يُحبذ الأزواج التخطيط لإنجاب أطفالهم ضمن خط زمني يناسب حياتهم، لهذا السبب يلجأ الكثيرون منهم لموانع الحمل، إلّا أنهم قد يقفون أمام رفوف شديدة التنوع في خياراتها من موانع الحمل، إذ هناك الكثير من الأنواع المختلفة التي تختلف عن بعضها بعضاً بآلية العمل والملاءمة والفاعلية، نورد أهمها في هذا المقال.
ما أكثر أنواع موانع الحمل فاعلية؟
الشكل الأكثر فاعلية لتحديد النسل هو الامتناع عن ممارسة الجنس في أثناء فترة الخصوبة التي تزداد فيها فرص حدوث الحمل، أو ما يُعرف بـ "النافذة الإباضية" التي تمتدُ بين اليوم التاسع واليوم الخامس عشر لأول يوم من الدورة الشهرية. وعلى الرغم من فاعليته الكبيرة، فإنه غير مفضل عند الكثيرين، ما يجعلهم يلجؤون لاستخدام نموذج آخر لمنع الحمل.
عامل آخر يؤدي دوراً في تحديد فاعلية مانع الحمل هو "ملاءمة مانع الحمل" وسهولة استخدامه، إذ لا معنى لفاعلية مانع حمل إذا كان صعب الاستخدام أو لا يُستخدم بشكلٍ صحيح. وتتصف موانع الحمل الأكثر ملاءمة -وفاعلية حتّى- بأنها لا تتطلب الكثير من التحضير أو التعديل، لهذا تشكّل غرسات منع الحمل أو اللوالب الرحمية خيارات ممتازة وفعّالة.
اقرأ أيضاً: لماذا يصعب على الأطباء حتى الآن تقييم الآثار الجانبية لأدوية تنظيم النسل الهرمونية؟
أنواع موانع الحمل
قبل اختيار مانع الحمل الأنسب؛ على الزوجين استشارة مقدم الرعاية الصحية لتحديد ملاءمة مانع الحمل لصحة كل منهما ولتعريفهما بطريقة استخدامه. فبعض موانع الحمل لا يكون فعّالاً إلّا إذا استُخدم بشكلٍ صحيح، وعموماً تُقسّم موانع الحمل إلى الهرمونية التي تؤثّر في الإباضة أو في النطاف وغير الهرمونية التي تمنع النطاف أن تلتقي بالبويضة.
الامتناع عن ممارسة الجنس
تفضّل نسبة من الأزواج عدم استخدام أي شكل من أشكال موانع الحمل واتباع طرق طبيعية عبر تجنبهم الجماع في فترة الخصوبة التي تزداد فيها نسبة الحمل، ولن تكون هذه الطريقة فعاّلة إلّا عندما تكون الأنثى ذات دورة شهرية منتظمة تُتيح لها تحديد فترة الخصوبة بدقة.
الواقي الذكري
الواقي الذكري هو غطاء رقيق مصنوع من اللاتكس أو البلاستيك ويوضع فوق القضيب في أثناء ممارسة الجنس؛ حيث يمنع هذا الغطاء السائل المنوي من دخول المهبل. يعتبر الواقي الذكري شكلاً فعّالاً من موانع الحمل التي تحمي أيضاً من الأمراض المنقولة جنسياً، إلّا أن فاعليته لا تصل إلى 100% وخاصةً أنه قد يتمزق أو ينزلق عند استخدامه بشكلٍ غير صحيح. ومن جهةٍ أخرى، لا يعتبر الواقي الذكري المصنوع من اللاتكس خياراً مناسباً للأفراد الذين يتحسسون من اللاتكس أو أحد مكوناته.
اقرأ أيضاً: الحصول على حبوب منع الحمل عبر الإنترنت يعتبر خياراً آمناً ووحيداً لبعض النساء
الغرسة الهرمونية تحت الجلد
الغرسة الهرمونية هي أحد موانع الحمل الهرمونية، وهي جسم صغير بحجم عود الثقاب يوضع تحت جلد الجزء العلوي من الذراع غير المسيطرة، محرراً كميات ثابتة بتدفق مستمر من هرمون البروجستين -أو البروجيسترون- لمدة تصل إلى 3 سنوات. وبما يتعلق بفاعلية الغرسة فهي تصل إلى 100%، كما أنها محبذة لأنها طويلة الأمد ولا تتطلب الصيانة وتمكن إزالتها بإجراء طبي بسيط.
اللولب أو الجهاز داخل الرحم
اللولب هو جهاز صغير مرن يأخذ شكل حرف (T) يُوضع داخل الرحم، وله نوعان: لولب مصنوع من النحاس ولولب هرموني يُحرر البروجيسترون. يمنع اللولب الحمل عن طريق زيادة سماكة مخاط عنق الرحم بحيث لا تتمكن النطاف من الوصول إلى البويضة، كما أنه يمنع زيادة سماكة بطانة الرحم ما يُضعف من حدوث التعشيش.
يمكننا القول إن تطبيق اللولب يعتمد على فكرة "اعتمده وانسِه" بمعنى أنه لا يتطلب أي صيانة يومية أو شهرية، وتستمر فاعليته أحياناً لمدة تصل إلى 10 سنوات. إضافة إلى أنه من أكثر طرق منع الحمل فاعلية إذ تُقدّر فاعليته بـ 100%، ومع ذلك ينطوي وضعه داخل الرحم على حدوث بعض الآثار الجانبية كعدم الارتياح أو تقلصات طفيفة كما أنه غير مناسب للإناث اللاتي يعانين من تشوهات الرحم، وبما يتعلق بتطبيق لولب النحاس فهو مضاد استطباب للإناث المصابات بداء ويلسون.
اقرأ أيضاً: الطب الصيني الشعبي يُقدّم لنا مانعاً للحمل يمكن استخدامه من قبل الرجال أو النساء على حد سواء
حبوب منع الحمل المركبة الحاوية على الأستروجين والحلقات واللصاقات
تشتمل وسائل منع الحمل هذه كلاً من حبوب منع الحمل التي تحتوي على هرمون الأستروجين والتي تؤخذ يومياً بالتوقيت نفسه، واللصقة التي تُبدل أسبوعياً والحلقة المهبلية التي تحرر الأستروجين التي توضع مرة كل شهر. تتضمن وسائل منع الحمل هذه هرمونين مختلفين -الأستروجين والبروجيسترون- والتي تمنع الحمل من خلال منع حدوث الإباضة، ولها أنماط مختلفة، فبعضها مُصمم للسماح بحدوث نزيف الدورة الشهرية بينما لا يسمح بعضها الآخر بوجود دورة شهرية على الإطلاق، وتتم مناقشة الأنسب لكل أنثى مع مقدم الرعاية الصحية الخاص بها.
تُقدّر فاعلية حبوب منع الحمل بـ 99% عند استخدامها بشكلٍ صحيح، ومع ذلك فإن معظم الإناث لا يستخدمنها كما يجب، فمن السهل للغاية أن تنسى الأنثى تناول الحبة أو أن تأخذها بغير موعدها، لهذا لا تتجاوز فاعليتها 91% في الحقيقة. من جهةٍ أخرى، لحبوب منع الحمل آثارٌ جانبية طفيفة تظهر خلال الأشهر القليلة الأولى من الاستخدام، بما فيها ألم الثدي والغثيان والصداع واضطرابات الدورة الشهرية، وتعتبر هذه الآثار الجانبية السبب الأكثر شيوعاً للتخلي عن هذا النوع من موانع الحمل.
"الحبوب الصغيرة" أو حبوب منع الحمل البروجيسترونية
تحتوي هذه الحبوب على هرمون واحد فقط هو "البروجيسترون" وتمنع الحمل عن طريق زيادة سماكة مخاط عنق الرحم حتى لا تتمكن الحيوانات المنوية من الوصول إلى البويضة، كما أنها تُضعف بطانة الرحم، لهذا يترافق استخدامها مع نزف حيضي خفيف. تُقدّر فاعليتها بفاعلية حبوب منع الحمل المركبة نفسها، والأثر الجانبي الأكثر شيوعاً لها هو النزيف غير المنتظم الذي يتحسن بعد 6-12 شهراً من تناول الحبوب.
وعلى الرغم من تشابه الحبوب الصغيرة مع حبوب منع الحمل المركبة، فإن الحبوب التي تحتوي على البروجيسترون مفضلة عند المُرضعات بالإضافة إلى مريضات سرطان الثدي أو سرطان باطن الرحم اللاتي لا يُفضَّل أن يتعرضن لهرمون الأستروجين.
الكريم القاتل للنطاف
يتوفر قاتل النطاف أو مبيد النطاف على شكل هلام أو كريم أو تحاميل تحتوي على مواد كيميائية تلحق الضرر بالحيوانات المنوية، ما لا يجعلها قادرة على السباحة حتى تصل إلى البويضة، كما أنه يُخفّض من درجة حموضة المهبل ما يعوق سباحة النطاف.
تُقدّر فاعليته بـ 70%، إلّا أن هذه النسبة تعتمد على استخدامه وفقاً للتوجيهات، إذ ينبغي استخدامه قبل الجماع بـ 15-30 دقيقة وإعادة تطبيقه كل ساعة، إذ تزول فاعلية المركبات الكيميائية فيه بعد ساعة من التطبيق، بالإضافة إلى ضرورة تطبيقه قبل كل ممارسة للجنس وتجنب غسله بعد الانتهاء من الجماع.
اقرأ أيضاً: دليلك للتعرف على فعالية حبوب منع الحمل
الحجاب الحاجز المهبلي
يُوصف الحجاب الحاجز بأنه كوب مرن قابل لإعادة الاستخدام على شكل قبة يُوضع داخل المهبل لسد عنق الرحم ومنع الحيوانات المنوية من الدخول إلى الرحم. تُقدّر فاعلية الحجاب بـ 87% إذ استُخدم بشكلٍ صحيح، ويمكن أن تصل النسبة إلى 94% عند استخدامه مع الكريم القاتل للنطاف، ويُطبق الحجاب قبل 1-2 ساعة من ممارسة الجنس، بينما يُزال بعد 6-24 ساعة.
غطاء عنق الرحم
يُشابه غطاء عنق الرحم الحجاب الحاجز المهبلي إلى حد كبير فهو عبارة عن كوب مصنوع من السيليكون أو المطاط الناعم الذي يتناسب بشكل مريح مع عنق الرحم، وهو فعّال بنسبة 78%، وهذا الرقم يزداد إلى 85% عند استخدامه مع الكريم القاتل للنطاف. وبما يتعلق بطريقة الاستخدام، فيُدخل الغطاء قبل 6 ساعات من ممارسة الجنس ولا يُزال إلّا بعد 8 ساعات من آخر جماع، ويمكن الاحتفاظ بالغطاء في مكانه لمدة تصل إلى 48 ساعة كحد أقصى.
موانع الحمل الطبيعية وتنظيم الأسرة الطبيعي
على الرغم من تنوع خيارات موانع الحمل، فإن البعض لا ينسجم مع أي منها، لهذا يلجؤون للطرق الطبيعية التي تعتمد على فهم إيقاع الجسم والتعرف على وقت الإباضة، وتعتمد هذه الطرق على تحديد أيام الخصوبة لتجنب ممارسة الجنس فيها.
يمكن اعتماد التقويم الشهري للتنبؤ بموعد الإباضة، إلّا أنها واحدة من أقل أشكال موانع الحمل الطبيعية فاعلية، إذ إن موعد الإباضة لدى كل أنثى يتغير تبعاً لعوامل جسدية ونفسية متنوعة.
طريقة أخرى هي "معاينة مخاط عنق الرحم"، وفيها يتم فحص الإفرازات المهبلية لتحديد فترة الخصوبة، وينبغي تجنب ممارسة الجنس في الأيام التي تكون فيها المفرزات زلقة وشفافة وذات قوام زلال البيض، أما الإفرازات السميكة والعجينية تعني أن الأنثى قد تجاوزت المرحلة الخصبة.
يساعد أيضاً قياس درجة حرارة الجسم القاعدية للأنثى على تحديد خصوبتها، إذ تُسجّل درجة حرارة الجسم كل صباح قبل النهوض من السرير، وعندما تجد الأنثى ارتفاعاً في درجة حرارة الجسم تُقدر بنصف درجة إلى درجة، هذا يعني أن الإباضة قد انتهت، ويمكن ممارسة الجنس بأمان بعد ذلك بعدة أيام.