ما تأثير المكونات الكيميائية في الأدوية وغيرها على نتائج بعض التحاليل الطبية؟

4 دقيقة
حقوق الصورة: shutterstock.com/angellodeco

يحكي فيلم "العطلة الأخيرة" الذي أُصدِر عام 2006، قصة امرأة شُخِّصَت بسرطان الدماغ بمراحل متقدمة، فتصرف مدخراتها كلها قبل أن تموت وتذهب في عطلة فارهة؛ لكن يتبين في النهاية أن التشخيص كان خاطئاً بسبب خلل في جهاز التصوير، وأنها ستعيش مدة حياة طبيعية، وتتعلم درساً عن أهمية الصحة والحياة.

لكن يمكننا أن نتعلم أيضاً درساً عن أهمية التشخيص الطبي الصحيح؛ إذ يُقدَّر عدد الحالات التي تُشخَّص بأسلوب خاطئ في أميركا وحدها بنحو 7.4 ملايين حالة سنوياً، فما أبرز العوامل والمواد التي تعطي تشخيصاً طبياً خاطئاً؟ وكيف يمكنك تجنب الوقوع في هذه الأخطاء؟

اقرأ أيضاً: ما اختبار متوسط حجم الصفائح الدموية؟ وما أسباب ارتفاعها أو انخفاضها؟

أخطاء التحاليل الطبية

تدعى الأخطاء التشخيصية التي تعطي نتيجة إيجابية لوجود المرض على الرغم من أن الحالة طبيعية ولا تشكو من ارتفاع في قيم المواد التي تُختَبر بالحالات "الإيجابية الكاذبة"، بينما تُصنَّف الأخطاء التي تظهر أنها سلبية على الرغم من وجود نتيجة إيجابية حقيقة على أنها أخطاء "سلبية كاذبة"، ويمكن تحديد وجود أخطاء التحاليل الطبية من خلال عدة استراتيجيات؛ منها ما يلي:

  • مراقبة الحالة السريرية للمريض: أي عندما يُظهر التحليل مثلاً أن المريض لديه ارتفاع كبير في مستوى البروتينات؛ وهو أحد أهم أعراض التجفاف؛ لكن بالنظر إلى المريض نراه طبيعياً ولا يُظهر أعراض التجفاف مثل الشحوب وجفاف الفم والشفتين وغيرها.
  • استخدام شواهد معيارية إيجابية وسلبية: تعتمد التحاليل الطبية على استخدام عينات شواهد؛ وهي عينات تكون معروفة بأنها إيجابية أو سلبية مسبقاً، وعندما تظهر نتيجة التحليل لعينة شاهد إيجابية على أنها سلبية، يعني هذا وجود خلل بالمواد المستخدمة للتحليل المخبري.
  • التحري عن وجود تداخل في عمل المواد المخبرية الكيميائية: قد يكون بعض الأدوية أو المأكولات أو المشروبات مسؤولة عن ظهور نتيجة تحليل خاطئة؛ إذ يسبب وجودها تفاعلات خاطئة مع المواد الكيميائية المخبرية؛ ومن ثَمّ تظهر النتيجة مخالفة للحالة الحقيقية.

ما المواد التي تتداخل مع نتائج التحاليل الطبية؟

قد تنشأ التداخلات مع نتائج التفاعلات النوعية للتحاليل الطبية من مصادر داخلية وخارجية تضم ما يلي:

  • المركبات الاستقلابية الناتجة في الحالات المرضية مثل مرض السكري؛ حيث يؤثر تركيز الغلوكوز المرتفع في نتائج تحاليل أخرى.
  • المركبات التي يتناولها المريض من أجل العلاج مثل الأدوية ومضادات التخثر.
  • الأطعمة والمشروبات التي يتناولها المريض ويشربها.
  • المواد المضافة في أثناء تحضير العينة؛ التي توضع في أنابيب وعبوات جمع العينات مثل مضادات التخثر والمواد الحافظة والمثبتات التي تثبط التفاعلات في العينة.
  • الملوثات التي تُدخَل عن غير قصد في أثناء التعامل مع العينات مثل كريم اليد أو المسحوق من القفازات.

اقرأ أيضاً: دليلك لفهم رموز التحاليل الطبية

ما أبرز المواد التي تسبب نتائج إيجابية كاذبة أو سلبية كاذبة في فحص البول؟

يعتمد فحص عينة البول على استخدام مواد كيميائية مشبعة على إسفنجات صغيرة موزعة على شريط بلاستيكي يُغمَس في عينة البول، ويتغير لون الشرائط بصفة نوعية وفقاً لتفاعل كل مادة في البول مع المواد الكيميائية الموجودة في الإسفنجات؛ التي تدعى "الكواشف المخبرية"، ومنها ما يكشف عن الغلوكوز أو البروتين وغيرها. وتضم أبرز المواد التي تؤثر في نتائج تحليل عينة البول بواسطة الشرائط ما يلي:

  •  أدوية ليفودوبا وفينازوبيرازين أو الجرعة العالية من فيتامين سي؛ حيث يمكن أن تسبب نتيجة إيجابية كاذبة للكيتون الذي يدل على استقلاب الشحميات المفرط، ويمكن أن يفيد في تشخيص السكري من النوع الأول.
  • الجفاف، أو عدم شرب الماء فترةّ طويلة قبل أخذ عينة البول، يمكن أن يسبب زيادة إيجابية كاذبة في تركيز الشوارد في البول.
  • وجود البنسلين أو السائل المنوي أو السائل المهبلي في عينة البول يؤدي إلى ظهور نتيجة إيجابية كاذبة لارتفاع البروتين في البول، والبروتين يدل على كفاءة وظيفة الكلية في تصفية البول.
  • تناول جرعات عالية من فيتامين سي يمكن أن يسبب سلبية كاذبة في مركب النتريت الذي يدل على وجود بكتيريا في البول.
  • دواء التتراسيكلين يمكن أن يسبب ظهور نتيجة سلبية كاذبة لخلايا الدم البيضاء في العينة؛ ما قد يجعلنا نفوّت كشف التهاب المسالك البولية.
  • تعريض عينة البول إلى الضوء فترة طويلة يمكن أن يؤدي إلى تفكك مركب البيليروبين الذي يدل على وجود اليرقان، وعندها ستظهر نتيجة سلبية كاذبة له.

ووفقاً لرأي استشاري جراحة المسالك البولية واضطرابات التبول ورئيس قسم التخصصات الجراحية في مدينة الملك فهد الطبية سابقاً، الدكتور بدر المسيعيد؛ يمكن لإعطاء المضادات الحيوية دون وجود علامات التهابات واضحة في تحليل البول؛ أي مثل تلك الناجمة عن وجود خطأ طبي، أن يسبب مشكلات لدى المرضى، ويعد خطأ كبيراً في مزاولة مهنة الطب.

اقرأ أيضاً: دليلك لفهم نقطة الرعاية السريرية

ما الأدوية التي تؤثر في نتائج التحاليل المخبرية الدموية؟

يمكن لعدة أنواع من الأدوية أن تعطي نتائج مخبرية خاطئة عند التحري عن نسب الكثير من المواد في الدم؛ ومن أبرز هذه الأدوية ما يلي:

  • يعطي دواء سلفاسالازين الذي يُوصَف لعلاج التهاب القولون المتقرح وفي التهاب المفاصل الروماتويدي، نتيجةً سلبية كاذبة لتحليل إنزيم الكبد ألانين ترانس أميناز (ALT) او (SGPT) الذي يدل على وجود التهاب في الكبد أو مشكلة كبدية.
  • يسبب دواء ميتيرابون المُستخدَم في علاج قصور الغدة الكظرية، ظهورَ نتيجة إيجابية كاذبة لمستويات الكورتيزول في الدم، وهو الهرمون المسؤول عن التوتر ويدل على وظيفة الغدة الكظرية والنخامية.
  • الجرعة الزائدة من مُسكِّن الباراسيتامول تعطي سلبية كاذبة لمركب الكرياتنين في الدم؛ وهو مركب خامل يدل على فعالية العضلات وجودة عمل الكلية في تصريف السموم؛ بينما يسهم مركب إيثيل غلايسين في إعطاء نتيجة إيجابية كاذبة للكرياتنين.
  • يعطي دواء ن-أسيتيل سيستئين المُستخدَم بوصفها مذيباً للمخاط والبلغم ودواء سولبيرين الذي يُعطي لمن يعانون الفصام، نتيجةً سلبية كاذبة لمستويات الكوليسترول الجيد الذي يساعد على تخفيض نسبة الشحوم في الدم.
  • يمكن لدواء ن-أسيتيل سيستئين أن يعطي نتيجة سلبية كاذبة لمركب اللاكتات في الدم؛ وهو مركب يدل على نقص الأوكسجين في الدم.
  • تسهم أدوية ديكانوات الناندولون التي تُوصف لعلاج فقر الدم الناجم عن القصور الكلوي، في إعطاء نتيجة إيجابية كاذبة لتركيز التستوسترون في الدم، والتستوسترون هو هرمون الذكورة ويؤدي أدواراً مهمة في ظهور صفات الذكورة والبلوغ والنشاط الجنسي.
  • يسبب دواء سولبيرين ظهور نتيجة سلبية كاذبة لتحاليل الدهون الثلاثية في الدم، والدهون الثلاثية تدل على خطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية؛ إذ تسبب انسداد الأوعية الدموية وتقلل مرونتها.
  • يمكن أن يُظهر تركيز فيتامين د في الدم ارتفاعاً إيجابياً كاذباً عند تناول دواء الفلوريسين، ولفيتامين د دور مهم في قوة عظام الجسم وتثبيت الكالسيوم فيها.

يمكن الاستنتاج أن التحاليل الطبية يجب أن تخضع إلى شروط ومعايير خاصة، ومن واجب المريض أن يفصح للطبيب عن الأدوية التي يتناولها لكي يستطيع الطبيب المُشخِّص أن يعرف إذا ما كان هناك عامل من العوامل التي تتداخل مع نتيجة التحليل لكي يتجنّب الوقوع في هذه الأخطاء.

اقرأ أيضاً: ما الذي يجب تجنبه قبل إجراء التحاليل الطبية؟

قد تحتمل التحاليل الروتينية الخطأ البسيط؛ لكن تحاليل السرطان والحمل والمخدرات يجب أن تكون دقيقة، ولا يُسمح فيها لهذا النوع من الأخطاء بالحدوث، وتُمكن لإعادة عمل التحليل في مختبرات مختلفة أن تساعدك على رصد وجود خطأ من هذا النوع.

المحتوى محمي