تُعتبر حرائق السيارات موضوعاً مثيراً للجدل، خصوصاً إذا كانت السيارات تعمل بالكهرباء. في العام الماضي، اضطرت شركة جنرال موتورز إلى سحب جميع سياراتها الكهربائية من طراز «بولت» بعد أن اشتعلت النيران في أكثر من 12 سيارة منها، وهي مشكلة كلّفت شركة «إل جي»، الشركة المصنعة لبطاريات هذه السيارات، نحو 2 مليار دولار. وإذا اشتعلت النيران في إحدى سيارات تسلا الكهربائية مثلاً، فإن الخبر سيصبح حديث الناس وسيتصدر عناوين الصحف.
من الواضح أن التعامل مع حرائق السيارات الكهربائية يمثل تحدياً بالنسبة لفرق الإنقاذ، حيث يمكن أن تستمر السيارة بالاحتراق لدرجةٍ يصعب عندها إخماد النيران نهائياً. لكن من غير الواضح تماماً ما إذا كان احتمال اشتعال النار في السيارات الكهربائية أكبر من السيارات ذات محرك الاحتراق التقليدي.
السيارات الهجينة: الحلقة الأضعف في مواجهة الحرائق
ألقى تقرير صدر مؤخراً عن شركة تأمينٍ على السيارات عبر الإنترنت، تُدعى «أوتو إنشورانس إي زيد»، بعض الضوء على هذه المشكلة، على الرغم من أن النتائج التي خلص إليها التقرير ليست نهائية. في التفاصيل، قام الباحثون في الشركة بتحليل البيانات المأخوذة من المجلس الوطني لسلامة النقل (NTSB)، ولمراعاة حقيقة أن عدد السيارات المزودة بمحركات الاحتراق التقليدية أكثر بكثير من السيارات الكهربائية، فقد أخذ باحثو الشركة في الاعتبار أرقام المبيعات لأنواع مختلفة من المركبات.
أظهرت النتائج أنه من بين كل 100 ألف سيارة بِيعت في كل فئة، سجلت السيارات الكهربائية أقل عدد من الحرائق. كانت السيارات الهجينة الأكثر عرضة لخطر الحريق، بينما جاءت السيارات التقليدية في المنتصف.
يدرس بول كريستنسن، الأستاذ في كلية الهندسة بجامعة نيوكاسل في إنجلترا، قضية حرائق المركبات الكهربائية ويقدم المشورة لعمال الإنقاذ حول هذا الموضوع. يقول في هذا الشأن: «في الوقت الحالي، أعتقد أن احتمال حدوث حرائق تلقائية في السيارات الكهربائية أقل من احتمال حدوثها في المركبات التقليدية التي تعمل بالديزل أو البنزين. لكن المشكلة التي نواجهها هي أن عملية جمع البيانات كانت متقطعة جداً وما زلنا نفتقر إلى البيانات الكافية».
ويضيف: «تُثار الكثير من الجلبة حول السيارات الكهربائية عند طرحها، وهي مشكلة تجعل اكتشاف الحقيقة الأساسية بشأن هذه القضية أكثر صعوبة. إذا ركزنا على الحوادث المبلغ عنها في هذا الشأن، يبدو أن معدل الحرائق في السيارات الكهربائية أقل. أعتقد أن السيارات الكهربائية ليست أكثر خطورة، والحرائق التي تحدث بها تطرح تحديات مختلفة تماماً».
ظهرت بعض هذه التحديات بوضوح في تقريرٍ صدر عن المجلس الوطني لسلامة النقل في أوائل العام الماضي. يذكر مقطع فيديو ضمن التقرير أن عمال الإنقاذ في الولايات المتحدة يتعاملون مع نحو 170 ألف حريق في السيارات كل عام، ويسلط المقطع الضوء على ثلاث قضايا سلامة منفصلة تتعلق تحديداً بالمركبات الكهربائية وبحرائقها: الانفلات الحراري واشتعال البطارية مجدداً والطاقة المحتفظ بها، والتي تشير إلى الطاقة المتبقية في البطاريات بعد الحريق. وتمثل إحدى الحالات المذكورة والتي حدثت في عام 2017 في ليك فورست في كاليفورنيا مثالاً على حقيقة أنه من الممكن أن يندلع حريق السيارة الكهربائية مجدداً بعد إخماده.
يلخص توماس بارث، المهندس في مجلس السلامة ومحقق حوادث الطرق السريعة، ما حدث قائلاً في مقطع الفيديو: «اشتعلت البطارية مجدداً أثناء قيام المستجيبين من جديد برفع السيارة على الشاحنة. لقد نشأت داراتٌ كهربائية قصيرة جديدة عند تحريك البطارية أدت لاشتعال النار من جديد».
اقرأ أيضاً: أخيراً: تصنيف السيارات ذاتية القيادة وفقاً لمعايير السلامة
نصيحة غريبة للتعامل مع حرائق السيارات الكهربائية
يقدم كريستنسن، والذي يقدم عادةً المشورة لطواقم الإنقاذ حول كيفية التعامل مع حرائق السيارات الكهربائية، نصيحةٌ غريبة يشدد على أنها رأيه الشخصي وليس سياسةً رسمية: «دع السيارة تحترق، إذ بمجرد أن تدخل بطارية واحدة في مرحلة الانفلات الحراري ويبدأ بالانتشار، ستخسر السيارة كلياً، فلماذا تخاطر بحياتك من أجل إطفائها؟ إذا كانت السيارة معزولةً ولا يوجد خطر من الحريق على أحد، دعها تحترق».
بالإشارة إلى تقرير أوتو إنشورانس إي زيد، يقول كريستنسن إنه فوجئ بأن السيارات الهجينة تتصدر القائمة بالنسبة لحرائق السيارات في هذه الدراسة، ولكنه لم يفاجأ بحلول المركبات الكهربائية أسفل القائمة. تعزو لورا آدمز، كبيرة المحللين في أوتو إنشورانس إي زيد، المعدل المرتفع نسبياً للحرائق في المركبات الهجينة إلى مزيج التقنيات التي تمتلكها هذه السيارات في المحرك. كما هو الحال مع جميع الدراسات، هذه مجرد مجموعة من النتائج في مرحلةٍ معينة. نتوقع إجراء المزيد من الأبحاث حول هذا الموضوع في المستقبل، خصوصاً وأن المركبات الكهربائية مستمرةٌ في اكتساب المزيد من الزخم في الأسواق.