مع حقيقة أن الوقود الأحفوري قابل للنفاد، نتيجة نمو الطلب عليه خلال العقود الأخيرة، واستهلاك ما خزنته الطبيعة لملايين السنين في باطنها، ونتيجة لتزايد مخاطر الاحتباس الحراري على كوكبنا، كان لا بد من التفكير في البحث عن مصادر طاقة متجددة، وهو النهج الذي اتبعته شركة التعدين الأسترالية فورتسكو، فمن أجل تنظيف عملياتها، وتوفير مصاريفها وانبعاثاتها؛ أعلنت الشركة الأسترالية عن أول قطار كهربائي قادر على إعادة شحن نفسه ذاتياً، ويسمى "قطار اللانهاية" أو "قطار إنفينيتي".
مجموعة فورتسكو للتعدين ومساعيها الخضراء
تمتلك مجموعة فورتسكو للتعدين شبكة سكك حديدية خاصة بها، تضم 16 قطاراً يسحب 54 قاطرة عاملة، ويصل طول كل مجموعة قطر إلى نحو 2.8 كيلومتراً وهي تعمل على نقل 34,404 طنّاً من الحديد الخام في 244 عربة نقل للمواد الخام. خلال عام 2021 استهلكت شركة التعدين فورتسكو 82 مليون لتر من وقود الديزل لعمليات النقل عبر السكك الحديدية، وهو ما يمثل 11% من الانبعاثات الناتجة عن الشركة.
استعداداً لمستقبل أخضر، وبعد الأخذ بعين الاعتبار توصيات الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ ضمن إطار اتفاقية باريس للحد من ارتفاع درجة الحرارة العالمية إلى أقل من درجتين مع نهاية القرن، وإدارة الموارد الأرضية؛ دخلت شركت فورتسكو في سباق إزالة الكربون، وتحوّلت إلى شركة عالمية للطاقة المتجددة والموارد الخضراء.
التعاون المثمر مع شركة ويليامز للهندسة المتقدمة لصناعة قطار إنفينيتي
من أولى خطوات شركة فورتسكو نحو بيئة مستدامة وإزالة الكربون هو استحواذها على شركة ويليامز البريطانية للهندسة المتقدمة، مقابل مبلغ نهائي يزيد قليلاً عن 300 مليون دولار أسترالي (221 مليون دولار أمريكي)، وإدارتها من قبل شركة فورتسكو للصناعات المستقبلية وللطاقة الخضراء والتكنولوجيا والتنمية. توجّت استحواذها بإعلان تصنيعها "قطار إنفينيتي" أو "قطار اللانهاية" الأول من نوعه في العالم والذي لا يُصدر أية انبعاثات غازية، ويعتمد على طاقة الجاذبية لإعادة شحن الأنظمة الكهربائية للبطاريات دون الحاجة لأية مصادر طاقة خارجية، بتكلفة تُقدر بـ 50 مليون دولار، على أمل تسويقه عالمياً لاحقاً.
تقول إليزابيث جاينز، وهي الرئيس التنفيذي لشركة فورتسكو: "يعتبر الاستحواذ على ويليامز للهندسة المتقدمة خطوةً مهمة في انتقال فورتسكو إلى شركة عالمية للطاقة والموارد الخضراء. نحن نؤسس بسرعة اللبنات الأساسية التي ستسمح لنا بدمج التكنولوجيات مع قدراتنا على التصنيع وتوليد الطاقة الخضراء وتوزيعها بشكل كامل لتقديمها عبر سلسلة القيمة بأكملها. يعد مشروع قطار إنفينيتي مشروعاً مهماً يجب تطويره مع شركة ويليامز للهندسة المتقدمة، لتحقيق هدفنا المتمثل في إزالة الكربون من عمليات التعدين لدينا بحلول عام 2030".
وفقاً للدكتور أندرو فوريست، مؤسس ورئيس مجلس إدارة فورتسكو "لن يؤدي قطار إنفينيتي فقط إلى تسريع سباق فورتسكو للوصول إلى صافي انبعاثات صفرية بحلول عام 2030، بل إلى خفض تكاليف التشغيل لدينا أيضاً، ورفع كفاءات الصيانة والفرص الإنتاجية".
اقرأ أيضاً: كيف يمكن تأمين القطارات وتحسينها
كيف يعمل قطار إنفينيتي؟
وفقاً لقوانين الفيزياء، فإن الطاقة لا تفنى بل تتحول من شكل إلى أشكال أخرى، وهو ما يحدث لدى الضغط على مكابح سيارات الديزل أو البنزين، حيث يرفع السائل الهيدروليكي وسادات الفرامل لتحتك بكلّ عجلةٍ، ما ينتج عنه إبطاء للسيارة وتوليد للحرارة بفعل الاحتكاك. انطلاقاً من هذا المبدأ كان مصطلح الكبح المتجدد، وهو وسيلة لتحويل طاقة الكبح إلى طاقة كهربائية لشحن البطارية التي تقود العربة، فكيف يعمل؟
يعمل المحرك الكهربائي على دفع العجلات وتحريك السيارات للأمام أثناء التزويد بالوقود، وعند رفع القدم عن دواسة الوقود يبدأ المحرك بإعادة شحن البطارية.
على غرار الكبح المتجدد، عندما يهبط القطار منحدراً، يحوّل الطاقة الكامنة للجاذبية إلى طاقة كهربائية من خلال الكبح المتجدد، فيولد الكهرباء ويخزنها في بطاريات خاصة لإعادة استخدامها في تشغيل القطار، وعندما يتجه القطار صعوداً يستهلك الطاقة الكهربائية المخزنة في البطارية، وتتم التحويلات في القطار بواسطة المحرك الكهربائي لقطار إنفينيتي.
تقول جاينز: "يتمتع قطار إنفينيتي بالقدرة على أن يكون القاطرة الكهربائية ذات البطاريات الأكثر كفاءة في العالم، إذ أن إعادة توليد الكهرباء، خلال نقل الأقسام المحملة على المنحدرات، سيلغي الحاجة إلى مصادر الطاقة غير المتجددة، وإعادة شحن البنية التحتية، ما يجعلها حلاً فعالاً من حيث رأس المال، وللتخلص من انبعاثات الديزل الناجمة عن عمليات النقل على سككنا الحديدية".
واستخدام وقود الأمونيا لتشغيل قطارات التعدين، ومع انتهاء تصنيع قطار إنفينيتي، يمكن لشركة فورتسكو أن تقول وداعاً للوقود الأحفوري.