دراسة حديثة: الاستخدام الطويل الأمد لمضادات الحساسية يسيء للذاكرة

دراسة حديثة: الاستخدام الطويل الأمد لمضادات الحساسية يسيء للذاكرة
حقوق الصورة: shutterstock.com/ Faizal Ramli

زيادة المعرفة الطبية حول تأثير الأدوية على الصحة أمر جوهري، فالآثار الجانبية للاستخدام الطويل الأمد لبعض الأدوية قد تكون كارثية، وتزيد خطر الإصابة بأمراض أخرى مستقبلاً، وهذا ليس الهدف من استخدام الدواء.

تصبح هذه المعرفة مُلحة عندما نتحدث عن تسبب أحد الأصناف الدوائية بتنكس الخلايا العصبية وفقدان الوظيفة الإدراكية كما في أمراض الخرف وداء ألزهايمر، فإذا كان هناك أي خطر يصبح العمل لتوضيح ذلك ضرورياً. 

وقد كانت الأدوية المضادة للكولين والتي تشمل الأدوية المضادة للحساسية وأدوية الاكتئاب والربو إحداها، إذ تعمل هذه الأدوية عن طريق كبح عمل ناقل عصبي في الدماغ يُعرف بالأستيل كولين.

اقرأ أيضاً: آفاق واعدة لاستخدام الأمواج الصوتية في علاج سرطان الدماغ

كيف تؤثّر أدوية الحساسية في عمل الخلايا العصبية؟

للأستيل كولين دور جوهري في نقل السيالة العصبية بين الخلايا العصبية في الدماغ، كما يشارك في عمليات التعلم والذاكرة، وعندما يتم تناول مضادات الكولين، والتي تشمل مضادات الهيستامين ومضادات الاكتئاب ثلاثية الحلقة وأدوية داء باركنسون إلفا ميتيل دوبا، فإنها تكبح عمل هذا الناقل العصبي عن طريق الارتباط بمستقبلاته وتثبيطها سواء في مشابك الجهاز العصبي المركزي أو المحيطي، وبذلك تقل فاعلية الدور الذي يؤديه في الدماغ.

تثبّط الأدوية المضادة للكولين عمل الجهاز العصبي اللاإرادي الذي يتحكم بوظيفة الراحة والهضم، كما تشمل الوظائف الخاضعة لسيطرة الجهاز العصبي اللاإرادي الحركات اللاإرادية للعضلات الملساء الموجودة في الجهاز الهضمي والرئتين والمسالك البولية ومناطق أخرى من الجسم، لهذا تتعدد آثارها الجانبية.

ماذا وجدت الدراسة بخصوص العلاقة بين أدوية الحساسية واضطراب الذاكرة والخرف؟

سلّط تقرير نُشر في دورية جاما للطب الداخلي (JAMA Internal Medicine) الضوء على الصلة بين الاستخدام الطويل الأمد لأدوية مضادات الكولين كأدوية الحساسية والإصابة بالخرف، وكانت النتائج تنصُّ على أن هذه الأدوية لا تسبب الإصابة بالخرف لكنها تزيد من خطر حدوثه، كما أنها تزيد من خطر حدوث اضطرابات الذاكرة وخطر السقوط لدى كبار السن.

ترأست الفريق البحثي شيلي غراي، وهي صيدلانية وباحثة في جامعة واشنطن لعلوم الصيدلة، وتضمن البحث ما يقرب من 3500 ذكر وأنثى ممن تبلغ أعمارهم 65 عاماً أو أكثر، ولهم تاريخ في استهلاك الأدوية المضادة للكولين يعود إلى 10 سنوات قبل البدء بالدراسة، سواء بشكلٍ مستمر أو متقطع.

وبعد تتبع صحة المشاركين لمدة سبع سنوات في المتوسط، أصيب 800 منهم بالخرف. وعندما بحث الفريق باستخدام الأدوية المضادة للكولين، وجدوا أن الأشخاص الذين تناولوا هذه الأدوية كانوا أكثر عرضة للإصابة بالخرف مقارنةً بأولئك الذين لم يتناولوها. علاوة على ذلك، ازدادت مخاطر الإصابة بالخرف مع زيادة الجرعة التراكمية، حيث ارتبط تناول مضادات الكولين لمدة ثلاث سنوات أو أكثر بزيادة خطر الإصابة بالخرف بنسبة 54% مقارنة بمن تناولوا الجرعة نفسها لمدة 3 أشهر أو أقل، الأمر الذي يوجّه بأن الجرعة ليست العامل الحاسم في تحديد هذه الأدوية كعامل خطر، وإنما الاستخدام طويل الأمد لها.

اقرأ أيضاً: ما المكملات والفيتامينات التي يُنصح بتناولها بعد سن الثلاثين؟

هل يعني هذا ضرورة التوقف عن تناول هذه الأدوية؟

تشير الأدلة إلى أن مضادات الكولين ليست بالأدوية التي يجب تناولها على المدى الطويل، كما أنها ليست بالأدوية التي ينبغي تجنب استخدامها عند الحاجة، إلّا أن معرفة آثارها الجانبية مهمة للغاية خاصة عند الأشخاص المؤهبين للإصابة بالأمراض العصبية التنكسية.

ونقطة مهمة أخرى، هي أن مستوى الناقل العصبي الأستيل كولين ينخفض مع التقدم بالسن بسبب تراجع إنتاج الجسم له، الأمر الذي يكون ضربة مزدوجة للصحة العقلية والصفاء الذهني لدى كبار السن، وهذا ما يفسّر زيادة حدوث حوادث السقوط كلما كان المشاركون ممن استخدموا مضادات الكولين أكبر سناً.

المحتوى محمي