دراسات استمرت لعقود تربط بين الأطعمة فائقة المعالجة والإصابة بالسرطان والموت المبكر

3 دقائق
دراسات استمرت لعقود تربط بين الأطعمة فائقة المعالجة والإصابة بالسرطان والموت المبكر
يمكن أن يؤدي الإفراط في تناول اللحوم المصنّعة، مثل النقانق، إلى زيادة خطر الإصابة بالسرطان وزيادة احتمال الموت المبكر. بيكسلز/ديدس

على الرغم من أن عطلة نهاية الأسبوع الطويلة القادمة ستكون ربما مناسبة ملائمة لإقامة الاحتفالات واجتماع الأصدقاء، ربما عليك إعادة التفكير هذه المرة في تناول النقانق والصودا والوجبات الخفيفة الجاهزة. إذ ربطت دراستان واسعتا النطاق الاستهلاك المفرط "للأطعمة فائقة المعالجة" بزيادة خطر الإصابة بعدد من الأمراض، بما في ذلك السمنة والسرطان وأمراض القلب والأوعية الدموية والموت المبكر وغيرها من الأمراض.

ما هي الأطعمة فائقة المعالجة؟

يعرّف المؤلفون الأغذية فائقة المعالجة بأنها تركيبات صناعية مصنوعة بالكامل أو في معظمها من مواد مستخلصة من الأطعمة (الزيوت والدهون والسكر والنشا والبروتينات) أو مشتقة من مكونات الطعام (كالدهون المهدرجة والنشا المعدل) أو المركبة مخبرياً من ركائز الطعام أو مصادر عضوية أخرى (مثل معززات النكهة والألوان والعديد من الإضافات الغذائية المستخدمة لإكساب المنتج طعماً مستساغاً أكثر). يستند هذا التعريف إلى نظام نوفا (NOVA) لتصنيف الأغذية. تتضمن الورقة البحثية المنشورة في 31 أغسطس/ آب في المجلة الطبية البريطانية دراستين، أُجريت الأولى في الولايات المتحدة والثانية في إيطاليا.

في الدراسة الأميركية، تمت متابعة أكثر من 200 ألف شخص (159907 امرأة و46341 رجلاً) لمدة تصل إلى 28 عاماً. أكمل كل مشارك في الدراسة استبياناً كل أربع سنوات أبلغ فيه عن تكرار استهلاك نحو 130 نوعاً مختلفاً من الأطعمة، بدءاً من الأطعمة غير المصنّعة مثل الفاكهة إلى الأطعمة الفائقة المعالجة مثل اللحوم المقددة. بيّنت هذه الاستبيانات واسعة النطاق وجود صلة بين الأطعمة فائقة المعالجة وسرطان القولون والمستقيم لدى الرجال، لكن لم تظهر هذه الصلة لدى النساء. كان الرجال في الخُمس الأعلى من استهلاك الأغذية فائقة المعالجة أكثر عرضة للإصابة بسرطان القولون والمستقيم بنسبة 29% مقارنة بالرجال الذين أتوا في الخُمس الأدنى من الاستهلاك. وقد وجدت نتائج الدراسة الإيطالية مخاطر مماثلة بالنسبة للأطعمة فائقة المعالجة.

الأسباب الكامنة وراء الفروق بين الجنسين ليست واضحة بعد.

اقرأ أيضاً: أضرار الأطعمة فائقة المعالجة على الصحة

الأطعمة فائقة المعالجة والسرطان

يقول المؤلف المشارك في الدراسة وعالم وبائيات السرطان والرئيس المؤقت لقسم علم الأوبئة وعلوم البيانات في كلية فريدمان لعلوم وسياسة التغذية، فانغ فانغ زانغ، في بيان صحفي: «لقد وجدنا ارتباطاً عكسياً بين منتجات الألبان فائقة المعالجة، مثل الزبادي، وخطر الإصابة بسرطان القولون والمستقيم بين النساء». يعد سرطان القولون والمستقيم ثالث أكثر أنواع السرطانات شيوعاً في الولايات المتحدة، وهو من بين أسرع أنواع السرطان انتشاراً بين الأشخاص الذين تقل أعمارهم عن 50 عاماً.

ربطت العديد من الدراسات اللحوم المصنّعة (اللحوم المقددة والسلامي وغيرها) بزيادة خطر الإصابة بسرطان القولون لدى كل من الرجال والنساء. بقي الارتباط حتى عند حساب عوامل مثل جودة النظام الغذائي ومؤشر كتلة الجسم. وقد وجدت هذه الدراسة الجديدة أن جميع أنواع الأطعمة فائقة المعالجة، وليس اللحوم فقط، قد أدت دوراً إلى حد ما.

يقول المؤلف الرئيسي للدراسة وزميل ما بعد الدكتوراة في كلية فريدمان لعلوم وسياسة التغذية بجامعة تافتس، لو وانج، في بيان صحفي: «بدأنا في التفكير في أن سرطان القولون والمستقيم يمكن أن يكون السرطان الأكثر تأثراً بالنظام الغذائي مقارنة بأنواع السرطان الأخرى. لقد وجدنا أن اللحوم المصنّعة، والتي يندرج معظمها في فئة الأطعمة فائقة المعالجة، عامل خطر قوي للإصابة بسرطان القولون والمستقيم. تحتوي الأطعمة فائقة المعالجة أيضاً على نسبة عالية من السكريات المضافة ونسبة منخفضة من الألياف، ما يسهم في زيادة الوزن والسمنة، والسمنة بدورها عامل خطر أساسي للإصابة بسرطان القولون والمستقيم».

اقرأ أيضاً: الحقيقة حول حساب السعرات الحرارية

يوصي الباحثون باستبدال الأطعمة فائقة المعالجة بأطعمة غير مصنّعة أو معالجة بالحد الأدنى لتقليل المخاطر.

بدأت الدراسة الإيطالية في عام 2005 وتتبعت 22 ألف شخص في منطقة موليز في إيطاليا. وقد صُممت الدراسة لتقييم عوامل الخطر للسرطان وأمراض القلب وأمراض الدماغ. كما قارنت الدراسة، والتي نُشرت أيضاً في المجلة الطبية البريطانية، دور الأطعمة التي تفتقر إلى العناصر الغذائية (عالية المحتوى من السكر والدهون المشبعة أو المتحولة) مع الأطعمة فائقة المعالجة في التسبب في الوفاة المبكرة والمرض.

تقول عالمة الأوبئة في قسم علم الأوبئة والوقاية في معهد الأعصاب المتوسطي " نيوروميد" في بوزيلو بإيطاليا، ماريالورا بوناتشيو، في بيان صحفي: «تؤكد نتائجنا أن استهلاك كل من الأطعمة التي تفتقر إلى العناصر الغذائية والأطعمة فائقة المعالجة على حد سواء، يزيد من خطر الوفاة، لا سيما بسبب أمراض القلب والأوعية الدموية».

ووفقاً لبوناتشيو، عندما قارن الفريق بين نوعي الطعام لمعرفة أيهما دوره أكبر، وجد أن الأطعمة فائقة المعالجة كانت "أقوى العوامل المسببة لخطر الوفاة". يشير ذلك إلى أن زيادة خطر الوفاة لا ترجع بشكل مباشر (أو حصري) إلى رداءة الجودة الغذائية لبعض المنتجات، بل ترجع إلى حقيقة أن هذه الأطعمة غالباً ما يتم الإفراط في معالجتها.