رصدت منظمة الصحة العالمية حتى تاريخ الأربعاء 25 مايو/ أيار 131 حالة إصابة مؤكدة بجدري القرود، وأكثر من 106 حالات مشتبه بها حول العالم. وفي مواجهة هذا التزايد المقلق للأرقام منذ بداية الشهر يحاول العلماء إيجاد العلاج لجدري القرود للحد من الانتشار السريع، وقد وجد فريق باحثين في جامعة ليفربول بالمملكة المتحدة أنه يمكن لعقار " تيكوفيريمات " (Tecovirimat) أن يكون ذا فائدة سريرية لعلاج جدري القرود.
الأدوية المضادة للفيروسات لعلاج جدري القرود
في الدراسة القائمة على الملاحظة والتي نُشرت في دورية "لانست للأمراض المعدية" (The Lancet Infectious Diseases)، اختبر الباحثون نوعين من الأدوية المضادة للفيروسات والتي تُستخدم لأنواع مختلفة من فيروسات الجدري على سبعة مرضى تم تشخيص إصابتهم بجدري القرود في المملكة المتحدة في الفترة ما بين 2018-2021، وفقاً لبيانات "مركز مراجعة الأمراض المعدية عالية العواقب" (HCID)، على النحو التالي:
- لم يتم علاج ثلاثة مرضى بأي عقار.
- عولج ثلاثة من المرضى المصابين بعقار "برينكيدوفوفير" بجرعة فموية مقدارها 200 ميلليغراماً لمرة واحدة في الأسبوع، إلا أنهم أبدوا ارتفاعاً في إنزيمات الكبد ما اضطر الباحثين لإيقاف العلاج.
- تم علاج مريض واحد فقط بجرعة فموية من عقار تيكوفيريمات بمقدار 200 ميلليغراماً لمرتين ولأسبوعين متتالين. لم يُظهر المريض أية أعراض جانبية مقارنة بالمرضى الآخرين، كما أنه تعافى بشكل أسرع من الستة الآخرين، حيث بقي في المستشفى لمدة 10 أيام فقط، في حين بقي الستة لمدة ثلاثة أسابيع فأكثر.
استنتج الباحثون أنه يمكن لعقار تيكوفيريمات التخفيف من حدة أعراض جدري القرود وتسريع الشفاء منه. وبناءً عليه منحت الجمعية الطبية الأوروبية (EMA) الترخيص للمضاد الفيروسي تيكوفيريمات في علاج مرض جدري القرود.
اقرأ أيضاً: هل يقف العالم على مشارف جائحة جديدة مع تزايد حالات الإصابة بجدري القرود؟
انتشار جدري القرود حول العالم: حقائق وإحصائيات
فيروس جدري القرود حيواني المنشأ، إذ ظهر الفيروس لأول مرة في قرود الأبحاث في المختبرات عام 1958. سُجّلت أول حالة إصابة بالمرض عام 1970 لطفل في جمهورية الكونغو الديمقراطية في إفريقيا، ومنها انتشر إلى دول وسط وغرب إفريقيا، ووصل إلى الولايات المتحدة الأميركية، حيث شهد عبر السنوات اللاحقة عدة موجات انتشار معظمها في دول إفريقية وخارجها. إلا أن ما نشهده اليوم من تفشٍّ سريع للفيروس في دول أوروبا وشمال أميركا وآسيا وأستراليا خلال أقل من شهر يثير القلق ويدق ناقوس الخطر بالنسبة لمسؤولي الصحة حول العالم.
وفقاً لوكالة رويترز أعلنت 20 دولة عن وجود حالات إصابة مؤكدة ومشتبه بها على أراضيها، حيث أبلغت وكالة الأمن الصحي في المملكة المتحدة (UKHSA) في 7 مايو/ أيار عن وجود أول حالة إصابة لذكر بالغ عائد من نيجيريا، ليرتفع العدد الإجمالي حتى تاريخ 24 مايو إلى 70 حالة. ومنها انتقل إلى باقي أوروبا فسجلت فرنسا بتاريخ الأربعاء 25 مايو خمس حالات إصابة بالفيروس وفقاً لوزارة الصحة الفرنسية. أما إسبانيا فقد ارتفع العدد فيها ليصل إلى 48 إصابة حتى يوم الثلاثاء. كما شهدت كل من الدنمارك والتشيك وهولندا وألمانيا تأكيد حالات إصابة بين مواطنيها. وفي الشرق الأوسط أعلنت وزارة الصحة في الإمارات العربية المتحدة عن تسجيل أول حالة إصابة يوم الثلاثاء 24 مايو لامرأة بالغة، وأبلغت كل من الولايات المتحدة الأميركية وكندا والأرجنتين عن حالات إصابة مؤكدة.
اقرأ أيضاً: لا زلنا غير متأكدين مما كان يحتويه أول لقاح جدري في العالم
فيروس جدري القرود: ما يجب معرفته
ينتمي فيروس جدري القرود إلى نفس العائلة الفيروسية لمرض الجدري (Poxviridae)، ويتشابهان بالأعراض بشكل كبير، إلا أن فيروس جدري القرود أقل حدّة منه. لفيروس جدري القرود سلالتين رئيسيتين هما:
- سلالة غرب إفريقيا.
- سلالة وسط إفريقيا والتي تعد أشد خطورة من سابقتها.
بالإضافة إلى القرود يمكن للقوارض كالسناجب والفئران أن تنقل الفيروس، والجدير بالذكر أنه لم يتم التحديد الدقيق للمستودع ولدوران الفيروس في الطبيعة، حيث يمكن للفيروس أن ينتقل بين الحيوانات وإلى الإنسان بالتماس المباشر لسوائل الجسم مثل الدم والأغشية المخاطية، أو بالآفات الجلدية، أو بتناول اللحوم غير المطبوخة بما فيه الكفاية، والمنتجات الحيوانية للحيوانات المصابة.
ويمكن أن تحدث العدوى بين البشر عبر رذاذ الجهاز التنفسي ومخلفاته، أو بالاتصال المباشر بالآفات الجلدية وسوائل الجسم والأجسام الملوثة بالفيروس والخاصة بالمصاب. لذا يعد الأفراد العاملون بالصحة أو ذوو المصاب الأكثر عرضة لالتقاط العدوى. كما يمكن للفيروس أن ينتقل عبر المشيمة من الأم المصابة إلى جنينها مسبباً جدري القرود الخلقي. علاوة على ذلك، ازداد في الآونة الأخيرة العدد الأقصى لسلسلة العدوى التي يمكن للفيروس أن يتسبب بها من 6 إلى 9 إصابات متتالية.
اقرأ أيضاً: لقاحات المستقبل قد تكون قابلة للانتقال كالفيروسات
أعراض فيروس جدري القرود
تتراوح فترة حضانة فيروس جدري القرود ما بين 6-21 يوماً، وهي الفترة ما بين الإصابة بالفيروس وظهور الأعراض، إذ يعاني الجسم خلالها مما يلي:
- الصداع.
- آلام في العضلات.
- الوهن الشديد.
- الحمى.
- تورم العقد اللمفاوية، وهي السمة التي تميز جدري القرود عن أنواع الجدري الأخرى.
- الطفح الجلدي بدءاً من الوجه والأطراف فباقي أنحاء الجسم وليس الجذع، ويتطور وفق المراحل التالية:
- لطخات مسطحة.
- اندفاعات جلدية أعلى من اللطخات.
- حويصلات ممتلئة بسائل صافٍ.
- بثور ممتلئة بسائل مصفر، ثم تجف البثور وتسقط.
- في الحالات الأكثر خطورة، يمكن أن يسبب التهاباً في الرئتين والدماغ والعينين.
غالباً ما يُشفى المصاب بجدري القرود بشكل عفوي بعد أسبوعين من الإصابة مع ضرورة العزل لكسر سلسلة انتقال المرض ومنعه من عدوى الآخرين.
اقرأ أيضاً: هل تساءلت يوماً عن السبب وراء وجود زمر دموية مختلفة؟ إليك بعض الفرضيات
على الرغم من العدد المحدود للحالات المدروسة، ومن أن الدراسة قائمة فقط على الملاحظة، إلا أنها قد تساعد في تعزيز الجهود العالمية لفهم السمات السريرية للمرض وطرق انتقاله. يقول الباحث "هيو أدلر"، المؤلف الرئيسي للدراسة: "قد تكون المشاركة لمريض واحد فقط ، إلا أن نتيجة عقار تيكوفيريمات مثلت إشارة واعدة".