استطاع باحثون من جامعة ميشيغان تطوير تقنية حديثة قد تشكّل بديلاً لعلاج السرطان يُغني عن الجراحة والعلاج الكيميائي والإشعاعي، ووافقت إدارة الغذاء والدواء الأميركية على استخدام هذه التقنية لعلاج سرطان الكبد.
تعود هذه التقنية لشركة "هيستوسونيكس" (HistoSonics)، وهي شركة شارك في تأسيسها عام 2009 مهندسون وأطباء من جامعة ميشيغان يهدفون إلى استخدام الموجات الفوق الصوتية في تدمير أنسجة الكبد السرطانية بشكلٍ دقيق.
اقرأ أيضاً: نتائج واعدة لأول دراسة لاختبار دم بسيط يمكنه اكتشاف أنواع مختلفة من السرطان مبكراً
آلية عمل تقنية علاج السرطانات بواسطة الموجات الفوق الصوتية
يعمل العلاج بالموجات الفوق الصوتية أو "الهيستوتريبسي" (Histotripsy) على تفتيت الأنسجة الورمية باستخدام موجات فوق صوتية موجَّهة بشكلٍ دقيق لتكوين فقاعات دقيقة داخل النسيج السرطاني، وتتسبب القوى التي تنشأ عندما تتشكل الفقاعات وتنفجر في تفكك النسيج السرطاني، ما يؤدي إلى قتل الخلايا السرطانية وترك الركام الخلوي ليُنظف بواسطة الجهاز المناعي.
أمّا عن آلية تشكُّل الفقاعات، فيرسل الجهاز نبضات من الموجات الصوتية التي يزيد ترددها على 20,000 هرتز، وهذا التردد مرتفع للغاية بحيث لا تستطيع آذاننا سماعه، وتسبب هذه الموجات اهتزاز جزيئات الماء داخل الخلايا المعرضة للموجات ما يؤدي إلى تشكيلها فقاعات صغيرة في النسيج السرطاني.
وتُستخدم التقنية تركيز الموجات الصوتية العالية الطاقة بدرجة محددة بما يكفي لتكوين فقاعات في النسيج السرطاني المطلوب تدميره دون التأثير بشكلٍ كبير على النسيج السليم المحيط به، وتبين في الدراسات الأولية أنه بعد تدمير 50-75% من حجم ورم الكبد عن طريق تفتيت الأنسجة بالموجات الفوق الصوتية، تمكنت أجهزة المناعة لدى الجرذان من إزالة الجزء المتبقي من السرطان وحدها، مع عدم وجود دليل على معاودة المرض أو انتشار السرطان لدى أكثر من 80% من الحيوانات التي خضعت للتجربة، وكانت هذه النتائج مبشّرة بما يكفي لإكمال البحث والوصول للمراحل المتقدمة التي وفّرت الموافقة الصحية لاستخدام هذا النوع من العلاج.
اقرأ أيضاً: باحثون يطورون عدسة مجهر خاصة ترصد نمو الخلايا السرطانية
ما أنواع السرطانات التي قد يسهم العلاج بالموجات الفوق الصوتية في علاجها؟
يمكن أن تساعد الموجات الفوق الصوتية على علاج أنواع مختلفة من السرطانات في المستقبل، وتضم أبرز هذه السرطانات ما يلي:
- سرطان المستقيم.
- سرطان عنق الرحم.
- سرطان المهبل.
- سرطان الرحم.
- ساركوما الأنسجة الرخوة.
- سرطان البنكرياس.
- سرطان الثدي.
- سرطان الكلى.
- سرطان الكبد.
ويمكن للأطباء أيضاً استخدام الموجات الفوق الصوتية لعلاج بعض الأمراض غير السرطانية (الحميدة) مثل ما يلي:
- النمو غير السرطاني في الرحم (الأورام الليفية الرحمية).
- النمو غير السرطاني على الثدي (الأورام الغدية الليفية).
- الزرق.
كيف يطبِّق الطبيب العلاج بالموجات الفوق الصوتية؟
يستخدم الطبيب جهازاً صغيراً يُسمَّى مسبار الموجات الفوق الصوتية، ويصدر هذا المسبار موجات فوق صوتية عالية الكثافة يمكنها تدمير الخلايا السرطانية، حيث يضع الطبيب المسبار بالقرب من السرطان لتفتيته، ويمكن أن يوضع المسبار تبعاً لموقع السرطان في الجسم، فمثلاً يوضع المسبار في المستقيم لعلاج السرطان الموجود في الحوض مثل سرطان البروستات وسرطان المستقيم والمهبل والرحم وعنق الرحم، أو يوضع المسبار فوق الجلد لعلاج سرطان الكبد والبنكرياس والكلى.
الآثار الجانبية للعلاج بالموجات الفوق الصوتية
تعتمد الآثار الجانبية المحتملة للعلاج بالموجات الفوق الصوتية على منطقة الجسم التي تُعالَج، إذ قد يكون التأثير الجانبي الأكثر خطورة لعلاج سرطان المستقيم هو وجود ثقب في المستقيم، ما يسبب بدوره النزيف والألم والالتهاب وقد يظهر لدى الشخص أعراض الإنفلونزا.
ويمكن أن يسبب العلاج بالموجات الفوق الصوتية من خلال الجلد حروقاً جلدية في منطقة العلاج بالإضافة لبعض الألم الخفيف أو الانزعاج في منطقة العلاج، وهناك خطر بسيط لتعرض الأوعية الدموية القريبة من منطقة العلاج أو القنوات الصفراوية في حالة سرطان الكبد للتلف بسبب الحرارة الناجمة عن الموجات الفوق الصوتية.
اقرأ أيضاً: قتلت الخلايا السرطانية: تجربة واعدة لفيزياء الكم في علاج السرطان
حقائق مهمة عن العلاج بالموجات الفوق الصوتية
تتلخص أبرز الحقائق المهمة التي يجب معرفتها عن العلاج بالموجات الفوق الصوتية بما يلي:
- تبلغ قيمة جلسة العلاج الواحدة بتقنية الموجات الفوق الصوتية نحو 12,500 دولار.
- تعتمد مدة الإجراء على عدد الأورام وحجمها، ولكنها قد تستغرق أقل من 7 دقائق.
- لا تمر الموجات الفوق الصوتية عبر العظام الصلبة أو الهواء، لذلك تُعد هذه الطريقة غير مناسبة لبعض أنواع السرطانات مثل سرطان العظام.
- يمكن دمج العلاج بالموجات الفوق الصوتية مع العلاجات الأخرى للقضاء على السرطانات في المراحل المتقدمة.
- تُعد طريقة العلاج بالموجات الفوق الصوتية أكثر أماناً من العلاج الكيميائي والإشعاعي الذي يؤثّر في النسيج السرطاني بالإضافة إلى الخلايا السليمة أحياناً.
- لا تزال العلاجات المعتمدة على الموجات الفوق الصوتية في المراحل الأولى من الأبحاث والتطبيق، وهناك حاجة إلى القيام بالمزيد من الدراسات حولها لاعتمادها على نطاقٍ أوسع.