لماذا يصعب على الأطباء حتى الآن تقييم الآثار الجانبية لأدوية تنظيم النسل الهرمونية؟

8 دقائق
لماذا لا يعلم الأطباء حتى الآن الآثار الجانبية لأدوية تنظيم النسل الهرمونية؟
يقول بعض الأشخاص الذين يتناولون حبوب منع الحمل إن الارتفاع الشهري في مستوى الهرمونات الذي تسببه هذه الأدوية له آثار جانبية ضارة على صحتهم العقلية. حقوق الصورة: ديبوزيت فوتوز.

في أغسطس/آب 2021، استلقت «إميلي سكوغ» على الأريكة في غرفة المعيشة في منزل والديها، وكانت تفكّر بأنه لا يوجد أي شيء في العالم يثير بهجتها. فلأسابيع، كانت سكوغ، طالبة الدراسات العليا في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا البالغة من العمر 25 عاماً لا تشعر بشهية كافية حتى لتناول الطعام بشكل صحي. بدلاً من ذلك، كانت تقضي أياماً كاملة مستلقية على السرير، تنام وتستيقظ وتشرب رشفات من مشروب «غاتوريد» منذ حين لآخر.  

وفقاً لسكوغ، كان الاكتئاب قد بدأ قبل شهرين تقريباً، بعد أن بدأت في تناول حبوب منع الحمل الهرمونية لتخفيف التقلصات المنهكة التي عانت منها في الدورة الشهرية، والتي كانت تمنعها من الخروج من المنزل لبضعة أيام كل شهر.

تقول سكوغ: «أنا إنسانة سعيدة ومتفائلة للغاية»، وتتذكّر أنه في الشهر الأول من تناول الحبوب، حلّت غمامةٌ من الإرهاق واللامبالاة محل مزاجها المرتفع المعتاد. وتضيف سكوغ: «عندما ذهبت إلى المختبر حيث كنت أعمل، لم أكترث حتى بالنظر يميناً ويساراً قبل عبور الشارع».  

تقول سكوج إن طبيبها شخّصها بأنها مصابة بالاكتئاب، ووصف لها الأدوية المضادة للاكتئاب التي ساعدتها على ممارسة نشاطاتها المعتادة. ولكن لم تخف أعراض الاكتئاب حقاً حتى اتبعت نصيحة أحد أصدقائها، والذي اقترح عليها أن تحاول الإقلاع عن تناول أدوية منع الحمل. تقول سكوغ: «أقسم أني في اليوم الذي توقفت فيه عن تناول الأدوية، شعرت بأني طبيعية تماماً».  

اقرأ أيضاً: كيف تعمل حبوب منع الحمل؟ وما هي آثارها الجانبية؟

حتى الآن: لا يوجد ما يثبت ارتباط مانعات الحمل الفموية بالصحة العقلية

تمت الموافقة على استخدام الأدوية المانعة للحمل الفموية في ستينيات القرن الماضي، ومنذ ذلك الحين، أشارت العديد من الدراسات إلى أن هذه الأدوية نفعت الكثيرين. ومع ذلك، لا تزال المخاوف بشأن الآثار الجانبية المحتملة قائمة. بحث العلماء عن علاقة بين أدوية تحديد النسل الهرمونية والأمراض العقلية مثل القلق والاكتئاب. ولكن على الرغم من تداول قصص عن أشخاص مثل سكوغ على وسائل التواصل الاجتماعي، وفي الحلقات الاجتماعية النسوية، وفي مكاتب الأطباء، لم تثبت الدراسات وجود علاقة بين استخدام هذه الأدوية والأمراض العقلية بشكل حاسم. حالياً، وفي حين أن الارتباط بين استخدام أدوية تنظيم النسل والصحة العقلية قد يبدو واضحاً للعديد من مستخدمي هذه الأدوية، إلا أن الباحثين لم يتمكنوا من إيجاد علاقة واضحة بين الأمرين.    

اقرأ أيضاً: دليلك للتعرف على فعالية حبوب منع الحمل

كيف تعمل أدوية تحديد النسل الهرمونية؟

تعمل أدوية تحديد النسل الهرمونية عن طريق محاكاة الأوجه الرئيسية للحمل. في نهاية كل دورة شهرية، تعاني النساء في فترة الحيض من انخفاض في مستويات الهرمونات تُعلم أجسادهن بأنهن لسن حوامل. تحافظ أدوية تحديد النسل على ارتفاع مستويات الهرمونات، كما تكون أثناء الحمل، وأحد نتائج ذلك هي الحفاظ على البويضات حيث لا يمكن تلقيحها.  

هناك العديد من الأسباب الوجيهة للاعتقاد بأن العبث بمستويات الهرمونات الجنسية قد يؤثر على المزاج. غالباً ما تظهر أعراض حالات مثل القلق والاكتئاب خلال فترة البلوغ وانقطاع الطمث، عندما تمر مستويات الهرمونات بتقلبات طبيعية. عندما ظهرت وسائل منع الحمل لأول مرة، لم يستغرق الأمر وقتاً طويلاً حتى بدأ العلماء بدراسة ما إذا كانت هذه الأدوية الجديدة يمكن أن تؤثر أيضاً على صحة مستخدميها النفسية. ولكن في عام 2018، عندما راجع باحثون من جامعة ولاية أوهايو في تحليل تلوي 26 دراسة حول الصلة بين بعض أكثر أنواع أدوية تحديد النسل شيوعاً والاكتئاب، كتبوا أن «أغلبية الأدلة لا تدعم ارتباطاً بين الأمرين».   

أفاد مستخدمو أدوية تحديد النسل أن هذه الأدوية يمكن أن تجعلهم يبكون بسهولة، أو يشعرون بالقلق، أو يشعرون بانعدام العواطف بشكل غريب، وهي أعراض لا يمكن اعتبارها اكتئاباً بحد ذاتها.

اقرأ أيضاً: كل ما ترغب في معرفته عن حبوب منع الحمل للرجال

الحاجة إلى أبحاث مستقلة

قال «بريت وورلي»، طبيب التوليد وأمراض النساء المقيم في كولومبوس، وأحد مؤلفي التحليل التلوي سابق الذكر، إن المساهمة في هذه الدراسة التحليلية أدت إلى تغيير الطريقة التي يتحدّث فيها مع مرضاه. من قبل، كان وورلي يحذّر المرضى الذي يعتزمون استخدام أدوية تحديد النسل من أنها قد تتسبب بالاكتئاب، وذلك لأن بعض التقارير أشارت إلى أن ذلك محتمل، لكنه يخبرهم الآن بأن ذلك غير مرجح. ومع ذلك، يقر وورلي بأن هذه الإرشادات تستند فقط إلى أفضل الأدلة المتوفرة حالياً. الدراسة التي يرغب وورلي في رؤيتها لم تتم بعد.   

يقول وورلي: «يجب أن تشمل الدراسات مئات وربما آلاف النساء، كما يجب أن تستمر ستة شهور إلى سنة على الأقل». بشكل مثالي، يجب أن تُنجز الدراسات على يد باحثين مستقلّين لا علاقة لهم بشركات الأدوية، وذلك لتجنّب أية انحيازات. يجب تقسيم المشاركين بشكل عشوائي إلى مجموعات يتناول أفرادها أدوية تحديد النسل، وأخرى يتناول أفرادها الأدوية الوهمية، ويجب على الباحثين تقييم أعراض الاكتئاب والقلق وغيرها من الأمراض العقلية بشكل دوري.  

اقرأ أيضاً: هل تؤثر جيناتِك على مدى فعالية وسائل منع الحمل؟

محدودية وسائل منع الحمل البديلة

لكن هذا النهج المثالي له جانب سلبي على المشاركين: قد يكون أفراد مجموعة الدواء الوهمي عرضة لحالات حمل غير مرغوب فيها. سيحتاج هؤلاء إلى تناول أنواع أخرى غير هرمونية من أدوية تحديد النسل، ولكن هنا، الخيارات محدودة. يعتبر اللولب الرحمي النحاسي خياراً بديهياً في هذه الحالة، وذلك لفعاليته، ولكن عملية إدخاله تنتهك الخصوصية، ويمكن أن يتسبب بدورات شهرية مؤلمة ويتخللها إفراز غزير للحيض. الواقي الذكري هو أحد الخيارات، لكن يمكن أن يرتكب المشاركون أخطاءً في استخدام هذه الوسائل، كما أنها تميل لأن تكون أقل فعالية من الأدوية الهرمونية. يقول وورلي: «إنها دراسة صعبة الإنجاز»، ويضيف: «نأمل في أن تُنجز مثل هذه الدراسات في النهاية، إذ أنها لم تُنجز بالطريقة التي نرغب بها بعد».        

ستواجه حتى مجموعة المشاركين القادرين على إكمال الدراسة تحدياً إضافياً: يقول العلماء إنهم يفتقرون إلى الأدوات اللازمة لتقييم العديد من الآثار الجانبية على الصحة العقلية التي قد يتعرض لها مستخدمو أدوية تحديد النسل بدقة. ركز وورلي وزملاؤه تحليلهم التلوي على الاكتئاب لأنه حالة محددة تمت دراستها على نطاق واسع، ولدى الباحثين طرق معيارية لتشخيصها. تشمل الأعراض الرئيسية للاكتئاب الشعور بانعدام القيمة واليأس والإرهاق، لكن أفاد مستخدمو أدوية تحديد النسل أن هذه الأدوية يمكن أن تجعلهم يبكون بسهولة، أو يشعرون بالقلق، أو يشعرون بانعدام العواطف بشكل غريب، وهي أعراض لا يمكن اعتبارها اكتئاباً بحد ذاتها.   

تدير «إيلين ويبي»، طبيبة صحة المرأة، عيادة إجهاض في فانكوفر، كولومبيا البريطانية، حيث غالباً ما تجري محادثات مع مرضاها حول أسباب التأثيرات السلبية لوسائل منع الحمل عليهم. قالت ويبي: «سمعت مراراً وتكراراً أن المريضات بدأن باستخدام وسائل منع الحمل»، وتضيف: «ثم فقدن عقلهن». 

اقرأ أيضاً: الحصول على حبوب منع الحمل عبر الإنترنت يعتبر خياراً آمناً ووحيداً لبعض النساء

الآثار العقلية لوسائل منع الحمل الهرمونية بلسان المرضى

سألت ويبي مرضاها ماذا يقصدون عندما يقولون إنهم يشعرون بأنهم مجانين. تقول ويبي: «أخبرني المرضى بأنهم أصبحوا يغضبون بسهولة أكبر، ويبكون بسهولة أكبر، وأنهم يبالغون في ردود أفعالهم تجاه الأشياء». لذلك، صممت ويبي دراسة استقصائية لفحص هذه التغيرات الدقيقة في المزاج. كان معدل الآثار الجانبية على الصحة العقلية التي اكتشفتها أعلى بكثير من المعدلات التي اعتادت رؤيتها في كتيبات الطب. عانى 51% على الأقل من أصل 978 مشاركاً في الدراسة من تأثير جانبي سلبي واحد على الأقل مرتبط بالمزاج.   

قالت ويبي إنها تعتقد أن هذه الدراسة كشفت عن معدل مرتفع لهذه الدرجة لأنها صممتها لتكشف الآثار الجانبية التي أبلغ عنها مستخدمو وسائل تحديد النسل، مثل عدم الرغبة بممارسة الجنس وحدّة الطبع. أشارت ويبي إلى أنه حتى التغيرات المزاجية المعتدلة نسبياً يمكن أن يكون لها تأثير خطير على الرفاهة، إذ تقول: «المزيج من الغضب وعدم الرغبة في ممارسة الجنس ليس أمراً جيداً في العلاقات»، وتضيف: «أتذكر امرأة قالت لي "لقد فقدت حب حياتي"».   

مع ذلك، قد لا تنطبق نتائج ويبي على جميع المجموعات السكانية. أرسلت ويبي وزملاؤها المشاركين إلى مكاتب الأطباء، وقال «أندرو نوفيك»، طبيب نفسي متخصص في الإنجاب في جامعة كولورادو، في رسالة عبر البريد الإلكتروني إلى موقع «أندارك»: «هذا يولد بعض التحيّز الانتقائي». النساء اللواتي يشعرن بالرضا عن تناول الأدوية المانعة للحمل أقل عرضة لزيارة الطبيب من النساء اللواتي يعانين من آثار جانبية سلبية.  

لماذا لا يعلم الأطباء حتى الآن الآثار الجانبية لأدوية تنظيم النسل الهرمونية؟
المرضى الذين كانت تجربة استخدامهم لوسائل تحديد النسل الهرمونية إيجابية هم أقل عرضة لأن يبلّغوا عن آثار هذه الأدوية للأطباء. ويتسبب هذا بانحراف في أدلة الشهادات الشخصية. حقوق الصورة: ديبوزيت فوتوز.

يقول وورلي إنه يعتقد أن الدراسة التي أجرتها ويبي هي مساهمة جيدة تساعد العلماء على فهم الآثار الجانبية المرتبطة بالحالة المزاجية. لكنه يحذر من أن مطالبة المشاركين بتذكر ما شعروا به، ربما قبل سنوات، كما فعل مؤلفو الدراسة، يمكن أن يولّد انحيازاً استرجاعياً. كما أن أحد العناصر الأساسية للدراسة التي يعتبرها وورلي مثالية كان غائباً عن دراسة ويبي، يقول وورلي: «لم تكن هناك "مجموعة ضبط" توازن الظروف الأخرى التي ربما تكون قد أثرت على النساء، مثل التغيير في المواسم، والتغيرات في العلاقات العاطفية، وغير ذلك».   

اقرأ أيضاً: هل يمكن لتطبيق برمجي أن يغنيكِ عن وسائل منع الحمل؟

صعوبة التمييز بين الآثار الجانبية والآثار على الصحة العقلية

تعلم «لورين بواسونو»، صحفية من منطقة شيكاغو، مدى صعوبة فصل الآثار الجانبية على الصحة العقلية عن العوامل الأخرى. لقد عانت من تقلبات المزاج منذ أن بدأت في تناول أدوية منع الحمل حتى انتقلت لاستخدام اللولب الرحمي بعد نحو 6 سنوات. تقول بواسونو: «بالنسبة لي، العامل المختلف، والذي كان يبدو بديهياً، كان وسائل تحديد النسل». لاحظت بواسونو أن حياتها الشخصية تحسّنت خلال تلك الفترة نفسها، وبدأت في تلقّي علاج لحالة متعلّقة بالغدة الدرقية تأخر تشخيصها.   

يقول نوفيك إنه عالج أشخاصاً، مثل بواسونو، عانوا من تقلبات مزاجية أثناء استخدام وسائل منع الحمل، وأشخاصاً عانوا من تغيرات طفيفة أكثر، وأشخاصاً شعروا بتحسن أثناء تناول هذه الأدوية. ما يزيد الأمر تعقيداً أن الشهادات الشخصية تشير إلى أن الشخص نفسه يمكن أن يعاني من آثار متناقضة. وجدت «إليزابيث هينانت»، كاتبة من أتلانتا، أن أحد أنواع أدوية تحديد النسل الهرمونية جعلها تشعر بالغضب الشديد، بينما جعلها نوع آخر تشعر بالهدوء أكثر من المعتاد.  

إن التفاوت وغياب الخصوصية في الحالات والظروف المربكة تجعل قياس التغيرات المزاجية أمراً صعباً، لكن ويبي ونوفيك يشيران أيضاً إلى مشكلة يواجهها الباحثون عند دراسة أي أثر جانبي خطير، الأشخاص مثل بواسونو وسكوغ وهينانت لن يشاركوا على الأرجح في دراسات حول الأدوية التي يعتقدون أنها جعلت حياتهم بائسة، لذا فإن الدراسات يمكن ألا تشمل هذه الشريحة من السكان. يقول نوفيك: «إنها ظاهرة تسمى "تأثير الناجين"». تقتصر معظم الدراسات على دراسة النساء اللواتي لا يمانعن تناول أدوية منع الحمل الهرمونية. يسأل نوفيك: «لكن من هؤلاء النساء؟»، ويضيف: «هن اللواتي يرغبن في الاستمرار بتناول هذه الأدوية».     

اقرأ أيضاً: خطوة الحمل الأولى: دليلك الشامل لأعراض تلقيح البويضة

وسائل تحديد النسل وشركات الأدوية والقانون

يقول مستخدمو وسائل تحديد النسل إنهم يعانون أحياناً من وصمة العار والمواقف الرافضة أثناء محاولتهم التعامل مع التغيرات المزاجية. تقول سكوغ إنها استشارت طبيبين حول ما إذا كان استخدام وسائل تحديد النسل يساهم في إصابتها بالاكتئاب. أخبرها كلاهما أن ذلك غير مرجح. بنفس الوقت، لم تستشر بواسونو مطلقاً أي طبيب للاستفسار عن تقلبات المزاج، وتقول: "هذا لأني كنت خائفة مما قد يقوله الناس، أو كيف ستكون ردة فعلهم»، وتضيف: «لذلك صبرت وحاولت تجاوز الأزمة».    

ما يزيد المسألة تعقيداً أن بعض الباحثين قد يترددون في التحدث علناً ضد الأدوية التي لها آثار إيجابية لا يمكن إنكارها على شرائح كبيرة من المجتمع. وجدت إحدى الدراسات أن انتشار وسائل تحديد النسل يرتبط بزيادة تبلغ 3 أضعاف في عدد النساء الملتحقات بكلية الطب والقانون. ووجدت دراسة أخرى أن تحديد النسل ربما ساعد في تضييق الفجوة في الأجور بين الذكور والإناث. تظهر الدراسات باستمرار أن الأطفال الذين يستطيع آباؤهم استخدام وسائل تحديد النسل أقل عرضة للمعاناة من الفقر. تم تحقيق هذه المكاسب بصعوبة في الولايات المتحدة، فقد وصلت المعركة للحفاظ على إمكانية استخدام وسائل تحديد النسل إلى المحكمة العليا عدة مرات. يتذكر نوفيك عرض أول التماس منحة لزميله بهدف دراسة الآثار الجانبية المرتبطة بالمزاج لوسائل تحديد النسل. يقول نوفيك: "قال صديقي "عليك أن تكون حذراً"»، ويضيف: «"لأن أطباء التوليد وأمراض النساء سيصبحون دفاعيين للغاية"».

اقرأ أيضاً: أدوية تنظيم النسل للرجال؟ التجارب السريرية قد تبدأ هذا العام فعلاً

ما علاقة الدماغ بكل هذا؟

يعتقد بعض العلماء أن الفرضيات التي عفا عنها الزمن حول الفيزيولوجيا قد أعاقت الأبحاث أيضاً. تقول «نفيسة إسماعيل»، أخصائية الغدد الصماء في جامعة أوتاوا: «لقد درسنا الدماغ باعتباره كياناً مستقلاً لفترة طويلة في مجال علم الأعصاب، ونسينا أنه ينتمي إلى الجسم». أضافت إسماعيل أن الدعوات لأخذ الآثار الجسدية بعين الاعتبار أدّت مؤخراً فقط إلى إثارة تساؤلات حول كيفية تأثير الأدوية التي تستهدف الرحم على الدماغ.  

يشير تصوير الدماغ إلى أنه قد يكون هناك تأثير كبير للجسد على الدماغ. لاحظ الباحثون باستخدام تقنيات مسح الدماغ، مثل التصوير بالرنين المغناطيسي، أن أدوية تحديد النسل قد تغير عدد الخلايا في مناطق معينة من الدماغ وعدد الوصلات بينها. قد تمثّل هذه التغييرات أساس التغييرات السلوكية التي لاحظتها إسماعيل وآخرون، مثل الاختلافات بين كيفية استجابة الأشخاص الذين يستخدمون وسائل تحديد النسل وأولئك الذين لا يستخدمونها للإجهاد.  

تقول إسماعيل إن الموارد لهذا النوع من الأبحاث أصبحت متاحة أكثر، وتستشهد بوكالتي «المعاهد الكندية للأبحاث الصحية» و«المعاهد الوطنية للصحة بالولايات المتحدة» بصفتهما وكالتي تمويل أعربتا عن اهتمامهما بالبحوث المتعلقة بالعلاقة بين وسائل تحديد النسل والصحة العقلية. ولكن بعد سنوات عديدة من إهمال هذه الأبحاث، تفتقر هذه المجالات إلى العدد الكافي من الباحثين لإحراز تقدم سريع. 

في غضون ذلك، تقول سكوغ إنها توقّفت عن تناول أدوية منع الحمل الهرمونية بشكل نهائي، وإنها تفكر في الوخز بالإبر كحل للتعامل مع التقلّصات التي تعاني منها. كما أنها تساعد أصدقاءها في تتبع حالتهم المزاجية، في حال كانت وسائل منع الحمل تولّد لديهم مشاعر سلبية. تقول سكوغ: «أتخيل أن هناك الكثير من النساء اللواتي يعانين من نفس الظروف». 

المحتوى محمي