علماء يكتشفون طريقة محتملة لتحسين قوة الذاكرة لدى مرضى ألزهايمر

3 دقيقة
علماء يكتشفون طريقة محتملة لاستعادة فقدان الذاكرة لدى مرضى ألزهايمر
حقوق الصورة: shutterstock.com/ AtlasStudio
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

قد يكون من المؤلم رؤية عزيزٍ لك مصابٍ بمرض ألزهايمر يفقد ذكرياته عنك ببطء، ويحوّلك تدريجياً إلى شخص غير مألوف. ناهيك عن تجربة المريض المؤلمة حين ينسى عائلته وأصدقاءه ويفقد قدرته على الكلام والحركة. لكن أملاً جديداً يلوح في الأفق ويُبشّر بالخير. حيث تقدّم دراسة حديثة نُشرت في فبراير/شباط 2024، في مجلة التحقيقات السريرية (Journal of Clinical Investigation)، استراتيجية علاجية جديدة يمكنها عكس مشكلات الذاكرة المرتبطة بمرض ألزهايمر والخرف المرتبط به.

اقرأ أيضاً: اختبار جديد يخبرك عن عمر أعضاء جسمك واحتمال الإصابة بالمرض

استكشاف سُبل جديدة لعلاج مرض ألزهايمر

ألزهايمر هو اضطراب عصبي تنكسي يُصيب خلايا الدماغ ويتسبب بتراجع تدريجي في الذاكرة والقدرة على التفكير والسلوك والمهارات الاجتماعية، ويُعد السبب الأكثر شيوعاً للخرف.

السبب الرئيسي للمرض هو تراكم لويحات الأميلويد وتاو، وتكوين هياكل وتشابكات تؤدي إلى تسمم الخلايا وفقدان اللدونة التشابكية، ما يؤدي بدوره إلى فقدان الذاكرة.

ركزت الأدوية العلاجية التي برزت خلال السنوات الماضية على إبطاء فقدان الذاكرة المرافق لمرض ألزهايمر، من خلال تقليل تراكم بروتينات تاو وأميلويد بيتا في الدماغ، مثل:

  • ليكيمبي (Leqembi) الذي اعتُمِد من قِبل إدارة الغذاء والدواء الأميركية (FDA) عام 2023، وهو دواء يمنع تكتل لويحات الأميلويد في الدماغ.
  • مثبطات إنزيم الكولينستراز والميمانتين: تعمل على تعزيز أداء المواد الكيميائية في الدماغ التي تنقل المعلومات من خلية دماغية إلى أخرى. غالباً ما تُستخدم لإبطاء تطور المرض في المراحل المبكرة، وتشمل أريسيبت (Aricept) وإكسيلون (Exelon) ورازادين (Razadyne) .
  • حاصرات الإنتاج: تقلل من كمية بيتا أميلويد المتكونة في الدماغ.

إلّا أنها لم تتمكن من إيقافه، لكن باحثي معهد باك لأبحاث الشيخوخة (Buck Institute for Research on Aging) استهدفوا في الدراسة الجديدة استعادة الذاكرة من خلال عكس الضرر الذي لحق بالمشابك العصبية.

يعتمد العمل على بروتين ما بعد المشبكي يُسمَّى كيبرا (KIBRA)، ويُشفَّر بواسطة الجين المرتبط بالذاكرة والإصابة بمرض ألزهايمر المتأخر لدى البشر.

اقرأ أيضاً: امرأة تتمكن من شمّ رائحة مرض باركنسون قبل تشخيص زوجها به بعشر سنوات

ما هو بروتين كيبرا KIBRA؟

يوجد بروتين كيبرا في كلٍّ من الدماغ والكلى، ويتمركز في المشابك العصبية في الدماغ، التي تربط ما بين الخلايا العصبية، ما يساعد على تكوين الذكريات واسترجاعها. إلّا أن مرضى ألزهايمر يعانون انخفاض مستويات هذا البروتين، ما ألهم الباحثين فكرة اختبار إن كان بإمكانهم استهداف بروتين كيبرا لإصلاح وظيفة التشابك العصبي التي أتلفها مرض ألزهايمر.

تقول الأستاذة المساعدة في معهد باك لأبحاث الشيخوخة، والمؤلفة الرئيسية للدراسة تارا تريسي (Tara Tracy): “بدلاً من محاولة تقليل البروتينات السامة في الدماغ، نحاول عكس الضرر الناجم عن مرض ألزهايمر لاستعادة الذاكرة”، وذلك بالاعتماد على بروتين كيبرا.

انطلق الباحثون في دراستهم من اعتقادهم بدور بروتين كيبرا في المشبك العصبي، وانخفاض مستوياته لدى مرضى ألزهايمر.

ولدراسة تأثير مستوياته المنخفضة، قاس الباحثون نسبته في السائل النخاعي والدماغ لدى البشر، فكانت نسبته في السائل النخاعي عالية، إلّا أنها كانت أقل في الدماغ في حالة الخَرَف الشديد. بالإضافة إلى ذلك، ارتبطت المستويات المرتفعة من كيبرا في السائل النخاعي بارتفاع مستويات بروتين تاو أيضاً.

تشير هذه النتائج إلى إمكانية استخدام مستويات كيبرا مؤشراً حيوياً على الخلل العصبي والتدهور المعرفي، ما يساعد على تشخيص مرض ألزهايمر، وتخطيط العلاج، وتتبع تطور المرض والاستجابة للعلاج.

اقرأ أيضاً: ما هي كبسولة الحياة لرصد العلامات الحيوية داخل الجسم؟ وكيف أحدثت ثورة في الطب؟

دور بروتين كيبرا في تعزيز اللدونة التشابكية في مرض ألزهايمر واستعادة الذاكرة

مع هذه النتائج، قرر الفريق اختبار الارتباط في فئران المختبر لمعرفة كيفية تأثير كيبرا في المشابك العصبية؛ حيث ابتكروا نسخة وظيفية مختصرة من البروتين وحقنوها في فئران التجربة التي تعاني حالة تحاكي ألزهايمر لدى البشر، وراقبوا النتائج وكانت جيدة، إذ عكس البروتين الاصطناعي ضعف الذاكرة، فاستنتجوا أن كيبرا عزز الآلية التي تجعل المشابك أكثر مرونة، على الرغم من أنه لم يحل مشكلة تراكم بروتين تاو السام في الدماغ، أي أنه أنقذ الآليات التي تعزز مرونة المشابك العصبية.

قال العالم والمؤلف المشارك للدراسة غرانت كاو (Grant Kauwe) “ما حددناه هو آلية يمكن أن تستهدف إصلاح وظيفة التشابك العصبي، ونحن نحاول الآن تطوير علاج يعتمد على هذا العمل”. وتقول كريستين باريجا-نافارو (Kristeen Pareja-Navarro)، وهي من مؤلفي الدراسة: “يدعم عملنا إمكانية استخدام كيبرا علاجاً لتحسين الذاكرة بعد بداية فقدانها، على الرغم من بقاء البروتين السام الذي تسبب في الضرر”.

بينما ترى تريسي أنه بجمع استراتيجية إصلاح اللدونة في الدماغ مع أنواع العلاج الأخرى التي تقلل السمية، يمكن توفير وسيلة لمحاربة ألزهايمر.