هل يمكن الشفاء من داء السكري من النوع الأول؟ وما هي أحدث العلاجات المتوافرة؟

4 دقائق
هل يمكن الشفاء من مرض السكري النوع الاول
حقوق الصورة: شترستوك.

يُعتبر داء السكري من أشيع الأمراض الغدية المزمنة التي تصيب الإنسان، إذا يعاني 34 مليون شخص من هذا الداء حول العالم. ولداء السكري نمطان؛ النوع الأول الذي يسمى الداء "المُعتمد على الأنسولين"، والذي تنقص فيه عدد الخلايا الفعالة المفرزة، والنمط الثاني ويسمى الداء "المُقاوم للأنسولين"، والذي تبقى فيه مستويات الأنسولين طبيعية إلا أنها تكون غير فعالة نظراً لحدوث مقاومة تمنع ارتباطه بمستقبلاته.

يعاني المصابون بداء السكري مراراً من تفاصيل تجعل حياتهم صعبة نوعاً ما، كالصعوبة في تعديل نمط الحياة والخطورة الناجمة عن الضبط غير الدقيق لحالتهم والحاجة المتكررة لقياس سكر الدم والحقن الذاتي، من هنا تأتي أهمية الوقاية من حدوثه وعلاجه في مراحله الأولى قبل تطور أي مضاعفات يمكن تجنبها.

اقرأ أيضاً: 50 عاماً من التجارب على الخلايا الجذعية تقود لأول حالة شفاء من السكري

تعريف داء السكري من النوع الأول

هو مرض مناعي ذاتي يصيب الشباب واليافعين على وجه الخصوص، إلا أنه قد يصيب الشخص في أي عمر، يتوقف فيه البنكرياس بدايةً عن إنتاج هرمون الأنسولين بشكل نسبي، إلى أن يفشل في المراحل المتقدمة في إنتاجه بشكل مطلق.

وكما نعلم، إن الأنسولين هو أحد الهرمونات التي تساعد الجسم على تخفيض سكر الدم، وذلك من خلال تحويل الغلوكوز إلى طاقة، كما أنه يقوم بتخزين الكميات الفائضة من السكر على شكل خلايا شحمية ولذلك يعتبر من الهرمونات البنائية. وبدون الأنسولين، يرتفع تركيز الغلوكوز –السكر- في الدم، الأمر الذي يؤثر على الأعضاء الداخلية كالقلب والكليتين إضافةً إلى الأعصاب في حال لم يتم تدبيره بالشكل الصحيح، وهذا بدوره يمكن أن يؤدي إلى مضاعفات خطيرة تهدد الحياة بمرور الوقت.

اقرأ أيضاً: انخفاض السكر في الدم: دليلك للأعراض والأسباب والعلاج

كيف نُصاب بالسكري من النوع الأول؟

على عكس السكري من النوع الثاني، إن السكري من النوع الأول ليس ناجماً عن سوء استهلاك الطعام والإفراط فيه ولا يتعلق بقلة النشاط الحركي، بل هو اضطراب في المناعة الذاتية، حيث يهاجم الجهاز المناعي الجسم نفسه ويدمر الخلايا السليمة المفرزة للأنسولين في البنكرياس والتي تسمى بالخلايا بيتا أو الخلايا الجزيرية. تستغرق هذه العملية من أشهر وحتى سنوات، وتظهر الأعراض عند تدمير عدد كافٍ من خلايا بيتا بحيث لم يعد بإمكان البنكرياس إنتاج الأنسولين، وعندها نطلق على الحالة داء السكري النوع الأول الصريح.

اقرأ أيضاً: دراسة تكشف التغيرات التي تحدث لدماغ البشر بعد بقائهم في الفضاء لفترة طويلة

ما هي أعراض السكري النوع الأول؟

تظهر أعراض السكري النوع الأول عند فقدان 80% من وظيفة خلايا بيتا البنكرياسية، أي بعد مدة من بدء الحدثية المناعية الالتهابية، ومن أهم أعراضه نذكر:

  • الشعور المتكرر بالعطش.
  • التبول المتكرر.
  • السلس البولي خاصة عند الأطفال.
  • الشعور بالجوع نظراً لاضطراب تركيز الغلوكوز في الدم.
  • فقدان الوزن غير المقصود.
  • الاستثارة العصبية.
  • التعب غير المُفسر.
  • تشوش الرؤية.
  • حدوث الإنتانات المتكررة.
  • الاضطراب الحسي العصبي المحيطي.

اقرأ ايضاً: الإجراء الروتيني لمريض السكري: كل ما تريد معرفته عن فحص السكر

ما هو علاج السكري من النوع الأول؟

أول الأسئلة التي يطرحها ويستفسر عنها المرضى عند تشخيص إصابتهم بمرض السكري من النوع الأول هي: "هل يوجد علاج؟" والحقيقة هي أنه لا يوجد علاج حالياً، إلّا أنه بالإمكان السيطرة على أعراضه بشكل كبير باستخدام حقن الأنسولين وباتباع النظام الغذائي الصحيح والتمارين الرياضية، وتبقى الوقاية من الإصابة أفضل علاجٍ.

وبالمقابل، ما يزال باحثون من جمعية السكري الأميركية يعملون على إيجاد علاجات شافية للتخفيف من حدة المرض، إذ يجرى حاليّاً عدد من التجارب السريرية لعلاج مرض السكري من النوع الأول لاستعادة قدرة الجسم على إنتاج الأنسولين بشكل طبيعي، والهدف تحسين نوعية حياة المرضى والسماح لهم بالعيش دون الاعتماد على الأنسولين. ومن أبرز العلاجات المطروحة في التجارب السريرية نذكر:

العلاج البيولوجي للسكري النوع الأول

يعمل باحثون من الجمعية الأميركية للسكري على تطوير آلية تساعد الجسم على إنتاج الأنسولين الخاص به، وأوجدوا طريقة سُميت بـ "زرع الخلايا الجزيرية البنكرياسية"، والمقصود بها زرع مجموعة خلايا بيتا المفرزة للأنسولين، حيث يتم أخذ خلايا بنكرياسية سليمة من أحد المتبرعين ومن ثم حقنها ضمن كبد مريض مصاب بداء السكري من النوع الأول، لتشكيل مجموعة خلايا بنكرياسية ضمن الكبد تحاكي وظيفة البنكرياس الطبيعية.

كما يدرس الباحثون إمكانية زرع خلايا جزيرية في الثرب البريتواني، وهو البطانة الداخلية لجدار البطن التي تحيط بالأعضاء الداخلية. وكانت النتائج بأن الحاجة لحقن الأنسولين انخفضت بشكل ملحوظ عند المرضى، حتّى توقف بعضٌ منهم عن استخدام الأنسولين بشكلٍ كامل، لفترة وصلت إلى 10 سنوات. 

العلاج المناعي المحافظ على الخلايا الجزيرية

وجد الباحثون أنه بمرور الوقت تراجعت نتائج اختبار "زرع الخلايا الجزيرية البنكرياسية"، حيث وثق الأطباء عودة اعتماد بعض المرضى على الأنسولين بعد عدة سنوات، وما كان أمامهم سوى إقران هذه التجربة بأحد الأدوية المناعية التي تقمع عودة الالتهاب، للتحسين من النتائج العلاجية على المدى البعيد.

ومن خلال مقارنة النتائج وجدوا أن مزيجاً من العوامل المثبطة للمناعة قد يكون ناجحاً كنهج لمواجهة العديد من التحديات، كالتصدي لأي هجوم مناعي معاود وللحفاظ على الوظيفة الجزيرية المتبقية وتعزيز إنتاج الأنسولين، حيث تعطي هذه التجربة الفرصة للجسم لكي يتعافى ويحافظ على ما تبقى من خلاياه المفرزة للأنسولين.

تجربة بوسيدون في علاج السكري من النوع الأول

اقترح العالِم (رودولفو أليخاندرو)، أستاذ في جامعة ميامي ومتعاون مع مركز الأبحاث الأميركي لداء السكري، اختباراً علاجيّاً يستهدف الآليات المسببة للسكري من النوع الأول، وذلك بتقديم نظام غذائي مدعوم بأحماض أوميغا 3 الدهنية وفيتامين د للمرضى لدراسة تأثيراتها وأوجه التآزر في عملها، إذ قد تساعد هذه العوامل في تعزيز حماية الخلايا البنكرياسية المتبقية وتقليل الالتهاب، إضافةً إلى تثبيط أي رد مناعي غير طبيعي مهاجم للجسم.

تثبيط الجهاز المناعي

قيّمت العديد من الدراسات دور الالتهاب في تطور داء السكري من النوع الأول، وتم اختبار العلاجات التي تهدف إلى تثبيط الخلايا المناعية التي تهاجم خلايا بيتا المفرزة للأنسولين، بوساطة الأدوية المعدلة المناعية. إلّا أن هذه التجارب لم تُدعم بشكل كبير وكانت محدودة، نظراً للآثار الجانبية لهذه الأدوية ولسُمّيتها على المدى الطويل.

المحتوى محمي