بينما تحاول الولايات المتحدة التحرك نحو اقتصاد الطاقة النظيفة وانبعاثات الكربون الصافية الصفرية بحلول عام 2050، يبدو أن الوقود الحيوي قد قطع شوطاً طويلاً. يمكن أن تكون هذه السوائل المستخلصة من الموارد المتجددة بديلاً مباشراً للطاقة للسيارات التي تستهلك كميات كبيرة من النفط أو للعمليات الصناعية دون الحاجة بالضرورة إلى تغيير كامل البنية التحتية لشبكة الطاقة.
على وجه الخصوص، يبدو أن الحكومة تزيد من تركيزها على المواد الخضراء التي يمكن أن تلبي بعض احتياجات الطاقة للأميركيين؛ ونعني هنا الطحالب.
ازدياد الاهتمام بمشاريع الطحالب الخضراء
في أوائل فبراير/شباط، أعلن مكتب تقنيات الطاقة الحيوية (BETO) التابع لوزارة الطاقة عن جولة تمويل جديدة بقيمة 19 مليون دولار لمشاريع يمكنها تحسين قدرة أنظمة الطحالب العاملة على التقاط ثاني أكسيد الكربون. لذلك هدفان: الحد من انبعاثات غازات الاحتباس الحراري، وزراعة الطحالب بهدف إنتاج الوقود الحيوي والمنتجات الحيوية الأخرى.
يأتي هذا الإعلان بعد سنواتٍ من الدعم المالي، بما في ذلك جولة المنح التي بلغ مجموعها 8 ملايين دولار، والتي أُعلن عنها صيف عام 2021. على الرغم من أن هذه الأرقام باهتة مقارنة بميزانية وزارة الطاقة الإجمالية لعام 2022 البالغة 40.3 مليار دولار، يبدو أن الطاقة الحيوية المستخرجة من الطحالب تحظى باهتمام متزايد- حتى أن هناك مسابقة طلابية جديدة للابتكار حول الكائنات المائية.
تقول شونا مانينغ، أستاذة الأبحاث المساعدة في العلوم الحيوية الجزيئية بجامعة تكساس في أوستن: «الهدف النهائي هو استبدال الاعتماد على الوقود الأحفوري بالوقود الحيوي». مانينغ هي أيضاً مديرة البحث والتطوير في المجموعة الاستزراعية للطحالب بالجامعة، والتي تسوق مخزونها لشركات الاستزراع المائي والتكنولوجيا الحيوية، بالإضافة إلى الباحثين وأصحاب الأعمال الصغيرة. ولكن، وكما تذكر مانينغ، هناك بعض العقبات في المراحل المختلفة لإنتاج الطحالب، من الزراعة إلى الحصاد والعمليات اللاحقة لتحويل الكائنات الحية إلى منتجات نهائية جاهزة للبيع.
الطحالب أساس اعتمادنا على الطاقة عمليّاً
من الناحية التقنية، تأتي معظم الطاقة المستخدمة حالياً من الطحالب. يأتي النفط الخام، والذي يشكل أساس صناعة الوقود الأحفوري، من رواسب الطحالب القديمة. بعد ملايين السنين من الحرارة والضغط، تحولت بقايا الحياة البحرية مثل النباتات وحقيقيات النوى إلى الهيدروكربونات التي يتكون منها النفط اليوم. لكن تعديل الطحالب لإنتاج النفط عند الطلب يمكن أن يوفر حلاً أقل كثافة للكربون لاحتياجات الطاقة. تمثل المشاريع الحائزة على المنح المالية مدىً واسعاً من الأساليب، بما فيها أنظمة التقاط الهواء المباشر اعتماداً على الطحالب، وإنتاج علفٍ للحيوانات.
في مركز أريزونا للابتكار التكنولوجي للطحالب في جامعة ولاية أريزونا، تُستخدم الأحواض الكبيرة المفتوحة لزراعة الطحالب. تُستخدم تقنية الطحالب لصنع منتجات متجددة مثل الوقود الحيوي وبدائل البلاستيك، بالإضافة إلى المغذيات، وهي عبارةٌ عن منتجات غذائية مغذية يمكن أيضاً استخدامها كمنتجات طبية، على غرار الشاي الأخضر والجنسنج.
ما هي تحديات استزراع الطحالب للحصول على الوقود الحيوي؟
إحدى المشاكل الرئيسية التي تذكرها مانينغ هي أنه على الرغم من أن هذه الأحواض قد تبدو غنيةً بالطحالب، إلا أنها لا تشكل سوى 1% من الحجم الإجمالي للحوض، والكتلة الحيوية الباقية هي الماء. يمثل هذا الأمر أحد التحديات الرئيسية لزراعة الطحالب على نطاق واسع؛ فلإنتاج كثافة عالية من الطحالب، يجب إزالة قسم كبير من المياه من المعادلة (يتم استخدام المياه مجدداً في النهاية ضمن النظام). وفقاً لتقديرات مانينغ، يمكن أن تمثل عملية الحصاد ونزح المياه 70% من تكلفة رأس المال.
بحثاً عن حل، استلهم المهندسون في مختبر شمال غرب المحيط الهادئ الوطني من عمليات الأرض وتوصلوا إلى طريقة لتكوين الوقود تسمى التسييل الحراري المائي (عملية إزالة البلمرة الحرارية). فبدلاً من استخلاص النفط (الوقود الحيوي) بشكل منفصل، يطبخون الطحالب والبروتينات كلها، في درجات حرارة وضغوط عالية جداً لمحاكاة عملية تكوين النفط تحت الماء. على الرغم من أن هذه العملية قد تم تجريبها على نطاقات صغيرة فقط حتى الآن، فقد تكون أحد الحلول المقترحة للتغلب على تكاليف نزح الماء الباهظة.
يهدف مشروع آخر تم تمويله مؤخراً في مركز إلينوي للتكنولوجيا المستدامة إلى تقليل تكاليف الزراعة والموارد باستخدام ثاني أكسيد الكربون المنبعث من عوادم محطة طاقة قريبة، وتوفير العناصر الغذائية من مياه محطات معالجة مياه الصرف الصحي. يهدف النظام، والذي سيتم بناؤه ضمن منشأة «سيتي ووتر لايت أند باور» في سبرينغفيلد في إلينوي، إلى زراعة الطحالب كبديل لعلف الحيوانات.
وفقاً لجوش ماكان، الأستاذ المساعد في علوم الحيوان بجامعة إلينوي أوربانا شامبين، والمشارك في مشروع سبرينغفيلد، يعد البروتين أحد أغلى مكونات العلف. إذا أثبتت الطحالب أنها قادرة على المنافسة من حيث التكلفة مع الأعلاف التقليدية، فقد تكون خياراً رخيصاً ولكن عالي الجودة لمربي الماشية.
يشير ماكان إلى أنه نظراً لأن الماشية مستهلكون يسهل إرضاؤهم، فإن السؤال ليس ما إذا كانت الحيوانات ستستهلك الطحالب أم لا. بل الأمر يتعلق أكثر بما إذا كان بالإمكان إنتاج الطحالب بهدف التغذية بتكلفة منخفضة بما يكفي، ولكن ماكان يأمل بأن يبدد النهج الفريد لهذا المشروع المتنامي بعض تلك المخاوف. من خلال إنشاء بديل غني بالبروتين، يمكن لمواد الطحالب الخام أن تحل محل فول الصويا والمكونات التقليدية الأخرى التي تتطلب مساحة غير متناسبة من الأرض والمياه لتنمو. يتوقع الباحثون إنتاج محاصيلهم الأولى في هذا الربيع، وبعد ذلك سيجري ماكان تحليلات لتقييم مستويات العناصر الغذائية التي تحتويها الطحالب وتسعيرها بناء على ذلك للبيع في المزرعة.
وفي الوقت نفسه، تظل التكلفة عاملاً مرهقاً للوقود الحيوي القائم على الطحالب أيضاً. تختلف الأسعار المقدرة حسب المنتج والحجم، ولكن حتى الآن لا يوجد شيء قريب بما يكفي لمنافسة المتوسط الوطني الحالي البالغ 3.53 دولاراً للغالون من البنزين. يحاول أحد المشاريع، وهو اتحاد تصنيع الطحالب البحرية في جامعة ديوك، إنتاج وقود حيوي من الطحالب مقابل 5 دولارات للغالون على نطاق تجاري.
مميزات استخراج الوقود من الطحالب
على الرغم من عدم وجود دليل قاطع يثبت أن وقود الطحالب الحيوي تنبعث منه غازات دفيئة أقل من الوقود الأحفوري عند الاحتراق، إلا أن منتجها الصافي من ثاني أكسيد الكربون أقل من الوقود التقليدي. يستهلك كيلو غرام واحد من الطحالب نحو 1.8 كيلوغراماً من ثاني أكسيد الكربون كي ينمو. بالمقارنة، تمتص الشجرة الناضجة نحو 22 كيلوغراماً من ثاني أكسيد الكربون سنوياً. بالإضافة إلى ذلك، لا تحتاج عضيّات البناء الضوئي إلى المياه العذبة أو الأراضي الصالحة للزراعة لتنمو، ما يقلل الحاجة إلى الموارد الطبيعية الشحيحة أصلاً.
ولكن قبل أن تتمكن من النمو، يجب حصاد قطرات الزيت الصغيرة الموجودة في الطحالب. يبلغ عرض هذه الخلايا حوالي 10 ميكروناً أو 0.001 ملم، وفقاً لمانينغ.
تقول مانينغ: «نستهدف هنا خلايا صغيرة جداً بحثاً عن قطرات الزيت المتناهية الصغر الموجودة فيها. لذلك لدينا الكثير من التباين في إنتاج الزيوت في الطحالب، حيث تتراوح من 15 إلى 50% من الزيت من حجم الخلية الواحدة».
لزيادة مخزون الزيت، تُعرض الطحالب أحياناً للإجهاد أو الجوع. حيث يمكن لزارعي الطحالب رفع مستوى الإجهاد عن طريق حجب العناصر الغذائية مثل الكبريت والنيتروجين أو زيادة درجة الحرارة والضوء. يلعب نوع الطحالب دوراً في ذلك أيضاً.
ستستمر التجربة العظيمة في النهاية. بينما كانت الولايات المتحدة تعمل على الطحالب على المستوى الصناعي منذ عقود، إلا أن الدفعة الأخيرة التي قدمها مكتب تقنيات الطاقة الحيوية تضيف مطالب ملحة جديدة لهذا المجال. صرح مكتب كفاءة الطاقة والطاقة المتجددة في بيان صحفي حول التدفق الأخير للمنح: «إن تقنية الطحالب ليست مجرد حوض كربون استثنائي، ولكنها أيضاً منتج متعدد الاستخدامات يقدم حلولاً لتحديات الاستدامة، من الوقود إلى البلاستيك». لكن ما لم تنخفض التكاليف، ستبقى هذه الأفكار في المعامل والأحواض، ولن تتعدى هذا الإطار.