لم نكن نسمع بأن أحداً فقد حاسة الشم أو التذوق قبل تفشي جائحة كورونا؛ على الرغم من أنها حالة منتشرة وتتعدد أسباب الإصابة بها، لذلك تختلف طرق علاج فقدان حاسة الشم والتذوق حسب المسبب.
فقدان حاسة التذوق مرتبط بفقدان حاسة الشم
ترتبط حاستا التذوق والشم ارتباطاً وثيقاً، فيمكن تذوق النكهات في الطعام بسبب القدرة على الشم والتذوق معاً. في بعض الحالات؛ قد لا تكون المشكلة في براعم التذوق؛ لكن المشكلة في حاسة الشم، والعكس صحيح، فإن الفقدان المؤقت لحاسة الشم التي تعاني منها أثناء نزلة البرد أو أمراض الجهاز التنفسي الأخرى يمكن أن تضعف حاسة التذوق لديك. قد لا يتمكن الأشخاص المصابون بفقدان حاسة الشم من تذوق الأطعمة بشكل كامل وقد يفقدون الاهتمام بتناولها؛ ما يمكن أن يؤدي إلى فقدان الوزن أو سوء التغذية.
فقدان حاستيّ التذوق والشم
من النادر أن يفقد شخص ما حاسة التذوق أو الشم تماماً؛ غالباً يكون الفقدان مؤقتاً، بسبب بعض الحالات الشائعة التي تهيج بطانة الأنف؛ مثل الحساسية أو الزكام، بينما يمكن أن تتسبب الحالات الأكثر خطورةً التي تؤثر على الدماغ أو الأعصاب؛ مثل أورام المخ أو رضوض الرأس، في فقدان حاسة الشم أو التذوّق بشكل دائم، وقد يكون للتقدم في العمر دور في فقدانهما. يمكن أن يؤدي فقدان الشم أو التذوق إلى الاكتئاب لأنه قد يضعف قدرة الفرد على شم أو تذوق الأطعمة الممتعة.
اقرأ أيضاً: يمتلك البشر حاسة شم أقوى مما قد نتصور
أسباب فقدان حاسة التذوق والشم
غالباً؛ يترافق فقدان حاسة الشم مع فقدان حاسة التذوق وذلك حسب المسبب.
الأسباب التنفسية
تؤدي الأسباب التنفسية إلى ضعف كلتا الحاستين أو فقدانهما مؤقتاً، وتشمل:
- نزلات البرد.
- الإنفلونزا.
- التهاب الجيوب الأنفية.
- التهاب الحلق و البلعوم.
- التهاب الغدد اللعابية.
الأسباب الأخرى
لا يقتصر فقدان حاستي الشم والتذوق على الأسباب التنفسية فقط؛ بل يمكن أن يكون الأمر أسوء من ذلك. من هذه الأسباب:
- التدخين أو تعاطي الكحول.
- إصابات الرأس أو الأذن.
- نقص التغذية؛ وخاصةً فيتامين ب12 و الزنك.
- اضطرابات الجهاز العصبي أو أورام الدماغ.
- التعرض العالي لبعض المواد الكيميائية مثل مبيدات الآفات.
- العلاج الكيميائي والإشعاعي للرأس أو الرقبة عند مرضى السرطان.
- بعض الأدوية مثل أدوية الغدة الدرقية وأدوية السرطان وأدوية الضغط والكولسترول والمضادات الحيوية.
- الشيخوخة؛ حيث يعاني حوالي 75% من الأشخاص الذين تزيد أعمارهم عن 80 عاماً من ضعف في التذوق أو الشم.
أسباب فقدان حاسة التذوق
تؤدي بعض الأسباب إلى فقدان حاسة التذوق دون الشم، ومنها:
- التهاب اللثة.
- متلازمة سجوجرن؛ إحدى أمراض المناعة الذاتية التي تسبب جفاف الفم والعينين.
- الإصابة بمرض التصلب المتعدد و شلل بيل.
- حرق اللسان.
أسباب فقدان حاسة الشم
غالبًا ما ينتج فقدان الشم عن تورم أو انسداد في الأنف يمنع الروائح من الوصول إلى الجزء العلوي من الأنف. وفيما يلي الأسباب الرئيسية لفقدان حاسة الشم:
- تهيج الأغشية المخاطية المبطنة للأنف الناتج عن التهاب الأنف التحسسي أو الاحتقان المزمن غير المرتبط بالحساسية.
- انسداد الممرات الأنفية بسبب الأورام أو الزوائد الأنفية.
- تشوهات العظام داخل الأنف أو الحاجز الأنفي.
- مرض هنتنغتون الوراثي.
- مشاكل هرمونية أو مشاكل الغدة الدرقية.
- الإصابة بمرض التصلب المتعدد أو مرض الشلل الرعاش.
- انفصام الشخصية أو الصرع.
- الإصابة بداء السكري.
- التعرض للمواد الكيميائية التي تحرق الأنف من الداخل.
- في حالات نادرة؛ يولد الأشخاص بدون حاسة شم بسبب حالة وراثية، تسمى فقدان حاسة الشم الخلقي.
اقرأ أيضاً: كيف يقوم لسانك بإخبار دماغك بطعم ما تأكله؟
تشخيص فقدان الشم أو التذوق
قد يقوم طبيبك بإجراء واحد أو أكثر من الاختبارات التالية لتأكيد الإصابة بفقدان الشم والتذوق، ومعرفة سبب ذلك:
- الأشعة المقطعية لإنشاء صورة مفصلة للدماغ.
- التصوير بالرنين المغناطيسي.
- تصوير الأشعة السينية للجمجمة.
- تنظير الأنف.
احتياطات يجب على من يفقد حاستيّ الشم والتذوق اتباعُها
إذا فقدت إحدى الحاستين أو كلتاهما اتبع النصائح التالية لضمان سلامتك:
- تأكد من عمل أجهزة إنذار الحريق في منزلك.
- انتبه من تواريخ انتهاء صلاحية الأطعمة فقد تفسد دون أن تتمكن من شم رائحتها.
- احذر من حدوث تسريب الغاز في المنزل.
- تعامل مع المواد الكيميائية بحذر؛ خاصةً المنظفات والمبيدات الحشرية.
اقرأ أيضاً: متلازمة الفم الحارق: قد تعاني منها دون أن تعلم
علاج فقدان حاسة الشم والتذوق
يعتمد العلاج على السبب الذي أدى إلى فقدان حاسة الشم أو التذوق:
الحالات التنفسية
التهاب الجيوب الأنفية الجرثومي والغدد اللعابية والتهابات الحلق تُعاَلج بالمضادات الحيوية. ويكون علاج نزلات البرد والإنفلونزا والتهاب الأنف التحسسي التي تؤثر على التذوق بمزيلات الاحتقان أو مضادات الهيستامين وتقليل التعرض لمهيجات الأنف ومسببات الحساسية.
الاضطرابات العصبية والوراثية
تُعالج آثار اضطراب الجهاز العصبي أو أمراض المناعة الذاتية التي تسبب ضعف التذوق أو الشم بالأدوية المناسبة التي يصفها الطبيب؛ والتي تناسب كل حالة.
المكملات الغذائية
لعنصر الزنك دور كبير في صحة الأنف والفم والجهاز التنفسي، لذا يمكن تناول مكملات الزنك لاستعادة حاستيّ الفم والتذوق.
الإقلاع عن التدخين
إن إقلاع المدخنين عن هذه العادة يُعيد حاسة التذوق بعد يومين فقط من الابتعاد عن التدخين.
علاج فقدان الشم الناجم عن انسداد الأنف
يمكن علاج فقدان الرائحة الناجم عن انسداد الأنف عن طريق إزالة كل ما يعيق ممر الأنف؛ مثل إزالة الزوائد الأنفية، أو تقويم الحاجز الأنفي، أو تنظيف الجيوب الأنفية.
علاج فقدان التذوق الناجم عن علاج السرطان
في حال فقدان التذوق بسبب السرطان جرب الأطعمة الباردة بدل الأطعمة الساخنة، واشرب الكثير من السوائل، مع تنظيف الأسنان قبل وبعد الأكل. حاول أيضاً تناول النعناع والعلكة واستخدام الأواني البلاستيكية بدلاً من المعدنية للتخلص من الطعم المعدني المؤقت.
علاج فقدان التذوق الناجم عن مشاكل الأسنان
يسبب تراكم البلاك على الأسنان التهاب اللثة؛ مما يُضعف حاسة التذوق، لذلك يجب التخلص من البلاك باستخدام الفرشاة والخيط، لحماية الأسنان من الأمراض والتسوس، واستعادة حاسة التذوق.
اقرأ أيضاً: هل يؤثر تفريش الأسنان على شهيتك للطعام؟
علاج فقدان حاسة الشم والتذوق بالطرق الطبيعية
بالإضافة إلى العلاجات الطبية؛ يمكن اتباع إحدى الطرق الطبيعية التالية:
تدريب الرائحة
التدريب على الرائحة هو الدعامة الأساسية للعلاج. في هذا التدريب، يشم المريض سلسلة من أربع روائح قوية متوفرة في المنزل. يتم شم كل رائحة بلطف وبتركيز لمدة 20 ثانية كاملة، وتتكرر هذه العملية ثلاث مرات يومياً لمدة 6 أسابيع على الأقل، لرؤية التحسن.
يكون التدريب على الرائحة أكثر فاعليةً إذا اعتمدت نفس الروائح الأربعة كل يوم. يُوصى بتجربة أربعة من الروائح التالية: البن المطحون، والورد، والحمضيات، والأوكالبتوس، والفانيلا، والقرنفل، والنعناع. أثناء شم الورد مثلاً، حاول التفكير وتذكر شكل الورد ورائحته؛ يساعد ذلك على إعادة تدريب مستقبلات الرائحة.
زيت الخروع
يُستخدم زيت الخروع منذ زمن لاستعادة فقدان الرائحة، بسبب احتوائه على مركب حمض الريسينوليك الذي قد يساعد في مكافحة الالتهابات وتقليل تورم الممرات الأنفية الناجم عن نزلات البرد والحساسية. لتجربة زيت الخروع لفقدان حاسة الشم؛ ضع قطرتين من الزيت الدافيء في كل منخر مرتين يومياً، عند الاستيقاظ وقبل النوم مباشرة.
الزنجبيل
الزنجبيل له رائحة نفاذة مميزة تفيد في التدريب على الرائحة. يمكن استخدام مسحوق الزنجبيل أو الطازج لهذا الغرض، أو شرب شاي الزنجبيل، فهو يحد من التهاب المسالك الهوائية الأنفية، ويقلل من تشكل المخاط الذي يسد الممرات الأنفية. للعلاج بالزنجبيل يمكن استخدام أكياس شاي الزنجبيل الجاهزة، أو صنعه في المنزل من الزنجبيل الطازج بعد تقشيره وتقطيعه إلى شرائح، ثم نقع ملعقة كبيرة منه في كوب من الماء الساخن لمدة 15 دقيقة.
الري بالملح
إذا فُقدت حاسة الشم بسبب الحساسية أو احتقان الجيوب الأنفية، فقد يساعدك غسلها بالماء المالح، فهو يطرد المواد المسببة للحساسية والمخاط من تجويف الأنف. يمكن شراء محلول ملحي معقم جاهز من الصيدليات أو صنعه في المنزل؛ وذلك بإضافة ملعقة صغيرة من الملح ونصف ملعقة صغيرة من صودا الخبز إلى كوب من الماء المقطر أو ماء الصنبور المغلي في وعاء مغسول جيداً. بعد ذلك املأ زجاجة ضغط أو حقنة طبية بالخليط، وقم بإمالة رأسك للخلف، وضع المحلول في فتحة أنف واحدة، واتركه يصل إلى فمك، وكرر العملية عدة مرات يومياً.
علاج فقدان حاسة الشم والتذوق الناتج عن كورونا
يعد فقدان حاسة الشم إحدى الآثار الجانبية الأكثر شيوعاً للإصابة بفيروس كورونا؛ حيث يعاني منه حوالي 80% من المصابين. يستعيد معظم المرضى حاسة الشم بعد شفائهم مباشرةً. وحسب إحدى الدراسات؛ يمتد هذا العَرض لأكثر من 60 يوماً عند 15% من المصابين، ويستمر حتى 6 أشهر عند 5% منهم، وقد لا تعود حاسة الشم أبداً عند عدد قليل من المصابين. كما أن الأشخاص الذين لا يفقدون حاسة الشم، يُصابون بالشكل الحاد من فيروس كورونا؛ مقارنةً بالإصابة المعتدلة عند من يفقدون هذه الحاسة.
عادة ما يكون فقدان حاسة الشم لدى مرضى كورونا لفترة قصيرة ناتجاً عن احتقان الأنف أو التهابه؛ مما يمنع وصول الروائح إلى مستقبلات الشم أعلى الأنف. أما في الحالات التي تمتد لأشهر أو حتى بشكل دائم، تكون قد تلفت مستقبلات الرائحة أو الأعصاب الشمية نفسها؛ وهذا ما يتم تأكيده في التصوير بالأشعة المقطعية أو التصوير بالرنين المغناطيسي.
يكون علاج فقدان حاسة الشم عند المصابين بكورونا بإعطاء الستيرويدات؛ إما عن طريق الفم أو المنشطات الأنفية الموضعية، فهي تقلل الالتهاب في تجويف الأنف أو في مستقبلات الرائحة، ويمكن العلاج بالتدريب على الرائحة؛ الذي تحدثنا عنه قبل سطور قليلة.
اقرأ أيضاً: ربما لن يعودا: هكذا يسلب فيروس كورونا حاستي الشم والتذوق