في إعلانٍ تاريخي، وافقت منظمة الصحة العالمية للتو على طرح أول لقاح للملاريا على نطاق واسع. اتُخذ القرار بناءً على نتائج برنامج تجريبي أُجري في غانا وكينيا وملاوي شمل أكثر من 800 ألف طفل منذ عام 2019.
اقرأ أيضاً: 200 مليون إصابة سنوية: تطوير مبيد حشري يقضي على بعوض الملاريا
آر تي أس، أس: لقاح الملاريا الأول المُوصى باستخدامه على نطاقٍ واسع
لقاح «آر تي أس، أس» الذي أنتجته شركة «غلاكسو سميث كلاين» باسم «موسكويريكس» ليس فقط لقاح الملاريا الأول الذي يوصى باستخدامه على نطاق واسع، بل هو أيضاً أول لقاح للملاريا تمت الموافقة عليه للاستخدام البشري على الإطلاق. وعلى الرغم من أنه أقل فعالية مما كان يأمل الخبراء الصحيين - إذ أنه يقلل حالات الإصابة بالملاريا بنحو 40% ويقلل من حالات الاستشفاء بحوالي 30%، كما أن فعاليته تقل بمرور الوقت - إلا أن منظمة الصحة العالمية على ثقة من أن طرح هذا اللقاح يمكن أن ينقذ حياة عشرات الآلاف من الأطفال كل سنة.
قال «تيدروس آدهانوم غيبريسوس»، المدير العام لمنظمة الصحة العالمية (والذي بدأ حياته المهنية كباحث في الملاريا) في بيان صحفي: «هذه لحظة تاريخية. إن لقاح الملاريا الخاص بالأطفال والذي طال انتظاره هو تقدم كبير في مجال العلوم وصحة الطفل ومكافحة الملاريا».
اقرأ أيضاً: بحث جديد قد يساعدنا على فهم مرض الملاريا
كيف يعمل آر تي أس، أس
يقي آر تي أس، أس من «المتصورة المنجلية»، وهي أخطر أنواع الطفيليات الخمسة المسببة للملاريا والتي تعتبر مسؤولة تقريباً عن جميع حالات الإصابة بالملاريا في إفريقيا. لقد طال انتظار الموافقة على اللقاح، وكان قيد الدراسة لفترة طويلة.
اكتشف الباحثون الحقائق الكيميائية الحيوية التي تمكّنهم من تطوير اللقاح في عام 1987، وبدأوا بذلك في عام 2001. بدأت المرحلة الثالثة من التجارب السريرية لأول مرة في عام 2009، ونُشرت نتائجها في عام 2015، وبدأ البرنامج التجريبي لمنظمة الصحة العالمية بعد 4 سنوات من ذلك.
أحد الأسباب التي تجعل تطوير لقاح الملاريا أمراً صعباً هو أن هذا المرض مرض طفيلي. يمكن للطفيليات التي تتسبب بهذا المرض أن تعيش في أجزاء مختلفة من جسم الإنسان في مراحل متعددة من دورة حياة متنوعة، ويمكنها أن تصيب نفس الطفل عدة مرات. في دراسة أجريت عام 2001، حسب الباحثون أنّ الأطفال الإفريقيين الذين تبلغ أعمارهم أقل من 5 سنوات يعانون من 1.6 إلى 5.4 نوبة من الحمى الناتجة عن الملاريا. قال «بيدرو ألونسو»، رئيس البرنامج العالمي لمكافحة الملاريا التابع لمنظمة الصحة العالمية لمنظمة «الإذاعة الوطنية العالمية» الأميركية: «هذا الأمر أكثر تعقيداً بكثير من ناحية الخصائص الحيوية للكائن المسبب للمرض [مقارنة بالفيروسات]».
اقرأ أيضاً: بكتيريا معدلة وراثياً قد تقضي على مرض الملاريا
ضرورة إضافة لقاح الملاريا إلى اللقاحات الروتينية
وفقاً لمنظمة الصحة العالمية، هناك ما يقرب من 230 مليون حالة إصابة بالملاريا في جميع أنحاء العالم كل عام، وما يقدر بنحو 400000 حالة وفاة. الأطفال دون سن الخامسة هم الأكثر عرضة للإصابة بالمرض، ويمثلون 67% من الوفيات، وتتحمل إفريقيا عبئاً غير متناسب مع تعداد سكانها، إذ أنها تغطّي حوالي 94% من حالات الإصابة والوفاة. يُبلّغ عن حوالي 2000 حالة فقط في الولايات المتحدة كل عام، معظمها بين المسافرين العائدين من البلدان ذات معدلات الانتقال العالية.
قالت «ماري هامل»، رئيسة برنامج تنفيذ مشروع لقاح الملاريا في منظمة الصحة العالمية لصحيفة «ذا نيويورك تايمز» إن توفير الوصول العادل إلى لقاح آر تي أس، أس لجميع الأطفال هو أمر مهم في عملية طرح اللقاح. بيّن البرنامج التجريبي سابق الذكر كيفية توفير اللقاح على نطاق واسع. على عكس الناموسيات المحملة بالمبيدات الحشرية، فإن توزيع اللقاح أسهل بكثير، ببساطة، يمكن للسلطات تضمينه في مواعيد توزيع اللقاحات الروتينية. قالت هامل: «كان من المثير للإعجاب أن نرى أنّ هذا اللقاح يمكن أن يصل إلى الأطفال الذين لا يتمتعون بالوقاية في الوقت الحالي»، وأضافت: «لن نضطر إلى قضاء عقد من الزمان في محاولة اكتشاف كيفية إيصال اللقاح إلى الأطفال».
لكن بطبيعة الحال، ووفقاً لما قالته «ديبالي باتيل» لصحيفة ذا نيويورك تايمز، فإن أحد مصادر القلق حول طرح لقاح الملاريا الجديد على نطاق واسع حالياً هو جائحة كوفيد-19. إذ أنها قد تعطّل إنتاج اللقاح وتوزيعه.
تقود باتيل برامج لقاح الملاريا في منظّمة «غافي، تحالف اللقاحات العالمي» (وهي منظّمة صحية تشاركية بين القطاع العام والخاص تهدف لنشر اللقاحات في البلدان الفقيرة). قالت باتيل: «تمنعنا جائحة كوفيد-19 حالياً من معرفة قدرة البلدان المختلفة على توزيع اللقاح»، وأضافت: «سيتعين علينا أن نراقب كيف ستتطور الجائحة خلال العام المقبل وكيف ستؤثر على استعداد البلدان لمنح أولوية لمسائل أخرى غير كوفيد-19».
اقرأ أيضا: علاج حبوب القيح في الوجه.