كيف يمكن للأطفال أن يستفيدوا من الإنترنت بشكل معقول؟

حتى اليوم، ما زال بعض الأهالي يحاولون بشتى الوسائل تقييد وصول أطفالهم إلى الإنترنت، معتقدين أنهم يحمونهم من الإدمان وضياع الوقت والتنمر والاستغلال وما إلى ذلك. لكن وفي الواقع، علينا مواجهة الأمر، سيستخدم أطفال اليوم الإنترنت سواء أردنا ذلك أم لا. لذلك، قد يكون من الأفضل أن نبحث عن طرائق تجعل استخدام الأطفال للإنترنت أمراً مفيداً. فكيف يمكن تحقيق ذلك؟

كيف يمكن للأطفال أن يستفيدوا من الإنترنت؟

الإنترنت مثل أيّ تكنولوجيا جديدة نسبياً، لها جانب إيجابي وآخر سلبي، لكنها ليست سيئة دائماً بالنسبة للأطفال، لأن الأمر يتعلق بكيفية استخدامها. فالإنترنت أكبر بكثير من مجرد وسائل تواصل اجتماعي، وفهمها وفهم الفرص التي توفرها يحقق الكثير من الفوائد للأطفال، ومن أهمها:

إمكانية الوصول إلى ثروة من المعلومات

يمكن أن تساعد الإنترنت في تطوير مهارات الطفل ومعارفه سواء في الموضوعات التي تكمل المنهاج الدراسي العادي، وذلك عبر الحصول على كورسات تعليمية ودروس خصوصية على مستوى عالمي حول أي موضوع يريدوه، أو تعلُّم العديد الموضوعات التي تُدرَّس بشكلٍ مختصر في المدرسة أو لا تُدرَّس إطلاقاً، مثل علوم الحاسوب أو تاريخ الحضارات أو علوم الفضاء أو أي شيء آخر، ما يمنح الطفل نظرة أكثر شمولاً للعالم، ويساعده على اكتشاف أشياء جديدة.

بالإضافة إلى ذلك، من فوائد الإنترنت للأطفال الصغار إمكانية استخدامها في تحميل الألعاب التعليمية التي من شأنها أن تعزز التنسيق بين اليد والعين، وتساعدهم في فهم كيفية التفاعل مع الأنظمة. على سبيل المثال، سيفهم الطفل أن الضغط على الزر الأيمن سيؤدي إلى الإجراء المطلوب.

استكشاف المواهب والإبداع

من فوائد الإنترنت للأطفال القدرة على اكتشاف قدراتهم الإبداعية. فسواء في الموسيقى أو الكتابة الإبداعية أو تصميم الأزياء أو القدرة على تعلم اللغات المتعددة، فإن الإنترنت تتيح الوصول إلى ثروة هائلة من الموارد التعليمية، والكثير منها مجاني. بالإضافة إلى ذلك، تتيح الإنترنت العديد من المواقع التي يستطيع الأطفال استخدامها لبيع أعمالهم الإبداعية والحصول على ثمنها، كالمواقع التي تتيح بيع القصص القصيرة التي كتبها الأطفال أو التصاميم التي صمموها وغير ذلك. والأمر لا يتعلق فقط بالحصول على ثمن هذه الأعمال، وإنما لبناء طفل مستقل قادر على الاعتماد على نفسه، والتفكير بطريقة مختلفة وخارجة عن المألوف لكسب المال مستقبلاً.

المساعدة في تنظيم الوقت

بفضل عدد كبير من التطبيقات، يستطيع الأطفال تنظيم وقتهم بشكل أفضل خصوصاً مع كثرة الواجبات المدرسية والدروس الخصوصية وغيرها. والأهم من ذلك، أن هذه التطبيقات موجودة في السحابة، بالتالي، يستطيع الأطفال الاتصال بها من أي جهاز يحلو لهم، سواء كان هاتفاً ذكياً أو جهاز الحاسوب المدرسي. وبالطبع، إن تعلم مهارة تنظيم الوقت ستساعد الطفل على تطويرها في المستقبل، وذلك عندما يتوجب عليه التوفيق بين واجبات متعددة، مثل العمل والأصدقاء والمشاريع والعلاقات الاجتماعية وغيرها.

تكوين الصداقات والتواصل مع العائلة

على الرغم من أن تكوين الصدقات في الحياة الواقعية هو أمر أفضل للأطفال، لكن هذا لا يعني أن تكوين الصداقات عبر الإنترنت أمر سيئ. في الواقع، إن تكوين الصداقات مع أطفال يعيشون في النصف الآخر من الكرة الأرضية قد يكون مفيداً جداً في التعرف على أنماط مختلفة من التفكير وتنمية المهارات الاجتماعية والتعرف على الثقافات المختلفة، بالإضافة إلى أنه قد ينمي مهارات الطفل في تكوين الصداقات في الحياة الواقعية.

بالإضافة إلى ذلك، فإن الإنترنت تقدم ميزة البقاء على اتصال مع الأشخاص البعيدين سواء مع الوالدين في مكاتبهم، أو مع أفراد العائلة الذين يعيشون في الجانب الآخر من العالم.

توفير المتعة وتعزيز القدرة على حل المشكلات

الإنترنت هي مصدر لجميع أنواع المرح والتسلية، ولا شك في ذلك. لكن الأمر لا يقتصر فقط على الترفيه الذي تقدمه للأطفال، فهي تقدم لهم فرصاً عديدة لتحدي عقولهم عبر العديد من المواقع والألعاب التفاعلية والألغاز وغيرها من التطبيقات والبرامج التي تساعد في تطوير مهاراتهم في حل المشكلات، بالإضافة إلى أن التنافس مع الأطفال الآخرين الموجودين على الإنترنت سوف يعزز هذه المهارات، ويحقق التوازن ما بين التعلم والاستمتاع.

مواكبة المستقبل

لا يمكن تخيل المستقبل دون شبكة إنترنت، بالتالي، فإن تعوّد الأطفال على استخدامها اليوم هو أمر حيوي، لأن تعلم كيفية استخدامها بأمان ومسؤولية، وكيفية البحث عن المصادر الموثوقة والمعلومات الصحيحة، واستغلال الفرص الأساسية التي توفرها، سيكسب الأطفال المهارات التقنية والرقمية المطلوبة للمستقبل. بالمقابل، فإن الأطفال المحرومين من الإنترنت سيتعرضون لخطر التخلف عن الركب مقارنة بأقرانهم، وقد يعوق ذلك أيضاً فرص حياتهم على المدى الطويل.

ختاماً، يمكن القول إن فوائد استخدام الإنترنت للأطفال عديدة ومتنوعة، لكن ينبغي دائماً الانتباه إلى مقدار الوقت الذي يقضيه الأطفال في استخدامها، وألا يكون على حساب استكشاف الحياة الواقعية والأماكن الطبيعية والاستمتاع بها.