها تصنع على الأرض، ولا تستطيع صواريخ الفضاء حمل عاكسات أكبر.

سيساعد المشروع المقترح في التغلب على قيود تصنيع العاكسات على الأرض، فهو يسمح بإنشاء ما يسمى بالهياكل الذكية في الفضاء، وهي عبارة عن هياكل يمكن أن تتغير حسب الحاجة لتصبح بأي حجم أو شكل أو صلابة.

5. خط أنابيب غاز الأوكسجين على القمر

خط أنابيب غاز الأوكسجين على القمر
حقوق الصورة: ناسا.

تسعى وكالة ناسا إلى بناء مستعمرات بشرية دائمة على القمر ثم على المريخ، تتطلب هذه المستعمرات إمداداً دائماً بالأوكسجين من أجل التنفس وعملية الاحتراق في مركبات الإطلاق.

حالياً، يتم تمويل مشاريع لاستخراج الأوكسجين في القمر وتعبئته في خزانات الغاز المضغوط أو تسييله وتخزينه، وهي عملية مكلفة تتطلب الكثير من الطاقة والجهد لنقل الخزانات.

يقترح بيتر كوريري من شركة لونار ريسورسيس (Lunar Resources) إنشاء خط أنابيب لنقل غاز الأوكسجين من مصدر إنتاجه في القطب الجنوبي للقمر إلى المستعمرات القريبة، وسيتم استخراج هذا الأوكسجين عن طريق إذابة الماء المتجمد وتحليله كهربائياً.

اقرأ أيضاً: أرتميس: خطوات برنامج ناسا الطموح من 2020 إلى 2040

6. الدفع بشعاع الحبيبات

من أجل استكشاف الفضاء السحيق، هناك حاجة إلى مركبات تنتقل بسرعة أكبر بكثير من المركبات الحالية. يدرس هذا الاقتراح الذي قدمه أرتور دافويان من جامعة كاليفورنيا تطبيق طريقة دفع جديدة لنقل الحمولات الثقيلة (1 طن أو أكثر) عبر النظام الشمسي إلى الفضاء بين النجمي.

تتركز فكرة دافويان على عملية تسمى الاجتثاث بالليزر (Laser Ablation)، وهي ظاهرة تحدث عندما يصطدم شعاع ليزر مركّز بسطح ما، ويؤدي إلى إزالة المواد منه. يطلق العالم على المواد التي تتم إزالتها اسم الحبيبات، وهي جزيئات مجهرية فائقة السرعة يمكن إرسالها عبر شعاع الليزر، تطير هذه الحبيبات بسرعة 432 ألف كيلومتر في الساعة، وحين تضرب الجزء الخلفي من المركبة الفضائية، تؤدي إلى دفعها.

7. دمج الدفع النووي الحراري والكهربائي

يعتقد العالم الذي يقف وراء هذا الاقتراح، وهو البروفيسور رايان جوس من جامعة فلوريدا، أنه يمكن الاستفادة من الدفع النووي الحراري والدفع النووي الكهربائي لتقليل مدة السفر إلى المريخ وتصبح 45 يوماً فقط. ما يجعل الرحلات إلى الكوكب الأحمر أكثر سهولة وأماناً للبشر.

يستخدم الدفع الحراري النووي (NTP) مفاعلاً نووياً لتسخين الهيدروجين السائل وتحويله إلى بلازما وتوجيهه عبر فوهة المحرك لتوليد الدفع. في حين يعتمد الدفع الكهربائي النووي (NEP) على مفاعل نووي يوفر الكهرباء لمحرك أيوني يولد حقلاً كهرومغناطيسياً يؤين ويسرع غازاً خاملاً (مثل غاز الزينون) لإنشاء قوة دفع.

8. اللبنات الأساسية ذاتية النمو لتجهيز المستعمرات البشرية على المريخ

يقترح هذا المشروع الذي قدمه كونجروي جين من جامعة نبراسكا- لينكولن أنه بدلاً من نقل كل ما نحتاجه إلى كوكب المريخ، يمكن تجهيز المستعمرات البشرية عن طريق البناء في الموقع باستخدام المواد التي تنتجها البكتيريا الزرقاء والفطريات.

يرى جين أنه بوجود التربة والغازات والمياه على المريخ، لن نحتاج سوى إحضار بعض البكتيريا أو الفطريات التي ستقوم ببناء الطوب لنا.

مفتاح ذلك هو التمعدن الحيوي (Biomineralization)، وهو عملية يمكن للبكتيريا من خلالها تجميع المعادن مثل كربونات الكالسيوم، وتحويلها إلى بوليمرات حيوية تستخدم كمواد بناء للجدران والأسقف والأرضيات.

اقرأ أيضاً: مياه المريخ الضائعة قد تكون مدفونة تحت قشرة الكوكب

9. التقاط الموجات الراديوية منخفضة التردد

لم يسبق للبشر أن درسوا الموجات الراديوية منخفضة التردد على الرغم من أنها توفر معلومات مهمة للغاية. هذه الموجات لا تصل إلى التلسكوبات على الأرض بسبب الغلاف الجوي المحيط، ويصعب التقاطها في الفضاء لأنها تتطلب تلسكوبات ضخمة.

تقترح ماري ناب من معهد إم آي تي التقاط هذه الموجات بواسطة آلاف الأقمار الصناعية الصغيرة. تكون هذه الأقمار قادرة على قياس المجالات المغناطيسية للكواكب الخارجية التي تشبه الأرض عن طريق كشف موجاتها الراديوية منخفضة التردد.

10. طائرة تيتان

طائرة تيتان
حقوق الصورة: ناسا.

المشروع المقترح من عالم الكواكب كوين مورلي يقوم على تطوير طائرة يمكنها الهبوط والطفو على أنهار وبحيرات وبحار ومحيطات الميثان على قمر زحل تيتان. تستطيع هذه الطائرة أيضاً جمع العينات وتحليلها.

اقرأ أيضاً: طائرة مسيّرة تجوب سماء قمر زحل بحثاً عن أي علامات للحياة

11. مصباح إمبر كور

طوّرت شركة ألترا سيف نوكلير كوربريشن (Ultra Safe Nuclear Corporation) تقنية إمبر كور (EmberCore)، وهي بمثابة بطارية للبعثات التي تحتاج إلى تشغيل طويل الأمد دون الحاجة لمصدر طاقة، يتم استخدام هذه التقنية لتمكين المركبات الجوالة من العمل ليلاً على سطح القمر، من خلال الحفاظ على حرارة المعدات والأجهزة خلال الليل البارد.

الآن، قدمت الشركة اقتراحاً جديداً لاستخدام هذه التقنية، وهو استخدامها لتشغيل مصباح يمكنه رؤية المناطق المظلمة على القمر وفهم ما تتكون منه، سيولد هذه المصباح أطوالاً موجية أقصر من الضوء، مثل الأشعة السينية أو أشعة غاما. يمكن أن تنتقل هذه الأشعة لعدة كيلومترات وترتد عن الأرض ليتم التقاطها بواسطة جهاز استشعار وتحليلها.

12. اكتشاف الكواكب الشبيهة بالأرض التي تدور حول نجوم شبيهة بالشمس

من المستحيل حالياً العثور على كواكب شبيهة بالأرض في المناطق الصالحة للسكن (حيث تدعم درجة الحرارة وجود الماء السائل على سطح الكوكب) التي تدور حول النجوم الشبيهة بالشمس. لكن هذا ضروري إذا أردنا العثور على حياة في كواكب أخرى أو إيجاد كوكب يمكن أن نعيش عليه.

يتطلب العثور على كوكب خارج المجموعة الشمسية مثل الأرض تلسكوباً فضائياً كبيراً جداً، بالإضافة إلى حجب الضوء الصادر عن النجم حتى لا يطغى على الضوء الصادر عن الكوكب. لتحقيق ذلك، نحن بحاجة إلى تلسكوب فضائي يعمل بالأشعة تحت الحمراء ويبلغ قطر فتحة عدسته 20 متراً على الأقل. إطلاق مثل هذا التلسكوب للفضاء هو أمر مستحيل بالإمكانات الحالية.

تقترح هايدي نيوبيرغ من معهد رينسيلار للفنون التطبيقية في نيويورك بناء تلسكوب يلتقط الأشعة تحت الحمراء، ويتضمن هذا التلسكوب مرآة دوارة تعمل عند دورانها بمثابة مرآة كبيرة.

اقرأ أيضاً: رصد أقرب كوكب خارج المجموعة الشمسية يمكن أن يدعم ظروف الحياة

13. مصدر طاقة إشعاعي حراري مدعوم بالنظائر المشعة

في هذا المشروع الذي قدمه ستيفن بولي من معهد روتشستر للتكنولوجيا، سيتم تطوير مصدر طاقة إشعاعي حراري مدعوم بالنظائر المشعة. من المتوقع أن يكون هذا المصدر ذت حجم صغير وينتج كمية من الطاقة تكفي لدعم الأقمار الصناعية الصغيرة وكذلك المركبات التي تعمل في أماكن لا تصلها أشعة الشمس.

14. صاروخ شظايا الانشطار

صواريخ شظايا الانشطار النووي هي صواريخ مقترحة منذ ثمانينيات القرن الماضي، وهي عبارة عن محرك صاروخي يسخّر منتجات الانشطار النووي للدفع.

لكن المشكلة أن السيطرة على الانشطار النووي والشظايا هي أمر غير ممكن، هنا يقترح ريان ويد من شركة بوزيترون دايناميكس تطوير نموذج أولي لمفاعل نووي، والاستفادة من المغناطيسات ذات المجال المغناطيسي القوي ودرجة الحرارة العالية لتقييد مسارات نواتج الانشطار النووي والتحكم فيها.