تُشخَّص إصابة الملايين بالسرطان سنوياً، ويمكن شفاء نسبة كبيرة منهم بعد الخضوع لنوع واحد من العلاج أو أكثر. في المقابل، لا يمكن علاج بعض حالات السرطان للوصول إلى الشفاء التام، لكن يمكن تقليص الأنسجة السرطانية، أو إبطاء نمو الخلايا ما يسمح للمصاب بالعيش بدون أعراض لأطول فترة ممكنة. وبمناسبة اليوم العالمي للسرطان الذي يصادف يوم 4 فبراير، نعرض لكم طرق علاج السرطان المختلفة.
مراحل تلقي علاج السرطان
عند البدء بتلقي العلاج، يمر المصابون بالسرطان بعدة مراحل يختلف الغرض من كلٍ منها:
العلاج الأولي
وهو العلاج الأساسي للسرطان ويهدف إلى إزالة الخلايا السرطانية تماماً من جسم المريض أو قتلها. يمكن اللجوء لأي نوع من علاجات السرطان في العلاج الأولي، لكن عادة ما تكون الجراحة هي الخيار الأول لأنواع السرطان الأكثر شيوعاً. يلي الجراحة العلاج الكيميائي أو الإشعاعي، بحسب نوع السرطان. وقد يكون العلاج باستخدام النوعين.
العلاج المساعد
بعد تلقي العلاج الأساسي، قد تبقى بعض الخلايا السرطانية. ويتلقى المرضى علاجاً مساعداً لقتلها ومنعها من التطور، ومعاودة انتشار السرطان. يُستخدم العلاج المساعد أيضاً قبل العلاج الأساسي، وبذلك يكون العلاج الأساسي أسهل وأكثر فعالية. عادةً ما يكون العلاج المساعد كيميائيّاً أو إشعاعيّاً أو هرمونيّاً.
العلاج المُلطِّف
يعاني مرضى السرطان من آثار جانبية مرافقة للعلاج الأساسي أو المساعد، لذلك يتلقى المريض علاجاً تلطيفيّاً لتخفيف الأعراض أو الآثار الجانبية. يمكن استخدام الجراحة والعلاج الكيميائي والعلاج الإشعاعي والعلاج الهرموني لهذا الغرض، كما تُعطى أدوية أخرى لتخفيف الألم وضيق التنفس وغيرها من الأعراض.
اختبار المؤشرات الحيوية لعلاج السرطان
لتحديد الطريقة الأنسب للعلاج، يختبر الطبيب المؤشرات الحيوية للسرطان، حيث يبحث عن الجينات والبروتينات والمواد الأخرى التي يمكن أن توفر معلومات حول السرطان. وبعد تحديد نوع السرطان ومرحلة تطوره وصحة المريض ووجود أي أمراض أخرى يعاني منها، يختار الطبيب العلاج المناسب.
اقرأ أيضاً: المسرّعات المستخدمة في تجارب الأسلحة النووية تقود لعلاج جديد للسرطان
ما هي علاجات مرض السرطان؟
يوجد العديد من أنواع العلاجات لمرض السرطان، منها التقليدي ومنها الحديث، إذ ما زالت الأبحاث جارية لإيجاد علاجات فعالة للسرطان.
العلاج الكيميائي
يستخدم العلاج الكيميائي العقاقير لقتل الخلايا السرطانية. ويُستخدم كعلاج أساسي أو مساعد.
الجراحة
في الجراحة، يزيل الجرّاح الكتل السرطانية أو أكبر قدر ممكن منها. ولها نوعان، جراحة مفتوحة، وتجرى في حالات الكتل السرطانية الكبيرة، وفيها يزيل الجراح هذه الكتل، مع بعض الأنسجة السليمة وربما بعض العقد الليمفاوية المجاورة. والنوع الثاني هو الجراحة الطفيفة، وهي جراحة بالتنظير، إذ يقوم الجراح بعمل بضع جروح صغيرة بدلاً من واحدة كبيرة. ويدخل المنظار، وهو أنبوب طويل ورفيع مزود بكاميرا صغيرة في أحد طرفيه، يمكن بهذه الطريقة للجراح رؤية الأورام الصغيرة وإزالتها.
العلاج الإشعاعي
في العلاج الإشعاعي تُوجه حزمٌ عالية الطاقة إلى العضو المصاب بالسرطان، مثل الأشعة السينية أو البروتونات، لقتل الخلايا السرطانية. للعلاج الإشعاعي نوعان حسب مصدر الإشعاع، فإذا كان المصدر من جهاز خارج الجسم، فهو علاج إشعاعي خارجي، أو إذا وُضع مصدر الإشعاع داخل الجسم فهو علاج إشعاعي داخلي.
العلاج بالخلايا الجذعية
وهنا يكون العلاج بزرع الخلايا الجذعية المأخوذة من نقي العظم لمتبرع، وتُجرى للأشخاص الذين تضررت لديهم الخلايا الجذعية المولّدة لكريات الدم جراء العلاج الكيميائي أو الإشعاعي.
العلاج بالهرمونات
هو علاج يبطئ أو يوقف السرطانات التي تحتاج الهرمونات للنمو مثل سرطان الثدي وسرطان البروستاتا. قد تؤدي إزالة هذه الهرمونات من الجسم أو منع تأثيرها إلى توقف الخلايا السرطانية عن النمو.
العلاج الموَجَه
يستهدف العلاج بالعقاقير الموجهة التغييرات في الخلايا السرطانية التي تساعدها على النمو والانقسام والانتشار.
الاستئصال بالتبريد
هو طريقة لقتل الخلايا السرطانية بالغاز البارد، حيث تُدخل إبرة رفيعة، تعرف بمسبار التبريد، مباشرة إلى الورم السرطاني عبر الجلد، ثم يُضخ خلالها غاز بارد يتسبب بتجمد الأنسجة، ثم تُترك لتذوب. تتكرر العملية عدة مرات حتى يتم القضاء على الخلايا السرطانية تماماً.
العلاج بالحرارة
ويتم فيه تسخين أنسجة الجسم لدرجة تصل إلى 45 مئوية، عبر مجسات صغيرة تُدخل إلى الأنسجة السرطانية بغرض قتلها مع حدوث ضرر ضئيل أو معدوم للأنسجة الطبيعية. يترافق إدخال المجسات بإدخال موازين حرارة لمراقبة الحرارة في الورم وفي الأنسجة المحيطة.
العلاج الضوئي
يستخدم العلاج الضوئي الديناميكي عقاراً ينشطه الضوء، مثل الليزر، لقتل السرطان والخلايا غير الطبيعية الأخرى. قد يؤدي العلاج الضوئي أيضاً إلى إتلاف الأوعية الدموية في الورم، ما يمنعه من تلقي الدم الذي يحتاجه للنمو. كما أنه قد يحفز جهاز المناعة على مهاجمة الخلايا السرطانية حتى في مناطق أخرى من الجسم.
الترددات اللاسلكية
يستخدم هذا العلاج الطاقة الكهربائية لتسخين الخلايا السرطانية، ما يؤدي إلى موتها. يوجه الطبيب إبرة رفيعة عبر الجلد أو من خلال شق إلى أنسجة السرطان. تمر الطاقة عالية التردد عبر الإبرة وتؤدي إلى تسخين الأنسجة المحيطة، ما يؤدي إلى قتل الخلايا المجاورة للإبرة.
العلاج المناعي
ينتشر السرطان في الجسم عندما لا يتمكن جهاز المناعة من التعرف عليه على أنه جسم غريب، لذلك يستخدم الأطباء علاجاً يساعد جهاز المناعة على التعرّف على الخلايا السرطانية ومهاجمتها.
اقرأ أيضاً: قتلت الخلايا السرطانية: تجربة واعدة لفيزياء الكم في علاج السرطان
علاج السرطان بالخلايا المناعية بالتبني
هو أحد أنواع العلاج المناعي للسرطان، يُعرف اختصاراً بـ ACT، وفيه يتم تعزيز قدرة الخلايا الليمفاوية التائية على التعرف على الخلايا السرطانية وقتلها. ويسمى هذا النوع بالعلاج بالخلايا بالتبني أو العلاج المناعي بالتبني أو العلاج بالخلايا المناعية. أثبتت هذه الطريقة فعاليتها في علاج أنواع مختلفة من السرطانات وخاصة سرطان الجلد وسرطان الثدي وسرطان القولون.
تتميز عن غيرها من طرق علاج السرطان الأخرى بأنها انتقائية تجاه الخلايا السرطانية، فلا يحدث فيها إضرار بخلايا الجسم الطبيعية، وبالتالي تقليل الآثار الجانبية.
يمكن استخدام أنواع عديدة من الخلايا المناعية في العلاج بالخلايا بالتبني؛ يمكن أخذها إما من دم المريض نفسه أو النسيج الورمي أو من متبرع آخر. ثم تتم زراعتها بأعداد كبيرة في المختبر وتنشيطها باستخدام تقنيات مختلفة، أكثرها فعالية هو التعديل الوراثي، لأن ذلك سيجعلها انتقائية لمضادات الخلايا السرطانية. يُعاد حقن الخلايا بعد ذلك في وريد المريض لمساعدته في محاربة الخلايا السرطانية.
اقرأ أيضاً: قفزة في علاج السرطان: باحثون يمررون جسيمات النانو إلى الأورام
آخر ما وصل إليه العلم لإيجاد علاج للسرطان
مازال الباحثون يجرون دراساتهم لإيجاد علاجات للسرطان، وهذه أمثلة عن الأبحاث العلمية الحديثة.
تحديد جينات السرطان
تقوم بعض الدراسات بتحديد الجينات المسؤولة عن تشكل السرطان وتطوره، وذلك بهدف تطوير أدوية تستهدف هذه الجينات وتعطلها، وبالتالي تمنع انتشار السرطان. من هذه الدراسات، دراسة من جامعة كليمسون الأميركية، حددت 11 جيناً مساهماً في الإصابة بسرطان الرحم وسرطان بطانة الرحم، وهي جينات تختلف عن الجينات الموجودة في أنسجة الرحم الطبيعية.
إن تحديد هذه الجينات المختلفة يساعد الأطباء في المستقبل القريب على تعديلها بجرعات صغيرة من الأدوية، دون الاضطرار لإعطاء المريض عقاقير السرطان ذات الآثار الجانبية القوية.
الوقت المناسب لتلقي العلاج الكيميائي
يُعالَج سرطان الدماغ بالعلاج الكيميائي، لكن الحاجز الدموي الدماغي، الذي يعمل على حماية الدماغ من السموم والجراثيم، يمنع وصول الدواء للدماغ بالطريقة المرجوّة. وللتخلص من هذه العقبة درس باحثون من جامعة غرب فيرجينيا إمكانية وصول الدواء للدماغ في أوقات مختلفة من اليوم.
أعطى الباحثون العلاج الكيميائي لمجموعتين من الفئران المصابة بسرطان الثدي، والذي انتقل إلى الدماغ. المجموعة الأولى تلقت العلاج في النهار عندما تكون الفئران عادة في حالة راحة. وتلقت المجموعة الثانية العلاج في الظلام، وهو فترة نشاط الفئران. وجد الباحثون أن العلاج الكيميائي الذي قدموه في الظلام كان فعاليته في قتل خلايا الأورام في الدماغ أكبر من فعاليته نهاراً.
كما أدى العلاج في الظلام دوراً أفضل في تأخير الأعراض العصبية، مثل أنماط المشي الغريبة وفقدان السيطرة على العضلات. كما أنه زاد من متوسط معدل البقاء على قيد الحياة بنحو 20%.
علاجات من مصادر نباتية
أظهرت دراسة وجود بروتينات دائرية صغيرة تسمى السيكلوتيدات في نبات البنفسج، تضاعف 8 مرات من قوة العلاج الكيميائي الذي يُعطى لقتل الخلايا السرطانية للورم الأرومي الدبقي الذي يصيب دماغ البالغين والأطفال على حد سواء، ويتسبب في وفاة المصاب خلال 9 إلى 16 شهراً فقط. لكن يحتاج استخراج جرعة صغيرة منها إلى عدة كيلوغرامات من نبات البنفسج.
استخدام مزيج من العقاقير
أظهر باحثون من مركز السرطان في جامعة كاليفورنيا أن المزج بين عقار بالبوسيكليب المستخدم لعلاج سرطان الثدي مع عقار سابانيسيرتيب، يطيل عمر الفئران المصابة بالورم الأرومي النخاعي. مع العلم أن الورم يمكن أن يشكل مقاومة لعقار بالبوسيكليب عند استخدامه لوحده.
يهدف الباحثون من هذه الدراسة إيجاد علاج أقل سمية للورم الأرومي النخاعي، وهو أكثر أورام دماغ الأطفال الخبيثة شيوعاً. كما أراد الباحثون تطوير دواء مكمل للإشعاع حتى يتمكن الأطباء من تقليل جرعة الإشعاع وتقليل إصابات الدماغ المتكررة.
حمّل الباحثون عقار بالبوسيكليب على ناقلات الجسيمات النانوية نظراً لأن قدرته على الوصول إلى الدماغ محدودة، ولأن استخدام هذه الجسيمات يزيد تعريض الورم للدواء، ويقلل من سميته.
استخدام الأجسام المضادة
وفي دراسة من جامعة ستانفورد، مزج الباحثون نوعين من الأجسام المضادة للسرطان لعلاج نوعين من سرطان الأطفال يصعب علاجهما عادةً، هما الورم الأرومي العصبي، وهو سرطان يصيب الأطفال الصغار ويتطور من الخلايا العصبية، وساركوما العظام، وهو سرطان عظام غالباً ما يظهر عند المراهقين والشباب. لا يستجب نحو نصف المصابين للعلاج الكيميائي أو الإشعاعي أو الجراحة، أو أنهم يستجيبون ولكنهم يعانون بعد ذلك من الانتكاس. ويموت معظمهم بسبب المرض.
أُجريت التجربة على الفئران، حيث حقنهم الباحثون بأجسام مضادة للسرطان تستهدف نوعين من الواسمات المناعية على سطح الخلايا السرطانية. وفي النتيجة، شُفيت جميع الفئران التي هذا تلقت العلاج. في المقابل ماتت جميع الفئران التي حُقنت بنوع واحد فقط من الأجسام المضادة. وبدأ الباحثون الآن في أول تجربة سريرية لاختبار توليفة الأجسام المضادة هذه على الأطفال والشباب الذين أصيبوا بانتكاس الورم الأرومي العصبي أو الذين لم يستجيبوا للعلاج أبداً، أو الذين انتكست لديهم الساركوما عظمية، ومازلنا بانتظار النتائج.
كانت هذه الدراسات مثالاً عن الأبحاث الرامية لإيجاد علاج للسرطان، وقد أجريت خلال الشهر الأول من العام الجاري (2022). وهذا يدل على أن الباحثين يكثفون جهودهم لإيجاد علاجات متنوعة وفعالة لجميع أنواع السرطان.