ما هي آفاق أول عملية زرع لأذن صُممت باستخدام طابعة ثلاثية الأبعاد؟

3 دقائق
ما هي آفاق أول عملية زرع لأذن صُممت باستخدام طابعة ثلاثية الأبعاد؟
حقوق الصورة: shutterstock.com/Iaremenko Sergii

نشرت صحيفة "نيويورك تايمز" في 2 يونيو/حزيران ٢٠٢٢ خبراً حول نجاح فريق من العلماء في شركة "3 دي بايو ثيرابيوتيكس" (3D Bio Therapeutics)  المختصة بالتكنولوجيا الحيوية، في زرع أذن تم تصميمها انطلاقاً من خلايا المريض نفسه وطباعتها باستخدام طابعة ثلاثية الأبعاد. كانت هذه التجربة الأولى من نوعها في مجال "هندسة الأنسجة" ودورها في الطب التجديدي وزرع الأعضاء.

تضمنت التجربة السريرية المصابين بتشوهات خلقية في الأذن

يولد 1500 طفلاً سنوياً في الولايات المتحدة الأميركية مع وجود تشوه خلقي في الأذن، يرافق هذه التشوهات طيف من الاضطرابات السمعية وما يترتب عليها من متابعة طويلة الأمد للطفل. هذه المعاناة كانت قد دفعت المريضة التي رفضت الكشف عن هويتها، إلى المشاركة بالتجربة السريرية، إذ عانت من "ميكروتيا" وهو تشوه يصيب الأذن منذ الولادة ويغيب فيه الصيوان الخارجي للأذن كما يضطرب فيه تركيب كامل بنى الأذن الخارجية.

اقرأ أيضاً: ما هي أبرز مخاطر ارتداء سماعات الأذن؟ وكيف تحافظ على سلامة أذنك؟

بدأت التجربة بارتشاف ما يُعادل نصف غرام من الخلايا الغضروفية الأساسية المسؤولة عن تكوين الغضاريف، وتم نقلها إلى وسط خاص غني بالعناصر الغذائية وتركها حتّى تنقسم الخلايا وتتضاعف وتشكل بنية متكاملة يمكن الاعتماد عليها كأساس لطباعة كامل الأذن. تم بعد ذلك خلط الخلايا الحية بما يُسمى "الحبر الحيوي" الذي يساعد في الحفاظ على حيوية الخلايا وتكاثرها وتمايزها بشكل سليم، كما أنه يحفز عمل الكولاجين الذي يتم إدخاله عبر محقنة خاصة.

الأمر الجدير بالذكر أن عملية الطباعة بأكملها لم تستغرق سوى 10 دقائق، وتم بعدها الحصول على نسخة طبق الأصل عن الأذن اليسرى السليمة للمريضة، حيث كانت المعلومات الجينية في الخلايا الجذعية الغضروفية مبهرة في دقتها، إذ تم الحصول على أذن حيّة عن طريق مجموعة من الخلايا المُرتَشفة.

تم بعد ذلك تغليف الوجه الخارجي للأذن المطبوعة بغلافٍ حيويٍ واقٍ قابل للتحلل، ليتم بعد ذلك زرع الأذن اليمنى للمريضة فوق العظم الفكي مباشرةً وظهر شكل الأذن بشكل طبيعي بعد شد الجلد حولها.

اقرأ أيضاً: بالحبر الغذائي: طعام مُعَد بالطباعة ثلاثية الأبعاد

النتائج

بشكلٍ عام، من الطبيعي أن تفشل بعض عمليات الزرع أو أن تؤدي إلى مضاعفات صحية غير مرغوبة، إلّا أنه من غير المتوقع حدوث ذلك في التجربة السريرية هذه، وذلك نظراً لأن الخلايا ارتشفت من أنسجة المريض نفسه، ما يجعل رفض العضو أحد الاحتمالات البعيدة. ولكن يبقى التحدي إعادة الوصل الحسي العصبي حتّى تصبح الأذن المزروعة أقرب ما يمكن إلى الطبيعي وظيفياً، فلا يكفي أن تكون مقبولة من الناحية التجميلية فقط.

على الرغم من خضوع هذه التجربة السريرية لمراجعة وإشراف الرقابية الفدرالية، إلا أن الشركة بقيت متكتمة حول التفاصيل الفنية والنتائج، وكُل ما نشر عن هذه التجربة أنها تضمنت 11 مريضاً ممن يعانون من تشوهات في الأذن وأن التجربة ما زالت مستمرة وفي طريقها لإحداث ثورة في الطب التجديدي وزرع الأعضاء.

يقول "أرتورو بونيلا"، الجراح الترميمي لأذن الأطفال في سان أنطونيو والذي أجرى جراحة الزرع: "هذا مثير للغاية، أحياناً يتوجب علي أن أذكر نفسي بأن أهدأ وأخبئ حماسي". كما أضاف: "ننتظر تعميم النتائج، وفي حال سارت الأمور كما هو مخطط فسيكون لذلك نصيب كبير في مستقبل الطب التجديدي".

آفاق هذه التجربة السريرية للمستقبل

لهذه الخطوة قدر كبير من الأهمية على الرغم من أن الجزء الخارجي للأذن ملحق بسيط نسبياً، كما أنه تجميلي أكثر من كونه وظيفيّاً. إلا أن بدايةً كهذه تفتح باباً واسعاً أمام تصميم أعضاء أخرى مثل القلب والكليتين والكبد، والتي تعتبر التحدي الأكبر نظراً لأنها الأكثر تعقيداً. ونتيجة لازدياد أعداد المرضى الذين ينتظرون على لوائح انتظار زرع الأعضاء، فلا بد من إيجاد حل آخر.

لم تكن طباعة الأذن ثلاثية الأبعاد الإنجاز الوحيد الذي قامت به شركة "3D Bio Therapeutics" حيث قامت بتطبيق نفس التقنية على أجزاء أخرى من الجسم، بما في ذلك أقراص العمود الفقري والأنف. كما استخدمت الشركة سابقاً تقنية الطباعة ثلاثية الأبعاد لإنتاج أطراف اصطناعية مصنوعة من البلاستيك والمعادن خفيفة الوزن. ولكن تبقى تجربة تصميم الأذن البشرية الأولى من نوعها نظراً لأنها أول مثال لزرع عضو مصنوع من الأنسجة الحية المطبوعة بشكل ثلاثي الأبعاد.

اقرأ أيضاً: كيف يعمل نظام زرع الأعضاء في ظل قواعد قوائم الانتظار المعقدة؟

قال "جيمس إياتريديس"، رئيس مختبر الهندسة الحيوية في جامعة إيكان الطبية: "يعتبر زرع الأذن ثلاثية الأبعاد اختباراً أيضاً لدراسة وتقييم التوافق الحيوي، ومطابقة الأشكال والمحافظة على حيوية الأعضاء المزروعة لدى الأفراد".

المحتوى محمي