مع بداية كل عام جديد، يقرر العديد وضع خطة صارمة لإنقاص وزنه، ولا يختلف الحال في عام 2023. ويعد الالتزام بتناول الطعام الصحي وممارسة التمارين الرياضية من أهم القرارات التي يتخذها الأميركيون هذا العام. إذا كنت من مستخدمي منصة تيك توك، ربما لاحظت أن هناك طريقة ثالثة لإنقاص الوزن آخذة بالانتشار على نطاق واسع، حيث يقوم بعض ناشطي تيك توك بحقن أنفسهم بعقار مخصص لعلاج السكري من النوع الثاني يُدعى "أوزمبيك" (Ozempic) زاعمين أنه يساعدهم في تخفيف الوزن سريعاً.
وقد شاع أن كيم كاردشيان قد استخدمت العقار لتخفيض وزنها كي تتمكن من ارتداء فستان مارلين مونرو في معرض أزياء معهد ميت غالا (لكنها نفت ذلك)، وحتى إن إيلون ماسك قد عبّر عن تأييده لهذه الفكرة في تغريدة له على تويتر.
اقرأ أيضاً: كل ما يهمك معرفته حول الفرق بين دوائي جانوميت وجلوكوفاج المُستخدمَين في علاج السكري
استخدام عقار أوزمبيك لتخفيف الوزن
انتشر استخدام العقار كطريقة جديدة لإنقاص الوزن عبر تيك توك انتشار النار في الهشيم، ما أدى إلى فقدان العقار من الأسواق. وقد أدى الطلب المتزايد على العقار أيضاً إلى نقصه في جميع أنحاء العالم، ما ترك مرضى السكري يعانون من صعوبات في الحصول عليه. مع انطلاق هذا الاتجاه، يشكك العديد من المهنيين الصحيين في سلامة استخدام دواء غير مرخص لإنقاص الوزن وفعاليته في هذا الصدد على المدى الطويل.
تقول أخصائية الغدد الصم في مركز بروفيدنس سانت جون الصحي في سانتا مونيكا، روز لين: «العقار ليس مصمماً ليكون حلاً قصير المدى بالنسبة للأشخاص الذين يتطلعون لإنقاص وزنهم بسرعة، ناهيك عن تكلفته العالية التي تصل إلى نحو 1000 دولار (إذا لم يكن مشمولاً بالتأمين)". وتنصح لين بأنه ليس بالضرورة، من الناحية الطبية، أن يتناول من لا يعانون من السكري أو السمنة العقار إذا ما كان اتباع نظام غذائي مناسب والتمارين الرياضية يعطي نتائج صحية أفضل بشكل عام.
أوزمبيك هو الاسم التجاري لعقار يُدعى "سيماغلوتايد" (Semaglutide)، وقد وافقت عليه إدارة الغذاء والدواء كحقنة مرة واحدة أسبوعياً لضبط مستويات سكر الدم في الأشخاص المصابين بداء السكري من النوع الثاني، وكعلاجٍ لتقليل مخاطر الإصابة بأمراض القلب للأشخاص المصابين بالسكري من النوع الثاني وبأمراض القلب المعروفة.
اقرأ أيضاً: كيف تتسبب البدانة في حدوث داء السكري؟
كيف يعمل عقار سيماغلوتايد؟
يحاكي عقار سيماغلوتايد هرموناً يُدعى "الببتيد الشبيه بالجلوكاغون-1" أو (GLP-1) اختصاراً، والذي يرتبط بمستقبلات GLP-1. تحفّز المستقبلات المُنشطة البنكرياس على إفراز الإنسولين عندما ترتفع مستويات السكر في الدم، ولـ GLP-1 دور ثانوي أيضاً في التحكم في الشهية. وعلى غرار عمل GLP-1، يبطئ عقار سيماغلوتايد عملية الهضم بحيث يبقى الطعام لفترة أطول من الوقت في المعدة، ما يمنح المرء إحساساً بالشبع، وبالتالي يمتنع الدماغ من إفراز هرمونات الجوع التي تؤدي إلى الشعور بالحاجة إلى تناول الطعام.
يُعد فقدان الوزن أحد الآثار الجانبية المعروفة عند مرضى السكري الذين يتناولون أدوية سيماغلوتايد، مع ذلك، لا يوصف أوزمبيك، على وجه التحديد، بهدف إنقاص الوزن.
هناك نسخة أخرى من دواء سيماغلوتايد تُدعى "ويغوفي" (Wegovy) كانت إدارة الغذاء والدواء قد وافقت عليه عام 2021 كحقن لإنقاص الوزن للبالغين المصابين بالسمنة. تقول لين موضحةً: «عقار ويغوفي مناسب بشكل عام لمن يعانون من زيادة شديدة في الوزن». يُوصف عقار ويغوفي للأشخاص المصابين بالبدانة (ممن يبلغ مؤشر كتلة الجسم لديهم 30 أو أكثر) أو زائدي الوزن (مؤشر كتلة الجسم 27 أو أكثر) أو في حالة الإصابة بحالات أو أمراض ثانوية تؤدي إلى السمنة.
وجدت تجربة سريرية استمرت 68 أسبوعاً أن البالغين متوسطي العمر الذين يعانون من السمنة وأخذوا حقناً أسبوعية من عقار ويغوفي فقدوا في المتوسط 15 كيلوغراماً، بينما فقد المشاركون في المجموعة الضابطة نحو 3 كليوغرامات فقط في المتوسط.
اقرأ أيضاً: هل أدوية تخفيف الوزن الجديدة آمنة على المدى الطويل؟
آثار جانبية لدى استهلاك سيماغلوتايد للتنحيف
استخدام سيماغلوتايد بهدف إنقاص الوزن هو استراتيجية فعّالة بالنسبة لمن يعانون من السمنة، ولكن الخبراء يحذرون من أن النحافة لا تعني بالضرورة أن تكون بصحة جيدة في الواقع. تقول رئيسة قسم الغدد الصماء والتمثيل الغذائي في المركز الطبي لجامعة ستوني بروك، سيلفانا أوبيسي: «لا توجد حلول سهلة لفقدان الوزن».
إذا لم تكن هناك حاجة إلى تناول سيماغلوتايد لإدارة مرض السكري، يجب عدم استخدامه لأنه ينطوي على بعض مخاطر السلامة. من الآثار الجانبية الشائعة للسيماغلوتايد الشعور بالغثيان نتيجة بقاء الطعام فترة طويلة في المعدة، وتقول لين واصفة بعض هذه الحالات التي تعاملت معها: «لقد رأيت بعض المرضى ممن يعانون من الغثيان لدرجة التقيؤ وحتى التهوّع (محاولة التقيؤ)». وتشمل الآثار الجانبية الشائعة الأخرى لدواء سيماغلوتايد آلام المعدة والإسهال والإمساك.
هناك أيضاً احتمال ضئيل جداً للإصابة بأورام الغدة الدرقية، حيث أظهرت دراسة سابقة على القوارض إصابتها بهذه الأورام بعد حقنها بسيماغلوتايد، لكن لم يتم إثبات الآثار المسرطنة في البشر. هناك أيضاً تقارير عن ظهور مشكلات في المرارة أيضاً بين الذين يتناولون سيماغلوتايد، وتتراوح الأعراض من اصفرار الجلد أو العينين إلى آلام في الجزء العلوي من المعدة وحتى الحمّى.
وتحذر أوبيسي من جانبها من أن عقار "أوزمبيك" ليس فعالاً جداً في الحفاظ على خسارة الوزن على المدى الطويل، ولن يكون بمقدور من يستخدمه الحفاظ على فقدان الوزن ما لم يتبع نظاماً غذائياً صحياً ويمارس التمارين الرياضية بانتظام، وتضيف: «سيلغي نمط الحياة غير الصحي أي فوائد لتناول عقار أوزمبيك». لقد وجدت تجربة سريرية أجريت عام 2021 أن المشاركين استعادوا معظم الوزن الذي خسروه بعد توقفهم عن استخدام حقن سيماغلوتايد.
نظراً لخسارة الوزن المؤقتة، قد يلجأ من يريدون خسارة الوزن إلى استخدام أدوية سيماغلوتايد، مثل أوزمبيك، لفترة طويلة من الزمن، ويعبّر كل من لين وأوبيسي عن خشيتهما من أن يؤدي الاستخدام الطويل الأمد لهذه الأدوية بهدف إنقاص الوزن إلى تفاقم نقصها على مستوى العالم، ما سيضع مرضى السكري أمام مخاطر حقيقية تتمثل في صعوبة الحصول على الدواء. تقول لين في هذا الصدد: «اتصل بنا العديد من مرضى السكري وأخبرونا أنهم لم يتمكنوا من الحصول على الدواء، وكنا نعطيهم عينات منها عندما تتوفر لدينا، لكنها لا تكون متاحةً معظم الوقت».
اقرأ أيضاً: هل يمكن الشفاء من داء السكري من النوع الأول؟ وما هي أحدث العلاجات المتوافرة؟
هناك أدوية بديلة يمكن لمرضى السكر تناولها، لكن نقص عقار أوزمبيك له نتائج مضاعفة على الأدوية الأخرى التي تحاكي الببتيد الشبيه بالجلوغاكون. أبلغت إدارة الغذاء والدواء عن نقص في أدوية السكري الأخرى مثل دواء "تيرزباتيد" (Tirzepatide) و"تروليستي" (Trulicity). وقد أعلنت شركة الأدوية "نوفو نورديسك" التي تصنّع عقاري أوزمبيك وويغوفي أنها زادت من إمدادات ويغوفي حالياً، وتعمل على توفير إمدادات دواء أوزمبيك بحلول أوائل عام 2023.