كيف يمنع «قلق المدى» المرتبط بالشحن الاستخدام الواسع للسيارات الكهربائية؟

6 دقائق
كيف يمنع «قلق المدى» المرتبط بالشحن الاستخدام الواسع للسيارات الكهربائية؟
قد يكون امتلاك الوقت الكافي لشحن مركبتك الكهربائية أمراً صعباً. حقوق الصورة: ديبوزيت فوتوز.

بالنسبة لقليلي الخبرة، فإن قلق المدى (Range Anxiety) هو مصطلح يبدو علمياً نشأ في أوائل عام 2010 لوصف الضغط الناتج عن قيادة السيارة الكهربائية (EV) عندما لا تكون متأكداً بالضبط من متى وأين قد تكون محطة الشحن التالية. ولكن هل لا يزال القلق بشأن المدى موجوداً في عام 2022، أم أنه مجرد حجة لطيفة يلجأ إليها نقاد السيارات الكهربائية لتهدئة مخاوفهم من أن المركبات الكهربائية لا يمكن أبداً أن تحل محل سيارات البنزين التقليدية؟ لقد فكرت في هذا كثيراً أثناء ركوب بعض السيارات الكهربائية حول أوهايو.

أثناء اختباري لقيادة السيارات الكهربائية الذي استمر لمدة شهر تقريباً في الغرب الأوسط، تعلمت أن الإجابة الحقيقية أكثر تعقيداً مما قرأته. في الواقع، لا يمكن للبنية التحتية العامة للشحن إخفاء حقيقة أن شحن سيارة كهربائية يستغرق وقتاً أطول بكثير من ملء سيارة تعمل بالوقود. وقت إعادة الشحن هذا هو وقت لا يمكن استغلاله دائماً لمن ليسوا من الطبقة المتوسطة ويعملون من المنزل مثلي. 

تتضمن الاختبارات التي أجريها قيادة سيارة «موستانج ماك-إي» الكهربائية في رحلة من كولومبوس إلى كليفلاند، كنوع من الرحلات الشاعرية إلى حدّ ما. تعتبر موستانج نسخة جديدة من الطراز الكلاسيكي القديم من حيث أنها تتمتع بخصائص مميزة، لكنها مختلفة تماماً. بطريقة ما، هل كنت على حق؟ في التاسعة عشرة من عمري، تركت كليفلاند لبدء حياة جديدة كاملة في كولومبوس. حصلت على شهادتي، وصنعت حياة، وأصبحت شخصاً جديداً تماماً، لكن ليس إلى حد كبير، أليس كذلك؟ لا أعتقد أن الناس يتغيرون كثيراً. لا تزال سيارة موستانج ماك-إي سيارة موستانج في جوهرها، وما زلت نفس الطفل البالغ من العمر 19 عاماً الذي هرب من كليفلاند قبل عشر سنوات.

قلق المدى في السيارات الكهربائية

لم أخطط لتحويل حياتي الشخصية إلى نوع من القصة الرمزية عن التغيير والأشياء الجديدة، لكنني لم أستطع إخراج الفكرة من رأسي. في النهاية، بعد زيارة مقري القديم في مدينة أكرون بولاية أوهايو القريبة، حان الوقت أخيراً للعودة إلى كولومبوس. كانت السيارة مشحونةً بنسبة 24%، ولم يتم تفريغها بالكامل، ولكنها ليست كافية للقيام برحلة بطول 200 كيلومتراً. لقد فقدت الإحساس بالوقت وتأخرت، وكنت متعباً وجائعاً. لو كانت موستانج تعمل بالوقود، لكنت توقفت في مدينة «شيتز» في طريقي إلى المنزل وملأتها ببعض الوقود، وتزودت ببعض القهوة الرخيصة وبعض الطعام، وقضيت 98 دقيقة فقط بهذه السيارة الجيدة إلى حد ما حتى أصل إلى المنزل. لم أستطع فعل ذلك مع سيارة ماك-إي.

كانت محطة الشحن السريع، والتي تحمل علامة «دي سي» التجارية، في مدينتي في مكانٍ معزول بجوار محطة حافلات «أكرون ميترو»، في الجزء الخلفي من محطة «سي إن جي» ذاتية الخدمة. لم يكن ذلك خطأ السيارة؛ إذ كانت محطات الشحن الأخرى على بعد أميال، وحسب ما رأيته على الخريطة، كانت محطاتٍ متباعدة جداً أيضاً. مع شعوري بالإحباط، توجهت إلى محطة الشحن وقمت بتوصيل السيارة بها. قال تطبيق سيارتي الفورد إن الأمر سيستغرق نحو ساعة كي تصل نسبة الشحن إلى 80%، والتي ستسمح لي بالقيادة 240 كيلومتراً. لقد أصبح الجو أكثر برودة، وكانت رحلة العودة تقريباً بالكامل على الطريق السريع. كنت أعلم أنه يمكنني أن أقطع 240 كيلومتراً في أحسن الأحوال إذا كنت متفائلاً جداً. أحتاج إلى المزيد من الشحن، ليس فقط للعودة إلى المنزل، ولكن أيضاً لحساب التفريغ البارد، حيث يتعين على سيارة موستانج إبقاء البطاريات دافئة في درجات حرارة أقل من درجة التجمد طوال الليل. مرة أخرى، ليس خطأ السيارة، تحتاج معظم المركبات الكهربائية إلى إبقاء بطارياتها دافئة حتى لا تتجمد المحاليل الكهربائية فيها وتضر بالبطارية. 

ما الذي يمكن أن تفعله بينما تنتظر شحن بطارية السيارة بالكامل؟

"وماذا علي أن أفعل الآن؟" قلت بصوت عالٍ بعد توصيل سيارة الموستانج بالشاحن السريع الوحيد. قمت بالعبث بهاتفي، وحاولت مشاهدة مقطع فيديو أو مقطعين على هاتفي، لكن سرعان ما أصبح ذلك مملاً. بدت الشاشة المركزية لي في سيارة موستانج وكأنها تحتوي على بعض الأشياء الترفيهية التي يمكنني اللعب بها أثناء انتظاري، لكنها أصبحت مملة أيضاً. كانت مقاعد السيارة مريحة تماماً وداعمة للقيادة، ولكن بشكل عام، لم يتم تصميمها لتكون مكاناً للاسترخاء. بعد نحو 30 دقيقة من التقاط الصور وتصفح اليوتيوب ونيتفلكس، سيحتاج الشاحن السريع الذي تبلغ قدرته 50 كيلو واط إلى 90 دقيقةٍ أخرى على الأقل تقريباً كي أشحن السيارة بحيث أتمكن من الوصول إلى المنزل.

اقرأ أيضاً: ما هي مميزات وعيوب السيارات الكهربائية؟

سيارات تسلا مقابل غيرها: لقد فكر مصنعو تسلا بهذه المشكلة!

كان تجربة شحن سيارة تسلا أفضل، ولكن السبب لا يعود إلى سرعة الشحن. كانت مقاعد تسلا أكثر نعومة وأكثر ملاءمة للاسترخاء في السيارة. وقد كانت معظم محطات الشحن في مواقف السيارات المزدحمة قريبةً من محلات البقالة والمقاهي. يمكنني ترك سيارة «موديل-3» من تسلا والذهاب لتناول المشروب أو الطعام. كانت شاشة تسلا المركزية مزعجة أثناء القيادة، ولكن عند الشحن، كان النظر إلى الشاشة عالية الدقة ممتعاً حقاً. كانت الألعاب المدمجة في الشاشة، رغم انتقادي لوجودها، ممتعةً حقاً. لا يبدو أن أياً من مصنعي السيارات الكهربائية الأخرى التي كنت أقودها قد فكر يوماً كيف سيبدو الوقت الذي نقضيه في الشحن. تستغرق سيارة تسلا ذات البطارية الكبيرة نفس الوقت تقريباً المطلوب لشحن السيارات الكهربائية الأخرى، لكن تجربة تسلا كانت أسهل بكثير من العلامات التجارية الأخرى. 

بدون شاحن منزلي، وجدت نفسي أخطط للأوقات التي يمكنني فيها ترك سيارتي لشحنها خلال الأسبوع، والانتظار معها. أدى ذلك لاستبعاد جميع خيارات محطات الشحن العامة من المستوى الثاني، لأنه لم يكن لدي الوقت الكافي لإيقاف سيارتي في أي مكان أو العمل في مقهى لمدة ست إلى ثماني ساعات.

ومع ذلك، كان المركز التجاري ثابتاً. يحتوي مركز «إيستون مول» التجاري، وهو مركز راقٍ أو قد يبدو متوسطاً بالنسبة للبعض الآخر، على معظم خيارات الشحن. أقطن على بعد مسافةٍ قصيرة بالسيارة من هناك، ويقدم إيستون الشحن بالمجان، لذلك كانت معظم الأوقات التي أشحن فيها السيارة هناك. لكن ذلك أصبح مملاً بسرعة. عند القيادة في ظروف الشتاء العادية، كنت أقود السيارة حوالي 150-175 ميلاً في المتوسط (باستثناء سيارة تسلا التي يبلغ مداها 125 ميلاً) قبل أن أحتاج إلى العثور على محطة شحن. في المتوسط، تستغرق كل سيارة كهربائية من ساعتين إلى ثلاث ساعات لشحنها، حيث ينطوي ذلك أيضاً على القيادة إلى محطة شحن فارغة أو تعمل ووصل قابس الشحن. لذلك أقضي ست ساعات كل أسبوع في مكان آخر منتظراً شحن سيارتي. سرعان ما تحول التسوق عبر النوافذ في المركز التجاري من مجرد أمر جديد إلى عمل روتيني حيث كنت أبحث عن طرق أخرى لقضاء وقتي في المركز التجاري. مع اقتراب موعد نهاية الاختبار، بدأت أشعر بالقلق من ترك المركز التجاري.

اقرأ أيضاً: نظرة إلى مستقبل بطاريات الليثيوم أيون والسيارات الكهربائية

مشكلات أخرى يطرحها طول انتظار الشحن

لحسن الحظ، فإن العمل في دورية «كار بايبل» كان عن بعدٍ كلياً. يمكن أن تكون البنية التحتية في كولومبوس أفضل، ولكن كانت هناك خيارات شحن أخرى تقع بشكل أفضل في المساحات القريبة من المقاهي أو أماكن العمل المشترك حيث يمكنني استغلال تلك الساعتين إلى ثلاث ساعات للعمل بشكل منتج. ولكن ماذا لو كان العمل ليس عن بعد في كار بايبل؟ ماذا لو عدت إلى حياتي القديمة قبل العمل في كار بايبل، كسائق مشاركة أو عامل بيع تجزئة؟ ماذا لو كان لدي أطفال أو زوج؟ هل سأكون قادراً على تخصيص أربع إلى ست ساعات (إن لم يكن أكثر) من العبث بهاتفي في انتظار أن تصبح سيارتي قابلة للاستخدام مرة أخرى؟ الجواب هو على الأرجح لا. 

عندما كنت متوقفاً في محطة «دي سي» للشحن السريع الأكثر عزلةً في مسقط رأسي في أكرون، اتصلت بأوبر الذي قادني عبر المدينة لتناول وجبة ممتعة أثناء انتظاري لشحن سيارتي. هذا في حد ذاته هو امتياز. صحيح أن الشحن كان مجانياً، لكن كان لدي متسع من الوقت والمال والطاقة لإضاعة ما يقرب من ساعتين ونصف الساعة مقابل انتظار اكتمال شحن سيارة يبلغ ثمنها 60 ألف دولار. كان الوقت الضائع مجرد إزعاج بسيط لي. يمكن للألعاب المدمجة في سيارة تسلا أو تطبيقات جوجل بلاي في سيارة بولستار أن تجعل الأمور أسهل أثناء الشحن، ولكن تكلفة الفرصة البديلة هذه كان يمكن استغلالها بشكل أفضل على العمل أو العناية بالمنزل أو أشياء أخرى. ولكن كما يقول المثل، إن كونك فقيراً يكلفك الكثير من الوقت.

لكي تمتلك سيارة كهربائية، أنت بحاجة إلى محطة شحن في المنزل أو على الأقل مكان مناسب بالقرب من منزلك. وبذلك تختفي معظم المتاعب المرتبطة بامتلاك سيارة كهربائية عند الشحن بعيداً عن المنزل. بدلاً من العبث بهاتفك في السيارة أو قضاء ساعات في التسوق في المركز التجاري، يمكنك شحن السيارة بسهولة في المنزل أثناء نومك، وغالباً بعد استخدامها مباشرة.

 اقرأ أيضاً: دراسة جديدة تؤكد أن السيارات الكهربائية أقل عرضة للاحتراق

لا حاجة لشحن السيارة بالكامل

يصر العديد من صانعي السيارات، بما في ذلك فورد، على أن الرغبة في أن تصل نسبة الشحن إلى 100% هي حاجة نفسية بحتة ولا يوجد سبب حقيقي لشحن السيارة بالكامل. وذلك يزعجني حقاً. من الناحية النظرية، فإن امتلاك سيارة مشحونة بنسبة 100% يعني أنني لن أضطر إلى زيارة محطة الشحن كثيراً، ويمكنني قضاء وقتي في القيام بأشياء أخرى. أتخيل أن معظم الأشخاص ذوي الدخل المنخفض الذين قد يجدون أنفسهم يقودون سيارات كهربائية سيجدون أنفسهم في نفس الموقف.

آمل ألا ننسى الفقراء، أولئك الذين قد لا يهتمون بالضرورة بالبيئة، لكنهم قد يجدون أنفسهم يستخدمون المركبات الكهربائية كوسيلة نقل أساسية. القلق من المدى هو أكثر من مجرد قلق من المتحمسين المعارضين للمركبات الكهربائية عبر الإنترنت، إنها مشكلة حقيقية لها تكاليف حقيقية تتفاقم فقط بالنسبة للفقراء. لقد حان الوقت لكي تحظى السيارات الكهربائية بفرصتها لإدراك الصعوبات التي تأتي معها، خشية أن نبدأ في طريق النوايا الحسنة التي تجعل الأمور أسوأ بالنسبة لمن هم خارج الطبقة الوسطى.

المحتوى محمي