ما هي ميزات بدلات الفضاء الجديدة التي ستستخدم في مهمات أرتميس؟

ما هي ميزات بدلات الفضاء الجديدة التي ستستخدم في مهمات أرتميس؟
حقوق الصورة: shutterstock.com/ Gorodenkoff

الوصف الأفضل للملابس التي يستخدمها رواد فضاء وكالة ناسا هو أنها عتيقة، على الأقل عندما يتعلق الأمر ببدلات الفضاء.

تقول مديرة مركز جونسون للفضاء التابع لوكالة ناسا، فانيسا وايتش (Vanessa Wyche): "لم نصمم بدلات فضاء جديدة منذ إطلاق برنامج المكوك الفضائي، إذ ما تزال البدلات التي استخدمت فيه قيد الاستخدام حالياً في محطة الفضاء الدولية. استخدمنا البدلات نفسها المعتمدة على التكنولوجيا القديمة لمدة 40 عاماً".

تحدّثت وايتش في مؤتمر صحفي أجري بتاريخ 15 مارس/ آذار 2023 في مركز جونسون للفضاء أُعلن فيه عن التحديث الذي طال انتظاره، والمتمثّل في تصميم بدلات الفضاء الجديدة التي سيستخدمها رواد الفضاء الأميركيون للمشي على القمر في مهمة أرتميس 3 التي سيتم إطلاقها في عام 2025، بالإضافة إلى المهمات المستقبلية الأخرى.

بدلات فضاء جديدة لرواد مهمة أرتميس

صممت شركة أكسيوم سبيس (Axiom Space) التي مقرها مدينة هيوستن الأميركية البدلات الجديدة وصنعتها باستخدام تكنولوجيا قديمة طبقتها وكالة ناسا من قبل، وهي تحتوي على خوذ زجاجية كبيرة على شكل أحواض السمك وغطاء خارجي أسود اللون مع أجزاء زرقاء وبرتقالية.

ارتدى أحد مهندسي شركة أكسيوم سبيس البدلة الجديدة في المؤتمر السابق الذكر الذي عُرض في بث مباشر، وقدّم عرضاً بيّن فيه الميزات الحركية المعززة التي تتمتع بها البدلة نتيجة تزويدها بمفاصل جديدة في الساقين والذراعين والقفازين لم تحتو عليها البدلات التي استخدمت في فترة مهمات أبولو وبرنامج المكوك الفضائي. قام هذا المهندس بالالتفاف والركوع وأدى حركات مختلفة بسهولة نسبياً. تحتوي البدلات الجديدة أيضاً على مكونات تركيبية لها أحجام مختلفة تتوافق بشكل أفضل مع أشكال أجسام رواد الفضاء المختلفة وأوزانهم.

قال المدير المساعد لوكالة ناسا، بوب كابانا (Bob Cabana)، في المؤتمر الصحفي السابق الذكر: "نطور حالياً بدلات لجيل جديد من المهمات الفضائية، وهو جيل مهمات أرتميس التي ستعود إلى القمر وتصل إلى المريخ. عندما تخطو رائدة الفضاء الأولى في مهمة أرتميس 3 أولى خطواتها على سطح القمر، ستكون مرتدية هذه البدلة الجديدة التي صنعتها شركة أكسيوم".

سنوات من العمل على بدلات الفضاء الجديدة

أمضت وكالة ناسا سنوات في تطوير بدلات الفضاء من الجيل التالي الخاصة بها من خلال برنامج وحدة الاستكشاف والتحرّك المستقل عن المركبات (eXMU program)، ولكن في شهر يونيو/حزيران 2022، منحت الوكالة عقوداً لشركتَي أكسيوم سبيس وكولنز إيروسبيس (Collins Aerospace) بهدف تطوير البدلات الفضائية للمهمات المستقبلية. وفقاً لمديرة برنامج النشاط المستقل عن المركبات وحركة البشر على الأسطح في وكالة ناسا، لارا كيرني (Lara Kearney)، ستتيح وكالة ناسا تأجير البدلات الجديدة، على عكس البدلات التي تستخدم في محطة الفضاء الدولية حالياً.

قالت كيرني في المؤتمر السابق الذكر: "تاريخياً، كانت البدلات ملكاً لوكالة ناسا". يشبه العقد الذي أبرمته وكالة ناسا مع شركة أكسيوم سبيس الاتفاق الذي أجرته مع شركة سبيس إكس (SpaceX) لنقل أطقم الطيران والحمولات إلى محطة الفضاء الدولية على متن صواريخ فالكون 9 (Falcon 9) ومركبة دراغون الفضائية (Dragon)؛ إذ تحتفظ الشركة بملكية معداتها وتقوم بتشغيلها بنفسها، بينما تدفع الوكالة المال مقابل خدمات الشركة.

لا تتحمس كثيراً، فالتصميم الذي يشبه شخصيات أفلام حرب النجوم الشريرة مؤقت. شركة أكسيوم
لا تتحمس كثيراً، فالتصميم الذي يشبه شخصيات أفلام حرب النجوم الشريرة مؤقت. شركة أكسيوم

ميزات البدلات الفضائية الجديدة

بصرف النظر عن الترتيبات المالية، تتميز البدلات الفضائية الجديدة بمجموعة من التحسينات والسمات المتطورة التي تم تطوير الكثير منها في الأبحاث التي أجرتها وكالة ناسا والتي أجرتها شركة أكسيوم. وفقاً لنائب مدير برنامج النشاط المستقل عن المركبات في شركة أكسيوم، راسل رالستن (Russel Ralston)، تحتوي البدلات على طبقة داخلية قابلة للنفخ تحتفظ بالهواء المضغوط، مغطاة بطبقة تقييد تحافظ على شكل الطبقة الداخلية.

قال رالستون في المؤتمر السابق الذكر إن البدلات تحتوي أيضاً على طبقة خارجية عازلة "تحميها من التمزّق والثقب وتعزلها حرارياً، وتوفر العديد من الميزات الأخرى"، كما أنها تتألف من العديد من الطبقات المصنوعة من المواد المختلفة مثل المايلار المغطّى بالألمنيوم (تعرف أيضاً باسم تريفثالات البولي إيثلين ثنائي المحور).

قال رالستون أيضاً إن شركة أكسيوم طورت مفاصل أكثر مرونة ستتيح لرواد الفضاء استخدام الأدوات والتحرك بسهولة أكبر في القطب الجنوبي الصخري والمظلم للقمر. طورت وكالة ناسا أيضاً بعض الميزات الأخرى، مثل الجذع العلوي الصلب للبدلة الذي يستخدم لوصل نظام حفظ الحياة وأدواته بالبدلة، والقناع المثبّت في خلفية الخوذة الذي يتيح لرواد الفضاء الرؤية بشكل أفضل.

اقرأ أيضاً: كيف ألهم عصر الفضاء التصاميم؟

تحتوي البدلات الجديدة على نظام تبريد جديد كلياً وكاميرات عالية الدقة يتم تثبيتها على الخوذ، كما سيتمكن رواد الفضاء من ارتداء هذه البدلات وخلعها باستخدام فتحة في الخلف، وهو تصميم مختلف عن تصميم بدلات الفضاء المستخدمة حالياً التي تتألف من قطعتين منفصلتين للجزأين العلوي والسفلي من الجسم.

وفقاً لرالستون، تتمثّل إحدى النقاط المهمة في أن البدلات الجديدة صُممت لتناسب مجموعة واسعة من أجسام الذكور والإناث ذات الأحجام المختلفة، وذلك لأن وكالة ناسا مصممة على إرسال رائدة فضاء في المهمة التي ستعيد البشر إلى القمر. قال رالستون في المؤتمر الصحفي السابق الذكر: "صممنا العناصر ذات الأحجام المختلفة، الصغيرة والمتوسطة والكبيرة، التي يمكن استبدالها بمكونات أخرى. بالإضافة إلى ذلك، يمكننا تعديل حجم هذه المكونات أيضاً، ما يمكّننا من تصميم البدلات بالشكل الذي يلائم رائد الفضاء، مثل تعديلها لتناسب طول ساقيه أو ذراعيه".

صورة لقفازات البدلات الجديدة التي تحتوي على المفاصل المرنة. شركة أكسيوم
صورة لقفازات البدلات الجديدة التي تحتوي على المفاصل المرنة. شركة أكسيوم

تواصل شركة أكسيوم تطوير تصميم البدلات الجديدة تحضيراً لمهمة أرتميس 3؛ إذ تعمل على تصميم طبقة خارجية عازلة ستحتوي على جيوب وملحقات أخرى لتخزين الأدوات، وستكون بيضاء اللون لتعكس ضوء الشمس الساطع على سطح القمر. الطبقة الخارجية ذات اللون الأسود والأزرق والبرتقالي التي عُرضت في المؤتمر هي مجرد غطاء واقٍ مؤقت يحمي الطبقات الداخلية للبدلة من التلف في أثناء عمليات الاختبار، ووفقاً لبيان صحفي أصدرته شركة أكسيوم، تغطي هذه الطبقة أيضاً المكونات "التصميمية التي تملكها الشركة".

سيبقى استخدام الحفاضات قائماً في بدلات الفضاء

على الرغم من أن البدلات الجديدة تحتوي على مكونات متقدمة من الناحية التكنولوجية مقارنة ببدلات الفضاء التي استخدمت في مهمات أبولو في ستينيات وسبعينيات القرن الماضي، ثمة تكنولوجيات بقيت كما هي دون تعديل. عندما سئل رالستون عما إذا وجدت شركة أكسيوم طريقة أفضل تمكّن رواد الفضاء من التبرز أو التبول في أثناء ارتداء البدلات لمدة قد تصل إلى 8 ساعات على سطح القمر، لم يجمّل رالستون الجواب؛

قال: "ما زلنا نستخدم الحفاضات في بدلات الفضاء. وهي تمثّل حلاً فعالاً للغاية. أحياناً تكون الحلول البسيطة هي الأفضل".

كانت أولى المهمات التي أجرتها ناسا في برنامج أرتميس القمري، وهي مهمة أرتميس 1، عبارة عن رحلة تجريبية غير مأهولة ناجحة لصاروخ نظام الإطلاق الفضائي الضخم ومركبة أورايون الفضائية. من المقرر إطلاق مهمة أرتميس 2 في شهر نوفمبر/ تشرين الثاني 2024، وستحمل 4 رواد فضاء لإكمال دورة واحدة حول القمر والعودة إلى الأرض. ويقدّر المسؤولون أن إطلاق مهمة أرتميس 3 التي سيطأ البشر فيها سطح القمر للمرة الأولى منذ عام 1972، سيكون في وقت ما من عام 2025.

المحتوى محمي