طريقة جديدة لعلاج ارتفاع ضغط الدم تُثير الجدل

4 دقيقة
طريقة جديدة لعلاج ارتفاع ضغط الدم تُثير الجدل
حقوق الصورة: بيكسلز

في نوفمبر/تشرين الثاني 2023، وافقت إدارة الغذاء والدواء الأميركية (FDA) على جهازين علاجيين لخفض ضغط الدم، باستخدام تقنية تُدعى "إزالة التعصيب الكلوي". جاء ذلك بعد أكثر من عقد من التطوير؛ حيث واجه الإجراء العلاجي خلال تلك المدة تحديات في تطويره وقبوله داخل المجتمع الطبي، إذ بينما أفادت الدراسات الأولية بانخفاض كبير في ضغط الدم، يعادل نحو 20-30 مليمتراً زئبقياً، فإن تجربة أخرى أجريت عام 2010، لم ينخفض ضغط الدم فيها كثيراً.

كما نوّه أستاذ واستشاري أمراض الكلى في جامعة المؤسس (جامعة الملك عبدالعزيز)، الطبيب سعد الشهيب، في تغريدة له على منصة إكس (X)، بوجود العديد من الدراسات التي ربما تكون متضاربة حول أهمية هذا العلاج وجدواه، والمرضى الذين قد يستفيدون منه. فما العلاج الجديد لضغط الدم؟ وهل هو فعّال حقاً؟ وما مخاطره؟

اقرأ أيضاً: 10 طرق قد تساعد على خفض ضغط الدم

ما هي إزالة التعصيب الكلوي؟

إزالة التعصيب الكلوي، هي إجراء طفيف التوغل قائم على القثطرة داخل الأوعية الدموية لعلاج ارتفاع ضغط الدم المقاوم عبر إزالة الأعصاب الودية من الشريان الكلوي الذي يؤدي إلى الكليتين.

تساعد الكلى على تنظيم ضغط الدم عن طريق:

  • التحكم بحجم الدم في الجسم.
  • إفراز الهرمونات مثل الرينين الذي يؤثّر عبر سلسلة من التفاعلات في تضيق الأوعية الدموية.
  • تنظيم تدفق الدم عبر إدارة كمية الدم التي تصفيها. 

تعمل الكلى بالتعاون مع القلب والدماغ على تنظيم ضغط الدم من خلال الرسائل العصبية فيما بينها عبر الجهاز العصبي الودي اللاإرادي.

في بعض الأحيان، يمكن أن تصبح هذه الإشارات نشطة جداً، ما يسبب زيادة ضغط الدم. لذا، تستهدف تقنية إزالة التعصيب الكلوي خفض ضغط الدم عبر قطع هذه الإشارات؛ أي تقليل نشاط الأعصاب الكلوية في الكلى.

يبدأ الإجراء السريري بإدخال قثطرة في الشريان الفخذي في الفخذ، وإيصالها إلى الشرايين التي تغذّي الكليتين. من خلال القثطرة، يرسل الطبيب المختص طاقة الموجات فوق الصوتية أو الترددات الراديوية (الحرارة) إلى الشرايين الكلوية، والأوعية الدموية التي تزود الدم بالكلى مدة 1-2 دقائق، ما يؤدي إلى تدمير الأعصاب الموجودة في جدران الشرايين الكلوية، دون الإضرار بالشرايين.

علاج إزالة التعصيب الكلوي الجديد

وافقت إدارة الغذاء والدواء الأميركية على النظامين التاليين:

1. نظام بارادايس (Paradise) من شركة ريكور ميديكال (Recor Medical): 

وافقت إدارة الغذاء والدواء الأميركية على نظام بارادايس بعد النتائج الإيجابية للدارسة المحورية التي أجرتها ريكور في الولايات المتحدة، ونشرتها مجلة الجمعية الطبية الأميركية (JAMA). يُعدّ هذا الجهاز الأول من نوعه؛ حيث يستخدم الموجات فوق الصوتية لتعطيل الأعصاب الودية المحيطة بالشرايين الكلوية، تدوم كل منها سبع ثوانٍ. ويتميز بنظام تبريد مائي يدوّر الماء المعقم في القثطرة البالون خلال الإجراء العلاجي، عبر الشرايين الكلوية الرئيسية إلى الأعصاب المحيطة، ما يساعد على حماية جدران الشريان الكلوي.

2. نظام سيمبليسيتي سبيرال (Symplicity Spyral) من شركة ميدترونيك (Medtronic): 

يستخدم هذا الجهاز الترددات الراديوية للتحكم في نشاط الأعصاب في الكلية. يمتاز بقثطرة حلزونية ذات تصميم غير انسدادي يسمح بتدفق الدم المستمر لحماية جدار الأوعية الدموية.

اقرأ أيضاً: بدائل صحية للملح تفيد المصابين بارتفاع ضغط الدم

مَن المرشحون المثاليون لاستخدام علاج إزالة التعصيب الكلوي؟

وفقاً لمدير مركز اضطرابات الدم في كليفلاند كلينك، وطبيب القلب الوقائي، لوك لافين (Luke Laffin)، يمكن لمجموعة من مرضى الضغط  أن يستفيدوا من العلاج بإزالة التعصيب الكلوي، وهم:

  • الأفراد الذين يعانون ارتفاع ضغط الدم المقاوم: هم المرضى الذين يتناولون ما لا يقل عن 3 أنواع من أدوية خفض الضغط؛ أحدها مدر للبول، ومع ذلك فإن ضغط دمهم يبقى خارج السيطرة.
  • المرضى الحساسون لأدوية خفض الضغط أو عانوا آثاراً جانبية لها: وهم المرضى الذين جربوا 15 أو 20 وحتى 25 نوعاً مختلفاً من أدوية خفض الضغط، وعانوا نوعاً من الآثار الضارة أو المشكلة مع كل منها.

بالإضافة إلى ما سبق، أشار لافين إلى أنه من الضروري استبعاد الأسباب الثانوية لارتفاع ضغط الدم قبل البدء بالإجراء العلاجي؛ أي إذا كانت هذه الحالات موجودة ولم تُعالَج، فينبغي معالجتها أولاً. على سبيل المثال:

  • تضيق الشريان الكلوي.
  • انقطاع التنفس في أثناء النوم غير المعالج.
  • الألدوستيرونية الأولية، وهي حالة نادرة تتميز بإفراط في إنتاج هرمون الألدوستيرون، ما يؤدي إلى زيادة مستويات البوتاسيوم وانخفاض مستويات الصوديوم في الجسم، وقد يسبب اضطرابات خطيرة في التوازن الكهربائي للجسم. 

المرضى الذين لا يمكنهم استخدام علاج إزالة التعصيب الكلوي

يُستثنى من إجراء إزالة التعصيب الكلوي مرضى ارتفاع ضغط الدم المصابون بحالات صحية قد تؤدي إلى تعقيد الإجراء أو إلى نتائج سلبية؛ مثل:

  • المرضى الجدد الذين يعانون ارتفاع ضغط الدم، لكن لم يستخدموا أدوية خفض الضغط بانتظام، ولم يجروا التعديلات الكافية في نمط الحياة؛ من حيث الرياضة والنظام الغذائي وما إلى ذلك.
  •  المصابون بخلل الشريان الكلوي.
  • المصابون بخلل التنسج العضلي الليفي.

اقرأ أيضاً: كيف تتعامل مع مريض القصور الكلوي المزمن؟

مخاطر علاج ارتفاع الضغط بإزالة التعصيب الكلوي

على الرغم من الفوائد المحتملة لأجهزة إزالة التعصيب الكلوي في علاج ارتفاع ضغط الدم، فإنه مثل أي إجراء طبي، يأتي مع بعض المخاطر:

  •  الفاعلية: قد تساعد إزالة التعصيب الكلوي على خفض ضغط الدم نحو 5-10 مليمترات من الزئبق، لكن من غير المؤكد مدى فائدة ذلك للمريض أو تقليل عبء الدواء.
  • مخاطر الإجراء: يتضمن الإجراء إدخال قثطرة في الشريان والتقدم إلى مكان الكليتين، وهو إجراء لا يخلو من المخاطر. يمكن أن يسبب النزيف أو تحرك الكتل الصغيرة (اللويحات) المترسبة على جدران الشرايين.
  • مخاطر الصبغة: يستخدم الأطباء في إجراء إزالة التعصيب صبغة، تُعرف بعامل التباين؛ لرؤية الشرايين الكلوية بوضوح وإجراء عملية إزالة التعصيب بدقة، لكن المرضى المصابين بمرض الكلى المزمن معرضون لخطر الإصابة باعتلال الكلية الناجم عن مادة التباين. كما أشار الطبيب سعد الشهيب إلى أن إزالة التعصيب الكلوي تتطلب إعطاء كمية كبيرة من الصبغة الضارة بالكليتين، وهذا يحدُّ من استعمالها.
  • المضاعفات: المرضى الأكبر سناً أكثر عرضة لخطر حدوث مضاعفات، وتشمل بطء معدل ضربات القلب، وتمدد الأوعية الدموية الكاذب (تسرب في الشريان الذي يسبب كدمة)، وتضيق الشريان الكلوي، والتمزقات في الشرايين الكلوية.
  • السلامة على المدى الطويل: حتى الآن لم تُدرس نتائج هذا العلاج على المدى الطويل، إذ إن الأعصاب التي تعصب الكلى موجودة لسبب ما، ومن غير المؤكد فيما إذا كانت ستحدث بعض التداعيات السلبية عن استئصال الأعصاب الكلوية.