علماء يكتشفون الجين «القوي» الذي يفتح الأبواب أمام علاجات جديدة لأمراض الكلى

4 دقيقة
علماء يكتشفون الجين "القوي" الذي يفتح الأبواب أمام علاجات جديدة لأمراض الكلى
حقوق الصورة: shutterstock.com/ Marko Aliaksandr
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

تعمل كليتك بجد لإزالة النفايات والسموم والسوائل الزائدة عبر تصفية الدم في جسمك كل 30 دقيقة، كما أنها تساعد على التحكم بضغط الدم، وتحفيز إنتاج خلايا الدم الحمراء، والحفاظ على صحة العظام، وتنظيم المواد الكيميائية في الدم والضرورية للحياة.

ويعاني أكثر من 10% من إجمالي السكان في أنحاء العالم كافة مرض الكلى المزمن، أي نحو أكثر من 800 مليون فرد، وهو أكثر انتشاراً لدى كبار السن والنساء والأشخاص الذين يعانون داء السكري وارتفاع ضغط الدم، كما أنه أحد الأسباب الرئيسية للوفيات عالمياً.

في المراحل المتقدمة من مرض الكلى، تتليف أنسجة الكلى بشكلٍ لا يمكن علاجه، وغالباً ما تؤدي هذه الحالة إلى الفشل الكلوي، وحينها تصبح خيارات العلاج المتاحة محدودة للغاية.

لكن وفقاً لدراسة حديثة نشرتها مجلة الجمعية الأميركية لأمراض الكلى، هناك أمل في إمكانية وقف تطور مرض الكلى المزمن، وتطوير علاجات وأدوية جديدة يمكن أن تمثّل نقطة تحول في مجال علاج أمراض الكلى.

اقرأ أيضاً: كيف تتعامل مع مريض القصور الكلوي؟

ما الجين “القوي” المسؤول عن مرض الكلى المزمن؟

توصل باحثون بكلية طب ديوك-نوس Duke-NUS في سنغافورة إلى اكتشاف مهم حول الجين “القوي” الذي يفتح آفاقاً جديدة لعلاجات أمراض الكلى. يتحكم هذا الجين القوي المعروف باسم WWP2 في تنظيم إمدادات الطاقة للخلايا المسؤولة عن الفشل الكلوي، ويمكن تطوير أدوية تستهدف هذا الجين لتثبيطه ما يؤدي إلى تباطؤ تلف الكلى. 

ووفقاً لجاك بيهمواراس Jacques Behmoaras، المؤلف الرئيسي المشارك في الدراسة، فإن الدراسة ركّزت على الأرومة الليفية العضلية، وهي خلايا نسيج ضام ترميمية تسهم في إعادة بناء الأنسجة المصابة)، ووضّح أنه عند البحث في العلاقة بين الأنشطة الأيضية لهذه الخلايا وتطور المرض، اكتُشف أنه من خلال تنظيم إمدادات الطاقة إلى الأرومة الليفية العضلية، يمكن التحكم في وظيفتها ما قد يوقف تليّف الكلى.

وقد أجرى فريق البحث بقيادة إنريكو بيتريتو Enrico Petretto، الأستاذ المشارك ومدير مركز البيولوجيا الحاسوبية بالكلية، تحليلاً لأكثر من 130 عينة خزعة من مرضى في الصين وإيطاليا. كشفت النتائج التي توصلوا إليها ارتباط وجود جين WWP2 في الأرومة الليفية العضلية بتطور تليف الكلى. 

ويُعدُّ هذا الجين ضرورياً لتنظيم عمل الميتوكوندريا، التي تُسمّى أيضاً بـ “محطات الطاقة” في الخلية، لأنها تنتج الطاقة اللازمة لوظائف الخلية.

وكان الفريق قد توصل في دراسة سابقة نُشِرت في نوفمبر/تشرين الثاني عام 2022 بمجلة Nature Communications إلى أن هذا الجين يتحكم في تليف عضلة القلب. لذلك، يمكن لعملية استهداف هذا الجين لدى المرضى أن توقف عملية تكوين الأنسجة الليفية المفرطة، وتؤخّر تفاقمها لقصور في القلب.

توضّح نتائج الدراسة أن النقص في WWP2 يؤدي إلى تعزيز نمو الأرومة الليفية العضلية، إلى جانب تثبيط العمليات الحيوية المؤدية للتليف.

اقرأ أيضاً: كيف تعتني بمريض مصاب بمرض كلوي مزمن؟

كيف تؤدي تغيرات عمليات الأيض داخل الأرومة الليفية العضلية إلى التليف الكلوي؟

بحسب الدراسة، يمكن أن يحدث خلل وتغيرات في عمليات الأيض داخل الأرومة الليفية العضلية، ما يؤدي إلى الإصابة بالتليف الكلوي. وفيما يلي بعض النقاط الرئيسية حول كيفية تأثير هذه العملية في التليف:

  • تؤثّر التغيرات الأيضية في الأرومة الليفية العضلية في وظائف الكلى واحتمال زيادة التليف. 
  • تثبط عملية تحلل السكر: يمكن أن يؤدي تثبيط عملية تحلل السكر في الأرومة الليفية العضلية إلى إبطاء نمو التليف، ما يُسلّط الضوء على أهمية المسارات الأيضية في التليف.
  • تنشيط مسار فوسفات البنتوز (PPP): يمكن أن يؤثّر مسار تنشيط فوسفات البنتوز، بما في ذلك الإنزيمات مثل هيدروجيناز الغلوكوز 6 فوسفات (G6PD)، في الأرومة الليفية العضلية التي تعاني نقصاً في جين WWP2، على عمليات التمثيل الغذائي الخلوي ودعم وظائف الميتوكوندريا.
  • تنظيم العمليات الأيضية الرئيسة: ينظّم جين WWP2 العمليات الأيضية الرئيسية في الأرومة الليفية العضلية، خاصة تلك الموجودة في الميتوكوندريا. يمكن أن يؤثّر الخلل في تنظيم هذه المسارات الأيضية في عملية تنشيط الأرومة الليفية العضلية وانتشارها، وبالتالي يؤثّر في التليف الكلوي.
  • عدم التجانس الأيضي/الاستقلابي: ويقصد به الاستجابة التكيفية أو التطورية للخلية الليفية نفسها لبيئة متغيرة. على سبيل المثال، قد تجبر العلاجات أو التغييرات في فسيولوجيا الجسم بالكامل الأرومة الليفية العضلية على إحداث تغييرات في عملية التمثيل الغذائي.

تظهر الأرومة الليفية العضلية عدم تجانس استقلابي في أمراض الكلى المزمنة، وفهم هذا التنوع والتعقيد ضروري لكشف مدى مساهمته في التليف، كما أن استهداف هذه المسارات الأيضية قد يقدّم استراتيجيات علاجية جديدة لإدارة التليف الكلوي في أمراض الكلى المزمنة.

اقرأ أيضاً: ما العادات الحياتية والأطعمة والمشروبات التي يمكننا رفع معدل الاستقلاب من خلالها؟

كيف تمكن الاستفادة من نتائج الدراسة في تطوير علاجات مستقبلية؟

تفتح نتائج الدراسة السابقة الباب أمام تطوير تدخلات علاجية محتملة منها:

  • استهداف جين WWP2: يمكن أن تساعد الاستراتيجيات التي تهدف إلى تعديل التعبير الجيني لـ WWP2 أو نشاطه على تنظيم نمو الأرومة الليفية العضلية، وبالتالي الحد من تفاقم تليف الكلى.
  • تعديل المسارات الأيضية: تشير إعادة البرمجة الأيضية إلى قدرة الخلايا المرضية على تغيير عملية التمثيل الغذائي الخاصة بها، من أجل دعم الطلب المتزايد على الطاقة بسبب النمو المستمر والانتشار السريع، وغيرها من الخصائص النموذجية للخلايا الورمية. يمكن لفهم عملية إعادة البرمجة الأيضية التي تتم في الأرومة الليفية العضلية وتأثيرها في التليف الكلوي أن يفتح طرقاً لاستهداف مسارات أيضية محددة. فعن طريق إجراء تغييرات لتنظيم عمليات أكسدة الأحماض الدهنية، وتحلل السكر، ووظيفة الميتوكوندريا في الأرومة الليفية العضلية يمكن تطوير أساليب علاجية جديدة لإدارة تفاقم مرض الكلى المزمن.
  • التثبيط الدوائي لـPGC-1: يمنع جين WWP2 نسخ PGC-1، وهو وسيط يعمل على تنظيم عملية استقلاب الطاقة في الخلية، ويرتبط وجوده بالعديد من الاضطرابات مثل السمنة والسكري واعتلال عضلة القلب. وهذا يشير إلى أن استهداف PGC-1 أو مساراته النهائية يُعدُّ استراتيجية علاجية قابلة للتطبيق لتخفيف التليف الكلوي.
  • العلاجات المخصصة: نظراً لعدم التجانس الأيضي للأرومة الليفية العضلية في مرض الكلى المزمن، فإن الأساليب العلاجية الشخصية التي تأخذ في الاعتبار الملامح الأيضية للأرومة الليفية العضلية لدى المرضى يمكن أن تؤدي إلى استراتيجيات علاجية أكثر فاعلية مصممة خصيصاً لحالات استقلابية محددة.
  • تطوير أدوية جديدة: يمنحنا فهم العمليات الحيوية والتفاعلات الجزيئية الكامنة وراء تليف الكلى وإعادة البرمجة الأيضية فرصاً لتطوير أدوية جديدة تستهدف WWP2 وPGC-1 وغيرها من العوامل المنظمة الرئيسة المشاركة. من المحتمل أن تؤدي هذه الأدوية إلى تعطيل المسارات الحيوية التي تؤدي إلى التليف واستعادة التوازن الأيضي في الأرومة الليفية العضلية، ومن ثَمَّ إبطاء تقدم الورم الليفي في مرض الكلى المزمن أو عكسه.

ولتحقيق هذه الغاية، يجري فريق الدراسة محادثات مع أصحاب رؤوس الأموال لتطوير مثبطات WWP2 لعلاج أمراض القلب والكلى.