لا يمكن للآباء، ممن عانى أطفالهم من نوب السعال الديكي، أن ينسوا كيف بدى صوت سعال أطفالهم أو صوت الصياح الذي تخلل نوب السعال، وعادةً ما يصفون ذلك بأنه تجربة مرعبة. ولا تقل خطورة إهمال علاج السعال الديكي عن رهبة أعراضه، فهو من الإنتانات التي قد تُكلف الطفل حياته في حال أُهمل علاجه.
كان السعال الديكي السبب الرئيسي لوفيات الأطفال في الولايات المتحدة الأميركية قبل توافر لقاح السعال الديكي في أربعينيات القرن الماضي، حيث تم الإبلاغ عن أكثر من 200 ألف حالة سنوياً، لانخفض معدل الإصابة أكثر من 75% في عصر اللقاح، وذلك حسب مركز السيطرة على الأمراض والوقاية منها (CDC).
اقرأ أيضاً: علاج الزكام وسيلان الأنف في المنزل
تتسبب جراثيم البورديتيلا الشاهوقية بحدوث السعال الديكي، والذي استنبط اسمه من أعراضه التي تتميز بحدوث نوب سعال مُعندة وصعبة الضبط والتي تتداخل مع تنفس الطفل عند اشتدادها محدثةً صوت "صياح الديك". ويكون الأطفال الرضع ممن تقل أعمارهم عن 6 أشهر الأكثر إصابة وتأثراً بهذه العدوى وخاصةً غير المطعمين منهم، إلا أنه يمكن أن يصيب الأطفال الأكبر سناً والبالغين حتّى. فكيف يتظاهر السعال الديكي وما طرق علاجه؟
ما الأعراض التي يتظاهر بها السعال الديكي؟
تتشابه الأعراض الأولية للسعال الديكي مع أعراض نزلات البرد أو الإنفلونزا، إذ يعاني الأطفال من سيلان الأنف والعطاس وسعال جاف خفيف مع ارتفاع طفيف في درجة الحرارة، حيث تستمر المرحلة الأولية بين أسبوع إلى أسبوعين.
بعد ذلك، يبدأ السعال الخفيف بالاشتداد ليستمر أكثر من دقيقة واحدة بشكل متواصل مترافقاً مع تبدل لون الطفل إلى الأحمر أو الأرجواني أثناء النوبة، وسماع صوت "صياح الديك" بشكل مميز بين نوب السعال والذي يعتبر العرض الكلاسيكي للسعال الديكي، كما قد يتخلل نوب السعال أيضاً حدوث القيء.
هذا هو السير التقليدي للسعال الديكي عند الأطفال الرضع الذين تقل أعمارهم عن السنة، بينما تخف شدة الأعراض عند الأطفال الأكبر سناً وتقتصر أعراضه عليهم على اللهاث نتيجة نقص الأكسجة المرافق لانقطاع النفس، بالإضافة لتبدل لون الوجه، وقد يحدث سعال خفيف. ومن جهة أخرى، يعاني المراهقون والبالغون من أعراض أكثر اعتدالاً كالسعال دون ظهور صوت الصياح، ويمكن أن نقول إن الأعراض تشتد كلما كان الطفل أصغر سناً.
اقرأ أيضاً: ما مخاطر إعطاء أدوية الرشح المخصصة للبالغين للأطفال؟
التدبير الدوائي للسعال الديكي
الصادات الحيوية هي حجر أساس علاج وتدبير السعال الديكي، والتي تمارس دورها العلاجي بالشكل الأمثل عند إعطائها بشكل مبكر قبل اشتداد نوب السعال، حيث تعمل عندئذ على القضاء على العامل الممرض وتقصير مدة العدوى وتقليل احتمال ظهور نوب السعال، أو تقليل شدة ظهورها على الأقل.
ولا يقتصر إعطاء الصادات الحيوية على الأطفال المصابين وحسب، إذ توجد حاجة لإعطائها بشكل وقائي لأفراد العائلة المخالطين للطفل، أو يمكن إعطاء معززات اللقاح بشكل بديل عن الصادات الوقائية.
إلى جانب ذلك، يحتاج الطفل إلى تناول السوائل منعاً لحدوث تجفاف وخاصة عند حدوث قيء بين نوب السعال، ويُفضل تقديم الماء والسوائل على دفعات صغيرة الكمية كي لا تتحرض نوب السعال والقيء. أمّا بالنسبة للأطفال الذين لا يقبلون أي وارد فموي فغالباً ما يحتاجون إلى دخول المستشفى لتقديم السوائل وريدياً.
يبقى الخطأ الأكثر شيوعاً في تدبير السعال الديكي إعطاء الأدوية المُثبطة للسعال، وذلك لأن الآثار الجانبية لهذه الأدوية تفوق الفائدة التي تقدمها وخاصة عند الرضع، حيث يجب ألا تُعطى للأطفال دون 4 سنوات.
اقرأ أيضاً: مع اقتراب موسم البرد: إليك علاج السعال الجاف
هل يحتاج جميع الأطفال المصابين بالسعال الديكي إلى دخول المستشفى؟
يحتاج بعض الأطفال المصابين بالسعال الديكي إلى رعاية المستشفى من سوائل وريدية وأجهزة مساعدة للتنفس، وخاصة لدى الرضع الذين تقل أعمارهم عن 6 أشهر حيث يكون السعال الديكي مهدداً للحياة لديهم نظراً لزيادة خطر حدوث المضاعفات مثل الالتهاب الرئوي وانقطاع التنفس والتجفاف، حيث لا تكون أجسام الرضع بالغة للدرجة التي تقدر فيها على تحمل شدة هذه الأعراض.
العلاجات المنزلية والطبيعية للسعال الديكي
على الرغم من أهمية دور العلاج الدوائي في تدبير السعال الديكي، فإن هناك مجموعة من النصائح والتدابير المنزلية التي تساعد على تعزيز الدور الإيجابي للدواء وتسريع العلاج، وهي:
- الالتزام بتناول الصادات الحيوية حسب إرشادات الطبيب.
- إعطاء اللقاح الثلاثي الذي يتضمن التطعيم ضد السعال الديكي والدفتيريا والكزاز، وضرورة الالتزام بمواعيد تطعيم الطفل والحرص على أن يأخذ الطفل كامل لقاحاته حسب السن.
- الحفاظ على المنزل خالياً من المواد المُهيجة التي تزيد من السعال قدر الإمكان مثل الدخان والغبار والأبخرة الكيميائية.
- استخدم مرطب هواء في الغرفة التي ينام فيها الطفل، حيث يساعد على تفكيك المخاط وتهدئة السعال.
- غسل اليدين بالماء والصابون لمدة 20 ثانية على الأقل قبل حمل الطفل عند العودة من الخارج وبعد دخول الحمام، وخاصةً عند التعامل مع الأطفال غير المُطعمين.
- إرضاع الطفل رضعات قليلة كل بضع ساعات للمساعدة على منع القيء، وبالنسبة للأطفال الأكبر يجب تقديم وجبات منخفضة الكمية كل عدة ساعات. ومن المهم أن تتضمن هذه الوجبات الكثير من السوائل بما في ذلك الماء والحساء والفاكهة والعصائر بما يتناسب مع عمر الطفل.
- الحرص على أن يحصل الطفل على الراحة بشكل جيد عن طريق توفير ظروف مناسبة للاسترخاء والنوم لساعات كافية.
اقرأ أيضاً: لماذا قد يوفر اللقاح استجابة مناعية أفضل من العدوى الطبيعية؟
ختاماً، يشتمل التدبير الأمثل على الوقاية من حدوث السعال الديكي عن طريق الحرص على الالتزام بقواعد النظافة في المنزل وأخذ الرضيع لقاحاته في عمر الشهرين و4 و6 أشهر، بالإضافة لأخذ جرعات معززة من اللقاح في عمر 15 و18 شهراً، ومرة أخرى في عمر 4 و6 سنوات، وكذلك عمر 11 سنة.