شارك
الرئيسية
يجد الكثيرون ممن تجاوزوا الأربعين عاماً أنفسهم يُبعدون الكتاب أو الجريدة عن أعينهم حتّى يتمكنوا من القراءة بشكل أفضل، والبعض يكاد لا يفارق نظاراته الطبية وحتى قد يضطرون إلى تكبير حجم خط هواتفهم المحمولة وتحسين إضاءة الشاشة حتّى تكون الرؤية أوضح، باختصار هكذا نستدل على بدء حدوث مد البصر الشيخي المرافق للتقدم بالسن.
وعلى الرغم من تفاوت العمر الذي يبدأ فيه مد البصر الشيخي أو مدى شدته، يبقى نتيجة شبه حتمية وذلك نظراً لتراجع مرونة الجسم البلوري والعضلات القزحية ما يُضعف من انقباضها واسترخائها، وبذلك تزداد صعوبة التركيز على الأشياء عن قرب.
وبحثاً عمّا إذا العلاج الدوائي سيكون قادراً على منع حدوث ذلك، تم تركيب دواء جديد حصل على موافقة إدارة الغذاء والدواء الأميركية ويعُرف بـ “فويتي” (VUITY)، وهو على شكل قطرة عينية تُحسّن الرؤية للأجسام القريبة. فما التجارب السريرية التي استندوا عليها؟
اقرأ أيضاً: لأول مرة: نجاح بنكرياس اصطناعي في التحكم بالسكري من النمطين الأول والثاني
قطرة يومية تغيّر الطريقة التي يتعامل بها أطباء العيون مع مد البصر الشيخي
يشتمل تركيب القطرة العينية على “بيلوكاربين كلوريد الصوديوم 1.25%” ذو التأثير المقبض لحدقة العين والذي يقلل من شدة مد البصر الشيخي، إذ إن الحدقة المقبوضة لا تُخفف من شدة مد البصر بحد ذاته وإنما تُخفف من شدة ظهوره.
والجرعة الموصى بها هي قطرة واحدة يومياً، وتمارس تأثيراً يبدأ بعد 15 دقيقة ويصل إلى ست ساعات بشكل وسطي، الأمر الذي يعتبر آمناً وفعّالاً وجيد التحمل مقارنة بالخيارات الأخرى لإدارة مد البصر الشيخي كالعلاج الجراحي. وقال الطبيب “جورج وورنج” الحاصل على شهادة دكتوراة في طب العيون ومدير مؤسسة وارينغ فيجن الطبية (Waring Vision Institute) في ساوث كارولينا والباحث الرئيسي في دراستي “جيمني 1 و 2” (GEMINI 1,2) اللتين اهتمتا بدراسة تأثير القطرة العينية على مجموعة من المشاركين: “ما يُشجع بشكل خاص هو التأثير السريع ومدة فعالية هذه القطرة لتحسين الرؤية القريبة والمتوسطة دون التأثير على الرؤية عن بعد بقطرة واحدة يومياً، الأمر الذي يعتبر مغيراً للحياة، خاصةً لأولئك الذين يعانون من مد البصر الشيخي الخفيف إلى المتوسط”.
كما قال “مايكل سيفيرينو” نائب رئيس مجلس الإدارة ورئيس الشركة الدوائية “آب في” (AbbVie): “نحن فخورون بتقديم “فيوتي” كقطرة عينية أولى من نوعها تستخدم مرة واحدة يومياً والتي نعتقد أنها ستغيّر الطريقة التي يتعامل بها الناس وأطباء العيون مع مد البصر الشيخي، وما كانت موافقة إدارة الغذاء والدواء على هذا الدواء سوى دافع أغنى سعينا للحصول على علاجات جديدة ومبتكرة في مجال طب العيون”.
ماذا تضمنت التجارب السريرية للقطرة العينية؟
اعتمدت موافقة إدارة الغذاء والدواء على بيانات ونتائج دراستين سريريتين في المرحلة الثالثة لهما، وهما “جيمني 1″ و”جيمني 2” اللتان قيّمتا فعالية وسلامة وتحمل “فويتي” لعلاج مد البصر الشيخي.
اقرأ أيضاً: بارقة أمل لمصابي الشلل مع علاج جديد يعتمد على التحفيز الكهربائي
شارك 750 متطوعاً ممن يعانون من مد البصر الشيخي -تراوحت أعمارهم بين 40 و55 سنة- في هذه الدراسة، وتم توزيع المتطوعين بشكل عشوائي وأعطي النصف قطرة “فويتي” بينما أعطي النصف الثاني دواءً وهميّاً.
وبعد فحص المرضى، تم إيجاد تحسن كبير في الرؤية القريبة في ظروف الإضاءة المنخفضة دون التأثير على الرؤية عن بعد وذلك بعد تطبيق الدواء بشكل مستمر لمدة 30 يوماً، وتفاوتت نتائج الفحص العيني بشكل كبير بين الأشخاص ممن تلقوا الدواء الحقيقي وأولئك الذين تلقوا الدواء الوهمي، ما يؤكد فعالية القطرة العينية، كما أن الذين عُولجوا بالدواء الحقيقي اكتسبوا قدرة على قراءة ثلاثة أسطر إضافية في اختبار تحديد قوة البصر في ظروف الإضاءة المنخفضة.
ما الآثار الجانبية للدواء الجديد؟
لم تكن للقطرة العينية آثار جانبية واضحة في أي من الدراسات السريرية، واقتصرت المضاعفات التي شوهدت على الصداع واحمرار بسيط في العينين وذلك عند 5% من المشاركين، وغالباً ما تتعلق هذه الآثار الجانبية باستخدام القطرة بشكل صحيح، إذ يُنصح بتجنب استخدام أدوية العين الموضعية أو العدسات اللاصقة أثناء استخدام “فويتي”، وإن اضطر الأمر على الشخص أن ينتظر 10 دقائق بين تطبيق علاجات العين الموضعية ووضع عدسات العين اللاصقة.
من جهة أخرى، تضمنت مجموعة الآثار الجانبية المحتملة لاستخدام “فويتي” ما يلي:
- احتقان الملتحمة والشعور بإحساس لاذع أو حارق في العينين.
- الشكوى من حكة أو احمرار في العين.
- تورم العين.
- الصداع.
- ظهور مفاجئ للأضواء الساطعة أو الأجسام الطافية.
- خطر انفصال الشبكية والذي يعتبر حالة طبية طارئة قد تؤدي إلى فقدان البصر في حال لم يتم تدبيرها بشكل إسعافي.
اقرأ أيضاً: فاقد الشيء أعطاه وطوره: كيف تمكن علماء فاقدون للبصر من تحسين تقنية عمرها أكثر من قرن
بينما تقدم هذه القطرة العينية خياراً علاجياً مخففاً لأعراض نقص البصر المرافق لمد البصر الشيخي، إلا أنها لا تُغني عن استبدال نظارات القراءة تماماً، ويجب دائماً استشارة مقدم الرعاية الصحية الخاص بك عند التفكير بخياراتك العلاجية لتقييم ما هو مناسب لحالتك الصحية.