هل أدوية تخفيف الوزن الجديدة آمنة على المدى الطويل؟

7 دقائق
هل أدوية تخفيف الوزن الجديدة آمنة على المدى الطويل؟
لا يوجد دواء يساعدك على تخفيف الوزن بشكل سحري. ديبوزيت فوتوز

أصبح الجيل الجديد من الأدوية التي يدعي مطوروها أنها تساعد البالغين على تخفيف الوزن بشكل أكثر فاعلية من الأدوية الأقدم رائجاً مؤخراً.

ووفقاً لأخصائيي طب السمنة، شملت آثار هذه الأدوية الجديدة انخفاض ضغط الدم، والتعامل مع أعراض مرض السكري بشكل أفضل وانخفاض آلام المفاصل وتحسّن جودة النوم.

يقول عالم النفس واختصاصي التغذية المرخّص في معهد السمنة والاستقلاب في مركز كليفلاند كلينك الطبي، ديفيد كريل (David Creel)، إن هذه الأدوية الجديدة، والتي كانت تستخدم لعلاج أعراض مرض السكري، "تساعد في تخفيف الوزن على نحو أكثر كفاءة من أي أدوية استخدمت من قبل".

اقرأ أيضاً: علاج ارتفاع ضغط الدم المفاجئ بين الأدوية والطعام الصحي

مع ذلك، لا يشعر كريل وغيره من الخبراء بالحماس تجاه هذه الأدوية كعوام الناس.

مفاضلة بين الصحة والتكلفة

يعود ذلك إلى قناعتهم بأنه لا يوجد دواء يمثّل حلاً سحرياً لأي مشكلة بحد ذاته. ومن المحتمل أن يضطر العديد من المرضى لتعاطي الأدوية الجديدة على المدى الطويل للمحافظة على نتائجها. بالإضافة لذلك، تعتبر العلاجات الجديدة مكلفة للغاية، كما أنها غير مشمولة بسياسات التأمين الصحي في أغلب الحالات.

تثير التكلفة السنوية لهذه الأدوية والتي تصل إلى عشرات آلاف الدولارات المخاوف المتعلقة بقدرة المرضى على شرائها وتبعات استخدامها واسع النطاق على تكاليف الرعاية الصحية في الولايات المتحدة.

ستؤدي المفاضلة بين أهمية تحسين الصحة والتخفيف من تبعات السمنة على المدى الطويل من جهة، والتكاليف الأولية لهذه الأدوية من جهة أخرى دوراً مهماً في الفترة القادمة، وذلك عندما تحدد الجهات المختلفة التي تدفع فواتير الرعاية الصحية، مثل شركات التأمين وأصحاب الأعمال والبرامج الحكومية، العلاجات التي تستطيع تغطيتها.

قال كبير المسؤولين الطبيين في معهد المراجعة السريرية والاقتصادية (Institute for Clinical and Economic Review)، وهي مجموعة غير ربحية تقوم بمراجعة الأدلة الطبية لتقييم العلاجات من حيث الفاعلية والتكلفة، الدكتور ديفيد رايند (David Rind): "إذا دفع المواطنون مبالغ كبيرة مقابل دواء ما، سترتفع تكلفة التأمين الصحي. ونتيجة لذلك، سيلغي الكثيرون عقود التأمين لأنهم لن يتمكنوا من تحمل تكلفتها". لذلك، فإن توفير الأدوية الجديدة على نطاق واسع قد يتسبب بضرر أكثر من منفعة في نظام الرعاية الصحية.

اقرأ أيضاً: هل الأدوية المناسبة للجميع آمنة للحوامل؟

تغطّي العديد من شركات التأمين التجارية حالياً بعض أنواع أدوية تخفيف الوزن المتوفرة فقط، أو تطلب من المرضى تلبية شروط أساسية معينة للحصول على هذه الأدوية. غالباً ما تعتمد سياسة هذه الشركات بما يخص هذه الأدوية على مقياس مثير للجدل يحمل اسم مؤشر كتلة الجسم، وهو النسبة بين الطول والوزن. لا يغطّي برنامج ميديكير للرعاية الصحية أدوية علاج السمنة وأدوية "فقدان الشهية وتخفيف الوزن أو زيادته"، على الرغم من أنه يغطي تكاليف عمليات علاج البدانة الجراحية. وتختلف سياسة التغطية الخاصة بالبرامج الحكومية الأخرى مع اختلاف البرنامج. لم يتسبب قانون علاج السمنة وتخفيف معدلاتها، والذي من شأنه أن يتيح لبرنامج ميديكير تغطية أدوية تخفيف الوزن، بإحراز أي تقدّم ملحوظ على الرغم من إعادة تقديمه في كل جلسة من جلسات الكونغرس الأميركي منذ عام 2012.

في حين أن شركات التأمين تعتقد أن تكلفة هذه العلاجات الجديدة تمثّل مصدراً للقلق، فإن الشركات المصنّعة تنظر لها على أنها فرصة لجني أرباح طائلة. قال محللو شركة مورغان ستانلي (Morgan Stanley) مؤخراً، إن "السمنة أصبحت كما كان مرض ارتفاع ضغط الدم في الماضي"، وتوقعوا أن ترتفع عائدات قطاع تصنيع الأدوية بسبب مبيعات أدوية السمنة في الولايات المتحدة من قيمتها الحالية التي تبلغ 1.6 مليار دولار إلى 31.5 مليار دولار بحلول عام 2030.

ليس من الصعب فهم كيف تمكن هؤلاء المحللون من توقّع هذا الرقم الهائل بناءً على الطلب المتوقّع على هذه الأدوية. في الولايات المتحدة، يعاني 42% من البالغين من السمنة. وبلغت هذه النسبة 33% فقط قبل عقد من الزمن. ترتفع أيضاً معدلات المشكلات الصحية الأخرى التي ترتبط في بعض الحالات بالوزن، مثل مرض السكري والمشكلات المتعلقة بالمفاصل.

اقرأ أيضاً: الوقاية من السمنة: خطواتٌ بسيطة لتحمي جسمك

يقول الخبراء إن فقدان نسبة 5% فقط من وزن الجسم يمكن أن يوفّر بعض الفوائد الصحية. وتساعد بعض أنواع الأدوية الجديدة، والتي يمكن أن تخفف من الشعور بالجوع، بعض المستهلكين على فقدان نسبة تتجاوز هذه النسبة.

هل ستشكل هذه الأدوية حلاً لزيادة الوزن؟

ساعد دواء ويغوفي (Wegovy)، والذي يعتبر جرعة أعلى من دواء مرض السكري أوزيمبك (Ozempic) الذي يستطيع المستهلكون حقن أنفسهم به، المرضى على فقدان ما متوسطه 15% من وزن الجسم على مدار 68 يوماً خلال التجربة السريرية التي دفعت نتائجها إدارة الدواء والغذاء الأميركية إلى الموافقة عليه. بعد التوقّف عن تناول هذا الدواء، اكتسب العديد من المرضى الذين خضعوا لتجربة مراجعة تبعت التجربة الأصلية الوزن، وهو أمر شائع عند استخدام أي دواء يتعلق بالنظام الغذائي. انخفضت إمدادات هذا الدواء خلال معظم عام 2022 بسبب مشكلات تتعلق بتصنيعه. يذكر أن تكلفة هذا الدواء يمكن أن تصل إلى 1300 دولاراً شهرياً.

يمكن أن يساعد دواء آخر قابل للحقن الذاتي (لا يزال في المرحلة الأخيرة من التجارب السريرية ولكن يتم تعجيل الموافقة عليه من قبل إدارة الدواء والغذاء) على فقدان نسبة أكبر من الوزن تبلغ نحو 20%، وذلك وفقاً لشركة إيلاي ليلي (Eli Lilly) التي تصنعه. يحاكي كلا الدواءين آلية عمل هرمون يحمل اسم الببتيد الشبيه بالغلوكاغون 1، والذي يمكنه إرسال إشارات للدماغ تجعله يحفّز الشعور بالشبع.

مع ذلك، فإن متوسط تخفيف الوزن الذي يتسبب به الدواءان يقترب من ذلك الذي تتسبب به عمليات معالجة البدانة الجراحية، ما يوفر خياراً آخر للمرضى والأطباء.

اقرأ أيضاً: ربما يجب على الأطباء تغيير طريقتهم في معالجة مرضى السمنة

ولكن هل ستمثّل مجموعة المنتجات الطبية القديمة والجديدة (وحتى تلك التي يتم تطويرها حالياً) الحل لمشكلة زيادة الوزن في الولايات المتحدة؟

وفقاً للخبراء، فهذا ليس مؤكداً. من إحدى النواحي، لا تعتبر هذه الأدوية والعلاجات ملائمة للجميع، كما أن فاعليتها تتفاوت.

يعتبر دواء بلينيتي (Plenity) أحد الأمثلة البارزة. تصل تكلفة هذا الدواء إلى 98 دولاراً شهرياً. وتعتبره إدارة الدواء والغذاء جهازاً يتطلب استخدامه وصفة طبية. خلال التجارب السريرية، لم ينجح 40% من المشاركين الذين استخدموا هذا الدواء في تخفيف الوزن. لكن بلغت نسبة تخفيف الوزن لدى باقي المشاركين 6.4% من وزن الجسم وسطياً، وذلك عند استخدام هذا الدواء على مدار 24 أسبوعاً إلى جانب الالتزام بنظام غذائي وممارسة التمارين الرياضية.

تماثل فاعلية هذا الدواء فاعلية أدوية تخفيف الوزن الأقدم تقريباً، والتي تساعد في تخفيف الوزن بنسبة تتراوح بين 5 و10% من وزن الجسم عند تناولها على مدار عام كامل.

على الرغم من أن أدوية تخفيف الوزن (سواء القديمة أو الجديدة) لا تفيد الجميع، فالتباين في الطريقة التي يتأثر فيها الأفراد بهذا النوع من الأدوية كبير بما يكفي لدرجة أنه "حتى الأدوية القديمة كانت فعّالة للغاية بالنسبة للبعض"، حسب تعبير رايند.

يضيف رايند قائلاً إنه مع ذلك، لا يزال من السابق لأوانه معرفة مدى دوام نتائج أدوية تخفيف الوزن (وبالأخص الأدوية الجديدة) وما ستكون أوزان المرضى بعد 5 أو 10 من الآن.

اقرأ أيضاً: 2.2 مليار شخص يعانون من السمنة والمرض، ولكننا لا زلنا نستخدم معيار قياس خاطئ

مكاسب مادية متفاوتة

على الرغم من ذلك، يحاجج مروّجو هذه الأدوية بأن شركات التأمين الصحي يجب أن تغطي أدوية علاج المشكلات المتعلقة بالوزن كما تغطي أدوية علاج السرطان والمشكلات الصحية المزمنة مثل ارتفاع ضغط الدم. ويقول هؤلاء إن تحمل شركات التأمين تكاليف هذه الأدوية قد يفيد المرضى ويزيد من صافي أرباح هذه الشركات. بمرور الوقت، قد تبدأ شركات التأمين بدفع مبالغ مالية أقل للأشخاص الذين تمكّنوا من تخفيف الوزن وتجنّب المضاعفات الصحية الأخرى. لكن قد يستغرق تحقيق النظام الصحي لهذه المكاسب المالية سنوات أو حتى عقوداً من الزمن.

لا تزال المكاسب المالية التي حققتها شركات تصنيع الأدوية متفاوتة. نمت مبيعات شركة نوفو نورديسك (Novo Nordisk) (وهي الشركة المصنّعة لدوائي ويغوفي وأوزيمبك) من أدوية علاج السمنة بنسبة 110% في النصف الأول من عام 2022 بسبب إصدار دواء ويغوفي، لكن أسعار أسهمها ظلت ثابتة وحتى انخفضت قليلاً في شهر سبتمبر/ أيلول من نفس العام. من ناحية أخرى، ارتفعت أسعار أسهم شركة إيلاي ليلي، والتي مُنحت الموافقة على بيع دواء جديد لمرض السكري يحمل اسم مونجارو (Mounjaro، والذي قد تتم الموافقة على استخدامه لتخفيف الوزن قريباً)، بنسبة 34% في شهر سبتمبر/ أيلول 2022 قياساً بأسعار شهر سبتمبر/ أيلول 2021.

يتساءل بعض أصحاب الأعمال وشركات التأمين الصحي الذين يدفعون فواتير الرعاية الصحية أيضاً عما إذا كانت أسعار الأدوية عادلة.

اقرأ أيضاً: تعرف على تقنية الكافيتيشن لتكسير الدهون بالموجات فوق الصوتية دون جراحة

بحث الخبراء في معهد المراجعة السريرية والاقتصادية مؤخراً في هذه المسألة وقارنوا بين 4 أدوية مختلفة لتخفيف الوزن. أول دواءين، ويغوفي وساكسيندا (Saxenda)، هما من صنع شركة نوفو نورديسك، والتي صممتهما بناءً على دواء قابل للحقن لمرض السكري. بينما النوعان الآخران، فينتريمين/توبيراميت (phentermine/topiramate)، والذي تبيعه شركة فيفوس (Vivus) باسم كيوسيميّا (Qsymia)، وبيوبروبيون/نالتريكسون (bupropion/naltrexone)، والذي تبيعه شركة كوراكس فارماسوتيكلز (Currax Pharmaceuticals) باسم كونتريف (Contrave)، يعتبران من العلاجات الأقدم التي تحتوي على أكثر من مادة فعالة واحدة.

وفقاً لتقرير نشر في أغسطس/ آب 2022 سيتم إكماله قريباً بعد تقييم التعليقات العامة عليه وإدراجها فيه، وجد الخبراء أن النتائج كانت متفاوتة؛ إذ تبيّن أن دواء ويغوفي يساعد على تخفيف الوزن بشكل أكبر مقارنة بالأدوية الأخرى. لكن وفقاً لرايند، ساعد دواء كيوسيميّا المرضى على فقدان كمية كبيرة من الوزن. وفقاً للتقرير، يبلغ صافي التكلفة السنوي للدواءين الأقدم بعد سنتين من استخدامهما 1465 دولاراً تقريباً بعد طرح خصومات الشركات المصنعة. بينما بلغ صافي التكلفة السنوي لدواء ويغوفي بعد سنتين من الاستخدام 13618 دولاراً. وقد يتم وصف أدوية تخفيف الوزن للعديد من المرضى لسنوات.

وفقاً للأرقام الواردة في التقرير، لم يستوف دواء ويغوفي عتبة الجدوى الاقتصادية الخاصة بمعهد المراجعة السريرية والاقتصادية.

يقول رايند: "إنه دواء ممتاز، لكنه يكلف نحو ضعف سعره المنطقي"، وذلك عند مقارنة فوائده الصحية بتكلفته وقدرته على زيادة الإنفاق الإجمالي على الرعاية الصحية وأقساط التأمين الصحي.

ليس من المتوقع أن تنخفض تكلفة هذه الأدوية قريباً. حتى عندما تدخل الأدوية الجديدة إلى السوق.

اقرأ أيضاً: ما هي آخر تطورات تقنيات توصيل الأدوية لعلاج الأمراض المستعصية؟

لم تكشف شركة إيلاي ليلي بعد عن تكلفة دواء مونجارو إذا اجتاز التجارب السريرية كدواء مخصص لتخفيف الوزن. مع ذلك، يمكننا توقّع تكلفته بناء على تكلفته كدواء لعلاج مرض السكري، والتي تبلغ 974 دولاراً سنوياً. تساوي هذه التكلفة تقريباً تكلفة دواء أوزيمبك الذي يستخدم لعلاج مرض السكري أيضاً.

تتجاوز تكلفة دواء ويغوفي تكلفة دواء أوزيمبك. على الرغم من أن ويغوفي يحتوي على كمية أكبر من المادة الفعالة. من المحتمل أن تحذو شركة إيلاي ليلي حذو شركة نوفو نورديسك وترفع تكلفة الإصدار المخصص لتخفيف الوزن من دواء مونجارو.

يتوقع الأستاذ في قسم علوم التغذية في جامعة ألاباما في برمنغهام، الدكتور تيموثي غارفي (Timothy Garvey)، أن شركات التأمين ستغطي المزيد من الأدوية بمرور الوقت،

إذ يقول: "لا شك الآن في أن المرضى سيتمكّنون من فقدان كمية كبيرة من الوزن وتجنّب مضاعفات السمنة من خلال تناول الأدوية"، ويضيف: "سيكون من الصعب على شركات التأمين الصحي أن تمتنع عن تغطية هذه الأدوية".

وفقاً لما قاله الكثير من الخبراء، فإن أحد الأمور التي قد يعززها التركيز على علاج السمنة بالأدوية هو التخفيف من التمييز ضد المرضى الذين يعانون من زيادة الوزن والسمنة وإزالة وصمة العار التي لطالما تسببت في المشكلات لهؤلاء الأشخاص.

تقول أخصائية طب السمنة ومديرة برامج الإنصاف في قسم الغدد الصماء في مستشفى ماساتشوستس العام، الدكتورة فاطمة ستانفورد (Fatima Stanford): "الأطباء هم الذين يمارسون التمييز ضد مرضى السمنة نوعاً ما عن غيرهم"، وتضيف: "تخيّل أنك تخضع للعلاج على يد طبيب يقول لك إن قيمتك كإنسان تعتمد على وزنك".

اقرأ أيضاً: علاج سحري للسمنة: دواء يخفض وزن الجسم بنسبة 20%

يعتقد رايند أن العلاجات الجديدة الأكثر فاعلية هي إحدى الطرق التي ستساعد في تفنيد الفكرة التي تنص على أن المرضى الذين يعانون من زيادة الوزن "لا يبذلون جهداً كافياً لتخفيف وزنهم"، حسب تعبيره.

ويقول: "أصبح من الواضح أكثر فأكثر على مر السنين أن السمنة هي مشكلة طبية ولا تتبع لنمط الحياة"، ويضيف: "لقد انتظرنا هذا النوع من الأدوية لزمن طويل".

المحتوى محمي