في الشهر الأول من عام 2022، اتخذت دولتان خطوات جديدة نحو تبني تقنية جديدة كانت تعتبر حلماً بالنسبة لصناعة السيارات الكهربائية؛ البطاريات القابلة للتبديل.
افتتحت شركة «نيو» (NIO) الصينية لصناعة السيارات في احتفالية تغص بالأضواء والآلات المتطايرة محطة تبديل بطاريات للسيارات الكهربائية في النرويج الشهر الماضي. من المفترض أن تتيح هذه المحطة للسائقين استبدال البطاريات الفارغة في غضون دقائق. وفي الهند، ألمحت نيرمالا سيترامان، وزيرة المالية الهندية، في خطاب الميزانية للعام المقبل إلى خطةٍ تنوي الحكومة تطبيقها، حيث قالت وفقاً لرويترز: «سيتم تطبيق سياسة استبدال البطاريات نظراً إلى قلة المساحة اللازمة لإنشاء محطات الشحن على نطاقٍ واسع في المناطق الحضرية».
https://youtu.be/9LMRGjqTkM0
حفل افتتاح محطة مبادلة البطاريات الذي أقامته شركة نيو.
شركة نيو: أكبر اللاعبين في هذا الميدان حالياً
من الناحية النظرية، يتجاهل النهج أي حاجة لإحداث اختراقٍ في سعة البطارية أو السرعة. باختصار، وبدلاً من الانتظار لملء البطارية المستنفدة، يمكن للسائق استبدال بطارية السيارة عند الحاجة، تماماً كما يفعل عند تبديل بطارية الكاميرا أو اللعبة عند نفادها.
لكن في الممارسة العملية، كما يقول جيل تال، مدير مركز أبحاث المركبات الهجينة والكهربائية في جامعة كاليفورنيا ديفيس، فإن نهج استبدال البطارية يستبدل تحديات الشحن السريع بتحدياتٍ أخرى. ويضيف في هذا الصدد: «المشكلة هي أنه سيكون هناك حاجة لشحن عدد أكبر من البطاريات لكل سيارة تسير على الطريق. يمكن لشركة ما تقليل عدد البطاريات في السيارة عن طريق شحنها بشكل أسرع، ولكن ذلك لن يؤدي إلا إلى إزاحة تكاليف الشحن السريع».
تعد شركة «نيو» حالياً المشغل الرئيسي الوحيد لشبكة تبديل بطاريات السيارات، وتخطط الشركة لبناء 700 محطة استبدال للبطاريات بحلول نهاية عام 2022، وتقول الشركة في بيانٍ لها أنها أجرت 500 ألف عملية استبدال حتى منتصف عام 2020. (للحصول على فكرة عن حجم قطاع السيارات في الصين، ذكرت صحيفة «ساوث تشاينا مورنينج بوست» عام 2017 أنه يوجد في البلاد أكثر من 300 مليون سيارة عاملة).
وفقاً لشركة نيو، تتيح محطات الشركة لسائقي السيارات الكهربائية الحديثة التي تصنعها الشركة تبديل البطاريات في غضون 3 دقائق فقط. وتخطط الشركة لافتتاح المزيد من المحطات في النرويج هذا العام، حيث تبيع أيضاً اشتراكات البطارية بشكل منفصل عن السيارة نفسها.
في عام 2013، كانت آخر محاولة ضخمة لإنشاء البنية التحتية اللازمة لمشروع استبدال البطاريات بقيادة شركة «بيتر بليس» (Better Place) قد فشلت، وذلك بعد أن أفلست الشركة بعد عجزها عن سداد ديونها التي بلغت 800 مليون دولار. في ذلك الوقت، جادل إيفان ثورنلي، المدير التنفيذي لشركة بيتر بليس آنذاك، بأن مشروع الشركة ما يزال مربحاً من الناحية التجارية، لكن فشله يرجع أساساً إلى سوء التنفيذ.
يكمن التحدي الرئيسي في نهج استبدال البطاريات في حقيقة أنها تتطلب دعم شركات السيارات وكذلك المستهلكين. يقول تال: «الأمر أشبه بالطلب من مصنعي السيارات أنه يتعين عليهم جميعاً تركيب محرك تويوتا لسياراتهم».
حل للكثير من المشكلات
كان مشروع شركة «بيتر بليس» الناشئة مربحاً من الناحية المنطقية في بداياته عام 2008، لأن أسعار الغاز كانت مرتفعة، ما دفع مشتري السيارات نحو السيارات منخفضة الانبعاثات. وفي الوقت نفسه، كانت خيارات السيارات الكهربائية محدودة بالسعر والتكنولوجيا، وبدت سياسة تبديل البطارية حلاً معقولاً لهذه المشكلات. عندما انخفضت أسعار الغاز مرة أخرى، تلاشت الفوائد التي كان سيجنيها المستهلكون.
في غضون ذلك، ظهرت مشاريع بديلة تقدم حلولاً جديدة لشحن البطاريات. أصبحت بطاريات السيارات الكهربائية أرخص، وزاد مداها، وبدأ صانعو السيارات في تصميم سيارات يمكن أن تدعم الشحن السريع، والتي يمكن أن تسير لمئات الكيلومترات الإضافية بعد شحنها لمدة نصف ساعة فقط. في 11 فبراير/شباط 2022، أعلنت إدارة بايدن عن خطط لاستثمار 5 مليارات دولار في تقنيات شحن المركبات الكهربائية، مع إعطاء الأولوية لمحطات الشحن السريع على طول الطرق السريعة الفيدرالية.
كانت شركة تيسلا، أكبر بائع للسيارات الكهربائية في العالم، قد قامت بتجربة محطة تبديل البطاريات في عام 2013. ومع بدء تشغيلها للآلاف من محطات «سوبر تشارجر» الجديدة في عام 2016، أُنهي العمل بهذا المشروع دون ضجة. وبعد تقرير في أوائل عام 2021 زعم أن الشركة قد استثمرت في تكنولوجيا استبدال البطاريات هذه في الصين، نفت تسلا هذه الشائعات. حيث قال مسؤول في تسلا، طلب عدم ذكر اسمه، لموقع «شانغهاي شاين» الإخباري، إن نهج تبديل البطاريات «مليءٌ بالمشاكل، وليس مناسباً للاستخدام على نطاقٍ واسع».
اقرأ أيضاً: ما هي مميزات وعيوب السيارات الكهربائية؟
لمن يهمه الوقت
قد يكون تبديل البطارية مفيداً في بعض الحالات المحددة، مثل التعامل مع المركبات التي تملكها وتشغلها نفس الشركة. يقول تال: «يمكن أن يكون المشروع مفيداً بالنسبة لبعض الشركات المتخصصة، والتي يمثل الوقت بالنسبة لها أهمية كبيرة. فإذا كان الشحن السريع يستغرق نصف ساعة، بينما يستغرق تبديل البطارية 5 دقائق، يمكنك توفير 25 دقيقة. وهذا الوقت ذو أهمية كبيرة بالنسبة إلى شركات التوصيل مثل «فيديكس» أو «أمازون»، فقد تجد أن توفير 25 دقيقة يستحق تكلفة الاستثمار في استبدال البطاريات بالفعل».
يمكن أن يكون تبديل البطارية ملائماً للمركبات الأصغر أيضاً، مثل الدراجات الكهربائية، والتي غالباً ما تحتوي بالفعل على بطاريات قابلة للإزالة. كمثالٍ على ذلك، وفقاً لتال، يمكن لشخصٍ يستقل دراجته الكهربائية يومياً إلى المكتب أن يضع البطارية المستنفدة على الشحن، ويستخدم البطارية التي شحنها بالأمس للعودة إلى المنزل بدلاً عنها.
وعلى سبيل المثال، تدير شركة «غوغورو» التايوانية لتصنيع الدراجات الكهربائية شبكة من محطات البطاريات، وتدعي أنها تسهل عملية استبدال أكثر من 200 ألف بطارية يومياً.
وفي الهند، تبدو شركات المركبات الصغيرة مهتمة بهذا الأمر. ففي ديسمبر/كانون الأول من 2021، ذكر موقع«بيزنس ستاندارد» الهندي أن شركة «ماهيندرا» المصنعة للسيارات قد دخلت في شراكة مع شركة النفط «ريليانس إنداستري» لتطوير تكنولوجيا تبديل البطاريات لسيارات توصيل الطعام. كما أعلنت شركة الدراجات النارية «هيرو موتوكورب» في ربيع عام 2021 أنها ستفتتح شبكة من محطات تبديل البطاريات بالتعاون مع شركة غوغورو.
مثل الكثير من التقنيات الخضراء، سيكون تبديل البطارية مفيداً في بعض الحالات، ولكنه لن يكون حلاً سحرياً.