عالم لبناني أميركي حائز على جائزة نوبل يحدد البروتينات المسؤولة عن الحكة ويمهد الطريق لعلاجها

3 دقائق
هل سنشهد علاجاً جذريّاً للحكة المزمنة والإكزيما بعد اكتشاف بعض البروتينات المسؤولة عن تحريض الحكة؟
حقوق الصورة: shutterstock.com/ New Africa

حددت مجموعة من علماء "أبحاث سكريبس" بقيادة الأستاذ في علوم الأعصاب والباحث في علوم الجزئيات "أرديم باتابوتيان" الذي وُلد في بيروت والحاصل على جائزة نوبل في الطب وعلم وظائف الأعضاء، أحد بروتينات الأعصاب الحسية المسؤولة عن الارتكاس المُفرط للمحفزات "الميكانيكية" للحكة مثل الحرارة والضغط وحتّى ألياف الصوف وغيرها من الأشياء التي تهيج الجلد عند ملامسته.

أول جهاز استشعار للحكة الميكانيكية

الحكة هي إحساس مميز ومعقد، لها أعصابها الخاصة وسبلها الحسية النوعية. يُعتقد أنها حصيلة تطور الكائنات الحية حيث وجدت كآلية دفاعية والغرض منها هو تنبيه الكائنات الحية إلى وجود مواد كيميائية ضارة وكائنات قد تشكل خطراً مثل الحشرات وغيرها.

كان قد حدد الباحثون سابقاً بعض أساليب إثارة وتحريض الحكة الكيميائية، حيث وجدوا جسيمات فرعية حساسة للهيستامين خاصة بالحكة في الأعصاب النخاعية الشوكية ذات الألياف العصبية الواصلة للجلد. وكانت المعلومات عندئذ قليلة حول الحكة الميكانيكية وآلية عمل محرضاتها.

اقرأ أيضاً: الدليل الشامل للتعرف على كل ما يهمك عن الحساسية الجلدية

حتّى أُعلن لأول مرة في تاريخ 22 حزيران/يونيو في دورية "نيتشر"، عن هذا الاكتشاف الأول من نوعه والذي حدد بعض البروتينات المسؤولة عن الارتكاس للمحرضات وحدوث الحكة الميكانيكية. ينجم هذا النمط من الحكة عن محرضات فيزيائية كالصوف والحرارة وغيرها، والتي تختلف بشكل جذري عن الحكة الناجمة عن عوامل كيميائية كعوامل التنظيف ومواد التجميل.

دور بروتينات PIEZO1 وPIEZO2  في الحكة الميكانيكية

فاز باتابوتيان بجائزة نوبل في الطب لبحثه الرائد هذا حول دور بروتينات "PIEZO1" و"PIEZO2" الموجودة في الأعصاب الحسية الشوكية في تحريض الحكة الجلدية، ووجد في دراسته الأولية أن البروتين "PIEZO2" مسؤول عن اللمس الخفيف بشكل رئيسي كما أنه مسؤول عن رصد وضعية الجسم والأطراف والرغبة في التبول وذلك بالتضافر مع عمل باقي أعصاب الجسم.

Ardem Patapoutian
أرديم باتابوتيان: قائد البحث والحائز على جائزة نوبل في الطب وعلم وظائف الأعضاء.

في الوقت الذي ينحصر دور "PIEZO1" فيه بالوظائف التي "لا تتعلق بالإحساس" مثل عمل كريات الدم الحمراء والأوعية الدموية، كدوره في جعل خلايا الدم الحمراء مقاومة نسبياً لطفيليات الملاريا.

لهذه البروتينات شكل المروحة، وهي موجودة في معظم خلايا الجلد، كما أن لها مجموعة من القنوات الأيونية في أغشيتها الخارجية، تنشط هذه القنوات بعد التعرض للضغط أو للحرارة، فتنفتح القنوات الأيونية وتُطلق سلسلة من الأحداث التي تنتهي بشعورنا بحاجة مُلحة لحك الجلد.

اقرأ أيضاً: نظراً لتشابه أعراضهما: كيف تميز إن كنت مصاباً بـ «كوفيد-19» أو أحد الأمراض التحسسية؟

أين كانت المفاجأة؟

في الوقت الذي أشارت فيه دراساتهم الأولية إلى أن البروتين PIEZO1 خاملٌ إلى حد ما في الخلايا العصبية الحسية، اقترحت دراساتهم التالية بمساعدة الباحثة والحائزة على شهادة الدكتوراه في علوم الخلايا الجزيئية "روز هيل"، أنه يتم التعبير عن البروتين "PIEZO1" وإنما بمستويات منخفضة في بعض الخلايا العصبية.

حيث تم التأكيد على وجود تعبير هذا البروتين في التجارب التي أجريت على الفئران، وحتّى كان هذا البروتين ذو القنوات الأيونية الوظيفية والحساسة لتبدلات الضغط الميكانيكية موجوداً في نوعين مختلفين من الخلايا العصبية الحسية، منها المسؤولة عن الحكة الكيميائية.

كانت المفاجأة أن الفئران ذات البروتين "PIEZO1" مفرط التفعيل كانت أكثر حساسية لمحرضات الحكة الميكانيكية. وبالمقابل، أبدت الفئران ذات البروتين "PIEZO1" الخامل ضعفاً في رصد الإحساس، حيث كانت الفئران تحك أنفسها بشكل أقل عند تحفيز مستقبلات الحكة الميكانيكية على سطح جلدها، أي أنها لا تتنبه بشكل كافٍ.

قال العالم باتابوتيان في ذلك: "تساعدنا هذه النتائج على فك تعقيد الإحساس بالحكة، وتشير إلى أن مثبطات PIEZO1 يمكن أن تكون مفيدة جداً في إيجاد علاجات سريرية مستقبلاً".

اقرأ أيضاً: الحساسية: ما هي؟ وما أسبابها وأنواعها؟

بعد هذا الاكتشاف: هل نقف أمام علاجات جذرية للحكة المزمنة؟

من الغريب كيف كان لتثبيط وتنشيط بروتين "PIEOZ1" دورٌ في إحداث تبدل في استجابة الفئران لمُسببات الحكة، وعلى أساسها كان يحدث انخفاض أو زيادة في الحكة والخدش على التوالي بعد تعريضها لمحفزات الحكة الكيميائية مثل الهيستامين. الأمر الذي يشير أيضاً إلى أن إشارات الحكة الميكانيكية والكيميائية تنتقل في بعض الحالات عن طريق بعض السبل العصبية المُشتركة.

اقرأ أيضاً: الربيع قادم بأمراضه التحسسية: كيف تأخذ الأدوية المضادة للحساسية بالطريقة الأمثل؟

تقول هيل: «لقد رأينا تأثيراً دراماتيكياً على تحريض الحكة بوجود هذا البروتين، وعلى الرغم من أن النتائج التي نملكها بين أيدينا اليوم حول بروتين "PIEZO1" ليست كافية لتطوير عقار يعالج الحكة المزمنة، إلا أننا نأمل في النهاية أننا سنكون قادرين على ذلك».

المحتوى محمي