ما هي الأشياء التي يجب مراعاتها عند تناول حبوب باكسلوفيد المضادة لكوفيد-19؟

5 دقائق
ما هي الأشياء التي يجب مراعاتها عند تناول حبوب باكسلوفيد المضادة لكوفيد-19؟
يُعد باكسلوفيد أحد الأدوية المضادة للفيروسات القليلة والمتاحة لعلاج كوفيد-19، ولكن له آثار جانبية ينبغي معرفتها قبل تناوله. حقوق الصورة: ديبوزيت فوتوز.

فاق الطلب هذا الشتاء على علاجات كوفيد-19 العرض في العديد من المناطق بعد أن تسبب متغير أوميكرون بارتفاع الإصابات إلى مستويات قياسية في الولايات المتحدة. 

مع انحسار موجة الارتفاع هذه، أصبح الوصول إلى أدوية مكافحة كوفيد-19 أكثر سهولة. يُعد دواء «باكسلوفيد» (Paxlovid) الذي تنتجه شركة فايزر أحد العلاجات الواعدة جداً، وقد حصل على تصريح الاستخدام الطارئ لمرضى كوفيد-19 الذين تتراوح أعمارهم بين 12 عاماً وما فوق ويزنون 40 كيلوغراماً على الأقل، والذين يُعتبرون عرضةً بشكل خاص للإصابة بمرضٍ شديد من كوفيد-19. في التجارب السريرية، كانت الحبوب المضادة للفيروسات فعالة بنسبة 90% تقريباً في وقاية الأشخاص غير الملقحين والمعرضين لخطر كبير للإصابة بكوفيد-19 الشديد من دخول المستشفى والوفاة إذا ما تناولوا هذه الحبوب بعد وقت قصير من ظهور الأعراض. 

اقرأ أيضاً: التصريح باختبار تنفّس جديد لمرض كوفيد-19 يستغرق 10 ثوان فقط

يقول سكوت روبرتس، المدير الطبي المساعد للوقاية من العدوى في كلية الطب بجامعة ييل: «إن حقيقة أن لدينا عقاراً فعالاً في الوقاية من المرض الشديد أمر رائع حقاً. لقد شهدنا ارتفاعاً في كمية العرض، ويمكن لمعظم المرضى المؤهلين الحصول عليه».

يتمتع دواء باكسلوفيد بالعديد من المزايا مقارنة بعلاجات كوفيد-19 الأخرى، ولكن له جانب سلبي رئيسي؛ إذ أنه يتفاعل مع العديد من الأدوية الأخرى، مثل بعض مضادات الاكتئاب وأدوية القلب ووسائل منع الحمل الهرمونية. ومع ذلك، يمكن في كثير من الأحيان تجنب هذه المضاعفات عن طريق تعديل جرعة الأدوية الأخرى، كما يقول روبرتس. 

اقرأ أيضاً: نتائج مبهرة لتجربة عقار «سابيزابولين» لعلاج كوفيد-19 تدفع العلماء لاختصار التجارب السريرية

التفاعلات مع الأدوية الأخرى

وفقاً لروبرتس، تميل الآثار الجانبية الأكثر شيوعاً لدواء باكسلوفيد إلى أن تكون معتدلة، وتشمل الإسهال وآلام العضلات وارتفاع ضغط الدم وتغير حاسة التذوق. ومع ذلك، لا يُنصح بهذا الدواء للأشخاص الذين يعانون من أمراض الكبد أو الكلى الحادة. 

يتفاعل باكسلوفيد أيضاً مع العديد من الأدوية الأخرى. يقول روبرتس: «القائمة أطول من معظم الأدوية الأخرى، وأعتقد أن الأمر المثير للقلق حقاً هو أنه يتفاعل مع بعض الأدوية الضرورية جداً للعديد من الأمراض. في الواقع، يحتاج المرضى المعرضين لخطورة عالية للإصابة بكوفيد-19، والذين يتناولون أدوية لأمراض أخرى، إلى التقييم قبل تناول باكسلوفيد».

تشمل بعض هذه الأدوية أدوية عدم انتظام ضربات القلب، ومثبطات المناعة لمن تلقوا زراعة الأعضاء، ومضادات تخثر الدم، كما يقول روبرتس. 

اقرأ أيضاً: آخر تجارب موديرنا للقاح كوفيد-19 تحمل أخباراً سارة حول الأطفال

يقول أبيناش فيرك، اختصاصي الأمراض المعدية في مايوكلينيك، في رسالة بالبريد الإلكتروني: «كلا المكونين اللذين يحتويهما عقار باكسلوفيد يؤثران على إنزيمات الكبد التي تساعد عادةً في تخليص جسم المريض من الأدوية الأخرى، فقد تزداد مستويات بعضٍ من هذه المكونات أو تنقص».

يحتوي باكسلوفيد على المادتين الفعالتين ريتونافير ونيرماتريلفير. أثناء العلاج، يأخذ المرضى أقراص نيرماتريلفير وريتونافير مرتين يومياً لمدة خمسة أيام. في حين أن أدوية الأجسام المضادة أحادية النسيلة المستخدمة لعلاج كوفيد-19 تستهدف بروتين الشوكة الموجود على سطح فيروس كورونا والذي يتغير باستمرار، فإن باكسلوفيد يمنع الفيروس من نسخ نفسه. يكبح نيرماتريلفير نوعاً من الإنزيم المعروف باسم البروتياز، والذي عادةً ما يقطع سلاسل البروتينات التي يصنعها الفيروس أثناء تكاثره إلى أجزاء وظيفية أصغر. أما مادة ريتونافير، والتي تم تطويرها في الأصل كدواء لفيروس نقص المناعة البشرية، فإنها تمنع استقلاب النيرماتريلفير.

يقول روبرتس: «يمكن أن يظل هذا المكون في مجرى الدم لفترة أطول، وبالتالي يكافح كوفيد-19 لفترة أطول عند إعطائه بتراكيز أعلى حيث يعمل على كبح تكاثر الفيروس بطريقة أكثر فعالية».

لكن روبرتس يوضح أن وجود ريتونافير على وجه الخصوص يتسبب في تقلّب مستوى تركيز العديد من الأدوية بشكل كبير. غالباً ما يعني هذا أن تراكيز الأدوية، مثل مميعات الدم، يمكن أن ترتفع «بشكل كبير جداً» لأنه لا يمكن تفكيكها بشكل ملائم. 

يمكن لباكسلوفيد أن يقلل فاعلية بعض الأدوية وقد يسبب أحياناً ردود فعل خطيرة أو حتى مهددة للحياة. يقول فيرك في هذا الصدد: «قبل أن يأخذ المريض باكسلوفيد، يجب على المريض والصيدلي والطبيب مراجعة جميع أدوية المريض لتحديد وتجنب التفاعلات الدوائية المؤثرة من الناحية السريرية».

اقرأ أيضاً: أدوية الحساسية تمثل علاجاً محتملاً لأعراض كوفيد-19 طويلة الأمد

ويضيف روبرتس أنه يمكن إيقاف بعض الأدوية، مثل العقاقير المستخدمة لتخفيض مستوى الكوليسترول، لبضعة أيام أثناء تناول المريض دواء باكسلوفيد. بينما يمكن تعديل الجرعة في حالات أخرى. قد يؤثر باكسلوفيد أيضاً على آلية عمل بعض حبوب منع الحمل، لذلك يجب على الأشخاص الذين يتناولونها التفكير في استخدام شكل احتياطي آخر من وسائل منع الحمل أثناء خضوعهم للعلاج. 

لسوء الحظ، لا يمكن إيقاف بعض الأدوية بأمان أثناء تناول دواء باكسلوفيد، بما في ذلك بعض أدوية القلب والأدوية المضادة للتشنج، كما يقول روبرتس. 

هناك أيضاً مخاوف بالنسبة للأشخاص المصابين بفيروس نقص المناعة البشرية غير المشخص أو غير المتحكم به من أن يؤدي التعرض لريتونافير إلى زيادة مقاومة الفيروس للعقاقير المضادة لفيروس نقص المناعة البشرية، والتي تعمل بشكل مشابه. من الناحية النظرية، قد لا تكون هذه الأدوية فعالةً بما يكفي إذا اضطُر المرء في المستقبل لعلاج فيروس نقص المناعة البشرية. وعلى الرغم من ذلك، وفقاً لروبرتس، تعتبر جمعية الأمراض المعدية الأميركية هذا الأمر مستبعداً لأن فترة العلاج بعقار باكسلوفيد قصيرة جداً. بالإضافة إلى ذلك، يمكن إعطاء باكسلوفيد جنباً إلى جنب مع الأدوية المضادة للفيروسات الرجعية لمرضى كوفيد-19 المصابين بفيروس نقص المناعة البشرية. 

قالت شركة فايزر لموقع «بوبيولار ساينس» في رسالة بالبريد الإلكتروني إنها تعمل على تثقيف الأطباء والصيادلة ومقدمي الرعاية الصحية الآخرين حول كيفية إدارة التفاعلات الدوائية المحتملة لعقار باكسلوفيد. وتقول الشركة: «إننا نعمل مع بعضٍ من كبرى شركات التطبيب عن بعد لضمان أن يكون مزودو الرعاية الصحية لديهم على دراية بعقار باكسلوفيد وقادرون على علاج المرضى المناسبين، ونتواصل مع عملاء الصيدليات مباشرةً للمساعدة في الإجابة عن الأسئلة المتعلقة بالدواء».

بالنسبة لأولئك الذين لا يستطيعون تناول باكسلوفيد، فبإمكانهم تناول الأدوية المضادة للفيروسات الأخرى، مثل ريمديسفير ومولنوبيرافير، كخيارٍ بديل.

اقرأ أيضاً: المضادات الفيروسية لكوفيد-19 تثبت فعاليتها ضد سلالة أوميكرون

يبقى عقار باكسلوفيد فعالاً جداً

يعتقد روبرتس أنه ستتوفر أدوية إضافية من المضادات الفيروسية مع مرور الوقت، بحيث تطابق مزايا باكسلوفيد دون أن تتفاعل مع العديد من الأدوية الأخرى. ويشير إلى أن أمراً مشابهاً حدث مع أدوية فيروس نقص المناعة البشرية، والتي كانت تحتوي في البداية على مكونات تسببت في الكثير من التفاعلات مع الأدوية الأخرى.  

يقول روبرتس: «لقد ابتكروا حالياً فئة جديدة من الأدوية التي لا تدخل فيها تلك المكونات، وبات خطر التفاعلات بين الأدوية أقل بكثير».

على الرغم من أن هناك قيوداً على استخدام باكسلوفيد، إلا أن روبرتس يؤكد أنه "عقار يحدث فرقاً كبيراً بالفعل".

نجحت علاجات الأجسام المضادة أحادية النسيلة، والتي تتسبب بتفاعلات دوائية ضارة أقل، في علاج المتغيرات السابقة من الفيروس، ولكنها أصبحت غير فعالة في علاج متغير أوميكرون لأن بروتين الشوكة الخاص به يحتوي على العديد من الطفرات. من ناحية أخرى، كانت نتائج اختبار باكسلوفيد جيدةً ضد متغير أوميكرون في التجارب المخبرية، كما أن له ميزة إضافية تتمثل في إمكانية تناوله كحبوب، في حين أن العلاجات الأخرى، مثل ريميدسفير، يجب أن تؤخذ عن طريق الوريد كما يوضح روبرتس. يُعطى عقار مولنوبيرافير المضاد للفيروسات من شركة ميرك عن طريق الفم أيضاً، على الرغم من أنه لم يقلل حالات الاستشفاء أو الموت إلا بنسبة 30% في التجارب السريرية.

تشير البيانات الأولية أيضاً إلى أن باكسلوفيد يحمي المرضى غير المعرضين لمخاطر عالية، حيث كان المشاركون في التجارب السريرية الذين عولجوا بالعقار أقل عرضة للدخول إلى المستشفى بنسبة 70% مقارنةً بمرضى كوفيد-19 الذين تلقوا دواءً وهمياً. 

يقول روبرتس: «أعتقد أن التحدي الكبير التالي لباكسلوفيد هو توسيع نطاق استخدامه للأشخاص ذوي المخاطر المنخفضة. فمع تكشّف المزيد من البيانات وزيادة كمية عرض العقار، يمكن لأي شخص مصاب بكوفيد-19 أن يكون مؤهلاً لتلقي باكسلوفيد».

ويقول روبرتس إن الباحثين متفائلون بأن الدواء سيكون فعالاً أيضاً ضد المتغيرات المستقبلية من فيروس كورونا (SARS-CoV-2) والفيروسات التاجية الأخرى.

اقرأ أيضًا: جرعة واحدة من لقاح فايزر كافية لمن سبقت له الإصابة بكورونا

حتى ذلك الحين، يُنصح الناس بالخضوع للاختبار في أقرب وقت ممكن إذا ظهرت لديهم أعراض كوفيد-19 وإعلام أطبائهم إذا كانت نتيجة اختبارهم إيجابية. كما هو الحال مع عقار تاميفلو، كلما كان وقت إعطاء باكسلوفيد أبكر، كانت فرصة نجاحه أفضل. 

يقول روبرتس أخيراً: «أنصح المرضى المصابين بكوفيد-19 بأن يأخذوا عقار باكسلوفيد في اعتبارهم أولاً. سيكون هذا خياري الأول لأي شخص تكون نتيجة اختباره إيجابية خارج المستشفى وتؤهله لتلقي العلاج». 

المحتوى محمي