لا شك في أن أحداً لا يحب أن يقضي وقته في الحمام عندما يذهب إلى مكان مسلٍ وجديد في العطلة. وعلى الرغم من أن تناول المحار الفاسد من بوفيه الرحلات البحرية يمكن أن يتسبب بالمشكلات الهضمية، فإن السفر بحد ذاته عامل يمكن أن يؤثر في حركة الأمعاء. يعود ذلك إلى أن السفر يؤثر في ميكروبيوم الأمعاء.
يحتوي الجهاز الهضمي على التريليونات من البكتيريا والفيروسات والفطريات المختلفة، وقد تعاني جميعها من الاضطرابات عند السفر إلى مكان جديد. يقول الرئيس التنفيذي المشارك لشركة سيد هيلث (Seed Health) المتخصصة في دراسة الميكروبيوم، رجا دير: "تتأثر البكتيريا بتغيير مواعيد النوم والتغيرات في النظام الغذائي والتعرض للميكروبات الجديدة والإجهاد الزائد، مثلها مثل البشر". يمكن أن تؤدي الطريقة التي تستجيب فيها الميكروبات لهذه التغييرات إلى فرط نشاط الأمعاء.
لكن الخبر السار هو أنه يمكنك وقاية نفسك من حالة إسهال المسافر والمضاعفات الأخرى. وهناك طرق مجربة ومثبتة لعلاج المشكلات الهضمية المشابهة.
العوامل المؤثرة
تقول أخصائية أمراض الجهاز الهضمي في شركة غاسترو إنتيرولوجي هيلث بارتنرز (Gastroenterology Health Partners) التي مقرها مدينة لويفيل في ولاية كنتاكي، سونانا سوهي، إن العديد من النشاطات المرتبطة بالسفر يمكن أن تزيد خطر اضطراب حركة الأمعاء. يفترض أن تختفي هذه المشكلات، سواءً تسببت بالإمساك أو الإسهال، بمجرد العودة إلى روتين الحياة الطبيعي.
الجلوس
يتسبب الجلوس لفترات طويلة، مثل قضاء ساعات على متن سيارة أو طائرة، بضغط الأعضاء في البطن. يؤدي ضغط هذه الأعضاء إلى إبطاء عملية الهضم لأنه يضعف وظيفة التمعّج، أي تقلصات العضلات اللازمة لتحريك الطعام عبر الجهاز الهضمي. عندما لا يعمل الجهاز الهضمي بكامل طاقته، يزيد احتمال كل من إطلاق الغازات والانتفاخ وآلام البطن والإمساك والإسهال.
اقرأ أيضاً: 8 نصائح للأشخاص الذين يريدون السفر إلى بلدان أخرى لأول مرة
تعب ما بعد السفر
يؤثر التكيف مع مناطق زمنية مختلفة في الساعة البيولوجية، وهي الساعة التي تعمل على مدار اليوم وتنظّم عملية الهضم والعمليات الدورية الأخرى في الجسم. ترتبط الساعة البيولوجية ببعض أنواع الميكروبات في الميكروبيوم، وتُزامن الأنشطة تماشياً مع مواعيد تناول الطعام وعدم تناوله. تتضمن عملية التنسيق هذه مواعيد طرح الفضالات أيضاً. تتمتّع أغلبية الأمعاء الصحية بحركة يومية منتظمة.
لكن السفر إلى مناطق زمنية جديدة يتسبب باضطراب الساعة الداخلية، ما قد يفسد التزامن بين النشاطات الجسدية ومواعيد التبرّز المعتادة. قد تتبرز في وقت الصباح في المنطقة التي تعيش فيها. ولكن قد يقع موعد الدخول إلى الحمام في فترة تكون نائماً فيها حتى يتمكن جسمك من التكيف مع توقيت المنطقة التي سافرت إليها.
تقول سوهي: "يمكن أن تفسد أي اختلافات زمنية أو تغييرات في الجدول الزمني، أي الاستيقاظ في وقت أبكر من المعتاد أو النوم في وقت متأخر، انتظام حركة الأمعاء، ما يؤدي إلى الإمساك".
النوم
يمكن أن يؤثر عدم الحصول على قسط كافٍ من النوم في صحة الميكروبيوم. ويمكن أن يكون النوم لعدد الساعات الذي اعتدت عليه صعباً عند التكيّف مع جدول زمني جديد. قد تؤدي قلة النوم إلى مشكلات في الجهاز الهضمي، من الإسهال إلى آلام البطن، وذلك لأنها تزيد خطر الإصابة بالالتهابات في الأمعاء والرغبة في تناول الأطعمة التي تحتوي على السكر.
الأطعمة الجديدة
يقول دير إن تناول نوع جديد من الأعشاب أو التوابل يمكن أن يؤدي إلى إبطاء حركة الطعام في الأمعاء، ويعتمد ذلك على تركيب الميكروبيوم. يعود ذلك إلى أن الأطعمة غير المألوفة يمكن أن تهيّج ميكروبات الأمعاء التي لم تعتد على معالجة المكونات الجديدة.
اقرأ أيضاً: 10 أساسيات مجرّبة لمساعدتك في البقاء على قيد الحياة في رحلة مسير طويلة
الإجهاد
على الرغم من أن السفر مثير، فإنه يتصاحب أيضاً مع ضغوطه الخاصة، سواء كنت تحزم أمتعتك وتستعد للسفر أو تحاول التكيف مع العيش في بلد جديد. يُضعف الإجهاد الزائد الحاجز المعوي المخاطي، ما يجعله عرضة لدخول البكتيريا الخطيرة التي تتسبب بالالتهابات.
الجفاف
تقول سوهي إن معظم المسافرين لا يشربون الكميات المعتادة من المياه. قد لا يكون الحصول على مياه الشرب سهلاً عند السفر كما هو في المنزل. وحتى لو كان الماء متوفراً، قد تقلق من عدم توفر حمام يمكنك استخدامه عند الحاجة.
الأمراض المعوية والعمر
يشير كل من دير وسوهي إلى أن الأشخاص المصابين بمتلازمة القولون العصبي ومرض التهاب الأمعاء أكثر حساسية للمشكلات المتعلقة بالسفر وأكثر عرضة لظهور أعراض هذه الأمراض مجدداً أو ازدياد شدتها. تشير سوهي إلى أن النساء يعانين غالباً من تغيّرات في حركة الأمعاء لأنهن أكثر عرضة للإصابة بالمشكلات المتعلقة بالقولون العصبي من الرجال.
تقول سوهي إن العمر قد يؤدي دوراً أيضاً. يتحرك الطعام بسرعة أقل عبر القولون مع التقدم في العمر لأن عملية الهضم تتباطأ، ما يجعل الأطعمة أكثر عرضة لأن تتسبب بالمشكلات.
تجنّب الانزعاج
هناك العديد من الطرق التي يمكنك تطبيقها للوقاية من الإسهال والإمساك في أثناء السفر.
التكيّف مع المناطق الزمنية مسبقاً
إذا كنت ستسافر عبر مناطق زمنية مختلفة، لا تنتظر حتى تبدأ الرحلة للتكيف مع الفروق الزمنية. يمكنك البدء في تغيير روتينك تدريجياً قبل أيام قليلة من الرحلة لتساعد جسمك على التكيّف مع التغير الزمني. يجب عليك أيضاً أن تضمن الحصول على قسط كافٍ من النوم في الأيام القليلة قبل الرحلة. يقول دير إن الحصول على قدر كاف من النوم يساعد في الحفاظ على سلاسة العمليات الهضمية لأن الساعة البيولوجية تؤثر في حركة الأمعاء.
اقرأ أيضاً: 6 نصائح يمكن اتباعها لقضاء إجازة صيف ممتعة
ترطيب الجسم
يساعد الماء على تحريك الطعام عبر أجهزة الجسم، وهو أمر يقول دير إنه مهم للغاية لصحة البراز؛ إذ يتألف هذا الأخير من الماء بنسبة 75%. يقول دير: "على الرغم من أن السفر يحفّزك على زيادة مدخولك من المشروبات الأخرى التي قد تحتوي على مواد مثل الكافيين، خذ في الاعتبار أن هذه المشروبات يمكن أن تزيد جفاف الجسم أيضاً، ما يؤثر في تواتر حركة الأمعاء وجودتها".
تحريك الجسم
احرص على الوقوف مرة واحدة على الأقل كل ساعة إذا سافرت على متن طائرة أو قطار. وإذا استخدمت السيارة للسفر، خصص فترات راحة لتمديد ساقيك والتجول. يقول دير إن الحركة ضرورية لزيادة تدفق الدم إلى الأمعاء، ما قد يساعد على زيادة انتظام حركة الأمعاء وتخفيف أعراض الإمساك.
تناول الألياف
يأكل الناس ويشربون من أجل المتعة في الإجازة، وقد لا تكون خيارات الطعام هذه صحية للأمعاء دائماً. في حين أن الاستمتاع بالوجبات اللذيذة هو أحد طقوس السفر المهمة، عليك أن تحرص على استهلاك كمية كافية من الألياف للحفاظ على صحة قوام البراز. ينصح دير بتناول التوت والمكسرات والحبوب والوجبات الخفيفة الأخرى الغنية بالألياف في أثناء السفر.
تناول المعينات الحيوية
المعينات الحيوية هي كائنات حية دقيقة تحافظ على صحة البكتيريا المفيدة في الأمعاء. يقول دير: "توفر المعينات الحيوية بعض الفوائد للأمعاء، مثل تعزيز انتظام حركة الأمعاء وتخفيف شدة الانتفاخ العرضي، كما يمكن أن تعزز مرونة الجهاز الهضمي في حالات الاضطراب". تبيّن الأبحاث أن تناول المعينات الحيوية بانتظام يمكن أن يساعد على تعزيز المناعة والوقاية من مسببات الأمراض الخطرة.