بدأ باحثون في مركز كليفلاند كلينك (Cleveland Clinic)خطوتهم التالية في دراسة لقاح يهدف للوقاية من سرطان الثدي الثلاثي السلبية. هذا النوع هو أكثر أشكال سرطان الثدي عدوانية وفتكاً، ويمثل 10 إلى 15% تقريباً من حالات سرطان الثدي جميعها.
وفقاً لجمعية السرطان الأميركية؛ يعني مصطلح "سرطان الثدي الثلاثي السلبية" (triple-negative breast cancer) أن الخلايا السرطانية لا تحتوي على مستقبلات هرمون الإستروجين (إي آر) أو البروجسترون (بي آر)، ولا تصنع أي كمية من البروتين إتش إي آر 2 (HER2) أو تنتج القليل منه فقط. أي أن هذه الاختبارات الثلاثة للخلايا السرطانية ستكون سلبية، ويستجيب هذا النوع من السرطان عادةً للعلاجات الهرمونية أو المستهدفة.
يشيع هذا النوع من السرطان بين المرضى الذين تقل أعمارهم عن 40 عاماً وبين أصحاب البشرة الداكنة عموماً والمصابين بطفرة في المورّثة "بي آر سي أيه 1" (BRCA1). تتموضع هذه المورّثة على الكروموزوم رقم 17 وتساعد عادة على قمع نمو الخلايا الزائد، وبالتالي فإن الأشخاص الذين تظهر لديهم طفرة في هذه المورّثة تزداد احتمالات إصابتهم ببعض أنواع السرطان.
اقرأ أيضاً: نتائج واعدة لأول دراسة لاختبار دم بسيط يمكنه اكتشاف أنواع مختلفة من السرطان مبكراً
لقاح مضاد لسرطان الثدي ثلاثي السلبية
ستشمل مرحلة 1 بي (1b) من الدراسة الأفراد غير المصابين بسرطان الثدي والمعرضين لخطورة كبيرة للإصابة، وقرر المشاركون في هذه المرحلة الخضوع لجراحة استئصال الثدي الوقائية طواعية لتقليل خطر إصابتهم بسرطان الثدي.
يكون لدى الأشخاص الأكثر عرضة للإصابة بسرطان الثدي الثلاثي السلبية عادة طفرات وراثية مثل طفرة بي آر سي أيه 1، أو ترتفع احتمالات إصابتهم بسبب تاريخ العائلة الذي يحتوي على إصابات سابقة بسرطان الثدي.
ستشمل المرحلة الجديدة ما بين 6 و12 مريضاً ومن المتوقع أن تكتمل بحلول نهاية عام 2023، وسيتلقى خلالها المشاركون 3 لقاحات بفاصل أسبوعين بين كل منها مع خضوعهم إلى المراقبة الدقيقة تحسباً لأي آثار الجانبية أو أي استجابة مناعية غير مرغوبة.
صُمم اللقاح ليستهدف تحديداً بروتين الإرضاع الذي يُعرف بألفا-لاكتالبومين (α-lactalbumin). غالباً يغيب هذا البروتين في أنسجة الثدي المسنة وبعد انتهاء عملية الإرضاع؛ لكنه يوجد في الأنسجة المصابة بسرطان الثدي الثلاثي السلبية، واللقاح مصمم لتحفيز استجابة مناعية تهاجم الورم وتمنعه من النمو في حالة الإصابة بسرطان الثدي.
يستند اللقاح على الأبحاث ما قبل السريرية لسرطان الثدي في معهد ليرنر للأبحاث التابع لكليفلاند كلينيك التي قادها الراحل فينسنت توهي (Vincent Tuohy). كان توهي قد أجرى أبحاثاً على الفئران أثبت فيها أن تنشيط الجهاز المناعي ضد بروتين ألفا-لاكتالبومين هو طريقة آمنة وفعالة للوقاية من أورام الثدي.
اقرأ أيضاً: أخيراً لقاح مخصص وآمن يثبت فعاليته ضد السرطان المتكرر
مساعٍ ليصبح اللقاح حقيقة واقعة
تموّل وزارة الدفاع الأميركية هذه الدراسة وسيتم إجراؤها في المقر الرئيسي لمركز كليفلاند كلينك في مدينة كليفلاند بولاية أوهايو. تُجرى مرحلة 1 بي (1b) من الدراسة بالتعاون مع شركة أنيكسا بايوساينس (Anixa Biosciences, Inc.) وتأتي في إطار المرحلة الأولى 1 أيه (1a) من الدراسة التي ما تزال قيد التنفيذ فعلياً. بدأت المرحلة الأولى من الدراسة في عام 2021، وتشمل الأشخاص الذين انتهوا من علاج سرطان الثدي الثلاثي السلبية في السنوات الثلاث الماضية وليس لديهم أي أورام لكنهم ما زالوا معرضين لخطر عودة المرض، ومن المتوقع أن تنتهي المرحلة الأولى في الربع الأخير من عام 2023.
يقول الباحث الرئيسي للدراسة من معهد توسيغ للسرطان (Taussig Cancer Institute) التابع لمركز كليفلاند كلينيك، جورج توماس بود (George Thomas Budd) في بيان صحفي إن سرطان الثدي الثلاثي السلبية "أقلّ أشكال المرض استجابة للعلاج"، ويعرب عن أمله في أن يصبح هذا اللقاح الوقائي حقيقة واقعة بحيث يمكن إعطاؤه للأفراد غير المصابين بالسرطان لوقايتهم من الإصابة بهذا المرض الخطِر جداً.
اقرأ أيضاً: باحثون يطورون عدسة مجهر خاصة ترصد نمو الخلايا السرطانية
كانت إدارة الغذاء والدواء قد وافقت عام 2010 على أول لقاح علاجي للسرطان يُدعى بروفينج (Provenge)؛ الذي مثّل بداية حقبة جديدة في علاج السرطان. تعمل هذه اللقاحات العلاجية من خلال تعزيز الجهاز المناعي للمريض لمحاربة المرض، على غرار اللقاحات الوقائية المستخدمة في حالات مثل التهاب الكبد أو الحصبة أو سرطان عنق الرحم.